بقلم محمد الصالح براهمي
تبنت الدولة الجزائرية، على لسان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، منهجا إقتصاديا جديدا، مبنيا في الأساس على الفعالية والمردودية، وفتح الباب أمام الإستثمار الداخلي والخارجي، شرط أن يحقق المرجو منه، إذ أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقاءه الأخير مع ممثلي وسائل إعلام وطنية على أن “من يريد فائدة مشتركة مرحبا بيه”.
لكنه أشار بالمقابل إلى أن بعض الظروف والتصرفات تشكل حجرة عقبة في وجه قدوم المستثمرين وتحريك عجلة الإقتصاد الوطني، لتحقيق إقلاع إقتصادي حقيقي يضمن مستقبل الأجيال القادمة بعيدا عن تجاذبات سوق النفط.
هذا الإقلاع الإقتصادي لا بد وأن تكون إنطلاقته داخلية أولا، عبر تقوية النسيج الإقتصادي الوطني، وهو ما يمكن أن يتحقق عبر تبني استراتيجيات واضحة، وموجهة لمناطق القوية قصد تقويتها أكثر.
وهو ما رافع من أجله خبراء وعارفون بالشأن الإقتصادي المحلي والعالمي، مشددين على ضرورة أن تكون التحركات المقررة لتحقيق هدف الإقلاع الإقتصادي مبنية على استراتيجيات واضحة ومدروسة من جميع النواحي
الدكتور محمد دميش: لا مفر من الإنطلاق فورا في مخطط الإنعاش الإقتصادي
شدد الدكتور محمد دميش، في مداخلة تلفزيونية عبر التلفزيون العمومي على ضرورة تفعيل مخطط الإنعاش الإقتصادي فورا، والتخلص من تبعات سوء الحوكمة في الفترة السابقة، مستغلين توفر الإمكانيات اللازمة، وكذلك الإرادة السياسية
وقال الدكتور دميش “أكد الخطاب الرسمي منذ جائحة كورونا وبداية الإصلاحات السياسية، على أولوية الإنطلاق حاليا في الإنعاش الإقتصادي، وهو أمرلا مفر منه”. وواصل “إذا لاحظنا المؤشرات الكلية للإقتصاد الجزائري نجد أن الإمكانيات متوفرة بشكل كبير في الإقتصاد الجزائري، ولكن بسبب سوء الحوكمة وعوامل أخرى لم نتمكن من استغلال الفرص المتوفرة”.
الكرة الآن في ملعب المتعامل الإقتصادي، حتى يغتنموا المناخ الإقتصادي الجديد من أجل أن نحقق أرقام إقتصادية مطمئنة وانعاش اقتصادي.
كما أشار الدكتور دميش، في ذات السياق، إلى أن ” هناك عمل كبير يتم ولكن هناك كذلك بعض النقائص والعوائق التي يجب أن يتم التخلص منها، اليوم مثلا المنظومة القانونية ليست مكتملة”، ولكن يبقى الأمر الأساسي المتوفر حاليا، حسب ذات المتحدث للتلفزيون العمومي، هو النوايا من أجل انعاش اقتصادي حقيقي، بلد كالجزائر بمساحته ومقدراته وتعداده السكاني مقارنة بالإمكانيات لا يخلق مصاعب، الجزائر بموقعها الجغرافي ما بين قارتين، أوروبا من جهة وأفريقيا من جهة، تسمح بإنطلاقة اقتصادية ملائمة
هواري تيغرسي: لما لا نصل إلى رقم 40 مليار دولار صادرات في السنة مستقبلا
من جهته، شدد الخبير الإقتصادي، والعضو السابق في لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، هواري تيغرسي، على أنه لولا العراقيل، لأمكننا ان نصل إلى رقم 40 مليار دولار صادرات في السنة، وليس فقط 4 مليارات التي تم تحقيقها هذه السنة، رابطا ذلك بالتخلص من عدة عراقيل تشريعية وتنظيمية.
وقال تيغرسي “رئيس الجمهورية أشار إلى نقطة مهمة، وهي وجوب الإنطلاق في الإستثمار الداخلي، لأنه يجب أن نضع بالحسبان أن ما يتم استغلاله حاليا من الموارد الطبيعية لا يتجاوز 20 بالمائة، بالإضافة إلى شساعة الجزائر، والتي تتسع وفق خبراء، لمئة مليون ساكن وليس فقط 40 مليون ساكن”.
