بقلم: مليكة
يكتسي مشروع الطريق العابر للصحراء أهمية بالغة بالنظر إلى دوره الاستراتيجي المشترك لتحقيق التنمية المنشودة و التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية باعتباره الشريان الحقيقي بالمنطقة فهو سيسمح بتعزيز العلاقات الإقتصادية بين الدول الست المعنية، في إطار تفعيل الوحدة الإفريقية، كما سيسمح بتكثيف التبادلات البينية بين الدول مما يخلق تكتلا اقتصاديا واعدا بالقارة.
تقول التقارير أنه تم الشروع في بحوث الاستكشاف الأولى في إطار لجنة الربط للطريق العابر للصحراء سنة 1966 وذلك بالتنسيق مع البلدان الأعضاء وبحضور ممثل عن منظمة الأمم المتحدة، للبحث عن مسار للطريق العابر للصحراء وتم الانطلاق في إنجاز المقطع الأول بالجزائر وهو المقطع الرابط بين المنيعة وعين صالح على مسافة 396 كم، والذي تم تدشينه سنة 1974 من طرف رؤساء الدول الثلاث: الجزائر ومالي والنيجر.
ولظروف سياسية واقتصادية عاشتها دول المجموعة، ظل المشروع يتقدم ببطء على مدار 6 عقود كاملة، قبل أن يتحرك بقوة من جانب الجزائر في المدة الأخيرة .
بلقاسم مسعودي خبير إقليمي لدى برامج الاتحاد الأوربي:
الطريق العابر للصحراء شريانا اقتصاديا بامتياز
اعتبر الخبير الإقليمي لدى برامج الاتحاد الأوروبي، خبير سابق لدى المعهد الدولي للدراسات المقارنة بباريس الأستاذ بلقاسم مسعودي، مشروع الطريق العابر للصحراء مشروعا عريقا عرف تأخرا طويلا في الإنجاز نظرا للظروف التي عاشتها بعض دول المجموعة خاصة منها الظروف المالية، لكن أهميته الاستراتيجية الكبيرة و دوره في تنشيط الحركة الاقتصادية بالمنطقة جعل هذه الدول تتحرك من جديد لاعادة بعثه و جعله همزة وصل بين جنوب اوروبا و شمال افريقيا، ليصبح المشروع، مشروع العصر الكبير باعتباره شبكة طرقية متوجهة لدول الساحل و ممتد نحو قلب افرقيا.
المشروع حسب محدث جريدة “المستثمر ” الذي سيكون له امتداد حتى للدول المحيطة بنيجيريا يعول عليه كذلك في بعث الحركية التنموية نظرا للمشاريع الاستثمارية التي ستتنوع، و رؤوس الأموال التي ستتدفق وفرص الشغل التي ستتوفر، ناهيك عن المنشات التنموية مشيرا لخط السكك الحديدة الذي يربط الجزائر العاصمة بتمنراست المقرر انتهاء اشغاله بعد 10 سنوات معتبرا إياه مشروعا عملاقا نظرا لدوره الاستراتيجي الهام .
و نوه محدثنا لأهمية مشروع الطريق العابر للصحراء في قدرته على تحقيق تنمية مستدامة بالقارة السمراء خصوصا مع توفر الدول الأعضاء على موارد طبيعية متنوعة، مشيرا للمحادثات المكثفة بين الجزائر، تونس نيجر و نيجيريا من أجل ربط أنبوب الغاز الذي سيمر بالجزائر لتصبح بهذا المصدر للبترول النيجيري نحو اوروبا و هو ما سيدر –حسبه- ارباحا كبيرة للجزائر تستغلها في تنمية المناطق الصحرواية.
المشروع الذي لم يتبق من أشغاله سوى 10 بالمائة ينتظر أن يكون له الأثر الكبير يقول مسعودي “للمستثمر”، في خلق مئات الالاف مناصب الشغل و بعث حركة تجارية برؤوس أموال كبيرة مع تنشيط المناطق الحرة المزمع انشاؤها، مما سيعطي دفعا قويا في تنمية اقتصادات بلدان افريقيا و تحقيق الإندماج الإقليمي و التكامل الاقتصادي من جهة، و تعزيز التعاون الإفريقي الأوروبي من جهة أخرى.
