بقلم : مليكة ب
يعتبر قطاع الأخشاب وصناعة المنتجات الخشبية من أهم القطاعات التي يقوم عليها إقتصاد بعض الدول، و في الجزائر يرى متعاملون وأخصائيون في صناعة الخشب إنّ واقع هذه الصناعة لا يزال دون المستوى المأمول، رغم الأفق الواعد الذي يظلّ مرهونا بالتحفيز في بلد يمتلك ثروة هائلة من مادة الخشب..
انتاج الجزائر من الخشب لا يزال محدودا
من أجل ثمين الغابة وتطوير صناعة الخشب التي يجب أن تكون أيضا موردا إضافيا للطاقة في الجزائر سبق و أن دعا خبراء وطنيون ودوليون الى ضرورة الى اقامة صناعة غابية حقيقية، في هذا الصدد دعا المكلف بالدراسات و التلخيص على مستوى المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي، الى انتاج الخشب و الفلين و النباتات العطرية و الطبية و منتجات اخرى، من خلال اشراك مراكز البحث و تبني سياسات غابية جديدة “اقليمية” و تطوير سلسلات قيم في مجال الغابات.
و اشار ذات الخبير لدى المجلس الى ضرورة تطوير السياحة البيئية و النشاطات الترفيهية وكذا تطوير فرع خشب الطاقة كمصدر بديل.
و كان الخبير في الاقتصاد البيئي والمستشار بالوكالة الالمانية للتعاون الدولي للتنمية، لودويغ لياغر، أن أكد على اهمية ابرام اتفاقيات شراكة مع المتعاملين الخواص، من اجل حماية الغابة مع تحفيزات للتشجير و الزراعة الغابية و التجدد الطبيعي للغابات.
واضاف لياغر يقول، على المسؤولين ان يسهلوا اللجوء الى التمويل المحلي سيما من قبل المستثمرين الخواص المعنيين بالقطاع الغابي من اجل تنشيط الانتاجية
اما الخبير في سلسة التوريد و المدقق المستشار في تسيير الاخطار، جون بيار دوتش، فقد اكد بقوله انه بإمكان الشراكات العمومية و الخاصة ان تسهم في زيادة الانتاجية و تجعل من الغابة استثمارا مربحا.
من جانبه اوصى رئيس المجلس الوطني والاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، رضا تير، باللجوء الى تسيير اكثر عصرنة من قبل المتعاملين المكلفين بتطوير فرع الخشب، وكذا بضرورة مرافقتهم مع تثمين الابداع و الهندسة الغابية في اطار الشركات الناشئة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة.
و من اجل اشراك المتعاملين الخواص بشكل اكبر، اكد تير وقتها بان المجلس سيقترح مراجعة القانون الاداري، سيما في مجال الاملاك العمومية “بهدف مراجعة و تحديث النصوص المتعلقة بالأملاك الوطنية”، من خلال السماح بالحصول على تسيير “مرن” لهذا العقار.
كما دعا تير من جانب اخر، الى تشجيع المؤسسات الموفرة لمناصب الشغل و الثروة في مجال النقل الغابي و تسيير النشاطات الترفيهية و السياحة البيئية.
ارتفاع رهيب في أسعار الخشب.. وورشات النجارة عاجزة
شهدت أسعار الخشب ارتفاعا قياسيا جديدا في الأسواق، بزيادة تجاوزت 300 بالمائة، خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب تجميد رخص الاستيراد واحتكار هذه المادة من طرف فئة من التجار ما جعل الكثير من ورشات النجارة تشكو الإفلاس و التوجه لرفع ثمن الأثاث لمستويات غير مسبوقة، ما ساهم في تراجع الطلب، و قد أرجع أصحاب مستودعات بيع الخشب والمستورين، الندرة وارتفاع الأسعار الى أن العديد من أنواع الخشب باتت مفقودة في السوق ما شجع حسبهم على المضاربة والاحتكار، خاصة وأن هذه الأنواع مطلوبة بكثرة في ورشات البناء.