وواصل “عندما نتحدث عن قيمة الإنتاج الداخلي لهذه السنة، والتي تقريبا قدرت بـ 23 ألف مليار دينار، مقارنة بدول أخرى بسيطة الإمكانيات وفاقدة للمواقع الإستراتيجي، يمكن أن نتحددث في المرحلة المقبلة، إذا توفرت تسهيلات وإصلاحات، خاصة الإصلاح المالي”.
ليشير في ذات السياق، إلى أنه “كانت هناك عوائق كبيرة للإستثمار، من بينها قانون الإستثمار في الجزائر، ما يعطي الإصلاحات التي تمت مباشرتها القدرة على تسهيل ومرافقة الإستثمار، وهنا أشير إلى أن إجراء الإنتخابات المحلية منذ أيام مهم جدا، لأنه يسمح بمعرفة النواة الأساسية بالنسبة لمنظومة خلق الثروة”.
كما نوه تييغرسي إلى واثع أن “البلديات بدأت تساير النسق وتخلق ثورة اقتصادية من خلال الثروة المتوفرة، كما أن الإرادة عند المستثمرين موجودة”
وهنا عرّج العضو السابق في لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، على نقطة مهمة، قائلا “كثير من النقاط الأساسية في المراحل السابقة التي مرت على البرلمان، كانت فيها تقصير في العملية، وهو ما ترك كثير من المؤسسات تستورد، ما ساهم في رفع فاتورة الإستيراد، بالإضافة إلى تضخيم الفواتير علنا في فترة سابقة، ولذلك وجب حاليا هيكلة منظومة تشريعية دقيقة لمرافقة العملية الإقتصادية”.
وواصل “لاحظنا أن السيد رئيس الجمهورية أكد على أمر دقيق، وهو منع ترك فراغ قانوني مستقبلا عبر “يحال على التنظيم””
كثير من النقاط التي كانت تعتمد على الإستيراد أصبحنا اليوم نركز على صنعها محليا، وهو ما كرسه إنشاء وزارة للمؤسسات الناشئة ووزارة للصناعات الصيدلانية، يقول تيغرسي.
وهنا يجب الإشارة إلى أنه بما أننا نجحنا في تخفيض فاتورة الإستيراد، بل وانطلقنا في التصدير للخارج، لتتجاوز فاتورة التصدير لأول مرة 4 مليار دولار، برقم 4.2 مليار.
ولكن، مقارنة مع قدرتنا على التصدير، يوضّح هواري تيغرسي، مازلنا نواجه إشكاليات قانونية وعراقيل بيروقراطية، ولذلك الحل الوحيد هو رقمنة جميع القطاعات الإقتصادية حتى نتمكن من التصدير.
وعليه، يواصل الخبير الإقتصادي، نتوقع إذا نجحت الإصلاحات أن نصل إلى رقم 40 مليار في السنة، لأنه وأقولها بكل صراحة، الطريقة السابقة كانت طريقة بيروقراطية في عملية تصديير المنتجات
أحمد سواهلية: الأولوية بعد قطاع المحروقات، يجب أن تمنح للقطاع الفلاحي.
من جهته، أكد أحمد سواهلية، على ضرورة وضع استراتيجيات واضحة وجلية، من أجل التحرك في إطار برنامج واضح يهدف للوصول إلى إقلاع إقتصادي حقيقي، مشيرا في ذات السياق إلى ان الأولوية في الإستثمار يجب أن تكون من نصيب القطاع الفلاحي، لما يحوزه من إمكانيات.
وقال سواهلية “الأولوية في تحديد استراتيجيات واضحة، مثلا كيفية ترشيد الواردات بالعملة الصعبة، صحيح السلطات حاليا تحاول ترشيد الواردات إلى أقل ما يمكن، ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب المواطن، فاليوم نشهد مثلا إشكال كبير في سوق السيارات، وهي سوق مزالت فيها مشكلة كبيرة، ولكن لما نذهب إلى سياسة إحلال الواردات في الناتج الفلاحي في غذاء ولباس الجزائريين، فذلك ضروري جدا ويعتمد أساسا على أن يكون المنتوج المحلي، إما بإستثمار أجنبي، غير محبب، أو بتشجيع الإستثمار المحلي ومرافقته من خلال التشرييع والتمويل والعقار”.
