بقلم: مريم علواش
يواجه العالم في الوقت الحالي أزمة متصاعدة في توفير أشباه الموصلات وبالتالي الرقائق الإلكترونية والتي تعتبر الدماغ المشغل لكل الأجهزة الإلكترونية والمكون الرئيسي للهواتف الذكية و اللوحات الرقمية التي غزت العالم , وكذا السيارات الالكترونية الحديثة , خاصة في العقد الاخير أصبحت من أهم المكونات التي تساعد في تعدين العملات المشفرة.
فما هي الأسباب التي أدت الى تفاقم أزمة انتاج الشرائح الإلكترونية, وما هي عواقبها على الصناعة التكنولوجية الحديثة . وعلى الاقتصاد العالمي ككل.
أسباب نقص الرقائق الالكترونية وكيف تسببت في أزمة تكنولوجية خانقة
بدأت أزمة سوق الشرائح الإلكترونية في العالم بسبب الضغط الشديد الذي سببته الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وذلك عن طرق ازدياد الطلب عليها ، خاصة مع ظهور الجيل الخامس، وما زاد الوضع تفاقما هو منع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من التجارة في الرقائق المصنوعة من تايوان إلى الصين.
كما توقف مصنع تكساس بسبب تساقط الثلوج، ومصنع في اليابان، بسبب حريق نشب به ورافق ذلك ازدياد كلفة الشحن عالمياً بنسبة 10 أضعاف.
وجاء طلب أمريكا بنقل مصنع تايوان إلى ولاية أريزونا، تحسباً لإجتياح الصين لجزيرة تايوان ووضع يدها على هذا المصنع الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة اعتماداً كبيراً.
وما زاد تفاقم الأزمة ظهور جائحة كورونا, و التي أثرت على العالم في كل الميادين ,أين فرض على العالم حجرا صحيا شاملا و بدأ الأشخاص العالقون في منازلهم بشراء الأجهزة الإلكترونية في جميع انحاء العالم , خاصة عندما انتشر نظام العمل عن بعد, وعمل المحجورين في البيوت على تزويد أطفالهم ب لوحات رقمية وأجهزة تلفزيونية ضخمة و ما إلى ذلك من الهواتف الذكية لجعل الحياة أكثر متعة , ومحاولة الخروج من السجن الذي فرضته كورونا على العالم , خاصة بعد أن طال زمن الوباء . بالإضافة إلى ظهور الحرب الأوكرانية التي أثرت بشكل أو بأخر في هذه المشكلة
تصنيع السيارات الإلكترونية تشهد مشاكلا بسبب أزمة نقص الرقائق الإلكترونية حتى 2022
أثرت أزمة الشرائح الإلكترونية على منتجي السيارات حول العالم، والذين قاموا . في وقت سابق , بالتحذير من استمرار هذه الأزمة حتى نهاية 2022.
كما حذرت مجموعة ستيلانتيس الدولية لصناعة السيارات والتي تضم كلًا من سيارات “فيات كرايسلر الإيطالية الأميركية” لصناعة السيارات و”بيجو ستروين الفرنسية” من اشتداد حدة نقص إمدادات الرقائق الإلكترونية المستخدمة في صناعة السيارات، من تراجع إنتاج الرقائق الالكترونية بنسبة 11 بالمائة %.
وبحسب بيان نتائج ستيلانتيس، فإنه من المتوقع ان يستمر تراجع إمدادات الرقائق الإلكترونية خلال الربع الثاني من هذا العام ، إلى حين ظهور أي مؤشرات جديدة تنبؤ بتحسّن الموقف خلال النصف الثاني من العام ذاته . .
في الوقت ذاته، حذّر المدير المالي لمجموعة “ريتشارد بالمر” من استمرار تأثيرات هذه الأزمة خلال 2022..
ونقلت وكالة بلومبرغ، شهر ماي المنصرم , عن بالمر “الرؤية ما زالت محدودة نسبيًّا… ومن غير الحكمة افتراض أن الأزمة ستنتهي قريبًا”.
إيرادات مجموعة “ستيلانتس” متعددة الجنسيات تعرف استقرارا في الأرباح رغم نقص الشرائح الالكترونية
من ناحية أخرى أعلنت ستيلانتيس التي تأسست في وقت سابق من العام الحالي من خلال اندماج مجموعتي فيات كرايسلر وبيجو ستروين- زيادة إيراداتها خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 14% سنويًا إلى 37 مليار يورو (44.5 مليار دولار)..
في حين زاد إجمالي مبيعات المجموعة خلال المدة نفسها بنسبة 12% إلى 1.61 مليون سيارة، مقارنة بإجمالي إيرادات فيات كرايسلر وبيجو ستروين ومبيعاتها خلال المدة نفسها من العام الماضي.
وقال بالمر إن نقص إمدادات الرقائق الإلكترونية أدى إلى إلغاء إنتاج 190 ألف سيارة كان مقررًا إنتاجها خلال الربع الأول من العام الحالي، وقبل وقف تشغيل بعض خطوط التجميع بسبب الأزمة التي قد يكون تأثيرها أكبر خلال الربع الثاني من العام الجاري.
هذا وقد نشرت الشركة نتائجها النصف السنوية منذ يومين , والتي جاء من خلالها تحقيق الشركة لنتائج مالية نصف سنوية قياسية على الرغم من النقص المستمر في أشباه الموصلات و الشرائح الالكترونية وكذا المواد الخام خاصة المختصة بالسيارات الكهربائية، مع تسارع وازدهار مبيعات السيارات الهجينة والمركبات الكهربائية.
