تمثل التجارة الإلكترونية العمود الفقري للاقتصاد الرقمي العالمي ، حيث أنها تعتمد على مبدأ أساسي في العمل وهو تبادل السلع والخدمات والأموال للحصول على أقصى ربح ممكن، كما أنها تعزز القدرة التنافسية وتشجع الابتكار، إضافة إلى ذلك تساهم في خلق فرص شغل عديدة .
تعرف الأسواق الإلكترونية في الجزائر في السنوات الأخيرة إنتعاشا خاصة مع تفشي وباء كوفيد-19 ، مما دفع بالتجار و أصحاب المحلات إلى الإنتقال للتجارة الإلكترونية التي أضحت تستخدم في نطاق واسع لبيع منتجاتهم أو تقديم خدماتهم، من أجل تلبية حاجيات السوق والزبائن .
خبراء يدعون إلى مراجعة الأطر القانونية المتعلقة بالتجارة القانونية
صرح الخبير الإقتصادي ، عبد القادر سليماني ، لجريدة المستثمر ، أن تطور التبادل التجاري في العالم، مكن من استحداث طرق عديدة قصد تسهيل العمليات المتعلقة به، ومن بين هذه الطرق التجارة الالكترونية، التي تسمح بالرفع من وتيرة التبادل التجاري بصفة سريعة وأكثر فعالية مقارنةً بالتجارة التقليدية، التي تتطلب الحضور المادي للتاجر أو الزبون، إذ أصبح يكفي معاينة السلعة عن بعد والتعاقد عليها من خلال شبكة الانترنيت، وكذا تسديد ثمنها من خلال الدفع الالكتروني.
و أضاف الخبير الإقتصادي ، عبد القادر سليماني ، هذا النشاط الجديد المرتبط بالتجارة سمح بخلق فرص شغل جديدة ذات فوائد مادية كبيرة، غير أن الوضع في الجزائر لم يزل يراوح مكانه، حيث أن التجارة الالكترونية كعملية تمارس بصفة غير منظمة، إذ أن الإطار القانوني لازال غائب، وهو ما يستدعي تدخُّل المشرع الجزائري بغرض تنظيم هذا النوع من النشاط التجاري.
و في هذا السياق قال المستشار في التنمية الاقتصادية ، السيد عبد الرحمان هادف ، في تصريح له لجريدة المستثمر أن التجارة الإلكترونية ، اليوم أصبحت أكثر رواجا، بفعل التغيرات و الواقع في قطاع التجارة ككل ،و كذا تغير نمط الإستهلاك لدى المواطن و أيضا تغيير استراتيجيات الكثير من المؤسسات الإقتصادية و بالتالي الواقع أصبح يفرض على هذا النوع من التجارة في نمو و التطور ، و بالنسبة للجزائر أنه يوجد نشاط لهذا التوجه خاصة مع وضع قانون خاص بالتجارة الإلكترونية .
و أضاف المستشار في التنمية الإقتصادية ، عبد الرحمان هادف ، أن التجارة الإلكترونية تعتبر نشاط جديد بالنسبة للجزائر ، إذا كان تم مقارنته بالدول الأخرى ، فإنها لا تزال في مستوى غير متطورا ، لأنه توجد عوامل كثيرة تؤثر على نمو هذا النشاط ، كونها ليست مهيئة مائة بالمائة وبالتالي هذا النشاط يحتاج إلى دفعة جديدة و مراجعة الأطر القانونية و خاصة قانون التجارة الإلكترونية فيه بعض النقائص التي لا تواكب المعطيات الحالية و بالإضافة إلى الأطر القانونية المتعلقة بالتكنولوجيا و الموارد البشرية ، التي تحتجها الجزائر لتطوير هذا النوع من التجارة و نشاطات أخرى عندها تداخل مباشر مع هذا النوع من التجارة على سبيل المثال ، كل ماهو متعلق بالنقل و اللوجيستيك و أيضا الخدمات البنكية و بالتالي الواقع لم يتطور بعد في هذا الجانب لأنه ، عند التكلم على التجارة الإلكترونية ، أول شيء يًخال إليك هو الدفع الإلكتروني و الخدمات البنيكية الإلكترونية التي تحتاج إلى تطويرها أكثر ماهي عليه اليوم ، من الرغم فيه تطور و إنتعاش في سنة الماضية جراء الأزمة الصحية لفيروس كورونا ، إلى أنه اليوم الخدمات البنكية و المالية الإلكترونية تحتاج إلى أسس جديدة لدفع بهذا النشاط إلى مستوى أفضل .