ليشير إلى أن “فتح المجال أمام كل القطاعات، يطرح إشكال حقيقي، قد تكون الاولوية في نظري الشخصي بعد قطاع المحروقات الرائد، للقطاع الفلاحي الذي له أهمية كبيرة، أولا لأنه غذاء للجزائريين، ولأن أغلب الجزائريين، حتى في المناطق البعيد، يمكنهم رصد استثمارات فلاحية، بالمقابل، هذا القطاع الفلاحي يمكن أن يوفر مواد أولية مهمة للصناعات النسيجية الغذائية والصيدلانية حتى، لذلك الوضع يتلخص في ضرورة وضع اتسراتيجية من أجل إحلال الواردات وتوفير مواد أولية وتوفير أمن غذائي بسياسة استراتيجية بعيدة المدى تعتمد أساسا على التخزين والنقل المتطور، إضافة إلى أن هذا القطاع يحتاج أيضا إلى مرافقة من القطاعات الأخرى، سواء كانت الصناعة أو المناجم أو غيرها.
عندما نتكلم عن اقتصاد متنوع، يخدم بعضه البعض، ويملك نسيج متكامل، من إنتاج وتعليب وتوزيع ونقل، يعتمد أساسا على المؤسسات المتوسطة كل في دوره بشكل متكامل، مع وضع سياسة واضحة لإحلال الواردات، عبر الإعتماد على أنفسنا في إنتاجنا وعملنا، للأسف الشديد، قبل سنوات كانت السلطات تطلب دراسات وبالعملة الصعبة من حخبراء أجانب، متناسين الخبرات الإقتصادية المحلية، رغم تمكنها وكفاءتها، إذ أن الجامعة الجزائرية تخرج كما لا بأس به من الكفاءات من أساتذة ودكاترة ومخابر بحث، والحمد لله على توقيف رئيس الجمهورية في بداية عهدته للجوء للخبرات الأجنبية بمليارات الدولارات، وتحويلها نحو المكاتب الجزاءرية
الدكتور دميش: يجب أن نتحلى بنظرة استشرافية في تحديد أولويات الإستثمار
عندما نتحدث عن القطاع الفلاحي، يقول الدكتور دميش للتلفزيون العمومي، يجب أن نوضح الصورة، القطاع الفلاحي ليس قطاع إنتاج الخضر والفواكه، بل هناك قطاع صناعي “ملتصق” به مباشرة وهو الصناعات الغذائية والصناعات التحويلية، واليوم الحمد لله، لما نتجول في المتاجر، نجد أنه اليوم، مقارنة بسنوات ماضية، علامات جزائرية متعددة، بعضها افتك المكانة من السلع المستوردة، بالمقابل، القطاع الصناعي برمته لا يشارك سوى بخمسة أو ستة بالمائة في أحسن الحالات، في الناتج المحلي الخام.
إذ أن “النموذج الإقتصادي القديم كان نموذج معتمد في الأساس على الإستيراد، إذ من بين 46 ألف مستورد سابقا، لم يبثقى حاليا سوى 9 آلاف مستورد، ويمكننا القول أن القطاع الصناعي اليوم قطاع مريض، ولكن بالمقابل هناك فرص كبيرة، في الصناعة الإلكترونية، صناعة الجلود، الصناعة البيتروكيماوية”.
ليواصل موضحا “اليوم نصدر البترول الخام، وثم نعيد استيراده في شكل معدات ومواد اولية بأضعاف سعر تصديره، ولذلك يجب أن يكون القطاع الصناعي قاطرة للنمو الإثتصادي الجزائري، رفقة الفلاحة عبر الصناعات التحويلية، وهو احد القطاعات التي تحدث عنها رئيس الجمهورية في بداية عهدته”.
