بقلم ندى عبروس
عرفت القدرة الشرائية للمواطنين ، في السنوات الماضية تراجع كبير بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع جراء عدة عوامل أبرزها تغيرات السوق العالمية، و هذا ما دعا الخبراء الاقتصاديين إلى المطالبة بإنتهاج سياسات واضحة لحماية الفئة ذات الدخل المتوسط و الضعيف .
كما طالب الخبراء بإستحداث هيئة خاصة تعمل على دراسة دقيقة للوضع الاقتصادي و سياسة الاجور والأسعار، و التي من شأنها الخروج بآليات تسمح بتجسيد توجيه الدعم لمستحقيه.
وقد أكد الخبراء على أهمية تبني نظام معلوماتي فعال من اجل تحديد الفئات المعنية و المؤهلة لهذا الدعم بكل شفافية .
و في هذا الصدد، استقرت السلطات الوصية على خيار تنصيب لجنة سياسية إجتماعية وطنية من أجل مراجعة آليات الدعم الاجتماعي ، و الانتقال من الدعم المعمم ، وهي السياسة التي استغلها رجال المال من أجل تحقيق ثروات طائلة في فترة سابقة، ما سبب عبئا كبيرا على الخزينة العمومية والمواطن على حد سواء، إلى توجه لمراجعة آليات الاستفادة من أموال الدعم الاجتماعي ، وتحديد الفئات المعنية بالاستفادة منه .
و ستضمن هذه اللجنة في تشكيلتها إشراك أعضاء من المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة ، بالإضافة إلى ممثلي أحزاب سياسية و نقابات و كذا الناشطين في المجتمع المدني، من أجل الخروج بقرارات توجيه الدعم التي أنهكت الخزينة العمومية لسنوات .
حيث سيترأس المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالملف بالسياسي ياسين ولد موسى لجنة مراجعة الدعم الإجتماعي، و التي ستضم نحو 140 عضو ، وستمثل الأحزاب السياسية داخل هذه اللجنة بعضو واحد ، إلى جانب نائبين بالمجلس الشعبي الوطني وعضوين من مجلس الأمة .
و يأتي تنصيب هذه اللجنة السياسية تطبيقا لقرار رئيس الجمهورية ، السيد عبد المجيد تبون و الذي أعلن عنه خلال لقائه مع الصحافة الوطنية ، و الذي يقضي بإنشاء لجنة وطنية بالتنسيق مع أعضاء من غرفتي البرلمان و أحزاب سياسية و كذا نقابات، أواخر شهر ماي من السنة الجارية ، وإشراكهم في مراجعة آليات دعم الدولة للمواد الأساسية ، بهدف توجيهه إلى الطبقات الهشة و الطبقات ذات الدخل المتوسط .
وفي ذات السياق ، كان رئيس الجمهورية ،السيد عبد المجيد تبون، قد أكد خلال لقائه الإعلامي، أن عهد دعم الأسعار، والذي ذهب لفائدة من لا يستحقه، قد انتهى، لكن دون المساس بمبدأ الدولة المجتمعية، لأنه من مبادئ الجزائر المستقلة، مشيرا إلى أن قانون المالية لسنة 2022، قد تضمن مراجعة صيغة الدعم في المادة 187 والتي أثارت جدلا واسعا .
إذ تنص هذه المادة على وضع جهاز وطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة، بينما يُطبق هذا الجهاز عقب مراجعة وتعديل أسعار المنتوجات المدعمة والذي يتجسد في تحويلات نقدية مباشرة لصالح الأسر المؤهلة، حيث ترصد الاعتمادات المخصصة في إطار الجهاز الوطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة.
نواب غرفتي البرلمان و أحزاب سياسية يرحبون بدعوتهم للمشاركة في لجنة مراجعة الدعم
و من جهة أخرى ، فقد رحب نواب البرلمان لغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة، بقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المتمثل في دعوتهم للمشاركة في اللجنة الوطنية لمراجعة الدعم الاجتماعي تماشيا مع مخطط عمل الحكومة ،خاصة و أنها ليست المرة الأولى التي يُشرك فيها رئيس الجمهورية ، الطبقات السياسية و مختلف الفاعلين في المجتمع المدني ، من أجل وضع قرارات مهمة تخص المجتمع و البلاد .
مشيرين إلى أن المسعى الأساسي الذي تهدف إليه هذه اللجنة هو الانتقال مما كان يعرف بالدعم الشامل إلى الدعم الموجه للفئات التي تستحقه ، و القضاء على الفساد الذي أنهك الإقتصاد الوطني .
حيث أكد النائب البرلماني ، السيد هشام بوشمال ، في تصريح صحفي ، على ضرورة مساهمة جميع القطاعات و مد يد العون للجنة الوطنية لمراجعة الدعم الإجتماعي ، من أجل التجسيد الفعلي لهذا المشروع .
ضرورة تحيين بطاقة دعم رقمية تحدد الفئات المعنية

