بقلم ندى عبروس
تعتبر الحرف و الصناعة التقليدية القديمة ، من بين أحد أهم روافد التنمية الإقتصادية ، و التي تلعب دورا مهما في الحفاظ على مقومات الشخصية الوطنية و أصالة الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري .
كما أن هذه الحرف التقليدية القديمة كانت و لا تزال حبل تواصل بين الأجداد و الأبناء ، و وسيطا مهما بين الماضي العريق للجزائر و حاضرها المزدهر ، والتي تعكس المخزون الثقافي الثري ، التي تزخر به الجزائر ، و المكتسب من تنوع الثقافات و الحضارات التي مرت عليها .
تنوعت الحرف اليدوية و الصناعات التقليدية في الجزائر ، التي توارثتها الأجيال أباً عن جد ، حسب كل منطقة ، لترسم بلمسات إبداعية فنية صورا جمالية ، تعكس إختلاف و تنوع هذه الحرف حسب إختلاف تضاريس هذه المناطق .
حرفة صناعة الأواني الفخارية من أقدم الصناعات التقليدية
تعد صناعة الأواني الطينية و الفخارية من أهم الحرف التقليدية و أقدمها ، وهي موروث ثقافي و مورد رزق للعديد من العائلات الجزائرية ، و التي حافظت في بساطتها و جمال زخاريفها ، التي صممت بأدوات تقليدية على هوية الشخصية الوطنية و التراث الشعبي الذي يعبر عن أصالة و تاريخ الجزائر العريق .
حيث إشتهرت العديد من الولايات الجزائرية ، بصناعة الأواني و الديكورات الفخارية ، التي تتفن فيها أنامل مبدعة ، بطرق ووسائل تقليدية جد بسيطة .
تختلف الأواني الفخارية حسب أشكالها و تنوع ألوانها و زخارفها الفنية التي تزيدها من جماليتها ، و بصمة من عبق الماضي يحفظ تاريخ الأجداد .
هذه الحرف القديمة التي توارثتها الأجيال و أبدعوا في صنع أجمل الأواني و التحف الفنية من خلال مادة الطين و النار ، و تشكيلها إلى قطع فنية رائعة ، تخطف الأنظار بروسوماتها المعبرة عن الماضي العريق .
الحرف اليدوية إبداعات أصيلة بلمسات عصرية جديدة
صناعة الحلي و المجوهرات ، هي حرفة تقليدية قديمة إشتهرت بها أغلبية الولايات الجزائرية ، كونها من ضمن الموروث الثقافي الأصيل الذي تزخر بها الجزائر .
حيث حافظ الحرفيون في مجال صناعة الحلي و المجوهرات التقليدية ، على مكانة هذه الحرفة ، التي تميزت بجمالية خاصة و روعة تصاميمها ، بالإعتماد على أحجار من مختلف الأحجام و الألوان .
منطقة القبائل هي واحدة من بين المناطق التي إشتهرت بالمحافظة على العادات و التقليد ، و ناضلت من أجل عدم زوال الحرف التقليدية التي تعبر عن تاريخها ، فكانت صناعة الحلي و الاكسسوارات الفضية من أبرز الصناعات التي عرفت بها المنطقة ، و التي تميزت بألوان و نقوش فنية .
و قد تفنن الحرفيون في هذه المنطقة ، في تصميم قطع جميلة من الحلي و الإكسسوارات التقليدية ، و التي مزجت بين الأصالة و الحداثة ، بلمسات عصرية جديدة تتواكب مع الموضة ، و محافظة على ألوانها الأكثر إستخداما و المعبرة على طبيعة المنطقة ، و المتمثلة في اللون الأزرق و الأحمر و الأصفر و كذا اللون الأخضر .
كما شهدت حرفة صناعة الحلي و المجوهرات التقليدية، في السنوات الأخيرة ، تطورات كبيرة أدخلت عليها العديد من التجديدات ، من خلال تصماميم و رسومات حديثة تتماشى مع الموضة ، كما أنه تم تطوير وسائل و أدوات صناعة هذه المجوهرات .
حرفة صناعة ” المكرامي ” هي الأخرى حرفة تقليدية أدخلت عليها لمسات عصرية حديثة ، فقد أبدعت بعض الحرفيات الشابات في تصميم حقائب يدوية و إكسسوارات منزلية و قطع ديكورات فنية ، بإستعمال خيوط تشبه خيوط الصوف لكنها أشد صلابة ، و تزين بكريات من الكريستال صغيرة الحجم .
و قد شهدت هذه الحرفة إقبالا منقطع النظير من قبل الفتيات من مختلف الأعمار ، حيث أبدين رغبتهن في تعلم هذه الحرفة ، كونها حرفة ملهمة و لا تحتاج إلى وسائل مكلفة .
صناعة ” الريزن “… مشروع مربح و حرفة جديدة تستهوي الفتيات
أصبحت صناعة الإكسسوارات و الأواني و كذا الديكوارات المنزلية ، بمادة ” الريزن الإيبوكسي ” حرفة تستهويها العديد من الفتيات ، بعد ما كانت هذه المادة الكيماوية السائلة تستخدم كطلاء للأرضيات و بديل للسيراميك .
تميزت صناعة ” الريزن ” بطبيعة جمالية و فنية ، طورتها أنامل الحرفيين المبدعين ، بإستعمال مادة سائلة شفافة تشكل داخل قوالب خاصة ، لتخرج بعد جفافها قطعا فنية متنوعة ، وتعطي أجمل التحف و الديكورات المنزلية و ساعات الحائط ، كما أنه تم الإدخال على هذه الصناعة مؤخرا إستخدمات أخرى في صنع التذكارات و الهدايا و كذا تحنيط الزهور .
و بعدما أصبحت صناعة ” الريزن ” متاحة في العديد من الإستخدمات ، مما إتاحت الفرصة في بناء مشاريع فردية مربحة للحرفيات ، و حتى ربات البيوت مما مكنتهن من العمل من منازلهم و إنتاج قطع جميلة تلبي طلبات و أذواق زبائنهم .
مساهمة الحرف التقليدية في تنمية الإقتصاد الوطني
تساهم الصناعات والحرف التقليدية بشكل كبير و فعال ، في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال فتح في المجال للتوظيف اليد العاملة وزيادة الإنتاج وكذا إمكانية الاستثمار، مما ستمكن من زيادة القدرات الاقتصادية والتنافسية ، التي ستساعد على التصدير وجلب العملة الصعبة .
كما يعتبر قطاع الصناعات التقليدية ، قطاعا تنموي هام يوفر كل الاحتياجات الضرورية اليومية للمواطنين .
كما أن هذه الصناعات تلعب دورا استراتيجيا في إنعاش الاقتصاد الوطني ، من خلال خلق فرص عمل بسيطة ، والتي لا تتطلب إمكانيات عالية استثمارات ضخمة وتمكن من استحداث مناصب شغل دائمة قائمة على روح المبادرة والاندماج في سوق الوطني .
رابط دائم: https://mosta.cc/r70gj