اليوم نملك قطاع فلاحي ينتج قيمة مضافة، لا نستغلها وهي الصناعات التحويلية والغذائية، ولذلك يجب أن تكون لنا نظرة استشرافية في تحديد أولويات الإنعاش الإقتصادي، وسبق وأن طرحناه أمام وزير الصناعة، هذه القطاعات بعد تحديدها يجب وضع استراتيجيات لتنميتها
هواري تيغرسي: الإصلاحات المالية ضرورية للنجاح في استقطاب الإستثمار الأجنبي
من المهم الحديث عن الإنتاج الوطني والإستثمارات الوطنية ، ولكن يجب كذلك أن نتحدث بكل صراحة، الإستثمار الأجنبي هو تحويل التكنولوديا، تحويل العلم وتحويل المعرفة، تحويل الاموال والطاقات، ويجب أن نطرح السؤال، ما هو الإستثمار الجزائري في هذه القطاعات في مراحل سابقة؟.. لا وجود، لأن الإستثمار الأجنبي سابقا كان مرتكز على المجالات الطاقوية، والتي تدر الأموال بشكل سريع، لذلك فمن الضروري تحديد كيف يمكن استقطاب الإستثمار الأجنبي، يجب منح ضمانات عديدة، مثلا كيفية تحويل الربح وهي اشكالية بالنسبة لنا، لهذا قلنا أن الإصلاحات المالية سواء بالنسبة للسوق المالي أو البنوك أو الضريبة، إذ أن مستوى الضريبة حاليا يعتبر مجحف في حق المستثمر، لأن مستوى الضريبة في دول أخرى، في افريقيا الضريبة جد منخفضا.
الوزير الأول، لما كان وزير مالية، خصص جلسات الوطنية لإصلاح الضريبة، لكن مخرجاتها لم نراها لليوم، ضروري التفكير في تحقيق الأمن الغذائي دون الحذيث عن الصناعات التحويلية، قطاع الطاقة مثلا كل مواردنا مادة خامة، مثلا البلاستيك نستورده، هي في الواقع اشكاليات بسيطة، لكنها تصنع الفارق.
سواهلية: نسجل فائض في منتجات وعجز في منتجات ضرورية أخرى لغياب استراتيجية واضحة
أكد سواهلية، في تصريحات للتفزيون العمومي، على أن ميزان الإنتاج في الجزائر مختل، إذ أننا “نسجل فائض في منتجات وعجز في منتحات أخرى”. وذلك، يقول المتحدث، لأنه لا يوجد تنسيق فيما يحتاجه الجزائريون لغذائهم، عند الحديث عن غبرة الحليب أو أمور أخرى، لأن الإستراتيجية غير واضحة، لما تكون هناك استراتيجية انتاج واستراتيجية تخزين واستراتيجية توجيه نحو السوق أو الصناعات التحويلية، أو سياسات تصديرها إلى الخارج يتوضح الأمر، وهذا ما يسمى الإنتاج الموجه.
الفلاحة اليوم، للأسف الشديد، مازالت عشوائية وتقليدية، إذ انه، يقول سواهلية، حتى الوسائل المستعملة فيها ليست معصرنة، رغم ذلك هي من القطاعات الرائدة بعد النفط في الجزائر، وهذا لأن المناخ في الجزائر مساعد على الفلاحة، بالإضافة إلى المساحة الشاسعة المتنوعة، التي من الممكن ان تفيدنا بإنتاج فلاحي متنوع وكبير، فقد كانت قديما تسمى مطمورة روما، أين أن اوروبا كانت تعتمد في غذائها على قمح الجزائر، لذلك من غير المعقول اليوم أن نستورد القمح، صحيح أننا ورثنا تركة صعبة، لكن لا بد من إيجاد حلول للتخلص من هذا المشكل نهائيا والوزير الأول كان قد اكد مستغربا كيف أننا نستورد القمح من ليتوانيا، والتي تساوي مساحتها مساحة أحد الولايات الداخلية، وهذا لأننا لا نملك استراتيجية فلاحية تعتمد أساسا على ترك الإنتاج على الفلاح وتكفل الدولة بشراء منتوجاته سواء كانت قمح أو خضر وفواكه.