و في ذات السياق حذر الخبير الإقتصادي ، عبد القادر سليماني ، أنه في حالة عدم تنظيم التجارة الإلكترونية وتفاقم الجرائم الناتجة عن ذلك ، ستصبح الجزائر جدّ عاجزة أمامها بفعل عدم امتلاكها للأساليب القانونية الكفيلة بردع مثل هكذا تجاوزات، الأمر الذي من شأنه تكبيد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة.
و أضاف المتحدث ذاته أن خلق إطار تشريعي خاص بالتجارة الالكترونية من شأنه الرفع من وتيرة أداء الاقتصاد الوطني، والسماح له بالاندماج بصفة سلسة في الاقتصاد العالمي، وذلك لنا يشكله من امتداد وترابط، خاصة مع ما تشهده وسائل التجارة الالكترونية والتسويقية، وهو ما يظهر بصفة جلية في التطبيقات وغيرها من المنتجات الالكترونية الحديثة.
الدفع الإلكتروني سيساهم في توفير سيولة كبيرة للبنوك
قال الخبير الإقتصادي ، عبد القادر سليماني ، أن وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بالتنسيق مع وزارة المالية تعمل على تعميم استعمال بطاقات الدفع الالكتروني لاسيما(CCP/CCP GOLDE)، وهذا من أجل التقليل من استعمال السيولة خارج مؤسسات الصيرفة، غير أن ذلك لا يمكن أن يحقق أهدافه دون أن تعمم وزارة التجارة وسائل وآلات استغلال بطاقات الدفع الالكتروني على مستوى كافة المحلات والمراكز التجارية، الأمر الذي يجعل من عملية إصدار بطاقات الدفع الالكتروني دون المستوى رغم أهمية الهدف.
و أضاف عبد القادر سليماني أن الدفع الالكتروني من شأنه توفير سيولة كبيرة للبنوك والمؤسسات المالية، و هذا الأمر الذي يسمح بالاستفادة من رؤوس الأموال بطريقة جدُّ سريعة وفعَّالة، خاصة بمناسبة تمويل المشاريع والعمليات المصرفية المختلفة.
هذا ويتطلب الوضع من المشرع الجزائري السعي لخلق أطر قانونية وتشريعية حديثة تسمح بالرفع من نسبة الاندماج في التجارة الالكترونية، وكذا تبسيط إجراءات الانخراط إليها، مع خلق آليةٍ رقابية ممثلة في سلط ضبط تقوم على مراقبة وتطوير هذا النشاط بما ويتوافق وأساليب التجارة العصرية
كما ان كوفيد-19 يعزز المبيعات عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية العالمية تقفز إلى 26.7 تريليون دولار .
الجزائر تحتاج إلى وضع خدمات بنكية جديدة مبتكرة لتسهيل الدفع الإلكتروني
كشف المستشار في التنمية الاقتصادية السيد عبد الرحمان هادف ، أن مستوى التغطية البنكية أي نسبة المواطنين الذين لديهم أرصد بنكية لا تتجاوز 50 بالمائة في الجزائر و هذا الأمر لا يساهم في تطوير نشاط التجارة الإلكترونية خاصة عن طريق الدفع الإلكتروني .
