بقلم محمد الصالح براهمي
ترأس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، الخميس 19 ماي 2022، اجتماعا خاصا لمجلس الوزراء تناول بالدراسة والمناقشة مشروع القانون الجديد للاستثمار، و الذي عرضه السيد وزير الصناعة.
تدابير جوهرية لتحسين مناخ الإستثمار وتحرير روح المبادرة
وتضمن المشروع، وفق ما أورده نص بيان إجتماع مجلس الوزراء، جملة من التدابير الرامية إلى تجسيد التزامات السيد رئيس الجمهورية والمتعلقة بتحسين مناخ الاستثمار وتوفير الظروف المناسبة لتحرير روح المبادرة وتنويع الاقتصاد الوطني ضمن رؤية شاملة ومستقرة
وهي الإجراءات التي تراعي، وفق ذات المصدر، عدة نقاط أبرزها تكريس مبادئ حرية الاستثمار والشفافية والمساواة، تماشيا مع أحكام دستور 2020، وكذلك إعادة تنظيم الإطار المؤسساتي المتعلق بالاستثمار.
النقطة الأخيرة ستتحقق عبر تركيز مهام المجلس الوطني للاستثمار على اقتراح السياسة الوطنية في مجال الاستثمار وتنسيقها وتقييم تنفيذها، وتحويل الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
وذلك بمنحها دور المروج والمرافق للاستثمارات من خلال استحداث شباك وحيد ذي اختصاص وطني للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، استحداث شبابيك وحيدة، غير ممركزة للاستثمار المحلي، وتعزيز صلاحياتها من خلال تأهيل ممثلي الهيئات والإدارات العمومية لديها.
بالإضافة إلى محاربة البيروقراطية عبر رقمنة الإجراءات المتصلة بعملية الاستثمار عن طريق استحداث المنصة الرقمية للمستثمر، التسليم الفوري لشهادة تسجيل المشروع الاستثماري، توسيع نطاق ضمان تحويل المبالغ المستثمرة والعائدات الناجمة عنها إلى المستثمرين غير المقيمين.
وكذلك استحداث أنظمة تحفيزية للاستثمار في القطاعات ذات الأولوية والمناطق التي توليها الدولة اهتماما خاصا من أجل ضمان توجيه أفضل للمزايا الممنوحة للاستثمار.
الرئيس مرتاح.. وإدراج مقترحات لتكريس مبدأ حرية الإستثمار
إثر عرض مشروع القانون، أبدى السيد رئيس الجمهورية ارتياحه للصيغة الجديدة التي صادق عليها مجلس الوزراء، بعد إدراج الملاحظات والمقترحات المثارة خلال النقاش والمتمثلة أساسا في تعزيز الضمانات المتعلقة بتكريس مبدأ حرية الاستثمار.
بالإضافة إلى تعزيز النظام القانوني لحماية المستثمرين من التعسفات البيروقراطية عبر استحداث آلية مستقلة رفيعة المستوى تضم قضاة وخبراء اقتصاديين وماليين، توضع لدى رئاسة الجمهورية وتتولى الفصل في الشكاوى والطعون المقدمة من قبل المستثمرين.
كما تقرر وضع الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تحت سلطة السيد الوزير الأول وإلحاق ممثلي مختلف القطاعات المعينين لدى الشبابيك الوحيدة بالوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار مع منحهم صلاحية اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالاستثمار.
وكذلك التخلي عن مظاهر التسلط والسيطرة في معالجة ملفات المستثمرين وتقليص آجال دراستها إلى أقل من شهر مع اعتماد المعايير الدولية في استقطاب الاستثمارات بالتركيز على السرعة والنجاعة والديمومة، ودعم الاستثمارات التي تساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وتعتمد على المواد الأولية المحلية.
بالإضافة إلى تسليط أقصى العقوبات على كل من يعرقل، بشكل أو بآخر، عمليات الاستثمار مهما كان مركزه وطبيعة مسؤوليته.
الرئيس يوجه تعليمات بخصوص العقار الصناعي
كما كلف السيد رئيس الجمهورية الحكومة باستكمال النصوص المتعلقة بمختلف الوكالات المكلفة بالعقار مع إنهاء عملية حصر الأوعية العقارية المتاحة أو غير المستغلة لضمان وضعها تحت تصرف المستثمرين بشكل شفاف وعقلاني.
منظمات أرباب العمل ترحب
سويعات بعد صدور بيان مجلس الوزراء، وتفصيله في الخطوط العريضة لمشروع قانون الإستثمار وما سيقدمه للمستثمرين، أصدرت منظمات أرباب العمل ردودها، والتي كانت إيجابية، لكون المشروع يستجيب لتوصيات سبق تقديمها من طرفهم.

من جهتها، ثمّنت الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين اعتماد وتبني مشروع القانون المتعلق بالاستثمار من طرف مجلس الوزراء في اجتماعه الخميس 19 ماي 2022.