وأضيف كذلك، يواصل المتحدث، أن الفلاحة ليست ثروة زراعية فقط، لا يجب أن ننسى الثروة الحيوانية الهائلة في الجزائر، وأن بإمكان هذه الثروة أن تدر دخل للدولة من خلال توفير المادة الأولية للنسيج وللصناعات التحويلية. وبالتالي، عندما تكون السياسة الفلاحية واضحة، عصرية وممنهجة وموجهة، الدواوين المختلفة يجب أن تكون مركزة على إنتاج موجه لضمان الأمن الغذائي.
محمد دميش: يجب رد الإعتبار للصناعات الإلكترونية في الجزائر
بالنسبة لقطاع الصناعات الإلكترونية، يقول الذكتور دميش، يجب أن تكون هناك رد اعتبار لهذه الصناعة، لأنه عندما نقارن العامين الماضيين بالأعوام السابقة، فقد تم تسجيل عقبات كثيرة، كما يجب أن تكون عندنا نظرة إلى القطاعات الصناعية ذات الأولوية، او الإستراتيجية.
إذ أن “الإلكترونيك سيكون في السنوات المقبلة في كل شيء ضمن يومياتنا، ويجب أن نستغل ذلك، ونستغل وجود الجزائر بين سوقين، سوق أوروبي وسوق افريقي”.
ليشدد على أنه “لا يجب الخلط بين الأجهزة الكهرومنزلية والإلكترونيك، لأن الإلكترونيك في جميع المجالات”، مشيرا إلى أن “أكثر من 80 بالمئة من مبيعات الأجهزة الإلكترونية في الجزائر هي لعلامات محلية”.
وعليه، يواصل الدكتور دميش، كان من الأفضل تشجيع المنتجين في هذا المجال أكثر ليقتحموا السوق الأوروبية، لكن ذلك يكون بمساعدتهم في خوض المنافسة مع الأتراك وغيرهم من رواد قطاع صناعة الإلكترونية، لكن “نحن رغم امتلاكنا لصناعة إلكترونية قوية، عززها القطاع الخاص، إلا أننا عدنا اليوم إلى نقطة الصفر”.
كما عرّج دميش على ملف الإدماج، والذي أسال الكثير من الحبر سابقا، مؤكدا بأنه “أن نقول أنّ الصناعة الإلكترونية في الجزائر منحصرة فقط في التركيب صحيح نوعا ما، لكنه يتضمن مغالطات كذلك، لأن هناك متعاملين اقتصاديين حققوا قفزات نوعية في إطار الإدماج المحلي، ويمكننا القول بأن الإدماج تأخر إذا كنا قد حددنا مسبقا أهدافا واقعية قابلة للتحقيق، في إطار زمني محدد يمكننا لاحقا من تقييم الوضع”.
وواصل موضحا “التركيب ليس “عيبا” فالعديد من الدول كوريا الجنوبية، الصين والفيتنام، مروا عبر هذه المرحلة، لكن كانت مرحلة ضرورية لإكتساب الخبرات، لأنه ليس من السهل نقل التكنولوجيا من طرف ملاك براءات الإختراع والمنتجين الكبار، وهو نموذج نراه حيا اليوم في دولة جارة هي مصر، إذ أن قطاع الصناعات الإلكترونية بها حقق مؤخرا رقم يتجاوز 2 مليار دولار كصادرات”.
نسبة الإدماج من جهة، تبقى موضوعا قابلا للنقاش، لأن المستثمر أساسا يهمه الربح، والربح يكون عبر التنافس من أجل حصص في سوق النشاط، لذلك نسبة الإدماج يجب أن تكون “إجابة اقتصادية” وليست “إجابة سياسية”، عندما نحدد نسبة الإدماج بستين أو سبعين بالمائة والمنتوج يكون مرتفع الثمن ما يتسبب في خسارة المستثمر، أين هي في هذه الحالة الإضافة التي قدمتها نسبة الإدماج؟، نسبة الإدماج يجب أن تكون من جانب المنتج، وفق ما توحيه له المنافسة وبعد تحديد نقاط القوة والضعف التي يملكها.