الخبير الإقتصادي الهواري تيغرسي ..نحو تحرير التجارة في افريقيا و جعل الأخيرة بلدا واحدا
لم يختلف الخبير الإقتصادي الهواري تيغرسي مع ما صرح به مسعودي حول الأهمية الاستراتيجية الكبرى التي يحملها مشروع الطريق العابر للصحراء عندما قال لجريدة المستثمر:”يحمل مشروع الطريق العابر للصحراء أهمية استراتيجة بالغة الأهمية سواء بالنسبة للجزائر التي تتمتع بموقع استراتيجي مهم و بالنسبة لافريقيا ككل، وما انجر عن ازمة الكوفيد و الحرب الاوكورانية الروسية من ارتفاع كبير في السلع المستوردة بسبب ارتفاع تكاليف النقل يوضح مدى أهمية مثل هذه المشاريع”، و عليه يأتي الطريق العابر للصحراء يقول –غريسي- بأهدافه الرامية الى تنمية افريقيا و إعطائها نفسا قويا بعد ربطها بأوروبا بتسهيل عمليات تسويق و تصدير المنتوجات من الدول الغربية نحو البلدان الافريقية مرورا بالجزائر .
و في انتظار انطلاقة المشروع الحقيقية المنتظرة سنة 2024 بافريقيا ككل، يرتقب ان تنتهي اشغاله بالجزائر مع نهاية السنة الجارية بعد استكمال ما تبقي من كيلومترات في غضون اشهر قليلة، يشير محدثنا إلى أن النقاط المشتركة التي تجمع بين 54 دولة هو تحرير التجارة و جعل افريقيا بلدا واحدا في المستقبل فيما يخص العمليات التجارية بعد إزالة حجم العراقيل، قائلا في ذات السياق ان افريقيا عرفت هذه التكتلات منذ 1975 ساعية لتحريك العملية الاقتصادية بهدف توحيد العملة الافريقية مبديا استعداد الجزائر في المشاركة في هذه الحركية من خلال التحضير لشروط الاندماج و المشاركة في المنطقة الحرة، متأسفا لقيمة التبادلات بين الجزائر و افريقيا التي مازالت ضعيفة رغم توفر افريقيا المواد الخام التي يتم استيرادها من دول أخرى، هذا ما يدفع –حسبه- الى ضرورة خلق حركية و فتح الاستثمار و تحويل التكنلوجيا و رأس المال و العنصر البشري الخلاق للثروة في افريقيا، مؤكدا أن الجزائر البلد الأول الذي سيستقيد من هذا الطريق و بدونه لا يمكن الحديث عن بناء و اتحاد افريقيا و تحقيق المصالح المشتركة بين دولها القوية بشبابها وامكانياتها المختلفة، مشددا على ان اختلاف امكانياتها هذه، هو ميزة مهمة لتحقيق منفعة بين الأفارقة في المراحل القادمة وخلق شراكة أساسية و اندماج اقتصادي، موضحا أن المكونات التي تتمتع بها 54 دولة هي مستقلة من دولة لاخرى معتبرا هذا التميز من أسباب التكامل الاقتصادي المتوفرة في القارة، ما يسمح بتحقيق على غرار المبادلات التجارية، مبادلات الحضارة و الفكر و التطور التقني خاصة بالنسبة للجزائر التي عرفت قفزة نوعية في السنوات الاخيرة ، و يبقى المطلوب اليوم من افريقيا –يقول محدثنا- هو أن تصبح نموذجا في الإصلاح التشريعي و في اصلاح القوانين و رفع المستوى العلمي و المعيشي، مستغربا انخفاض المستوى المعيشي لسكان افريقيا مقارنة بما تملكه القارة من إمكانات.
شقرون ..التحدي اليوم يتمثل في ايجاد آليات كفيلة بصيانة الطريق لضمان نوعية التنقل و الأمن
من جهته قال الرئيس المدير العام للشركة الجزائرية للدراسات و المرافق العامة علي شقرون إن الطريق العابر للصحراء الذي سيسمح بتقليص فاتورة النقل الباهظة التي باتت تمثل حوالي 50 بالمائة من قيمة البضائع إلى 20 أو 30 أو بالمائة.
كاشفا عن تجهيز الشطر الجزائري بالتكنولوجيا الحديثة و الألياف البصرية، مبرزا أن الدراسات قد اكتملت لتجهيز الطريق بفضاءات للراحة و فضاءات اقتصادية ستتدعم ببرامج إضافية مستقبلا ضمانا لراحة مستخدمي هذا الطريق. ، وفي معرض حديثه، أشار شقرون إلى أن التحدي اليوم يتمثل في ايجاد آليات كفيلة بصيانة الطريق والمرافق لضمان نوعية التنقل مع ضمان الأمن على طول الشبكة المعنية.
