بقلم : براهمي محمد الصالح
لا يزال ملف السيارات في الجزائر يعاني من جمود تام، وسط عدم ظهور الرؤية الملائمة لحد الساعة، إذ تسعى وزارة الصناعة إلى إيجاد الطريقة المثلى لخلق صناعة فعلية للسيارات في الجزائر، ونسيان ماضي مصانع “نفخ العجلات” التي استنزفت الخزينة العمومية فيما مضى، لكن بالمقابل تواصل أسعار السيارات في الإرتفاع، ما يحتم إيجاد حل سريع يساهم على الأقل في عودة الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية، وهو ما دفع عديد الجهات إلى السعي نحو إقتراح حلول تراها الأنجع لحلحلة الملف، فبادرت التنسيقية الوطنية لأرباب العمل الشهر الماضي إلى إقتراح مجموعة من الحلول، كما سعى تجمع وكلاء السيارات إلى تقديم مقترحات من وجهة نظره، تضمنتها رسالة وجهها إلى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
تجمع وكلاء السيارات يقترح فتح الإستيراد فورا وصناعة فعلية في غضون ثلاث سنوات
رفع تجمع وكلاء السيارات مقترحات جديدة تخص إنهاء أزمة السيارات التي تشهدها السوق الجزائرية منذ 4 سنوات، تقوم هذه المرة على الاستيراد والتصنيع في نفس الوقت، وذلك من خلال منح رخص الاستيراد للوكلاء المودعين لملفات كاملة منذ أزيد من سنة على طاولة وزارة الصناعة، والتي تتوفر فيها الشروط اللازمة، مقابل توقيع هؤلاء على تعهد مفاده التحوّل إلى التصنيع في ظرف 3 سنوات كأقصى حد.
وفي رسالة وجهها الوكلاء المحتملون للسيارات، المقدّر عددهم بـ75 متعاملا، لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتاريخ 7 جويلية الجاري، تعهد الوكلاء بإنشاء صناعة محلية للسيارات والمناولة التابعة لها وذلك عبر تحويل تكنولوجي حقيقي، في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ تسليم الاعتمادات.
ودعت ذات الرسالة إلى فتح استيراد السيارات الجديدة بغرض البيع، ولكن بطريقة مدروسة تضمن الاستغلال الأمثل للعملة الصعبة، استنادا على نقطتين هما الاحتياجات الحالية للسوق المحلية والنظرة المستقبلية لحظيرة السيارات في الجزائر.
واقترح المتعاملون أن يكون تسليم الاعتمادات مشروطا بتعهد كتابي بالاستثمار في صناعة السيارات في مدة أقصاها ثلاث سنوات من طرف الوكيل المستفيد، على أن تتضمّن المرحلة الثانية انطلاقة حقيقية في مجال صناعة السيارات، وذلك عبر التنسيق بين مختلف المستثمرين، حيث يهدف هذا التنسيق إلى إنشاء أرضية صلبة لصناعة السيارات بصفة خاصة والصناعة الميكانيكية بصفة عامة.
وفي هذا المجال أكد الوكلاء أنهم سيعملون على توفير كافة المعلومات لوزارة الصناعة المتعلقة بمراحل التنفيذ وبصفة دورية، حتى يتسنى لها متابعة المشروع، كما أن هذا التنسيق ـ حسبهم ـ يسمح أيضا بدمج الصناعات المتوفرة حاليا.
وتطرّقت الرسالة أيضا للوضعية السيئة التي يعيشها الوكلاء متضمنة: “ّلا نزال كمؤسسات طالبة للاعتماد نعاني خسائر مالية فادحة بسبب ما يترتب علينا من أعباء في انتظار الاعتمادات، ويتمثل هذا أساسا في كل ما يخص الإيجار، الرواتب وتجهيز البنية التحتية المفروضة في دفتر الشروط الصادر عن الوزارة الوصية”.
