بقلم: الدكتور محمد فلاق
يعيش العالم اليوم في خضم ثورة تاريخية لشبكات التواصل الاجتماعي يجدر بالإنسان أن يفكر مليا في كيفية استغلال هذه الثورة بشكل يعود عليه بالمنفعة خاصة إذا كان صاحب مؤسسة تجارية. فالشركات والمؤسسات التجارية بتنوع تخصصاتها مهتمة ببناء سٌمعتها بشكل مكلف على وسائل الإعلام التقليدية لجلب مزيد من القراء و التسويق، في حين أن وسائل الإعلام الاجتماعي قادرة على تحقيق تلك الأهداف بشكل أكثر فعالية و بتكاليف أقل لإقناع الناس وتغيير وجهات نظرهم.
وأشارت شركة الأبحاث المتخصصة في القيام بدراسات معمقة لسلوكيات الناس على الويب “هيت وايز” أن شبكات التواصل الاجتماعي لا تزال تشهد اهتماما متزايدا مع مرور الوقت سواء في الدول المتقدمة أو الصاعدة أو حتى تلك التي تندرج ضمن ما يسمى العالم الثالث، وهو ما يعني أن شبكات التواصل الاجتماعي تتضمن جميع فئات المجتمع ومليارات من البشر المهتمين بمختلف التخصصات التي تقترب من المجالات التي تعمل بها مختلف الشركات والمؤسسات.
وتقاس شعبية العلامات التجارية والمؤسسات الإعلامية في هذه المواقع بعدد الإعجابات والمتابعين، كما انه من الممكن إنشاء صفحة لنشر الأنشطة الخاصة بالشركة أو أي مؤسسة والتعريف بمنتجاتها ونشر المنشورات المتعلقة بشكل منظم و التفاعل مع المتابعين و المعجبين، و كل ذلك بشكل مجاني، ما يعني ان شبكات التواصل الاجتماعي تتيح فرصة الإشهار دون مقابل.
ويساهم في نشر نشاطات الشركة عبر الويب الأصدقاء الذين يفسحون المجال لبقية المبحرين عبر الشبكة العنكبوتية باطلاع أصدقائهم على محتوى صفحة الشركة. وقد أثبتت دراسة حديثة أن 70 بالمائة من المعجبين بالمؤسسات المتابعين لها ، مصدرها الرئيسي هم المستخدمون المعجبون بها الذين ينصحون أيضا معارفهم بالإعجاب بها ومتابعتها للتعامل معها مستقبلا. هذا إضافة إلى الإعلانات المدفوعة التي تعد أيضا إحدى المميزات التي تقدمها تلك الشبكات للشركات لتسويق منتجاتها وإنجازاتها وجذب المزيد من الاهتمام بشكل فعال وبأقل تكلفة.
كما يمكن القول أن تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير على الآليات والمناهج المتبعة في إدارة الأعمال التسويقية للمقصد من جهة، وعلى السائح وقراراته من جهة أخرى. أما من حيث التأثير على السائح فقد ساهمت في إمداد المسافر بطرق جديدة للبحث عن المعلومات وتقييمها عن المقصد السياحي، إلى جانب الانتقال بالعميل (السائح) من مجرد مستهلك سلبي إلى منتج ومستهلك ايجابي.
لقد أشار محمود خلوف-أكاديمي فلسطيني- لدراسة شركة ريجوس اللبنانية عام 2011 على أكثر من 1700 مدير ومالك شركة من الشركات السياحية فى 80 دولة حول العالم؛ بهدف التعرف على تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الأعمال التجارية لتلك الشركات. كما أتضح أن ما نسبتهم 70% من المبحوثين أكدوا تصفحهم لشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات عن المنتجات التي يقصدونها.
وقد كشفت الدراسة أن 50% من الشركات الخليجية أبرمت صفقات تجارية (بشكل مبدئي) عبر شبكات التواصل الاجتماعي، و 62% تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للتواصل مع العملاء الحاليين والمرتقبين، و 32% منها تخصص قرابة 20 % من ميزانية التسويق للإنفاق على الأنشطة التجارية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
كما أثبتت دراسة لن هوس عام 2011 أن تايوان تمكنت من خلال استخدام شبكة الفيسبوك كأداة للتسويق الإلكتروني من خلال بناء شبكة قوية من عملاء الفنادق على المستوى المحلي، إلا أنها لم تحقق نفس النجاح على ذلك إلى افتقار الرؤية الإستراتيجية التسويقية الواضحة المستوى الدولي.
وتظهر انعكاسات شبكات التواصل الاجتماعي الواضحة على السياحة مما يأتي:
• شبكات التواصل الاجتماعي بما تتضمنه من خدمات تفاعلية، يمكن الاستفادة منها في عرض المعلومات والخدمات والتسهيلات الخاصة بالأماكن السياحية بطريقة جذابة ومتطورة.
• شبكات التواصل الاجتماعي لهم قدرة عالية على تعظيم الصورة الذهنية الإيجابية للمقصد والمنتج السياحي.
