تشكل النفايات الورقية اليوم ثروة اقتصادية هائلة لكل بلد.. وتأتي في المراتب الأولى من حيث القيمة بعد النفايات الحديدية، إضافة إلى ذلك تفتح النفايات الورقية آفاقا واسعة في الفرص الوظيفية والمشاريع الصغيرة.
الجزائر تنتج أزيد من 13.5 مليون طن من النفايات المنزلية في السنة،إلا أن مؤشر الإسترجاع في الجزائر لا يتجاوز 9.83 بالمائة لكن هذه النسبة تسمح ببناء إستراتيجية لإستقطاب المستثمرين في هذا المجال.
في العالم لقد أضحت المخلفات الورقية وورق الكرتون ثروة لكل البلاد، الأمر الذي شجع بعض الدول على استغلالها وفرض حظر على تصديرها للخارج، خاصة في الدول التي تمتلك صناعات متقدمة في إعادة التدوير حتى تتمكن من توفير فاتورة عالية من خلال إعادة تصنيع المخلفات الورقية قصد تنويع فروع الاقتصاد الأخضر والمحافظة على البيئة .
وعلى ضوء هذا برزت شركة جينيرال أومبالاج كمؤسسة رائدة في مجال الصناعة خضراء وتعتبر أكبر الشركات الجزائرية بفعالية على أرض الواقع والعلامة الأولى في إنتاج عبوات الكارتون،حيث بلغ حجم مبيعاتها حوالي 25 مليار دينار جزائري وتقع مواقعها الصناعية الثلاثة في كل من أقبو ، وهران وسطيف بين قدرات تعادل إنتاج سنوي يبلغ 260 ألف طن.
في هذا الحوار مع جريدة “المستثمر” نستضيف السيد رمضان بطوش الرئيس المدير العام لشركة جينيرال أومبالاج للحديث حول الإقتصاد الأخضر ، سبل النجاح ، ومزايا شركة جينيرال أومبالاج.

بداية مبروك للجزائر مصنع وهران لشركة جينيرال أومبالاج..قلتم فيه سابقا “وضعنا جوهر الخبرة والمعرفة المكتسبة طوال عشرين عامًا من وجودنا” كيف ذلك وماهي الإضافة التي سيقدمها ؟؟
شكرا جزيلا، بالفعل مصنع وهران الذي دخل حيز الإنتاج في جانفي الماضي هو أحدث مصانع شركة جنرال أمبالاج. مصنع وهران يؤدي بشكل عام نفس الوظائف التي يقوم بها مصنع أقبو وسطيف في صناعة عبوات الكرتون ، ولكن وبالإضافة إلى ذلك، تم بناؤه وفقًا لمعايير بيئية أكثر نجاعة و عصرنة بحيث يتميز هذا المصنع بتحديث نمط تصفية المياه الصناعية ، واستخدام الطاقة الشمسية والغازات النظيفة ، وبالطبع، باستعادة نفايات الورق المستعمل في الإنتاج.
لقد صممناه وأردناه كمصنع نموذجي للارتقاء البيئي بمصنعينا في أقبو وسطيف على الرغم من أنهما متقدمان بالفعل في هذا المجال. على سبيل المثال ومنذ شهر فقط قد قمنا بافتتاح وحدة معالجة الهواء في مصنع أقبو المزود أيضا منذ سنين بمحطة لمعالجة مياه الصرف. في الحقيقة، لطالما كانت جنرال أمبالاج على طريق التنمية المستدامة وحماية البيئة.
للتذكير فالشركة متحصلة منذ فترة طويلة على شهادة ISO 14001 لمعيار الإدارة البيئية.
وصل التدهور البيئي إلى مستويات حرجة…إعادة التدوير هو الحل لكي يقلل من تلوث النفايات …كيف يساهم جينيرال أومبالاج في ذلك؟
نعم بالفعل وهذا أمر مؤسف جداً. كما قلت من قبل، نحن نهتم كثيرًا بالبيئة لكننا لا نستطيع تجاوز نطاق عملنا حتى لو ساعدنا المجتمع المدني كثيرًا للتغلب على هذا النوع من المشاكل، إن تدهور البيئة مشكلة تواجه السلطات العامة والمجتمع ككل.
