في عصر السرعة والرقمنة، أصبحت التكنولوجيا تلعب دورًا محوريًا في مختلف المجالات، حيث غيرت بشكل جذري الطريقة التي يتسوق بها الأفراد وطلب الخدمات. ومن أبرز التحولات التي شهدها العقد الأخير، كان الانتشار الواسع للتجارة الإلكترونية التي أصبحت تعد من أساسيات الاستهلاك في مختلف دول العالم. ومنذ ظهور الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية، بدأ المستهلكون في تغيير عاداتهم، مستفيدين من إمكانية شراء المنتجات والخدمات عبر الإنترنت دون الحاجة لمغادرة منازلهم. هذا التحول لم يكن مجرد ظاهرة مؤقتة، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لملايين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم. ومع هذا التطور، برزت الحاجة إلى خدمات التوصيل كحلقة وصل أساسية بين البائع والمستهلك.
قبل سنوات قليلة، كان التسوق يعتمد بشكل رئيسي على الوجود الفعلي في المتاجر والأسواق، حيث كان يجب على المستهلك تخصيص وقت للخروج، التنقل بين المحلات، التفاوض على الأسعار، ومواجهة الزحام والانتظار الطويل. لكن مع التطور التكنولوجي وانتشار الهواتف الذكية، أصبح التسوق الإلكتروني هو النمط السائد، حيث أصبح بإمكان أي شخص شراء المنتج الذي يريده من خلال هاتفه أو جهاز الكمبيوتر، والدفع عبر وسائل إلكترونية، ثم انتظار التوصيل إلى باب منزله، مما يضمن توفير حاجياته وراحته.
ومع تزايد الطلب على التسوق الإلكتروني، أصبح الشركات بحاجة إلى أنظمة لوجستية متطورة لضمان وصول المنتجات للعملاء بسرعة وكفاءة. التكنولوجيا لعبت دورًا جوهريًا في إعادة تعريف قطاع التوصيل، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، وتطبيقات التتبع المباشر، مما يعكس مستقبلًا أكثر تطورًا يتجه نحوه قطاع التوصيل.
جائحة كورونا: نقطة تحول في قطاع التوصيل
رغم أن التجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل كانت في تطور مستمر، إلا أن جائحة كورونا شكلت نقطة تحول رئيسية في هذا القطاع. فمع فرض إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، ازدادت الحاجة إلى خدمات التوصيل بشكل غير مسبوق، حيث أصبحت الوسيلة الأساسية للحصول على الاحتياجات اليومية. وكان لهذه الظروف أثر مباشر في تسريع انتشار ثقافة الشراء عبر الإنترنت. وفي ظل غلق المتاجر التقليدية، دفعت الكثير من الشركات إلى تبني حلول جديدة لضمان استمرارية أعمالها، مما جعلها تتأقلم بسرعة مع هذا الواقع الجديد. فشهدت بعض الشركات الناشئة نموًا غير مسبوق خلال الجائحة، حيث انتقلت من مجرد مشاريع صغيرة إلى كيانات اقتصادية قوية في فترة قصيرة.
في الجزائر، وعلى غرار العديد من الدول، شهد قطاع التوصيل والتجارة الإلكترونية نموًا سريعًا، غير أن هذا النمو صاحبه العديد من التحديات، أبرزها البنية التحتية اللوجستية، وغياب أنظمة الدفع الإلكتروني المتطورة، بالإضافة إلى الحاجة لتعزيز ثقافة التسوق الإلكتروني لدى شريحة واسعة من المواطنين. ولكن رغم هذه التحديات، ظهرت العديد من الشركات المحلية التي استطاعت بفضل رؤيتها الطموحة وابتكاراتها المستمرة أن تتجاوز العقبات وتوفر حلولًا عملية تلبي احتياجات السوق الجزائري. فأصبح المستهلك اليوم أكثر انفتاحًا على فكرة التسوق عبر الإنترنت، وبحثه عن خدمات توصيل موثوقة وسريعة يسهل عليه حياته اليومية.

DELIVRILI: نموذج لنجاح الشركات الناشئة في قطاع التوصيل
وسط هذه التحولات، برزت شركة DELIVRILI كأحد أبرز الشركات التي استطاعت أن تضع بصمتها في مجال التوصيل في الجزائر. فمنذ انطلاقها في فترة جائحة كورونا، تمكنت الشركة من تحقيق نمو سريع بفضل استراتيجيتها القائمة على الابتكار وتقديم خدمات موثوقة تلبي احتياجات العملاء.
ولتسليط الضوء أكثر على تجربة DELIVRILI، استضفنا في برنامج “ضيف المستثمر”، صهيب خلادي، أحد ممثلي الشركة، الذي شاركنا تفاصيل هامة عن نشأتها، وكيف استطاعت أن تبرز نفسها في السوق الجزائرية رغم التحديات. كما تحدث عن رؤيتهم للتوسع والاستثمار، وفي هذا الحوار نستعرض أبرز ما جاء في لقائنا معه:
كيف وُلدت فكرة إطلاق DELIVRILI؟
بدايتي كانت في مجال التسويق ضمن التجارة الإلكترونية، ومع تفشي جائحة كورونا وما تبعها من قيود الحجر الصحي، لاحظت تزايد الحاجة إلى خدمات التوصيل، خصوصًا مع صعوبة تنقل الأفراد لقضاء احتياجاتهم اليومية. ومن هنا جاءت فكرة تأسيس DELIVRILI، التي انطلقت في فترة حساسة، لكنها سرعان ما أثبتت جدارتها وأصبحت جزءًا من نمط الحياة اليومي للكثير من الجزائريين.