واعتبرت الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين، أن مشروع القانون المتعلق بالاستثمار، محوري وهام جدا في الحياة الاقتصادية للبلاد، وكل المتعاملين والفواعل الاقتصادية الوطنيين والأجانب، كانوا يرتقبون بأمل كبير إصداره، لكونه يعدّ بمثابة عربون ثقة للمستثمرين ومتغيرا أساسيا ومفتاح ضمان نجاح مسار الإنعاش الاقتصادي. اقتصاد وطني نريده متنوعا ومتحررا من كل القيود والعراقيل الإدارية.
بالفعل، بالنسبة للكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين، لا يمكن تحقيق هدف تحويل اقتصادنا، الذي يعتمد هيكليا على الموارد الطبيعية غير متجددة وعائدات المحروقات، إلى إقتصاد يولّد الثروة والقيمة المضافة ويتخلص نهائيا من الريع، دون تدابير حقيقية وملموسة تكون في خدمة النمو والتنمية.
وأكدت الكونفدرالية أنه وحدها التدابير التشريعية والتنظيمية المستقرة، التي تتميز بالشفافية والجاذبية التي تسّهل عملية الاستثمار، من شأنها أن تضمن مناخا للأعمال مناسبا وجذابا لاستحداث المؤسسات الاقتصادية، التنمية واستحداث مناصب الشغل ويشجع المستثمرين للمخاطرة.
كما أشارت إلى أنها تعلق آمالا كبيرة على الإطار التنظيمي والقانوني الذي سينظم الاستثمار ويؤطره، لكونها ملتزمة ومجنّدة في مسار التنمية الاقتصادية الوطنية، من أجل ضمان تسريع القضاء النهائي على العراقيل الإدارية وثقلها، التي تشكل فعلا عائقا وعبئ على الاستثمار، لاستعادة الثقة وسط المتعاملين الاقتصادين بفصل التطهير الشامل والعميق لمناخ الأعمال ليكون في خدمة المستثمر والمؤسسة والاقتصاد الوطني.
أما مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، فقد أشاد كذلك بتبني مشروع قانون ترقية الاستثمارات إثر الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء.
كما رحب المجلس بروح المشاورات مع الشركاء الاقتصاديين التي سادت أثناء تحرير هذا القانون، والتي سمحت بإثراء النص القانوني و مراعاة الحقائق الميدانية و التي تساهم في استرجاع ثقة بين المستثمرين.
كما أشار مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، في بيان عقب صدور بيان مجلس الوزراء، إلى نقطة أشاد بها، وهي الأخذ بعين الاعتبار لبعض المقترحات، خلافا للممارسات السابقة، وهذا يشكل دافعا اضافيا لمنخرطيه للمواصلة في آداء دور محاور موثوق وبناء لفائدة الاقتصاد الوطني.
وشدد المجلس أنه يقين من أن دخول هذا القانون الجديد حيز التنفيذ على أرض الواقع بالشكل المرتقب، سيسمح من جذب استثمارات كبيرة و خلق قيمة مضافة ومناصب عمل لمواطنينا.
من جهتها، أعربت الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية عن “ارتياحها الكبير” بعد المصادقة على مشروع القانون الجديد المتعلق بالاستثمار من طرف مجلس الوزراء, معتبرة أنه “سيغرس ديناميكية جديدة”.
وأبرزت الكونفدرالية، في بيان صحفي، أن “هذا القانون الذي طال انتظاره، والذي كان موضع اهتمام خاص من قبل رئيس الجمهورية، هو علامة قوية على رغبته في جعل عام 2022 عام الانتعاش الاقتصادي بامتياز, لاشك أنه يغرس ديناميكية جديدة ويعطي المزيد من الثقة للمتعاملين الاقتصاديين وسيعزز بشكل كبير الاستثمار الوطني والأجنبي”.
وأضافت الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية أنها “تتطلع بحماس كبير لاعتماده وتنفيذه في أقرب وقت ممكن من أجل النمو المستدام والشامل وتعزيز السيادة الاقتصادية للبلاد”.

الباحث الجزائري المغترب مراد ملاح يفصل في “نقاط النور” لمشروع قانون الإستثمار
من جهته أكد الباحث الجزائري المغترب فيس قطر مراد ملاح، في تصريحات إعلامية، على أهمية عديد النقاط الواردة في بيان مجلس الوزراء حول مشروع قانون الإستثمار
ووفق ملاح، فإن “ما يستدعي التوقف عنده هو أن الرجل الأول في البلاد هو من يتولى ملف قانون الإستثمار، والدليل على ذلك رئاسته لعديد مجالس الوزراء التي درست القانون، وهذه ربما سابقة في مقاربة تعامل صانع القرار في الجزائر مع ملف الإستثمار، هذه جزئية مهمة جدا في اعتقادي لأنها تؤسس لما بعدها”.
ثانيا، يواصل الباحث الجزائري، بلا شكل أن ترقية مهام المجلس الوطني للإستثمار، وتحويله إلى السلطة المباشرة لدولة الوزير الأول يحمل من الدلالات أن المجال لم يعد مجال تقبل العثرات السابقة، لأن ما يحدث اليوم من حضور اقتصادي ملفت، وزيارات دبلوماسية مكوكية قام بها السيد الرئيس مع الوفد المرافق له من وزارات متعددة من تخصصات متعددة إنما يؤسس في اعتقادي لعهد اقتصادي جديد.
