تسعى الجزائر للنهوض باقتصادها الوطني وخلق التنمية في شتى المجالات، من خلال الإعتماد على الموارد البشرية والكفاءات المؤهلة، والقدرات الوطنية القادرة على صنع الفارق بالمؤسسات الاقتصادية والهيآت العمومية، ويؤكد مختصون في المجال على أهمية وجود تنسيق ما بين الجامعة والمحيط الاقتصادي ، لتمكين الجامعة من التكوين حسب إحتياجات النشاط الاقتصادي.
الخبير الاقتصادي الدكتور ،سليمان ناصر لـ”المستثمر”: لابد من وجود تنسيق بين الجامعة والمحيط الاقتصادي
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور ،سليمان ناصر، أن المؤسسات الاقتصادية بإمكانها الاستفادة من إبداعات وأفكار وإختراعات الطلبة وذلك لتطوير المؤسسات الاقتصادية، مشيرا إلى أنه لابد من وجود تنسيق ما بين الجامعة والمحيط الاقتصادي ، لتمكين الجامعة من التكوين حسب إحتياجات النشاط الاقتصادي.
وقال سليمان ناصر في حديثه مع جريدة “المستثمر” أن “الجامعة بإمكانها المساهمة في تطوير المؤسسات الاقتصادية بعدة أشكال وبعدة طرق”، ويرى أن ذلك يكون من خلال تحسين نوعية التكوين في الجانب الاقتصادي -كليات الاقتصاد- ، مشيرا إلى أن الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا المجال، ولفت بالحديث إلى أهمية تحسين التكوين وتحسين مخرجات الجامعة خاصة منها المتوجهة للعمل في المؤسسات الاقتصادية- لابد أن تكون مكونة جيدا وتكون في مستوى التطلعات- .
وتابع الخبير الاقتصادي ” لابد من وجود تنسيق ما بين الجامعة والمحيط الاقتصادي، وذلك لتمكين الجامعة من التكوين حسب إحتياجات النشاط الاقتصادي”، وأضاف ” الكثير من البحوث العلمية ممتازة ويمكن تجسيدها في الميدان خاصة في المجال الاقتصادي أو براءة الإختراع، والتي يمكن للمؤسسات الاقتصادية الاستفادة منها والتي أنجزت بسواعد أبنائنا والتي ممكن المؤسسات تقوم باقتنائها من الخارج بالعملة الصعبة… هناك أفكار ومشاريع التي ينجها أبنائنا في مذكرات تخرجهم تبقى حبيسة الرفوف وبقيت حبرا على ورق”.
وقال سليمان ناصر ” جانب آخر من الجوانب الإقتصادية الذي يمكن للمؤسسات الاقتصادية الاستفادة منه وهي إبداعات وأفكار وإختراعات الطلبة في الجامعة”، وأفاد بالقول ” هناك عدة وجوه بإمكان الجامعة من خلالها المساهمة في تطوير المؤسسات الاقتصادية “.
الأستاذ الباحث ،عبد الرحمان بوثلجة لـ “المستثمر”: إهتمام متزايد بتشجيع المقاولاتية في الوسط الجامعي
أكد الأستاذ الباحث ،عبد الرحمان بوثلجة، وجود إهتمام متزايد بتشجيع المقاولاتية في الوسط الجامعي من خلال إنشاء حاضنات أعمال في العديد من الجامعات، ويرى أن الفرصة متاحة للجامعة الجزائرية لتسترجع دورها كقاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي رده على سؤال “المستثمر ” بخصوص كيفية إسهام البحث العلمي في تطوير المؤسسات الإقتصادية أكد بوثلجة بالقول”… البحث العلمي يسهم في تطوير الاقتصاد بصفة عامة، والمؤسسات الاقتصادية بصفة خاصة، إذا وجدت إستراتيجية واضحة مبنية على نظرة شاملة ودقيقة لكيفية تشجيع البحث التطبيقي المفيد، وكيفية الإستثمار في منتوجاته بكيفية تلبي حاجيات البلاد في الكثير من الأشياء التي نستوردها وندفع مقابل ذلك الكثير من العملة الصعبة، التي تأتينا بدورها من مصدر يكاد يكون وحيدا ألا وهو تصدير المحروقات”.
بحوث جدية قابلة للتطبيق في الميدان
وتابع المتحدث “أعتقد أنه لهذا الغرض تم تأسيس المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، الذي يظم شخصيات علمية، من المفروض أنها الأرقى على المستوى المحلي وكذلك من العلماء الجزائريين الذين يعملون بالخارج، بالإضافة إلى رؤساء المؤسسات الاقتصادية العمومية الكبرى…. نأمل أن نرى نتائج هذا المجلس قريبا، لأن الواقع يقول أن البحث العلمي في الجزائر لا يشارك تقريبا في الاقتصاد الوطني، فالإحصائيات تبين أنه بحث علمي إستهلاكي غير منتج، يعتمد على نفقات الدولة ولا يوجد استغلال أو متابعة أو إستثمار فيه إلا نادرا.. حتي البحوث الجدية التي أنفق فيها الباحثون الكثير من الجهد والوقت وهي قابلة للتطبيق في الميدان تترك في الادراج”.