• شبكات التواصل الاجتماعي، تعزز التواصل مع السياح بعد انتهاء الرحلة، بما يمنح الفرصة لتحسين الخدمات المستقبلية من خلال التغذية المرتدة وتحسين عمليات إدارة شكاوى العملاء مما ينعكس على تنمية وتطوير المنتجات الجديدة، أو الخدمات، أو أسلوب الإرشاد السياحي،..الخ.
• من مميزات شبكات التواصل الاجتماعي بأنها تسلح السائح بطرق جديدة للبحث عن الأماكن التي يبحث عنها.
• ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في الانتقال بالعميل (السائح) من مجرد مستهلك سلبي إلى منتج ومستهلك ايجابي، لأنه أصبح لديه إمكانات للمساهمة في تصميم وتسويق وإنتاج التجربة السياحية.
• إن تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير على الآليات والمناهج المتبعة في إدارة الأعمال التسويقية للمقصد من جهة، وعلى السائح وقراراته من جهة أخرى.
بعد تطرقنا العلاقة الموجودة بين شبكات التواصل الاجتماعي والسياحة بصفة عامة، نقترح مشروعا قصد تجسيده بالديوان الوطني للسياحة، وذلك حتى يتم الترويج والإعلام بالمقصد السياحي بالجزائر. وهذا على الشكل التالي:
• أن يقوم الديوان الوطني للسياحة بالاشتراك في عضوية بعض المواقع العالمية المتخصصة في تخطيط الرحلات مثلTript، Dopllr، Travelmuse ،Yahoo! Trip Planner وغيرها مما يمكن السائحين من اختيار رحلاتهم المستقبلية، ويمكن الجهات المسؤولة عن النشاط السياحي في الجزائر من التعرف على خصائص الطلب المتوقع من جهة أخرى.
• ضرورة اتجاه الديوان إلى استخدام موقع فيسبوك وتويتروالانستقرام لتنشيط السياحة الدولية والمحلية، إلا أن التركيز على هذه المواقع فقط لا يكفى، فمن المواقع المهمة أيضاً موقع اليوتيوب.
• أن يتم تغذية شبكات التواصل الاجتماعي بروابط تُمكن من الربط بينها وبين الأدوات الإلكترونية التوضيحية مثل الخرائط الجغرافية الإلكترونية، والكتالوجات الإلكترونية، والكتيبات الإلكترونية، والتي تمكن السائح من الحصول على معلومات تفصيلية وموثقة عن الخدمات أو المناطق التي يبحث عنها.
• أن يتم تغذية شبكات التواصل الاجتماعي بالصور والفيديوهات المتخصصة وأن تنشر على كافة الصفحات حتى المملوكة للأفراد والشركات الخاصة، على أن يتم تجهيز المادة العلمية والفنية من قبل المتخصصين فى السياحة والتكنولوجيا.
• البدء في حملة التسويق للمقصد السياحي وفقاً لخطة تسويق إستراتيجية تعتمد على صياغة رؤية ورسالة قويتان كأساس للتسويق الإستراتيجي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأن تنشر وتعمم كلاً من الرؤية والرسالة على كافة الصفحات المعنية بالنشاط السياحي في الجزائر على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء الصفحات المملوكة للجهات الحكومية أو الخاصة أو الأفراد.
• أن يتم التوجه إلى شبكات التواصل الاجتماعي من منظور متكامل بحيث يتم التنسيق مع كافة القطاعات المعنية بالنشاط السياحي في الجزائر مثل الفنادق وشركات النقل وموردي الخدمات وشركات السياحة ووكالات السفر على غرار التجربة الأردنية.
• أن تتضمن شبكات التواصل الاجتماعي المقترحة للقيام بالمهام التسويقية على موضوعات مستقلة لعرض برامج الرحلات وعروض الأسعار للتواصل مع العملاء ومناقشتهم في الجداول الزمنية للرحلات والأسعار المعلنة.
• ضرورة تخصيص قسم مستقل في الديوان الوطني للسياحة يقوم بالمسؤولية التامة والكاملة عن مهام التنشيط السياحي عبر شبكات التواصل الاجتماعي بحيث يعمل تحت إطار وتوجهات الوزارة والهيئات المعنية لتتكامل أهدافه وخططه مع المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية (SDAT) .
إن المصلحة الوطنية تستوجب اليوم الاهتمام أكثر من ذي قبل بقطاع السياحة الجزائري وتثمينه وتطويره بحيث تصبح السياحة موردا هاما تضاف إلى موارد الدولة،وهو ما عملت الجزائر على إدراجه في مختلف برامجها التنموية من خلال التعريف بالمقصد السياحي الجزائري وترقيته،فالترويج السياحي سيؤدي حتما إلى زيادة في الطلب على المنتج السياحي مما يعني زيادة في حجم الحركة السياحية والذي يعني بدوره ازدهارا مؤكدا لقطاع السياحة في البلاد .ومن هذا المنطلق فقد أوكلت مهمة الترويج للسياحة إلى الديوان الوطني للسياحة باعتباره الواجهة السياحية للجزائر محليا ودوليا.
رابط دائم: https://mosta.cc/7a2f1