فيما يتعلق بإعادة التدوير فقد أنشأنا شبكة وطنية كبيرة وفعالة لجمع نفايات الورق والكرتون، إنه حل جزئي لمشكلة التدهور البيئي، ولكنه في الوقت نفسه نشاط لتدعيم القدرات الإنتاجية والثروة الوطنية. على سبيل المثال، يتلقى مركز الجمع في دار البيضاء (الجزائر العاصمة) ، بالإضافة إلى نفايات مؤسسة “نت كوم” (Net Com)، على مدار 24 ساعة في اليوم النفايات التي يجمعها العديد من الجامعين المستقلين الشباب ، وبالتالي يكون قد خلق بالفعل ديناميكية اقتصادية مثيرة للاهتمام.
لدينا شهادات من العديد من شباب العاصمة ومحيطها الذين تمكنوا من تدبير أمورهم وزيادة مداخلهم بفضل هذا النشاط.
أستطيع أن أقول بكل تواضع أن دخول جنرال أمبالاج إلى مجال إعادة التدوير أدى، من خلال قوتها ومكانتها ومصداقيتها ، إلى تطورات جد إيجابية في هذا المجال.
شركة جينيرال أومبالاج إستطاعت أن تستعيد 11629 طن من النفايات في السنة الفارطة، هل تؤمنون بالمناولة؟؟
أود أن أؤكد لكم أننا نعتزم تجاوز هذه الكمية بشكل كبير خلال هذا العام والأعوام المقبلة ـ حيث إستطعنا عن طريق فرص المناولة توظيف 3600 شاب في مجال رسكلة النفايات كما نعمل للمضي قدما نحوى تجسيد مصنع للورق المسترجع.
بالفعل لقد زادت الكميات المجمعة في الربع الأول من هذ العام بمقدار 2000 طن مقارنة بالربع الأول من عام 2021 ، وهو ما يعادل نموًا بنسبة 64٪.
لا نؤمن بإمكانيات إعادة التدوير فحسب بل نعتبرها محورًا استراتيجيًا لتطورنا رفقة شركاؤنا. نحن رواد في إنتاج الكرتون ، ونحن مصممون أيضًا على أن نكون كذلك في إعادة التدوير إذا لم يكن هذا هو الحال بالفعل.
إن الزيادة غير العادية في أسعار الورق على نطاق العالم ترسخ إيماننا بتزويد بلدنا بقطاع إنتاج ورقي محلي يغننا عن التبعية للخارج . مراكز استعادة النفايات التي نتحدث عنها ليست سوى الممر الإجباري لتحقيق هذه الغاية الاستراتيجية،، إذا علمنا أنه لدينا مشروع مصنع ورق سيحتاج إلى 400000 طن من النفايات للعمل. نحن مصممون على كسر التبعية للواردات.

إعادة تدوير الورق واستخدامها مرة أخرى يوفر فاتورة الإستيراد ، إشرح لنا ذلك؟
يجب أن نعلم أن بلادنا لا تنتج الورق وتستورد عمليا 100٪ من احتياجاتها وهي حالة خطيرة للغاية. الورق ضروري لقطاع الصناعة ولكن أيضًا وهذا يفلت من أنظار الكثيرين لقطاعات مثل الإدارة أو المدرسة . بدون ورق، كل شيء يتوقف.
لحسن الحظ، فإن إنتاج الورق متاح لنا من ناحية التكنولوجيا والموارد. يأتي معظم الورق الذي نحتاجه من إعادة التدوير. تستورد الجزائر أكثر من 400 مليون دولار سنويا، وهذه الفاتورة هي التي سنتمكن من توفيرها عندما يدخل مصنعنا مرحلة الإنتاج.
مؤخرا شاهدنا بعض عمليات التصدير الكارتون المرسكل خارج التراب الوطني، ألم يحن الوقت بعد لقرار وقف تصديره مثلما حدث مع وقف تصدير النفايات الحديدية بالكامل؟
إنه شيء جميل نظريا حتى لو كان لدي تحفظات على مسألة القيود التجارية، لكن الجزائر ببساطة لا تملك الوسائل لمعالجة هذه الكميات محليًا.
هذا ما قلته لك من قبل. طالما لا يوجد في البلاد مصنع لإنتاج الورق، فإن حظر تصدير النفايات يعني القتل العمدي لنشاط إعادة التدوير الوليدة وإجهاض طموحنا للخروج من التبعية للاستيراد.
من الأفضل أن يتم تصدير الورق كمنتوج نهائي مثل أخر عملية قمتم بها نحو نيجريا، حدثنا عنها. فقبلها كانت تونس ، ليبيا موريتانيا!!