لاحظنا، يقول المتحدث، أن دفتر شروط الصناعات الإلكترونية غير مطبق لحد الساعة، ما ترك المتعاملين الصناعيين في مجال الإلكترونيك في حالة ضياع تام، إذا اعتبرنا صناعة الإلكترونيك صناعة استراتيجية، وجب توفير الإمكانيات اللازمة، خاصة من ناحية دفتر الشروط وتقييم السوق، أما إذا صنفناها كصناعة غير استراتيجية وجب وضعها على جنب، لكن ذلك سيدفعنا للجوء إلى الإستيراد، لأن الطلب المحلي موجود، وسيكون بشكل أقوى في المستقبل.
تيغرسي: الرسوم المفروضة على الأجهزة المستعملة في قطاع الرقمنة “غير معقولة”
عندما نتطرق على سبيل المثال لقطاع الرقمنة في الجزائر، يجب القول أن الرسوم المفروضة غير معقولة ، لما نتحدث عن الرقمنة بينما نلاحظ مثلا أسعار الكومبيوتر كيف انتقلت من السنة الماضية إلى هذه السنة، هنا نطرح اشكالية عدم تحديد التشريعات القانونية لوجود استراتيجية في هذا القطاع أم لا، بصراحة يجب أن يكون هناك تنسيق بين قطاع الصناعة ومثلا قطاع المالية، لتحديد الرسوم الواجب تطبيقها بالنسبة للجباية.
وهنا، كمثال بسيط، نعم يجب تخفيض الواردات، ولكن بعض الواردات لما نخفضها، نخلق عقبة في سبيل تطوير ذلك المنتوج، على سبيل المثال، في وزارة التجارة مؤخرا، في إطار تحديد الإستيراد، مواد داخلة في الصناعة البلاستيكية ضرورية جدا، يعني إذا أمكن أن نخلق مؤسسات ناشئة لصناعتها، فذلك جيد، لكن إذا لم نتمكن من ذلك، نلجأ لنموذج يستعمل في عديد الدول التي لا تملك إنتاج محلي في بعض السلع، بل مجرد تركيب، لكن تركيب موجه للأسواق العالمية، يجب علينا أن نتعلم الخوض في القطاع التجاري.
سواهلية: نمتلك المؤهلات البشرية التي تسمح للجزائر بإقتحام مجال الصناعات التكنولوجية بقوة
سمعت السيد وزير الصناعة، قول سواهلية، وهو رجل إقتصاد، يتكلم حول استراتيجية احلال الواردات، وهو مصطلح دقيق اقتصاديا، ليس منع الواردات وإنما عوض أن نستورد، ننتج محليا بأداة محليا، قد تكون فيها مكونات مستوردة، لكن في الأخير نوفر منتوج محلي بنسبة ادماج مقبولة ومنطقية ومعقولة
الصناعة في الجزائر، يواصل المتحدث، لا تزال قطاع غير منظم لأن فيه أنواع، إذ أن هناك صناعات تحتاج إلى قوة رأس المال، بينما صناعات أخرى تحتاج إلى كثافة العمل، أما صناعات أخرى فهي تحتاج إلى تكنولوجيات، فيما هناك الصناعات النسيجية وغيرها من الصناعات البسيطة وفائدتها بسيطة.
بخصوص الصناعات التي تحتاج إلى تكنولوجيات، أعتقد أن الجزائر اليوم، وفي ظل الإنفتاح العالمي وفي ظل الإنفتاح التكنولوجي الذي نعيشه، وخاصة في استعمال التكنولوجيات، تمتلك من المكونات البشرية ما يمكنها من الخوض في هذه الصناعات، لكن فيها حكر كبير لبعض المنتجات التي لها ملكية صناعية، وذلك فيه إشكال كبير للجزائر، لأن الجزائر لا تملك ملكيات صناعية كثيرة، رغم امتلاكنا لمعهد للصناعة الفكرية لكن مزالت الجزائر ضعيفة مقارنة بدول أخرى، مثل ليتوانيا أو الهند أو العديد من الدول المتطورة الأخرى التي وصلت إلى درجات متقدمة في الصناعات التكنولوجية، في مجالات الإتصالات والأجهزة الإلكترونية، لكن بإمكان الجزائر على الأقل أن تصل ولو متأخرة خيرا من ألا تصل نهائيا
رابط دائم: https://mosta.cc/8w65e