وندّد الوكلاء بما أسموه “التحايل على القانون”، عبر رواج الاستيراد بغرض البيع بطريق غير قانونية ومن دون اعتمادات مؤخرا في السوق الموازية، التي لا توفر أدنى حماية للمستهلك، “هذه الأخيرة تمثل الجزء الأهم من دفتر الشروط المفروض للقيام بهذه العمليات التجارية وهو الضمان، خدمات ما بعد البيع والشبكة التجارية”، وفق ذات الرسالة.
وتطرقت الرسالة إلى استيراد السيارات الجديدة بطريقة غير قانونية وفتح باب المضاربة في الأسعار، حيث أن ارتفاع الأسعار فاق المليون دينار للمركبة الواحدة، ناهيك عن تمويل السوق السوداء بمبالغ ضخمة، وتهديد بصفة مباشرة على القدرة الشرائية للمستهلك.
ختم الوكلاء قولهم: “غياب تجارة السيارات في الجزائر يخفض حجم المبادلات التجارية الداخلية بمقدار ألف مليار دينار جزائري، مع كل ما ينجر عنه من مداخيل جبائية وشغل، حيث أن تقديراتنا لعدد مناصب الشغل التي تم الاستغناء عنها فاقت مائة ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، خاصة في مناطق الظل التي تقل فيها عروض العمل”.
زبدي: نرحب بكل المبادرات التي من شانها تحقيق مردود للخزينة العمومية
وفي تصريحات لجريدة المستثمر، أكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، أن ” ملف السيارات هو ملف شائك لما له من تبعات على الخزينة العمومية والجميع يدرك هذا، وبالتالي فان كل المقترحات مرحب بها وقابلة للدراسة، وقد قامت ايضا منظمتنا بمعية الكنفدراليات أرباب العمل بتقديم مقترحات ايضا في هذا الشأن.
وبالتالين يواصل زبدي، التوجه الى السيد رئيس الجمهورية هو امر مشروع، وطرح الفكرة ايضا امر مشروع، ونحن نرحب بكل المبادرات التي يمكن ان تخرج بنتائج ايجابية للخزينة العمومية وللمستهلك الجزائري.
وعليه، يستطرد محدث “المستثمر” دراسة هذه المقترحات قد يأتي بالإيجاب وقد يحل معضلة سوق السيارة في الجزائر
توصيات التنسيقية الوطنية لمنظمات أرباب العمل
وكانت التنسيقية الوطنية لمنظمان أرباب العمل قد رفعت بتاريخ 6 جوان المنصرم مجموعة من التوصيات، التي من شانها، وفق التنسيقية حلحلت ملف السيارات في الجزائر، والذي يعد من أكثر الملفات الإقتصادية الشائكة المطروحة حاليا.
وتتمثل الفكرة العامة لهذه المقاربة التي سيتم تطويرها على ثلاث مراحل، عبر توظيف فوائض العملات الأجنيبة التي من المحتمل أن يتم جنيها من خلال عمليات تصدير محددة جيدا لتمويل استيراد السيارات المخصصة للسوق المحلية. تعتمد المراحل الموصى بها لتنفيذ هذه المقاربة على استغلال المزايا المقارنة المتاحة لبلدنا على المستوى الإقليمي (لا سيما من خلال الاستفادة من الاتفاقيات متعددة الأطراف الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي و GZALE و (ZLEAF وكذلك على الاستثمارات التي تم انجازها أو تلك التي ستنجز.
المرحلة الأولى (قصيرة المدى)
من خلال تصدير المركبات المجمعة في الجزائر عن طريق تنفيذ طلبيات الموجهة للمصنعين العالميين) بموجب النظام الجمركي للمعالجة الداخلية.
يتمثل في اللجوء إلى التركيب المحلي للسيارات المركبات الموجهة للتصدير مع تغيير وضع التعريفة الجمركية القادر على السماح المنتوج المركب محليا ان يكون علامة جزائرية والاستفادة من أحكام وتدابير الاتفاقيات الثنائية والجماعية .
