من يحمل الروح الوطنية الصادقة، لا ينتظر إشارات ولا يترقب توجيهات. فمن وُلد في حضن الجزائر، يعرف غريزيًا متى يتحرك وكيف يدافع. نحن في الإعلام الوطني، جنود الكلمة الحرة الملتزمة، نعرف جيدًا أن معركة الجزائر اليوم ليست بالسلاح، بل بالمعلومة، بالرسالة، بالصوت الذي لا يخفت أمام العواصف ولا ينكسر أمام الحملات المُضللة.
لقد تغير الزمن، ولم تعد المعارك تُخاض بخطابات هادئة أو دفاعات خجولة. نحن الآن في زمن الهجوم الإعلامي الاستباقي، زمن المواجهة الشجاعة بالكلمة والموقف، دون تردد، ودون أقنعة. فالجزائر اليوم تقف شامخة، بمواقف سيادية أرعبت خصومها، وقرارات أربكت من تعودوا على التبعية فقط
انظروا فقط إلى المشهد الدولي: الجزائر في مجلس الأمن بصوت حر ومستقل، تُدافع عن فلسطين بلا تلعثم، وترفض المساومة على دماء الأبرياء أو قضايا الحق. انظروا كيف عادت الجزائر إلى عمقها الإفريقي بقرارات سيادية ورؤية استراتيجية، تزعج من اعتادوا التدخل والهيمنة. لاحظوا الحركية الاقتصادية الداخلية، كيف بدأت الصناعة المحلية تفرض نفسها وتقلص فاتورة الاستيراد، الأمر الذي صدم لوبيات التوريد والاستيراد، في الداخل والخارج.
تقدم الجزائر أزعجهم؛ لأنهم لم يعودوا يتحكمون في قرارها الاقتصادي، ولم يعودوا يمليُون شروطهم على مصانعها أو أسواقها. صدمة متتالية تلقاها من راهنوا على تبعيتها الدائمة. الجزائر اليوم تتعامل بندّية، تقرر، تفرض، وتبني.
ومن بين أكثر من تألم من هذا التحول، الإعلام الفرنسي الذي كشف عن وجهه الحقيقي، فتحول إلى منصة تحريض ضد كل ما هو جزائري، عبر تقارير مشبوهة، وتعليقات خبيثة، وحتى من خلال استدعاء أسماء جزائرية مسجلة “كإرهابيين” لتقديم صور مشوهة للوطن. بعض القنوات الفرنسية أصبحت تهاجم الجزائر يوميًا، لا لشيء، سوى لأنها خرجت من عباءة الوصاية ورفعت رأسها عاليًا.
تصريحات فرنسية رسمية ساهمت في تأجيج الوضع، وهي تصريحات لم تمر دون ردّ، فقد سحبت الجزائر سفيرها حينها، وأكدت أن الكرامة الوطنية خط أحمر.
ورأينا كيف استشاطت فرنسا غضبًا عندما فتحت الجزائر ملفات الذاكرة، ورفضت التنازلات الرمزية. بل حتى المواقف الجزائرية من قضية الساحل وإفريقيا لم ترق لباريس، التي كانت ترى المنطقة مجالًا “حصريًا” لنفوذها. لكنها تفاجأت بجزائر جديدة، تُفاوض وتفرض وتحاور، بندية تامة.
والأكثر من ذلك، أن الجزائر لم تنسَ خيانة الجارة الغربية مع الكيان الغاشم، ولا تنكر ما يُحاك في مالي والنيجر ومحيطها الإفريقي من محاولات لتفجير الاستقرار. والرد كان واضحًا: بالعمل وليس بالشعارات. بمنطق الدولة، لا بمنطق العاطفة. بمواقف ثابتة، لا بالتماهي مع قوى الابتزاز.
كل هذه المعطيات، تُفسر شراسة الهجمات الإعلامية التي تواجهها الجزائر اليوم، والتي تأتي مغلفة بشعارات “حرية التعبير” أو “حقوق الإنسان”، بينما هي في حقيقتها أدوات موجهة، تسعى فقط لضرب استقرار دولة تُبني من جديد، وتنهض من رماد سنوات الإنهاك.
نحن هنا، كما كنا بالأمس وأهل الاختصاص يعرفون شباب الوطن، مستعدون للدفاع عن الجزائر بالكلمة والموقف، بكل الوسائط واللغات والمنابر. وندرك أن قوتنا ليست فقط في الصراخ المماثل للطرف الأخر، بل في الانضباط، في المهنية، وفي الالتزام الصادق بالحقيقة.
وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نُحيي الإصلاحات الجريئة التي قادها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في قطاع الإعلام، والتي أعادت للصحافة الجزائرية هيبتها ومكانتها، وفتحت لها أفقًا جديدًا في التكوين والرقمنة والتفاعل مع الواقع.
كما نشكر مديرية الإعلام برئاسة الجمهورية ووزارة الاتصال، على الديناميكية الجديدة التي أحدثوها، والتي سمحت بترسيخ إعلام احترافي، يقف في وجه الحملات، ويرد بالحجة والمنطق، لا بالصوت العالي.
نحن جنود الجزائر… لا نتراجع
رابط دائم: https://mosta.cc/9ywd8