و في السياق أخر ، أوضح النائب البرلماني ، السيد سالم زنطار ، في تصريح صحفي ، أنه كانت هناك توصيات من قبل اللجنة المالية ، خلال دراسة ميزانية مشروع قانون المالية لسنة 2022 ، و المتمثلة في تحيين البطاقة الوطنية ، من أجل معرفة و تحديد الفئة المعنية التي تستحق هذا الدعم و التي لا يحق لها الاستفادة منه .
وقد أضاف النائب سالم زنطار، بخصوص بطاقة الدعم ، أنه من الضروري أن يكون هناك إحصائيات و بيانات دقيقة، و لن يتم هذا إلا من خلال تطبيق بطاقة رقمية ، حتى تكون هناك فاعلية في إحصاء جميع شرائح المجتمع المعنية بهذا الدعم .
النائب أحمد صادوق : هذه اللجنة أمام مسؤولية تاريخية لتصحيح سياسة الدعم

و من جهة اخرى ، ثمن النائب البرلماني و قيادي في حركة مجتمع السلم ، السيد أحمد صادوق ، في تصريح صحفي ، قرار رئيس الجمهورية بإشراك الأحزاب السياسية في اللجنة الوطنية لمراجعة الدعم الإجتماعي، والتي ستكون جامعة لجميع التيارات في الجزائر من أجل ضبط الدعم الغير الممنهج و الغير المستهدف للفئات المعنية به .
و أضاف النائب أحمد صادوق ، على أن هذه اللجنة و بعد تنصيبها هي أمام مسؤولية تاريخية لتصحيح سياسة الدعم .
نبيل جمعة : إعادة توجيه الدعم الاجتماعي إلى مستحقيه سيوفر مبالغ ضخمة للخزينة العمومية .
و بخصوص الأموال التي تكبدتها خزينة الدولة ،فقد أوضح الخبير الاقتصادي ، السيد نبيل جمعة ، في تصريح صحفي ، أن الدعم الاجتماعي بصيغته الحالية يكلّف الخزينة العمومية ما مقداره 18 مليار دولار ، إلا أنه لا يوجه إلى مستحقيه الفعليين ، مشيرا إلى أن غالبية المستفيدين منه هم من أصحاب الثروة أو لوبيات التهريب التي تنشط مع دول الجوار، و المستفيدة من فارق الفائدة بين أسعار المواد المدعمة بالجزائر ونظيرتها على الحدود.
و في السياق ذاته ، أكد الخبير الإقتصادي على ان إعادة توجيه الدعم الاجتماعي إلى مستحقيه من الفئة الهشة من شأنه توفير مبالغ ضخمة للخزينة العمومية .
وبشأن آليات توجيه الدعم لمستحقيه من الفئات ضعيفة الدخل ، يرى نبيل جمعة أنه من الضروري تعميم الرقمنة بشكل كلي واستغلال بيانات وزارة العمل والضمان الاجتماعي والوظيفة العمومية إلى جانب وزارة الداخلية التي تحوز ملفات وهويات كل الجزائريين، ويتم تأسيس قاعدة تعتمد على مرتبات المواطنين وتوجيه الدعم للرواتب مباشرة إذا تعلق الأمر بالمواد الأساسية أو عن طريق منح بطاقة لاستغلال الوقود أو إدراجه مع الرواتب أيضا.

رابط دائم: https://mosta.cc/xv46y