بقلم مريم علواش
مراجعة سياسة الدعم المنتهجة من طرف الدولة الجزائرية منذ الإستقلال تعتبرورشة من ورشات الإصلاح التي أطلقها الرئيس تبون منذ توليه سدة الحكم.
سياسة الدعم, رغم مزاياها الكثيرة وايجابياتها التي تخدم المواطن البسيط , إلا أنها باتت تسبب أرقا كبيرا للخزينة العمومية للدولة وللميزانية الوطنية أيضا , خاصة في ظل تفشي ظاهرة التهريب واستفادة غيرالمستحقين من هذا الدعم , لذا بات من الضروري إعادة النظرفي سياسة الدعم الحكومية المدعمة من طرف الحكومة خاصة عقب تذبذب أسعار البترول في السنوات الأخيرة 2014, وكذا أزمة كوفيد العالمية , والتي تركت اثارا جمة على الإقتصاد العالمي بصفة عامة, والجزائري بصفة خاصة , ما جعل الدولة تفكر في الأمر بجدية ,محاولة اللجوء الى أصحاب الإختصاص. من أهل السياسة والاقتصاد، من أجل الخروج بحلول موضوعية قصد التخلي عن هذا الدعم بطريقة تدريجية نهائيا .
نحو رفع جزئي للدعم في قطاعات حيوية
ستعمل الدولة على الرفع الجزئي للدعم عن أسعارالوقود. الكهرباء والغاز وكذا مناقشة الكثيرمن المواضيع والقضايا على مستوى مؤسسات الدولة المختلفة كقانون الصحة, الضمان الاجتماعي ,والتفكير في خوصصة بعض المؤسسات العمومية, وإعطاء صلاحيات أوسع لمفتشي الضرائب وغيرها من الإجراءات سعيا من الحكومة إلى انتهاج الدعم الانتقائي الموجه.
أهداف الدعم الحكومي في الجزائر
وتكمن أهداف الدعم الواضحة للعيان في محاربة الفقرمن خلال تخفيض أسعار المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك لا سيما في بلد نفطي كالجزائر, وكذا تقديم مساعدات مالية للقطاعات الحيوية التي تشجع النهوض بالإقتصاد . كالزراعة والتي تعتبر عصب التنمية الإقتصادية الوطنية بالدرجة أولى، و الصناعة قصد تشجيع الإستثمار والإنفتاح نحوالأسواق العالمية والعربية، والنهوض بالقطاع الخاص , والحد من تقلبات أسعار المواد الأساسية , وكذا دعم الإنتاج والمنتجين, ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الانتاجية المحلية ,إضافة إلى تقليص التفاوت في مستوى الدخل الفردي.
تنصيب لجنة لمراجعة اليات الدعم
عين ياسين ولد موسى مستشارا، مكلّفا بالشؤون الاقتصادية. لدى الرئيس عبد المجيد تبون والذي من المرتقب أن يترأس لجنة مراجعة اليات الدعم الإجتماعي، و التي ستضم نحو 140 عضو ، وستمثل الأحزاب السياسية داخل هذه اللجنة بعضو واحد ، إلى جانب نائبين بالمجلس الشعبي الوطني وعضوين من مجلس الأمة.
و سيكون تنصيب هذه اللجنة السياسية تطبيقا لقراررئيس الجمهورية ، السيد عبد المجيد تبون و الذي أعلن عنه خلال لقائه مع الصحافة الوطنية ، والذي يقضي بإنشاء لجنة وطنية بالتنسيق مع أعضاء من غرفتي البرلمان و أحزاب سياسية و كذا نقابات، وإشراكهم في مراجعة آليات دعم الدولة للمواد الأساسية ، بهدف توجيهه إلى الطبقات الهشة و الطبقات ذات الدخل المحدود. .
وفي ذات السياق ، أكد الرئيس تبون أن عهد دعم الأسعار، التي يستغلها السماسرة ، قد انتهى، وأكد أنه سيعمل على محاربتهم دون المساس بمبدأ الدولة المجتمعية، لأنه من مبادئ الجزائر المستقلة، مشيرا إلى أن قانون المالية لسنة 2022،المتضمن لمراجعة صيغة الدعم, ستكون لهم بالمرصاد
المادة 187 من قانون المالية 2022
والذي يقتضي بتعويضات نقدية لصالح الأسرالمؤهلة. المشكَّل لاسيما من الدوائر الوزارية المعنية ونواب البرلمان بغرفتيه والخبراء الاقتصاديين المعنيين وكذا المنظمات المهنية, فإن مراجعة وتعديل أسعار المنتوجات المدعمة تتم بعد تحديد الميكانيزمات والإجراءات, بهدف تحديد التعويضات الموجهة لصالح الأسر المؤهلة للتحويلات النقدية المباشر.