بالطبع، لكن الورق المستخدم في تصنيع هذه العلب المصدرة تم استيراده من الخارج لعدم وجود قطاع إنتاجي جزائري للورق.
العديد من الدول أصبحت تمنع أكياس أو علب البلاستيك في تخزين الخضر أو المواد الغذائية وهذا نظرا للأخطار الصحية والبيئية ، جينيرال أومبالاج قدم حلول للفلاحين الجزائرين في إطار الإقتصاد الأخضر ماهي؟
نعم، نحن نناضل من أجل قفزة نوعية في الزراعة منذ فترة طويلة و تتضمن هذه القفزة، من بين أمور أخرى ، التخلي عن العبوات البلاستيكية لصالح عبوات الكرتون. هناك الكثير من الفوائد في كل هذا. الفوائد من حيث حماية البيئة وحماية صحة المستهلك وإمكانية تتبع المنتج والإشهار به.
على الرغم من التقدم الذي لا يمكن إنكاره، ما زلنا متخلفين عن جيراننا التونسيين، على سبيل المثال ، الذين نصدر لهم الكثير من صواني الفاكهة والخضروات. لدينا حلول بأفضل المعايير العالمية، حتى أننا نصنع الكرتون المشمع الذي كننا نسترده بنسبة 100٪ منذ وقت ليس ببعيد. لكنني مقتنع بأنها مجرد مسألة وقت وعناء من جانب وكلائنا التجاريين.

حدثتنا عن مشروع مصنع الورق المسترجع واين وصل ؟
لو ينطلق هذا المشروع ، نؤكد لكم أن الجزائر سوف تتجه للتخلي نهائيا عن إستراد الورق وتوقف أيضا تصدير نفايات الورق
كيف ذاك ؟
صناعة الورق تأتي عبر أربع خطوات نحن شركة جينيرال أومبالاج قمنا طيلة تواجدنا في الخدمة بثلاث خطوات سأحاول شرحها لكم وتبقى الخطوة الرابعة في الإنتظار، الخطوة الأولى تكون عن طريق فتح ثلاث مراكز إسترجاع للنفايات وهي موجودة اليوم في كل من الجزائر ، سطيف و وهران وتهدف هذه الخطوة إلى التقرب اكثر من عملائنا ، تقليل من التلوث البيئي وضمان الجودة.
الخطوة الثانية فتح خمس مراكز إسترجاع نفايات الكارتون في كل من أقبو، عنابة ، قسنطينة، الجلفة ، ورقلة والشلف ، هذا سيضمن لنا يد عاملة تتجاوز 400 فرد مباشر في مراكز الجمع وأيضا 3600 فرد مستقل جامع للنفايات عن طريق المناولة.
الخطوة الثالثة وتكون عن طريق فتح مصنع رسكلة وإنتاج الورق المسترجع وسيضمن لنا أيضا 400 موظف مباشر .
الخطوة الرابعة و نستطيع أن نقول عنها النهائية وهي الإتجاه لوقف تصدير النفايات الورقية ووقف إستراد الورق مثلما تحدثنا عنه سابقا. تبقى فقط بعض العراقيل لو يتم رفعها سنتمكن أكيد من تحقيق المشروع.
وهو ما نحن متفائلون بتحقيقه قريبا في إيطار الجهود المبذولة من طرف السيد وسيط الجمهورية ، بتكليف من السيد رئيس الجمهورية قصد رفع العراقيل عن المشاريع الإستثمارية التي تخدم الإقتصاد الوطني.
ما يحدث اليوم في العالم من أثار كورونا على الإقتصاد والحرب على أوكريانيا أكيد لها تبعيات على سعر الورق ، كيف تضرر الورق بصفة عامة في الفترة الأخيرة ، وماهي الإجراءات التي تتبعونها قصد المحافظة على السعر بالنسبة لمنتوجات شركة جينيرال أومبالاج.