من الواضح تماما أن القانون استدرك بعض المؤاخذات السابقة، وأدلل على ذلك عندما تحدث مثلا عن جزئية تحويل الأموال، إعطاء وصل تسليم فوري، تقليص مدة معالجة الطلبات، واستقرار التشريعات وغيرها، للأمانة هذه براغماتية رائعة نرجوها ناجعة، وهي تؤسس لمآلات نرجوها طيبة للإقتصاد الوطني، لم نعهدها في النصوص السابقة التي تنظم وتضبط الإستثمار في الجزائر، وفق تأكيد ذات المتحدث
ثانيا، ثمت ملمح ثاني يجب أن يسترعي انتباهنا وهو استحضار مقاربة التنمية المتوازنة، الجهوية والإقليمية، أولا من خلال مراعاة خصوصيات كل منطقة من الجزائر، وأيضا أولويات الإقتصاد الوطني، عندما تحدث البيان عن استحداث أنظمة تحفيزية
كملمح ثالث مهم جداهو قطع الطريق على المركزية غير الفعالة، عانينا لسنوات في الجزائر من مركزية قاطعة، لكن القانون قطع الطريق تماما من خلال استحداث شبابيك غير مركزية بصلاحيات موسعة
الملمح الرابع هو اعادة الإعتبار للإطار المؤسساتي،من خلال ترقية الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، يختم الخبير الجزائري الشاب.
الخبير الإقتصادي عبد القادر سليماني: قانون الاستثمار الجديد عالمي علمي و عملي
من جهته، أكد الخبير الإقتصادي عبد القادر سليماني، في تصريحات إعلامية، أن مشروع قانون الإستثمار الجديد، وبلغة إقتصادية بحتة، قانون عالمي علمي وعملي محترف، لأننا نشاهد أن ما تقوله الهيئات الدولية التي تعنى بمناخ الإستثمار ومناخ الأعمال ومؤشرات مختلف الهيئات العالمية كالبنك الدولي، موجودة في قانون الإستثمار الجديد بحذافيرها.
يعني كل هذا من اجل تبديد كل معرقلات الإستثمار، خصوصا الإستثمار الأجنبي، وتعزيز البيئة الإستثمارية والبيئة الإقتصادية. وذلك، وفق ذات المتحدث، بطرح قوانين، أو هي عبارة عن سياسيات، إقتصادية تحمي الجميع، تحمي المستثمرين الجزائريين، المستثمرين الأجانب، تعطي حرية أكبر لحركة رؤوس الأموال، وهو الشرط الأساسي لجذب واستقطاب الإستثمارات الأجنبية.
والسيد رئيس الجمهورية، يقول سليماني، كان صارم في تعزيز هذه القوانين بإجراءات قانونية بحتة، يعني كل من تسوّل نفسه أن يقف اليوم أمام الإقلاع الإقتصادي، والذي هو خيار من الدولة الجزائرية، سيتم التعامل معه بالعصا القانونية.
هو كذلك آليات أخرى كذلك، هناك الرقمنة، منها اللامركزية في إتخاذ قرار الفعل الإستثماري، خصوصا على المستوى المحلي، يوضح سليماني.
ليؤكد أن كل هذه العوامل يكرّس الإقلاع الإقتصادي، وتؤكد وجوده فعليا على أرض الواقع.
عبد القادر بريش: قانون الاستثمار الجديد سيكون بمثابة القاطرة التي تقود معها اصلاحات تشريعية وتنظيمية
من جهته، أكد عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، الدكتور عبد القادر بريش، في تصريحات لـ”المستثمر” أن “بيان مجلس الوزراء جاء فيه ان مشروع قانون الاستثمار اعطى ضمانات كافية وقوية للمستثمرين الاجانب من خلال تحديد مدة وجيزة للرد عن ملفات الاستثمار ووجود جهاز وحيد وشباك موحد مركزي لدراسة المشاريع الاستثمارية وتحديد اجال زمنية محددة بشهرين”.
بالاضافة الى، يقول الخبير الإقتصادي، منح ضمانات ومرونة اكثر في التعامل مع تحويل رأس المال بالنسبة للمستثمرين الاجانب وبعدها في مرحلة لاحقة تسهيلات فيما يخص تحويل الارباح
وهذا يتطلب ان يصعب مشروع قاتون الاستثمار اجراءا تعديلات في قانون النقد والقرض وادخال مرونة اكثر فينما يخص مراقبة تخويلات الاموال من والى الخارج ومرونة اكثر في حركة الرساميل الاجنبية، وادخال ايضا على الجوانب المتعلقة بالتحكيم والتقاضي والمنازعات
وعليه، يقول ذات المتحدث، يمكننا القول ان قانون الاستثمار الجديد سيكون بمثابة القاطرة التي تقود معها اصلاحات تشريعية وتنظيمية في عدة قوانين ومراسيم تنظيمية لتتواكب مع الروئية الجديدة والمقاربة الجديدة التي تضمنها قانون الاستثمار الجديد.
رابط دائم: https://mosta.cc/kpmaq