بوغالي يطالب بمراجعة اليات الدعم الحكومي وفق شروط معينة
دعى رئيس المجلس الشعبي الوطني ابراهيم بوغالي , بحر هذا الأسبوع , خلال اليوم البرلماني الذي كان تحت عنوان ” مرافقة البرلمان لسياسة اصلاح الدعم الإجتماعي ” إلى ضرورة مراجعة آليات الدعم ليستفيد منه مستحقوه ، مبرزا في ذات الوقت أن “حساسية” هذا الملف تقتضي توفرمجموعة من الشروط لتبلغ مبتغاها وتحقق أهدافها.
كما قال “لا بد من الإشارة إلى أن نمط الدعم المعمم أصبح من الضرورة بما كان أن يستجيب لمجموعة من المقاييس والمعايير الموضوعية توخيا للعدالة في التوزيع، وضمانا للإنسجام الإجتماعي الذي يقتضي مراجعة آليات هذا الدعم,من أجل احداث توازن اجتماعي في المجتمع , و تقليص لدائرة الفوارق الاجتماعية و الهوة الاقتصادية التي لا تخدم السير الحسن لتطور البلاد
الهواري تيغرسي : يجب إعادة النظر في قيمة الدعم الإجتماعي في الجزائر
قال الخبير الدولي الاقتصادي وعضو اللجنة المالية والميزانبة بالبرلمان سابقا السابق الهواري تيغرسي أن قيمة الدعم الذي ترصده الحكومة الجزائرية للحفاظ على أسعار المواد الاستهلاكية أزيد من 1700 مليار دينار (حوالي 17 مليار دولار), وهو رقم كبيرجدا , وكذا الدعم المخصص للصادرات والواردات .والقطاع الفلاحي والصناعي, والتي تعتبرارقاما خيالية وجب إعادة النظر إليها عبر تطبيق القانون 187 من قانون المالية, ومحاولة الوصول إلى منظومة دعم حقيقية بتطبيق الرقمنة في الإحصاء, عن طريق احصاء الطبقة المهمشة في الجزائر المستحقة للدعم حقا .
سليمان ناصر: الدعم الموجه لمستحقيه بتعويضات نقدية مرهون بثلاثة اجراءات مهمة
من جهة أخرى يرى الخبير , الاقتصادي سليمان ناصر , أن تطبيق الدعم الموجه لمستحقيه بتعويضات نقدية يجب أن تسبقه ثلاثة إجراءات ضرورية , أولها عبر تطبيق منظومة إحصائية عصرية وشفافة , اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة والتي يتم تحديثها من وقت لآخر لأن الغني قد يصبح فقيرا والعكس صحيح.
أما الإجراء الثاني حسب ذات المتحدث، فيتمثل في إدخال سريع لنظام الرقمنة على جميع القطاعات على غرار الإدارات المحلية , مثل (البلديات) ,الضرائب والبنوك وغيرها.
وعلق بالقول: “لا نستطيع الحصول على منظومة إحصائية قوية وشفافة من دون الإسراع في رقمنة كافة القطاعات.
واعتبرالمتحدث أن النظام الرقمي يقوم بتتبع كافة التفاصيل بما فيها منحة العاطلين ,التي أقرها قانون موازنة 2022، وكذا تطبيق الضريبة على الدخل التي فشلت في السنوات الماضية لغياب النظام الرقمي
أما عن الإجراء الثالث, فيتمثل في تقليص القطاع الموازي الذي يمثل حاليا حسبه نحو 49 بالمائة من الإقتصاد الإجمالي ، وهذا ما سيقدم حلولا لمشكلة ادراج ,فئة الناشطين في هذا القطاع ومستحقي الدعم أم ضمن أصحاب ميسوري الحال. .
ولفت سليمان ناصر إلى أن هذا الإجراء المتعلق بالسوق الموازي سيحل أيضا مشاكل أخرى على علاقة بالنزيف (التهرب) الضريبي الذي كان من المفروض أن يدخل خزينة الدولة نظرا لكونه يمثل نحو 40 بالمائة من اقتصاد البلاد..
رابط دائم: https://mosta.cc/9t3nl