يعلم القاصي والداني أن الرئيس تبون، ومنذ توليه رئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية كان واضحا فيما يخص السياسة الخارجية للجزائر، والتي بناها على التقاليد العريقة المؤسسة من طرف الزعيم الراحل هواري بومدين، والمتمثلة في وقوف الجزائر إلى جانب الشعوب المضطهدة والقضايا الحقة، وعلى رأسها القضيتين الفلسطينية والصحراوية.
وهو ما أوضحه الرئيس تبون في تصريحات سابقة، وسط موجة الهرولة نحو التطبيع، اين أكد بلهجة حازمة ونهائية أن الجزائر لن تشارك في “الهرولة نحو التطبيع” مهما كان ومهما تدخلت جهات أو استغلت ظروفا أو تطورات.
هذا الموقف المشرف للرئيس تبون وللجزائر لم يعجب من وقعوا في فخ التطبيع، فتم شن عديد الحملات التي استهدفت الجزائر وشخص الرئيس تبون من عدة جهات مطبعة، سواء في الجوار أو في البعد الإقليمي العربي.
ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، فبقيت الجزائر صامدة على موقفها، رافضة لمساومات ووعيد الكيان الصهيوني وحلفائه في كل مناسبة وحين، لتخرج في كل مرة أبواق مرتزقة محسوبة على جهات تطبيعية محاولة النيل من شخص الرئيس تبون أو من موقف الجزائر.
“التكالب” الحاصل ضد الجزائر بلغ أشده في الأشهر الأخيرة، خاصة منذ شروع الجزائر في تبوء مقعدها المؤقت داخل مجلس الأمن الدولي، ومرورها دون مقدمات للعمل المكثف والحثيث لمد القضية الفلسطينية بكل الدعم الممكن، وفرض الاهتمام بها سواء داخل مجلس الأمن أو في اللجنة العامة للأمم المتحدة، ما تكلل مؤخرا بتمرير توصية من اللجنة العامة لمجلس الأمن بقبول عضوية دولة فلسطين الكاملة داخل الأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تبنت الجزائر في تعاملاتها الدولية موقفا حياديا في مختلف الخلافات بين الدول ورفضت المساومة على صداقتها مع عدة دول من بينها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو ما لم يرق لبعض الدول التي تعادي الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأسباب خاصة بها.
موقف الجزائر من القضيتين الفلسطينية والصحراوية، ورفضها المساومة في صداقاتها الدولية، جعل جهات محسوبة على المخزن المغربي وكذلك على دولة الامارات تنشط خلايا الذباب الالكتروني التابعة لها عبر منصات التواصل الاجتماعي وكذلك بعض وسائل الاعلام المحسوبة على الجهتين المذكورتين من أجل سب والإساءة للجزائر كدولة ولرئيسها وجيشها وهي مؤسسات سيادية تعتبر حصن الأمة الجزائرية.
ولوحظ اليوم الاثنين، سويعات بعد “حادثة” مقتل الرئيس الإيراني رئيسي إثر “سقوط” مروحيته قرب أذربيجان، تهديد مدونين محسوبين على دولة الامارات بشكل علني للرئيس تبون، وتبنيهم ضمنيا عملية “اغتيال” الرئيس الإيراني، أذ لم يتوانوا في نشر صور الرئيسين مع عبارات مثل “الدور القادم على تبون”.
ولكن ما غفل عنه هؤلاء “الذبابات الالكترونية” هو أن تغريداتهم تورط الدولة التي يدعون الانتماء لها في جريمة اغتيال رئيس دولة أخرى، بالإضافة إلى تهديد رئيس دولة محورية كـ”الجزائر”، وهو ما من شأنه أن يجلب ويلات على الدولة التي ينتمون لها، ويضعف موقفها سواء على المستوى الإقليمي العربي أو الدولي حتى.
رابط دائم: https://mosta.cc/qm9dq