يمكن استخدام الأرباح المحققة بالعملة الأجنبية من قبل المجمع الوطني ومورده لتزويد السوق المحلي. وبالتالي، يتم تجديد الحظيرة الوطنية للسيارات المركبات تدريجياً دون التأثير على احتياطاتنا الوطنية من العملة الصعبة مع تثمين البنى التحتية القائمة واستغلال اليد العاملة المدربة بالفعل.
تعهد الموردون بتزويد مجمعيهم بمجموعة من أجزاء المركبات، مما يسمح لهم ببيعها في الأسواق الدولية المحيطة وتزويدهم بالمركبات للسوق المحلي بما يتناسب مع الأرباح المحققة.
المرحلة الثانية (متوسط المدى):
الموافقة” المصادقة” على عدد محدد مسبقا من قطع الغيار من قبل المجمعات الصناعية للمركبات لفائدة المصنعين الوطنين مؤسسات المناولة، في مجال الصناعة الميكانيكية، مما سيجعل هذا القطاع مصدرا . إنها مسألة الانتقال من فكرة إحلال الواردات (السوق المقيدة) إلى تنمية الصادرات (اقتصاد الحجم وبالتالي القدرة التنافسية (تتمتع الجزائر بقاعدة صناعية أكبر بكثير وأكثر قدرة على المنافسة ولكن قبل كل شيء أكثر تنوعا من القاعدة الصناعية من بعض البلدان النشطة في مجال الصناعة الميكانيككية.
في الواقع، يمكن للعديد من المتدخلين المتعاملين الاقتصاديين تطوير القطاع بشكل صحيح من خلال الشركات والاستثمارات الموجودة بالفعل، والعديد من المنتجات في مجال السيارات المعدة للتصدير، مثل صناعة الكابلات وأحزمة الكابلات والإطارات، والزجاج
المرحلة الثالثة (طويلة المدى):
بالإضافة إلى الأسلاك الكهربائية وأسلاك الكابلات التي تتمتع فيها بميزة نسبية هائلة (منذ اللحظة التي تمكنا فيها من تصدير منتجاتنا) تتمتع الجزائر بإمكانيات هائلة من خلال الاستثمارات التي تم إجراؤها بالفعل أو قيد التنفيذ ولكنها تتطلب الحد الأدنى من التطوير ، مثل: ختم الصفائح المعدنية، المسبوكات المختلفة، قطع الغيار الإلكترونية للسيارات، قطع غيار الكهربائية للسيارات (البطاريات والمصابيح التي لا تحتاج إلى صيانة وما إلى ذلك) وكذلك قطع بلاستيكية متنوعة.
سيضمن هذا الاقتراح، وفق ما أوردته التنسيقية، لقطاع المركبات والصناعة الميكانيكية، الذي يستحق الدراسة فعلا، الاكتفاء الذاتي من العملة الصعية على المدى القصير وفائض تصدير على المدى الطويل مع توحيد جهود المتعاملين الاقتصاديين في قطاع الصناعة الميكانيكية حول نفس الأهداف التي حددتها الدولة خاصة الحفاظ على احتياطيات النقد بالعملة الصعبة وتعزيزها وكذلك تطوير النسيج الصناعي
ويبقى تحرير ورفع القيود عن المشاريع المجمدة ومختلف النشاطات التي تم اطلاقها في مجال صناعة المركبات/ الصناعة الميكانيكية, خصوصا المناولة، نقطة جوهرية ستسمح لنا بربح الوقت وكذا جني موارد جديدة بالعملة الصعبة.
فعلاوة على الأسلاك الكهربائية وأسلاك الكابلات التي تملك الجزائر مزايا مقارنة هامة، فيلادنا تتمتع كذلك تملك قدرات كبيرة من خلال الاستثمارات التي تم انجازها أو تلك التي هي في طور الانجاز، ويبقى فقط القليل من المتابعة والتناسق
إن المقاربة التي تقترحها ستسمح، وفق تقديرات، بـعدم المساس بالاحتياط الوطني من العملة الصعبة، دعم المكانة الصناعية للجزائر عبر السماح لها بأن تتحول إلى قاعدة لوجيستية، تثمين المصانع والاستثمارات التي تم انجازها، توظيف الرأس المال البشري الذي تم تكوينه سابقا، وكذلك السماح وتمكين المواطن الجزائري من امتلاك سيارة وبأسعار مقبولة ومعقولة ومواصلة تجديد الحظيرة الوطنية للسيارات من أجل سلامة مرورية أحسن للسائقين.