الجزائر تتمتع بإمكانات طبيعية هائلة تؤهلها لتحويل ثروتها من الخشب إلى مصدر تحقيق إيرادات هامة
ناقش كوكبة من الخبراء اشكالية بقاء الانتاج الجزائري من مادة الخشب محدودا سيما وأنّ الجزائر تتمتع بإمكانات طبيعية هائلة تؤهلها إلى تحويل ثروتها من الخشب الخام إلى مصدر تحقيق إيرادات هامة، إذا ما استدركت الجهات المعنية الوضع وسعت إلى الاستثمار في النسيج الغابي الذي يمكن فتحه أمام متعاملين محليين وأجانب.
و طرح هؤلاء في خضم أشغال ملتقى حول “خشب البحر الأبيض المتوسط “، علامات استفهام إزاء الضعف الكبير الذي يطبع إنتاج المصانع المحلية من الخشب، وعدم تمكن عموم المنتجين من تجاوز سقف ال 200 ألف طن سنويا، وهو لا يفي سوى ب 10 بالمائة مما تتطلبه السوق المحلية، في غضون ذلك، يدعو الخبير الاقتصادي “هيثم رباني” إلى دراسة ومناقشة سبل تحويل الثروة الغابية وكيفية التثمين التكنولوجي لعديد الأنواع من الخشب التي تكتنزها الجزائر، جاء تنظيم هذا الملتقى من أجل دراسة وبحث السبل الناجعة لتثمين الثروة الخشبية في الجزائر خاصة منها الصنوبر، إلى جانب دراسة ومناقشة الاقتصاد المرتبط بالثروة الخشبية، ومشتقاتها والطرق الحديثة للاستغلال الأمثل للمواد الناتجة عن صناعة الخشب، بغرض التوصل لأحسن الوسائل لتثمين الخشب الجزائري خاصة منه الصنوبر البحري، نظرا لانتشاره الواسع في غابات الجزائر، وتحديد الحلول المناسبة لوقايته من الأمراض التي أصبح يعاني منها كثيرا، ويذهب مراقبون إلى أن سلسلة الحرائق التي شهدتها الجزائر تسبب بشكل كبير في الحد من الاستغلال المناسب للثروة الخشبية .
فقد أتلفت حرائق الغابات 270 هكتارا عبر عدة ولايات من الوطن ضمن 57 بؤرة حريق تم تسجيلها شهر جوان الجاري فقطط، حسبما أكده المدير العام للغابات جمال طواهرية.
و في تصريحه أمس ، للقناة الإذاعية الأولى، في إطار نصف اليوم المفتوح حول الوقاية من حرائق الغابات الذي تنظمه الإذاعة الجزائرية ،أكد المدير العام لمحافظة الغابات جمال طواهرية تسجيل 57 بؤرة حريق منذ بداية شهر جوان الجاري، التهمت نيرانها 270 هكتارا، أهمها الحريق المسجل بولاية سكيكدة الذي لم تسجل فيه أي خسائر بشرية .
وفي معرض حديثه، عاد المتحدث إلى حصيلة سنة2021 حيث قال إن النيران التهمت حوالي 100 ألف و 101 هكتار منها 72 ألف هكتار خلال الأسبوع الذي سجلت فيه عدة وفيات.
و لتجنب هذا السيناريو المأساوي شرعت مصالحنا يضيف المتحدث في تكوين و تحسيس الساكنة بكيفية التصرف أثناء نشوب الحرائق وذلك بتقديم إرشادات و نصائح، مشيرا إلى المخطط المعتمد لضمان صيف آمن يرتكز أساسا على تنظيف الطرقات و المسالك و تكثيف الدوريات بالغابات ،إضافة إلى وضع مراكز مراقبة الحرائق في مختلف الفضاءات الغابية التي ستعمل على إرسال الانذار المبكر بغرض التدخل الأولي مع أعوان الحماية المدنية.