إلى نهاية العام الحالي ستكون أسعار الورق قد تضاعفت وهذا وضع غير مسبوق في التاريخ. لا يمر شهر دون أن تعلن كبريات شركات إنتاج الورق العالمية عن زيادات. نحن نبذل الكثير من الطاقة لاحتواء هذا الوضع ولقد قمنا بزيادات لا تعكس 100٪ ما سجلناه لأن وضع العديد من الشركات لا يطاق بسبب أزمة كورونا، نحاول إضافة المزيد من العقلانية في التسيير ولكن الوضع متوتر للغاية، وضع لا يمكن تحمله فرديا دون الإضرار بشكل خطير بالتوازن المالي للشركة
كرجل اعمال جزائري كيف ترى المناخ الاقتصادي في الجزائر؟
مناخ الأعمال لا يزال بحاجة إلى الكثير من التحسين. في غضون ذلك نحاول أن نتفاعل مع الواقع على أمل الأفضل.

لوتحدثنا حول السوق الدولية هل تتأثر ميزانيتكم السنوية مع تأثير سوق العملة؟
بالطبع، نظرًا لأننا نستورد تقريبًا جميع المواد الخامة التي نستخدمها في صناعة الكرتون وأحيانًا حتى بعض الخدمات.
و ما هي أكبر صعوبة تواجهك اليوم؟
البيروقراطية بلا شك…
دائما في ذات السياق، كثر الحديث مؤخرا عن العراقيل التي تواجه الإستثمار، مثل البيروقراطية وعدم استقرار الإطار التشريعي وعراقيل أخرى، تحاول السلطات بالتعاون مع شركاءها الإقتصاديين تجاوزها. بحكم خبرتكم في مجال الإستثمار، في رأيكم، ما هي أبرز هذه العراقيل؟
البيروقراطية أولا كما قلت لك. لدينا آمال كبيرة في قانون الاستثمار الموعود بإزالة العوائق أمام حرية المقاولة والاستثمار وفتح رؤية واضحة واستشرافية للمستقبل.
منذ قدوم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم، تغيرت نظرة الإدارة للإقتصاد والإستثمار، بتنبي سياسة جديدة مبنية على أساس النجاعة وتشجيع الاستثمار المنتج، ما رأيك؟
ما ألاحظه قبل كل شيء هو الرغبة في عدم الاعتماد على عائدات النفط وتنويع اقتصادنا ومشروعنا للتصنيع المحلي للورق هو جزء من هذا. آمل أن يعزز قانون الاستثمار الجديد هذه الرؤية. سيؤدي هذا المشروع الضخم والاستراتيجي إلى قلب معادلة التبادل بين الشمال والجنوب. لن تصبح الجزائر دولة مكتفية ذاتيا فحسب بل ستصبح أيضا دولة مصدرة للورق.
نبقى دائما في موضوع السياسة الإقتصادية الجديدة للدولة الجزائرية، والتي جسدها انبثاق “مجلس تجديد الإقتصاد الوطني”، والذي تتواجدون ضمنه كعضو مؤسس، من وجهة نظرك، ماذا يمكن أن يقدم المجلس للإقتصاد الوطني في الظرف الحالي؟
شخصياً أود أن يكون هذا المجلس مصدر مقترحات جادة وذات مصداقية للمضي قدمًا.
إنه خزان ضخم للمهارات فهو يجمع القوى الحية للاقتصاد الوطني دون استثناء ، جميع القطاعات ممثلة، المشغلين الخاصين والعامين ، الزراعة ، الشركات الناشئة في اقتصاد المعرفة…
كونكم عضو في مجلس تجديد الإقتصاد الوطني ، ما هي الإضافة أو الدور الذي يمكن لكم لعبه داخل المجلس لتحقيق اهدافه؟
نحن على استعداد لتقديم مساهمتنا المتواضعة من أجل تعزيز المصير الوطني و أنا مقتنع بإن المجلس مليء بالمهارات التي يمكن أن تأتي بقيمة مضافة كبيرة.
الرؤية بدأت تتضح للنموذج الإقتصادي الذي يجب أن تتبعه الجزائر لتحقيق سيادة إقتصادية تضمن حاضرها ومستقبل الاجيال المقبلة بعيدا عن مداخيل المحروقات وإضطرابات سوقها، كيف ترون الوضع الإقتصادي للبلاد في ظل الحركية الحالية، بعد 10 سنوات من الآن؟
الجزائر مليئة بالثروات والإمكانات الطبيعية والبشرية التي تعد بمستقبل مشرق. يجب على كل فرد منا العمل بجدية وتضحية في مجال اختصاصه لتطوير البلاد.
لا بديل عن بناء اقتصاد وطني عصري منتج و متكامل و بعيد عن الريع، كل ما أتمناه هو أن تمضي بلادنا في اتجاه الأفضل.
رابط دائم: https://mosta.cc/tl4md