و أضاف المتحدث ذاته ، أن الجزائر اليوم تحتاج إلى وضع خدمات بنكية جديدة مبتكرة مما يسهل في رواج أكثر لما يسمى اليوم بالدفع الإلكتروني عن طريق حلول مبتكرة في ميدان المالية الإلكترونية على سبيل المثال الدفع عن طريق الهواتف النقالة و الدفع الإلكتروني عن طريق منصات الإلكترونية و كل هذه الأمور تحتاج إلى ظروف خاصة ليتم تطويرها لأنه الأطر القانونية لا تساعد على رواج هكذا نشاطات .
و أشار المستشار في التنمية الإقتصادية ، عبد الرحمان هادف ، أن الهياكل القاعدية فيما يتعلق باللوجيستيك و النقل و كل النشاطات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية هي تداخل مباشر باللوجيستيك لأنه جانب التوريد أو البيع كلها متعلقة بنشاط النقل ، و اللوجيستيك اليوم أصبح نشاط قائم بذاته و أصبح نشاط يحدد التنافسية بين المتعاملين في التجارة الإلكترونية من خلال التحكم في الأسعار و تقديم أسعار تنافسية ، و يجب أن يمر بالتحكم في سلسلة القيم للمؤسسة و خاصة الجانب الذي يتعلق باللوجيستيك و النقل و بالتالي نحن مطالبين بتطوير هذا الجانب ، لأن العالم اللوجيستيك يمثل 15 بالمائة من تكلفة المنتوج و الجزائر هذه النسبة تفوق 30 بالمائة من تكلفة المنتوج و هنا يوجد هامش ربح كبير إذا تحكمنا في اللوجيستيك .
تطوير التجارة الإلكترونية سيدفع لخلق قيمة مضافة إلى الإقتصاد الوطني
و بخصوص تطوير التجارة الإلكترونية ، قال المستشار في التنمية الإقتصادي ، عبد الرحمان هادف ، أنه أردنا نتطور في مجال التجارة الإلكترونية لابد من أن تكون هناك مؤسسات تنشط في خدمات التكنولوجيات الإعلام و الإتصال و خاصة فيما يتعلق مراكز تخزين البيانات و خدمات الأنترنت التي يجب أن تكون ذات جودة عالية و تطوير الحلول الرقمية التي تمكن المؤسسات بتسويق منتجاتها عن طريق حلول مبتكرة .
و أضاف المتحدث ذاته أن التجارة الإلكترونية هي نشاط جديد و يتعلق مباشرة بالموارد البشرية و الكفاءات ، التي تمكن المؤسسات التسويق عن طريق التجارة الإلكترونية بتحليل البيانات و المعلومات و معرفة السوق و حاجيات المواطن بدقة كبيرة مما يسمح للمؤسسات إلى وضع منتوجاتها مع توافق متطلبات الزبائن .
و ان النظام البيئي للتجارة الإلكترونية هو في تطور مستمر و فيه مؤشرات تدل على أنه ستكون قفزة نوعية للتجارة الإلكترونية خلال سنتين أو ثلاث سنوات القادمة إذا تم وضع كل الشروط و الظروف اللازمة ، مما سيسمح للإقتصاد الجزائري أنه يستفيد من أحد الروافد المهمة ، لأنه اليوم أصبحت من بين الروافد المهمة قي تطوير الإقتصاد ، وخلق النمو للتجارة الإلكترونية التي تعتبر جزء من الإقتصاد الرقمي أي أنه ربع ناتج الخام العالمي أي أكثر من 20 ألف مليار دولار سنويا تأتي من الإقتصاد الرقمي و التجارة الإلكترونية لها نسبة كبيرة في هذا الإقتصاد .
و أشار عبد الرحمان هادف إلى أن الجزائر لابد أن تطور هذا المجال للإستفادة من كل المزايا التي يقدمها هذا النوع من النشاط مما سيدفع بخلق نمو و القيمة المضافة و تكون هناك تسهيلات للمؤسسات في تسويق منتجاتها مما يسمح أيضا إلى خلق مناصب العمل .
رابط دائم: https://mosta.cc/46ypl