و في رده على سؤال حول الوسائل المسخرة للتدخل السريع لإخماد الحرائق، أوضح طواهرية أنه تم تجنيد أكثر من 4000 عون و 3000 عامل موسمي مشيرا إلى اقتناء 240 سيارة تدخل سريع و اقتناء 15 شاحنة صهريج.
و في هذا الصدد نوه المتحدث ذاته بعمل فرق و أعوان الحماية المختصة بإخماد الحرائق، مستبشرا باستئجار الطائرة القاذفة للمياه المندرجة ضمن استراتيجية الدولة لحماية المواطنين و الثروة الغابية من مخاطر الحرائق
كما تطرق إلى دور وسائل الإعلام في عملية تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على الثروة الغابية، مذكرا باستحداث رقم أخضر 70/10 لإخطار مصالح الغابات بمختلف التجاوزات المسجلة .
وبخصوص انتاج الفحم كشف المتحدث عن تعليق انتاج المادة مؤقتا خلال فصل الصيف، مذكّرا بالتدابير الوقائية الواجب اتخذاها من طرف المواطنين، لاسيما خلال فصل الصيف بتجنب عملية الشواء في الغابات.
وفي سياق آخر، أشار المتحدث ذاته إلى عدم توافق التشريعات و الأطر القانونية سارية المفعول لحماية الثروة الغابية التي تعود إلى سنة 1984 مع المستجدات الحالية خصوصا فيما يتعلق بالجانب الردعي لحماية الغطاء النباتي .
كما أوضح ، أن مشروع القانون الجديد المنظم لقطاع الغابات يوجد حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة و هذا بعد عرضه على مستوى وزارة العدل لما يتضمنه من إجراءات ردعية جديدة صارمة جدا لمحاربة كل أشكال الإعتداءات على الغابات، مبرزا انه تضمن أيضا تسهيلات للمستثمرين خصوصا في مجال تربية النحل و الإستجمام وغرس النباتات العطرية، إضافة إلى انتاج المواد الخشبية و غير الخشبية .
تطوير صناعة الخشب وجعلها موردا إضافيا للطاقة
أكد خبراء من القطاع الطاقوي الوطني أن غرس الأشجار لاستغلال الخشب وانتاج الهيدروجين الأخضر لقطاعي الصناعة والنقل قد يشكلان، على المديين المتوسط والطويل، بديلين لفائدة الأمن الطاقوي للجزائر
وفي تدخله خلال ندوة عقدت بمناسبة أشغال الطبعة ال26 ليوم الطاقة، أوضح المدير العام للمكتب الوطني للدراسات الخاصة بالتنمية الريفية، خالد بن محمد أن مساهمة الغابة في المجال الطاقوي يمكن أن تلعب دورا هاما في الانتقال الطاقوي من خلال تسيير مستديم واقتصادي في المرتفعات الغابية.
وفي مداخلته تحت عنوان “مساهمة التراث الغابي في الانتقال الطاقوي”، أبرز بن محمد الوظيفة الاقتصادية للغابة لاسيما بالنظر إلى الطلب الطاقوي الوطني المتزايد.
وبانتاج وطني للخشب لا يتجاوز 111.000 متر مكعب، دعا بن محمد إلى إجراء عملية تشجير واسعة لأشجار سريعة النمو قصد ضمان انتاج وفير، مذكرا بوجود مساحات قابلة للتشجير تقدر ب1 مليون هكتار عبر التراب الوطني.
وقال بن محمد أن الهدف يكمن في ضمان أدنى مستوى دمج للمنتوج الغابي في إطار الانتقال الطاقوي بنسبة مشاركة قدرها 3 بالمائة من خشب التدفئة مكافئ بترول، أي 5ر4 مليون طن مكافئ بترول.
رابط دائم: https://mosta.cc/qd6fo