شركة “ابل” قلصت من إنتاج أيفون13 بسبب نقص الشرائح الإلكترونية
خفضت شركة ابل في منتصف العام الماضي من إنتاج هاتفها الجديد أيفون 13 بما يصل إلى 10 ملايين جهاز بسبب النقص العالمي في الرقائق الالكترونية , وهذا ما أدى الى انخفاض أسهمها , وكانت أبل قد أعلنت عن تباطؤ ايراداتها، بسبب نقص الرقائق التي أثرت على بيع أجهزة الكمبيوتر المحمول (ماك) . و الكومبيوتر اللوحي (آيباد)، وقدمت إنسترومنتس حينها توقعات متحفظة للإيرادات في ذلك الشهر، ملمحة إلى مخاوف بشأن إمدادات الرقائق لبقية أنحاء العام.
هذا و يعاني العالم من أزمة في أشباه الموصلات ومنها الرقائق التي تسمح للأجهزة الإلكترونية بالتقاط البيانات ومعالجتها وتخزينها.
وهذه المكونات دقيقة الحجم أساسية لمجالات صناعية مختلفة؛ مثل الهواتف الذكية والحواسيب ومشغّلات ألعاب الفيديو والسيارات، ولا سيما لوحات التحكم فيها، والطائرات والشبكات المعلوماتية والهاتفية وغيرها.
وفي ظل قدرتها الشرائية الكبيرة واتفاقاتها طويلة الأمد مع بائعي الرقائق، تفادت أبل أزمة الإمدادات أكثر من شركات أخرى، مما دفع محللين إلى توقع تحقيق أيفون 13 مبيعات قوية مع تطلع عشاق التكنولوجيا إلى تحديث أجهزتهم بشبكات الجيل الخامس.
لكن (كاونتربوينت ريسيرش) للأبحاث والاستشارات قالت في مذكرة بحثية قامت بها في سبتمبر الفارط إن أبل لن تنجو من أزمة الرقائق. وخفضت توقعاتها لشحن الهواتف الذكية على مستوى العالم إلى 1.41 مليار جهاز من 1.45 مليار سابقا، قائلة إن الشركة رغم أنها في وضع أفضل من منافساتها لكنها ستتأثر
وتعد أبل واحدة من أكبر مستهلكي الرقائق في العالم وتحدد الإيقاع السنوي لسلسلة توريد الإلكترونيات.
فريد بن يحيى، خبير في الاقتصاد والعلاقات الدولية والديبلوماسية
الجزائر مطالبة بوضع إستراتيجية صناعية من أجل البدء في انتاج الشرائح الالكترونية
قال البروفيسور فريد بن يحي في تصريح خص به جريدة المستثمر الاقتصادية , بشأن الرقائق الإلكترونية التي أضحت اليوم من أهم المكونات الرئيسية التي تشغل الأجهزة الإلكترونية بمختلف أنواعها , و البطاقات البيومترية التي يستعملها المواطن في حياته اليومية .
ويقول بن يحيى عن تجربة الجزائر في هذا المجال أنه ” كانت لنا تجربة رائدة في هذا المجال وكنا أول بلد افريقي يصنع الشرائح الإلكترونية من خلال مصنع سيدي بلعباس غرب العاصمة , والذي تعرض للحرق والتخريب خلال العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر, والذي كان يجمع خيرة الكفاءات و المختصين في الشأن الإلكتروني”
وطالب البروفسور بن يحيى الدولة الجزائرية بوضع استراتيجية صناعية محكمة في هذا المجال من أجل انتاج هذا النوع من الرقائق و فك التبعية الخارجية , خاصة أن الجزائر اليوم تقوم باستيراد هذا النوع من الشرائح التي تستعملها في البطاقات الذكية من الجارة تونس .
أما بالنسبة لطريقة التصنيع، وبما أن الجزائر تربطها علاقات طيبة ببكين و موسكو فقد اقترح البروفيسور بن يحيى أن تقوم الجزائر بجلب المواد الأولية و محاولة تصنيعها وتطويرها , عن طريق الاستعانة بمجموعة من الخبراء ,
وذكر ذات المتحدث أن الجزائر متأخرة نوعا ما في مثل هذه الصناعات , ويجب أن تعتمد اليوم على الكفاءات العلمية التي تزخر بها بلادنا وكذا إعادة بعث مخابر, ولما لا إعطاء الفرص للشركات الناشئة الشابة التي تستثمر في مجال الإلكترونيك, مؤكدا أن الجزائر باستطاعتها أن تقدم الكثير في هذا الميدان ولا ينقصها سوى التأطير ومجموعة من القرارات السياسية ورأس مال معتبر, من أجل الشروع في الإنتاج المحلي عن طريق التعاون مع البلدان المنتجة للمادة الأولية مثل الصين و روسيا ولما لا تحقيق اكتفاء ذاتي على الأقل في تصنيع شرائح البطاقة الوطنية , و جوازات السفر البيومتري التي يحملها الجزائري في محفظته ,وكذا في الميدان الطبي في العديد من الأجهزة الطبية , وكذا البطاقات البنكية التي يتداولها الجزائريين في المعاملات اليومية .
رابط دائم: https://mosta.cc/5euom