بقلم: أم كلتوم جبلون
في ظل الأزمة المتفاقمة لندرة المياه نتيجة الظروف المناخية، وشحّ الأمطار الذي أثر على الجزائر مؤخرا. ما نتج عنه تذبذب في برامج التموين، أخذت الحكومة الجزائرية على عاتقها مجموعة من البدائل لتغطية حاجيات الساكنة من الماء الشروب، حيث ارتأت أن تحلية مياه البحر ستساهم بشكل فعال في تخفيض الضغط على المدن المرتبطة في التزويد بالمياه السطحية وكذا نظام تحويل المياه من السدود إضافة إلى الإستغلال الفعال للمياه الجوفية.
تعتبر الثروة المائية من الموارد الإستراتيجية في الجزائر، فالأمن المائي له دور في المسار التنموي على مستوى مختلف الأصعدة، وبالنظر للتطورات المناخية التي شهدتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة وشح الأمطار وإنخفاض نسبة السدود، بات لزاما إيجاد حلول ناجعة لأجل توفير الماء الشروب وتحقيق الإكتفاء الذاتي من حيث توفير هذه المادة الحيوية، ماعجل إدراج عديد المشاريع الخاصة بتحلية المياه بالعاصمة. فمحطات تحلية المياه بالجزائر مشاريع واعدة جائت لتعزيز القدرات المائية بالبلاد تجلت أهميتها خلال أزمة تذبذب التزويد بمياه الشرب بعد موجة الجفاف الطويلة التي شهدتها الجزائر خلال الصائفة الماضية، أين تعتبر محطة تحلية مياه البحر المتواجدة بالباخرة المحطمة ببلدية برج الكيفان مشروع محوري يهدف للقضاء على أزمة المياه بالعاصمة، و يسعى القائمون فيها على توفير مياه مطابقة للمعايير المعمول بها على مستوى المنظمة العالمية للصحة وكذا المعايير الوطنية، المحطة التي دخلت حيز الانتاج بداية شهر أفريل المنصرم، بطاقة انتاج يومية تقدر بـ 10.150 متر مكعب، بجهود المؤسسة المنجزة للمشروع “كوسيدار قنوات” التي تمكنت من وضع المحطة حيز الانتاج في فترة وجيزة بالتنسيق مع الشركة الجزائرية للطاقة وبأيادي جزائرية محضة، استطاعت أن تتحكم في تكنولوجيا عالية، وذلك تنفيذا للمخطط الاستعجالي المتضمن إنجاز ثلاث محطات لتحلية مياه البحر لمواجهة أزمة شح المياه في العاصمة.
مشاريع واعدة لتحقيق الأمن المائي في الجزائر
أعلن مجمع سوناطراك عن إطلاق مشاريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر بثلاث ولايات هي: بومرداس، بجاية والطارف لحل مشكل شح المياه السطحية بهذه الولايات، حيث شرعت الشركة الجزائرية للطاقة، فرع مجمع سوناطراك، بافتتاح الورشات تحضيرا لانطلاق إنجاز ثلاث محطات تحلية مياه البحر بكل من ولاية بومرداس، بجاية والطارف.
وتندرج هذه المشاريع المسند انجازها لمجمع سوناطراك ضمن تنفيذ البرنامج التكميلي للمخطط الاستعجالي للسلطات العمومية لسنة 2021، المقرر لإنجاز خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر بطاقة انتاج 300 ألف متر مكعب يوميا لكل محطة تستفيد منها خمس ولايات و هي وهران (الرأس الأبيض)، بجاية (تيغرمت-توجة) ، بومرداس (رأس جنات)، تيبازة (فوكة 2) و الطارف (كودية الدراوش).
و يشرف على إنجاز هذه المشاريع الاستراتيجية الحيوية للبلاد، فروع مجمع سوناطراك على رأسها الشركة الجزائرية للطاقة مدعومة بالشركة الوطنية للهندسة المدنية والبناء، المؤسسة الوطنية للقنوات، المؤسسة العمومية للأشغال البترولية الكبرى وكذا الشركة الجزائرية لإنجاز المشاريع الصناعية، وهذه المحطات ستعمل على المساهمة في التزويد بالماء الشروب وحل مشكل شح المياه السطحية بهذه الولايات.
وفيما يتعلق بمشروع انجاز محطة أخرى ببلدية المرسى، التي تقدر طاقتها الانتاجية بـ 60.000 متر مكعب في اليوم.
أشاد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب في تصريحات سابقة بوتيرة الانجاز بهذا المشروع، الذي تشرف عليه مؤسسة “كوسيدار قنوات”، متمنيا أن توضع هذه المحطة حيز الانتاج حسب الآجال المبرمجة، وأشار الوزير إلى أنه مع دخول حيز الخدمة نهاية السنة الجارية محطة تحلية المياه بقروصو بولاية بومرداس بقوة انتاج يومية تقدر بـ 80.000 متر مكعب، والتي هي حاليا في طور الانجاز من طرف الشركة الوطنية للهندسة المدنية والبناء التابعة لمجمع “سوناطراك”، ستصل كمية الانتاج اليومي للمحطات الثلاث 150.000 متر مكعب، وهي مشاريع مبرمجة لهذه السنة.