إهتمام متزايد بتشجيع المقاولاتية في الوسط الجامعي
وأضاف عبد الرحمان بوثلجة ” مع قدوم الرئيس تبون، وطرحه لمشروع الجزائر الجديدة, حيث يكون للإقتصاد المبني على المعرفة إهتمام كبير من طرف الدولة الجزائرية، بدأنا نلاحظ إهتماما متزايدا بتشجيع المقاولاتية في الوسط الجامعي من خلال إنشاء حاضنات أعمال في العديد من الجامعات، وتزامن هذا مع الحديث عن إعادة الاعتبار لتخصصات العلوم الدقيقة والتكنولوجية، وانشاء مدارس للرياضيات والذكاء الاصطناعي وفي المستقبل القريب في الفلاحة الصحراوية وميادين أخرى ” .
الجامعة قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
وأردف الباحث الجامعي بالقول ” كانت هذه فرصة كبيرة للجامعة الجزائرية لتسترجع دورها كقاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية” ، وقال إن التحدي كبير بالنسبة للجامعة الجزائرية كي تشارك بفعالية في البناء الوطني، وخاصة أنه تم إنشاء دوائر وزارية متخصصة في الاقتصاد الرقمي وفي المؤسسات الناشئة وفي قطاعات أخرى لها علاقة مباشرة ويمكن أن تساعد في رفع هذا التحدي”، موضحا أن ” أعتقد مشاركة الجامعيين في القطاع الاقتصادي يمكن أن تنقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى وهي الأهم، وهي مرحلة التكوين الجيد والتركيز على البحث المفيد الذي يؤدي إلى الابداع والابتكار العلمي والتكنولوجي، والمرحلة الثانية هي الاستثمار في نتائج المرحلة الأولى، أي إنشاء شركات ناشئة أو مصغرة الانتاج وبعده التسويق وهي مرحلة المقاولاتية “، مشيرا أنه “الملاحظ أن التسويق للمقاولاتية يعطى إهتماما كبيرا ويستثمر فيه بكثرة من خلال الملتقيات والندوات ودورات التكوين وغيرها، وفي حين أن الأهم هو تشجيع الجامعيين على إجتياز المرحلة الأولى، أي المرحلة التي تنتهي بالاختراع العلمي الذي يجب أن يكون في إطار إحتياجات بلادنا في مختلف الميادين”.
هذا هو دور الطالب والأستاذ في الدفع بعجلة النمو
من جهة أخرى أكد المتحدث لجريدة “المستثمر” أن “مشاركة الجامعة بصفة عامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية يكون من خلال أمرين رئيسيين وهما تحسين جودة التعليم والتكوين وترقية البحث التطبيقي وجعله مفيدا للإقتصاد والمجتمع، وهي مهمة كل الفاعلين في الجامعة، من مسيرين وأساتذة، ومن موظفين وطلبة”، مشيرا إلى أنه ينبغي توفير البيئة التي تساعد على رفع هذا التحدي، لافتا ” نقصد بالبيئة الظروف التي تساعد الأستاذ على تقديم أفضل ما لديه من المعلومات والطالب على تحصيل أكبر قدر ممكن من العلوم، وهنا يأتي تحسين الظروف الاجتماعية للأستاذ والباحث على رأس الأولويات، لأنها تساعد على الاستقرار وبالتالي التركيز على المهام الأساسية، أي التكوين والبحث، ويأتي تعيين مسؤولين أكفاء ممن لهم القدرة على تحريك الجمود وتشجيع الابداع وتفجير الطاقات الكامنة الموجودة”.
وأفاد أنه ” للتوعية والتحسيس أهمية كبيرة ويلعب الإعلام دورا كبير في ذلك، كما أن بث روح التنافس العلمي بين الطلبة وفي حسن التسيير بين المسيرين يجعل من الجامعة و من الهياكل المعنية، خاصة دور المقاولاتية والحاضنات ومراكز ووحدات البحث مثل خلية النحل من حيث النشاط والعمل عوض أن تكون هياكل فارغة موجودة في الواقع إسميا فقط.. دور كل من الاستاذ والطالب أساسي ومحوري، ولدينا طاقات كامنة هائلة، مشيرا إلى أن المجهودات المبذولة لن تأتي بالنتائج المرجوة إلا إذا كانت في إطار إستراتيجية واضحة وفي بيئة عمل مناسبة ومشجعة.
رابط دائم: https://mosta.cc/f774m