وزارة الصناعة تسعى إلى تحقيق تحويل تكنولوجي فعلي إلى الصناعة المحلية
تعكف الجزائر على التشاور مع شركات عالمية لتصنيع السيارات، من أجل إطلاق صناعة محلية حقيقية في المجال، عبر نقل التكنولوجيا وتطوير المناولة الصناعية، حسب ما كشف عنه مسؤول بوزارة الصناعة.
ووفق ما ذكره أحمد زايد سالم، المدير العام للتنمية والتنافسية الصناعية بوزارة الصناعة، في حصة “ضيف الصباح” بالإذاعة الأولى، تسعى مصالح الوزارة في مشاوراتها مع مصنّعي السيارات العالميين، إلى تحقيق تحويل تكنولوجي فعلي إلى الصناعة المحلية، بدلا من الاعتماد على التركيب.
وحول نسبة الإدماج في مجال صناعة السيارات بالجزائر، قال المسؤول إنّه “سيتمّ حسابها مستقبلا على أساس فعلي، بالاعتماد على نسبة قطع الغيار المصنّعة محليا”.
وأوضح المسؤول يقول: في السابق كان حساب نسبة الإدماج يتمّ على أساس مالي. وهذا غير ناجع، بالنظر إلى تغيّر قيمة العملة الوطنية مع مرور الوقت”.
وستولي وزارة الصناعة أهمية كبيرة إلى نشاطات المناولة، عند الشروع في إنتاج السيارات بالجزائر، حيث أكّد المتحدث أنّ جميع المستثمرين في التصنيع سيلزمون بالعمل مع “شركات مناولة محلية لتزويدهم بقطع الغيار”.
زايد: انفراج قريب في ملف استيراد السيارات
وفي 6 جوان 2022، كشف المدير العام للتنمية والتنافسية الصناعية بوزارة الصناعة أحمد زايد سالم، عن انفراج قريب في ملف استيراد السيارات.
واكد سالم، خلال الندوة الصحفية الخاصة ببعث الصناعة الميكانيكية في الجزائر المنظمة من قبل التنسيقية الوطنية لمنظمات أرباب العمل أن رخص الاستيراد سيتم منحها للوكلاء قريبا وهو ما سيؤدي إلى انفراج في الملف.
سامي عاقلي : مبادرة تصنيع السيارات ستعيد انعاش الحركة الصناعية المحلية
من جهته، قال رئيس الكنفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين سامي عاقلي، في تصريح صحفي على هامش الندوة التي نظمتها التنسيقية الوطنية لأرباب العمل بتاريخ 6 جوان المنصرم حول مشروع إعادة بعث الصناعة الميكانيكية في الجزائر, أن هذه الأخيرة “ستساهم في إعطاء دفع قوي لإقتصاد الوطني و إنعاش الحركة الصناعية المحلية” مؤكدا أن “اللقاء الذي قامت به الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل ستتبلور نتائجه في مجموعة من النقاط التي ستساهم في إثراء هذا الملف، وذلك من خلال تقديم مقترحات تتناسب مع الإمكانيات الموجودة وواقع المنظومة الاقتصادية في الجزائر”. مضيفا أنه “ستتم مناقشة هذه المقترحات مع جميع الشركاء والفاعلين والمختصين في هذا المجال, والتي يتم عرضها فيما بعد أمام وسائل الاعلام ورفعها إلى السلطات العمومية” .
وأضاف عاقلي أن “التحديات التي تواجه الدولة الجزائرية في هذا المجال كبيرة، لذا وجب على كل فرد أن يساعد في تقديم الاقتراحات التي من شأنها أن تعطي إضافة لهذه المبادرة والتي اعتبرها مسؤولية جماعية”.
رابط دائم: https://mosta.cc/ehxw1