مساهمة علمية: د/ محمد فلاق
تشهد الجامعة الجزائرية ومنذ بداية الألفية التحاق أعداد كبيرة جدا من الطلبة بشتى التخصصات كما ونوعا، ما يزيد ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتق النظام التعليمي في توجيه مستقبل البلاد. ومع تزايد عدد الخرجين سنويا لم تعد الدولة قادرة كما في السابق على توفير العمل لأولئك الطلبة من خلال مؤسساسات العمومية والإدارات الحكومية؛ مما دعاها للتفكير وبجدية في كيفية تدارك الوضع وتثمين التكوين الذي حصل عليه أولئك الخريجين، للاستفادة منه والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ومن هنا يأتي الاهتمام بالمقاولاتية وإنشاء المؤسسات الناشئة، كونها تعتبر آلية حقيقية لحل مشكلة البطالة من جهة ورافدا لتنويع الاقتصاد من حيث جودة المنتجات والخدمات.
لقد قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالاشتراك مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بتعميم إنشاء دار المقاولاتية في مؤسسات التعليم العالي، وذلك لتحفيز الروح المقاولاتية لدى الباحثين والطلبة من خلال برامج نشاطات تسعى إلى نشر وزرع الثقافة المقاولاتية.
لقد أنشأت أول دار للمقاولاتية في الجامعة الجزائرية منذ 2007 بجامعة قسنطينة تحديدا، وبالرغم من توالي إنشاء دور أخرى، إلا أنه ليس ثمة آلية واضحة تؤطر عملها، فهي هيئة تابعة لرئاسة الجامعة مباشرة، وليس لها موقع مستقل في الهيكل التنظيمي، إضافة إلى أنها تعمل بمبادرات فردية من أساتذة متطوعون، ما جعل مساهمة دور المقاولاتية متفاوتا ومتذبذبا
على الرغم مما توليه الجامعات الجزائرية من عناية بالمقاولاتية لدى الطلبة ؛ من خلال إنشاء دار المقاولاتية؛ إلا أن برامجها ومبادراتها لم تدرج بعد ضمن خطط معتمدة على المستوي الوطني، وذلك نظرا لحداثة طرحها، ومحدودية إلمام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس بأبعادها، وآليات المشاركة الفاعلة فيها. وفى ضوء ادارتنا لدار المقاولاتية بجامعة الشلف لفترة من الزمن ارتأينا طرح آلية عمل موحدة لتفعيل عمل دار المقاولاتية في الجامعات الجزائرية كالتالي:
1- الرؤيــة: أن تكون دار المقاولاتية في الجامعة مرجعية علمية ومهنية في نشر ثقافة العمل الحر وترسيخ ثقافة المقاولاتية وبناء أجيال متعاقبة من طلبة مقاولين الناجحين.
2- الرسالــة: تمكين الطلبة من توليد أفكار ابتكارية وتحويلها إلى مشاريع إبداعية من خلال نشر ثقافة العمل الحر وترسيخ ثقافة المقاولاتية بما لدى الدار من إمكانيات بشرية وفنية واتفاقيات سوسيو اقتصادية..
3- الأهداف الإستراتيجية
– المساهمة في أن يكون خريج الجامعة متميزاً بالإبداع والريادة متمتعاً بمهارات الابتكار وسمات القيادة.
– المساهمة في تحقيق أهداف الجامعة من خلال نشر ثقافة العمل الحر وبناء المهارات والقدرات الإدارية والقيادية لدى طلاب الجامعة.
– المساهمة في تمكين دار المقاولاتية من تنفيذ برامجها ومشاريعها من خلال تدعيم قدراتها البشرية والمالية والفنية.
– بناء السلوك الإيجابي لدى الطلبة الجامعيين من الجنسين تجاه العمل الحر بما يحقق الربط بين مخرجات الجامعة ومتطلبات سوق العمل.
– تأسيس جائزة باسم مدير الجامعة في مجال المقاولاتية تحفيزا لأنشطة الطلابية.
4- هيكلة لدار المقاولاتية: نرى أن هناك ضرورة لوجود هيكل تنظيمي لدار المقاولاتية باعتبار أن هذا الهيكل يعد أحد الوسائل التي تحقق من خلاله هذه الهيئة أهدافها باعتباره يمثل الإطار الذي يحدد تقسيماتها التنظيمية واختصاصاتها الرئيسة والتفصيلية وعلاقاتها التنظيمية المتداخلة ، كما يحدد أيضاً خطوط الاتصال بين مكونات هذا الهيكل وسلطات ومسئوليات تلك التقسيمات بما يضمن ترتيب وتنسيق كافة الجهود لتحقيق أهداف هذه الدار بدرجة عالية من الكفاءة والفاعلية . بحيث يتكون الهيكل التنظيمي من مدير لدار المقاولاتية ومساعدين، اضافة الى فرق من كل كلية، هذه الأخيرة تندرج تحتها ثلاث خلايا ، خلية للدعم والتحفيز، خلية للمرافقة، خلية للتكوين.
5- الأمور التنظيمية والتنسيقية: ان من الأمور التي وجب التنويه بها هي:
– ضرورة رصد تعويض مالي لمدير وأعضاء دار المقاولاتية، بحيث أن الطابع التطوعي في التسيير يجعله أقل فعالية، لما للدار من نشاطات عديدة مُجهدة.
– تكوين مؤطري وأعضاء الفرق الفرعية لدار المقاولاتية ضمن برنامج مسطر ووفق خصوصية كل كلية.
– ضرورة قيام إدارة الدار بنشر ثـقافة المقاولاتية والريادية بكل الوسائل المتاحة في وسط الجامعة من أجل التعريف برسالتها ومهمتها.
– إجراء استطلاعات الرأي، بكل الوسائل المتاحة، في صفوف الطلبة والأساتذة ، للتحسين المستمر لعمل دار المقاولاتية.
– المشاركة والمساهمة في كل نشاط محلي أو جهوي أو وطني أو دولي في مجال المقاولاتية في مؤسسات التعليم العالي.
– يمكن لدار المقاولاتية دعوة أو استشارة أي شخص يمكنه أن يقدم لها مساعدة ما في أشغالها بحكم مؤهلاته أو خبراته.
– إنشاء منصة وطنية تنشر فيها دور المقاولاتية أنشطتها الإبداعية وتظاهراتها المتميزة، لمحاكاة وتعميم النجاحات والنماذج.
ونختم، بأن المقاولاتية الطلابية ستكون الرهان الذي تعتمد عليه الجزائر لما للفئة الجامعية من كفاءات ومعارف تسمح بإطلاق مشروعات إبداعية، وهذه الأخيرة لن تكون مستدامة وخلاقة للثروة الا إذا كان لها هيئة مرافقة بإستراتيجية عمل واضحة وبرؤية استراتيجية.
رابط دائم: https://mosta.cc/lgcfv