هذا بعد أن تم الإعلان بحر الأسبوع الجاري خلال الدورة 73 للجنة الربط للطريق العابر للصحراء بحضور الدول المعنية بالمشروع تونس، النيجر، مالي، نيجيريا و التشاد أن نسبة الأشغال الخاصة بإنجاز مشروع الطريق العابر للصحراء بلغت مراحل متقدمة حيث تم إنجاز 90 بالمائة ، و بالمناسبة استقبل الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، بقصر الحكومة، الوفد الوزاري المتكون من وزيرة التجهيز والسكن للجمهورية التونسية، سارة زعفراني زنزري، معزو جاجي سامبو، وزير الأشغال العمومية والسكن لجمهورية نيجيريا الاتحادية، و قادو سابو مختار، وزير التجهيز لجمهورية النيجر، الذين قدموا الى الجزائر في إطار المشاركة في الدورة الثالثة والسبعين (73) للجنة الربط للطريق العابر للصحراء، أين شكل اللقاء فرصة لاستعراض مدى التقدم في تجسيد الطريق العابر للصحراء وأبعاده الاستراتيجية، وكذا آفاق تطويره من أجل التحول به إلى رواق اقتصادي وفق منظور اندماجي تنموي، وبأساليب تسيير حديثة، للتمكن من الاستغلال الأمثل لهذه البنية التحتية، لاسيما على صعيد تطوير التجارة البينية وتسريع وتيرة الاندماج الإقليمي والقاري.
رواق اقتصادي.. ثمرة تثمين مشروع الطريق العابر للصحراء
تعزيزا لمشروع الطريق العابر للصحراء، اتفقت هذا الأسبوع الدول الأعضاء في لجنة الربط للطريق العابر للصحراء على إنشاء “رواق اقتصادي” لتثمين مشروع هذه المنشأة الضخمة التي تمتد على مسافة 10 آلاف كلم, لفائدة اقتصاد البلدان المعنية وسكانها.
و قد أبرز وزراء الأشغال العمومية والتجهيز للدول الأعضاء في لجنة الربط للطريق العابر للصحراء (الجزائر ,تونس , النيجر, نيجيريا, مالي وتشاد) خلال زيارتهم لمحور الطريق السيار شمال-جنوب, الرابط بين الشفة و البرواقية, على مسافة 53 كلم, “أهمية تجسيد هذا الرواق الاقتصادي الذي سيعزز التنسيق بين هذه الدول”.، حيث شدد وزير التجهيز النيجيري, غادو صابو موكطار, في إطار تسريع تجسيد هذه الآلية الاقتصادية الجديدة, على “ضرورة تواصل البلدان الإفريقية فيما بينها” بغرض مواجهة التحديات الكبرى التي تنتظر القارة الأفريقية.
قائلا:”من المهم و الملح إرساء تواصل فيما بين البلدان الأفريقية, سيما البلدان المعنية بالطريق العابر للصحراء, من أجل مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه القارة”.، كما يرى الوزير النيجيري أن سكان إفريقيا في حاجة ماسة إلى هذا الرواق, معربا عن أمله في الاستغلال الأمثل لهذه المنشأة, كي يكون لها تأثير حقيقي على التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الدول المعنية، من جهتها, أعربت وزيرة التجهيز والسكن التونسية, سارة زفراني, عن استعداد بلدها تونس لتعزيز التبادلات الاقتصادية والتجارية والتقنية مع دول الجوار.وأكدت أن بلدها سيقدم مساهمته في تجسيد هذا الرواق الاقتصادي وتثمين المنشات الطرقية لتحقيق الأهداف التي حددتها حكومات البلدان المعنية.
و حسب الامين العام للجنة الاتصال للطريق العابر للصحراء, محمد عيادي فان هذا الاتفاق يأتي على اثر دراسة انجزها مؤتمر الامم المتحدة للتجارة و التنمية و التي اوصت بإنشاء رواق اقتصادي عبر آلية اقليمية تضمن تنسيق “فعال” بين البلدان الاعضاء من اجل تثمين الطريق العابر للصحراء.
و ان هذا التثمين ينبغي ان يمر عبر تسهيل العبور و النقل و التجارة و توفير الاستثمارات, كل ذلك من خلال تجسيد منطقة التبادل الحر القارية الافريقية.
رابط دائم: https://mosta.cc/43x35