ما الذي يجعل DELIVRILI مختلفة عن باقي الشركات في نفس المجال؟
السوق مليء بالمنافسين، ولكن ما يميزنا هو العلاقة القوية التي بنيناها مع عملائنا. حيث حرصنا منذ البداية على تقديم خدمات ذات جودة عالية تلبي احتياجاتهم بكفاءة. فنحن لا نقدم مجرد خدمة توصيل، بل نوفر تجربة موثوقة، ونسعى دائمًا لإطمئنان الزبون إلى أن طلبه سيصل بأمان وفي الوقت المحدد، وهو ما أكسبنا سمعة جيدة في السوق.
كيف تطورت خدماتكم منذ انطلاقتكم خلال الجائحة؟
بدأنا بتوصيل الطعام، حيث كان الطلب عليه مرتفعًا خلال الجائحة. ومع مرور الوقت، توسعنا لنشمل التوصيل العام، حتى تمكنا من دخول مجال توصيل الطرود البريدية. هذا التطور لم يكن عشوائيًا، بل جاء استجابة لحاجة السوق ورغبة العملاء في الحصول على حلول مرنة وسريعة.

ما أبرز التحديات التي واجهتموها في البداية، وكيف تغلبتم عليها؟
في بداية الطريق، كانت هناك عدة تحديات، أبرزها صعوبة التنقل بسبب قيود الحجر الصحي. لكننا تمكنا من الحصول على ترخيص رسمي من السلطات، مما سمح لنا بمواصلة العمل. والتحدي الأكبر كان غياب ثقافة التوصيل لدى الكثير من المواطنين، إذ لم يكن الأمر منتشراً كما هو الحال اليوم، لذلك عملنا على توعية الناس بأهمية هذه الخدمة وتعريفهم بها، حتى أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
كيف تبنون علاقتكم مع العملاء وتضمنون تلبية احتياجاتهم باستمرار؟
السر يكمن في الموثوقية والاستمرارية. نحن متواجدون على مدار الأسبوع، حتى في أيام العطل، لضمان تلبية طلبات عملائنا في أي وقت. فالعلاقة التي تجمعنا مع الزبائن لا تقوم فقط على تقديم الخدمة، بل على خلق تجربة مريحة تجعلهم يعودون إلينا في كل مرة يحتاجون فيها إلى التوصيل.
ما هي خططكم المستقبلية لتوسيع نطاق DELIVRILI؟
لدينا رؤية واضحة للتوسع، وقد أجرينا دراسة سوق شاملة ساعدتنا في تحديد فرص النمو. ومؤخرًا، ابتكرنا فكرة جديدة لم تُطبق من قبل في الجزائر، حيث سيتم الإعلان عنها قريبًا. وأؤكد أن هذا الابتكار سيحدث نقلة نوعية في قطاع التوصيل، وسيساهم في تعزيز خدماتنا وجعلها أكثر كفاءة.
كيف تستعدون لاستقطاب استثمارات إضافية؟
بعد أربع سنوات من العمل الميداني، أصبح لدينا تصور واضح لمستقبل الشركة، وضعنا خطة تمتد حتى عام 2034، تتضمن أهدافًا وتوجهات واضحة يمكن لأي مستثمر الاطلاع عليها. هدفنا هو التوسع ليشمل جميع الولايات الجزائرية الـ 58، وبعد ذلك، نسعى إلى دخول السوق الدولية، لأننا نؤمن بأن خدماتنا قادرة على المنافسة على نطاق أوسع.
كيف تستفيد DELIVRILI من التكنولوجيا في تطوير خدماتها؟
نحن نؤمن بأن التكنولوجيا هي مفتاح النجاح في أي مشروع حديث، لذلك اعتمدنا على الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتنا التشغيلية، مما ساعدنا على تقليل الأخطاء، وزيادة كفاءة التوصيل، وتحسين تجربة المستخدم بشكل عام. وأرى أن الاستثمار في التكنولوجيا ليس خيارًا، بل ضرورة لمواكبة التطور في هذا القطاع.
ما نصيحتك للشباب الجزائري الطموح لدخول عالم ريادة الأعمال؟
أقول للشباب: لا تنتظروا الفرص، بل اصنعوها بأنفسكم. فالجزائر تمتلك بنية تحتية قوية، والتجارة الإلكترونية تزدهر يومًا بعد يوم. والنجاح لا يأتي بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى مثابرة ورؤية واضحة، خاصة أن التجارة الإلكترونية والتوصيل يمثلان مستقبلاً واعدًا. وعلى الشباب استغلال الفرص المتاحة لهم للدخول إلى هذا المجال.
رسالتك الأخيرة للمستثمرين وللزباين؟
للمستثمرين، أقول إننا كفريق عمل DELIVRILI مستعدون للشراكة مع من يؤمن برؤيتنا، لأننا نمتلك خطة واضحة واستراتيجية نمو تمتد على سنوات قادمة. أما لزبائننا، فأؤكد أن قطاع التوصيل أصبح اليوم ضرورة وليس رفاهية، والتكنولوجيا جعلت الوصول إلى الخدمات أسهل من أي وقت مضى. فالمستقبل يحمل الكثير من الفرص، ونحن هنا لنكون جزءًا من هذا التطور.
DELIVRILI ليست مجرد شركة توصيل، بل قصة نجاح مستمرة، تعتمد على الابتكار والثقة المتبادلة مع عملائها، ونعدكم أن الأيام القادمة تحمل المزيد من التحديات، لكننا مستعدون لها، بروح ريادية وطموح لا حدود له.
رابط دائم: https://mosta.cc/yogq8