ومن جهته، أبرز وزير الموارد المائية والأمن المائي كريم حسني، أن الأمن المائي في الجزائر يمر عبر تحلية مياه البحر، مشيرا إلى أنه مع دخول حيز الخدمة لمحطتي المرسى وقورصو، ستتجاوز نسبة تحلية مياه البحر من الانتاج الكلي للمياه الصالحة للشرب بالجزائر العاصمة 60 في المائة، وأضاف حسني أن مع هذه المحطات الثلاث ستكتفي ولاية الجزائر بالتموين من سدي قدارة والدويرة، وستستغني عن سدود تاقسبت (تيزي وزو) وكودية أسردون (بويرة) وغريب (عين الدفلى)، ليتم تحويل مياه هذه السدود إلى ولايات أخرى
هكذا تتم عملية تحلية مياه البحر
من البحر إلى الصنبور، مياه عذبة تصل الحنفيات بعد عملية تحليتها التي تمر عبر مراحل بدء من إستخراج مياه البحار، مرورا بمحطة التحلية ثم وصولا إلى المعالجة النهائية، حيث يتم بواسطة تقنيات خاصة التخلص من المواد العالقة بالمياه كالأتربة والحجارة والحشائش ناهيك عن كائنات حية دقيقة، كل ذلك يتم عن طريق مصافي كبيرة الحجم مخصصة لهذا الغرض، أين تقوم المضخة بإرسال المياه وضخها بإتجاه المحطة فيما بعد تتم عملية المعالجة و إزالة المياه المالحة، حيث تنقسم عملية تحلية مياه البحر إلى ثلاث مراحل أهمها إزالة الأملاح و المواد الغير قابلة للذوبان ، والفيروسات والمواد العالقة في المياه المصفاة، ناهيك عن إزالة المواد العضوية التي تتم عن طريق الأغشية، فيما يتم عرضها على المراقبة المخبرية من خلال إضافة بعض المواد الكيميائية و الأملاح لجعل المياه صالحة للإستهلاك .
الخبير الإقتصادي إسحاق خرشي
أحيي الذكاء السياسي و الاقتصادي لرئيس الجمهورية في الإنتقال من التبعية للسدود لتحلية مياه البحر
كشف الخبير الإقتصادي إسحاق خرشي في تصريحات إعلامية أن الدولة حاليا تقوم بإستثمار خاص يتمثل في إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، يضيف خرشي أن السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان قد تحدث حول هذه الأخيرة والتي أكد أنها ستكون بكفاءات وسواعد جزائرية وهذا من خلال الدرع الإقتصادي “سوناطراك” الممثل بالشركة الوطنية للطاقة ، كما حي المعني الذكاء الإقتصادي و الإستراتيجي لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في الإنتقال من التبعية لنسبة إمتلاء السدود نحو سياسة أكثر ضمان والمتمثلة في تحلية مياه البحر للخروج من التبعية لنسبة إمتلاء السدود خاصة و أن هناك تهديدا نظرا لمشكل الجفاف الذي يعود كل سنة ونقص وشح المياه، و أكد المعني أن الجزائر الآن تتجه نحو إستراتيجية أكثر أمانا خاصة مع وجود محطة أخرى ستدخل حيز الإستغلال ما سيساهم في توفير مناصب عمل وتشجيع قطاعات أخرى مثل الفلاحة ما من شأنه تدعيم العديد من القطاعات على غرار الصناعة.
أحمد الحيدوسي الخبير الاقتصادي لـ “المستثمر”
مشاريع محطات تحلية مياه البحر أنجع من مشاريع إنجاز السدود
كشف أحمد الحيدوسي الخبير الاقتصادي أن التوجه لإنجاز محطات تحلية البحر في الجزائر كانت خيار وضرورة إتجهت إليها الحكومة بسبب شح الموارد المائية و تراجع نسبة تساقط الأمطار في السنوات الأخيرة.
يضيف الحيدوسي أن الجزائر كما نعلم تعتبر منطقة جافة بالجنوب وشبه جافة في بعض المناطق وتحتاج الى كميات كبيرة من المياه من اجل تزويد الساكنة بمياه الشرب و سقي الأراضي الزراعية خاصة وانها تعول على الرفع من قدراتها في الإنتاج الزراعي.
ناهيك عن الجانب الصناعي الذي يحتاج بدوره لتموين المنشآت الصناعية و المؤسسات الصناعية من الموارد المائية على غرار ماحدث لمصنع الحجار خلال السنوات الماضية، حيث إضطرت الحكومة للتدخل و اجتمع مجلس الوزراء لايجاد حل لمركب الحجار الذي توقف في السنوات الماضية بسبب شح ونذرة الموارد المائية.
لذلك – حسبه- وجب الاتجاه نحو هذا الخيار المتمثل في تحلية مياه البحر فعند عمل مقاربة حسابية بين تكلفة انجاز سد وتكلفة انجاز محطة تحلية مياه البحر ورغم كل الاختلافات بين وجهات نظر الخبراء الاقتصاديين هناك من يرى انه من الناحية الاقتصادية انجاز محطة تحلية البحر احسن و أنجع إقتصاديا كما ان هناك من يرى ان العكس تماما، فالسد رغم تكلفته المرتفعة الا انه من الناحية الاقتصادية انجع وبين هذين الطرفين المتباينين لوجهات النظر يبقى خيار الاتجاه نحو تحلية مياه البحر خيار مهم جدا.
خاصة ان الجزائر تحتاج لكميات مياه كبيرة و اليوم الجزائر تعول على البعد الاستراتيجي من اجل ان تصل لـ 100 الى 150 كيلومتر عن الشريط الساحلي واليوم عدد البلديات الساحلية تقريبا اكثر من 400 بلدية ساحلية يمكن تزويدها بنسبة 100 بالمئة من مياه الشرب.
رابط دائم: https://mosta.cc/1chjs