حاوره محمد الصالح براهمي
أنهى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مساء يوم الجمعة 27 ماي الجاري، زيارة وصفت بالتاريخية إلى جمهورية إيطاليا، عكس الإستقبال الضخم للرئيس في العاصمة الإيطالية أهميتها، وكلّلت بتوقيع إتفاقيات ثنائية شملت مختلف القطاعات، خاصة الطاقة والمؤسسات المصغرة والناشئة.
وهو ما من شأنه أن يكرّس التوجه الجديد للدولة الجزائرية بخلق شراكات إستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة، بالإضافة إلى المساهمة في تنويع الإقتصاد الوطني بالإعتماد على تلك الشراكات، وفي الحالة الإيطالية، تبرز تجربتها في مجال المؤسسات المصغرة والناشئة كتجربة يحتذى بها.
وفي هذا الحوار المطول مع الخبير الإقتصادي الجزائري المغترب بقطر، مراد ملاح، والذي سبق له المشاركة في لقاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مع الجالية الجزائرية في قطر، خلال زيارته لها، نعود لنتائج زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا، والحفاوة التي استقبل بها، بالإضافة إلى دور الجالية الجزائرية في الخارج في الدفع بعجلة الإقلاع الإقتصادي والمساهمة بفعالية في تطوير الإقتصاد الوطني، بعد فترات تهميش وإبعاد عن الشأن الجزائري في السابق.
بداية، شاهدنا إحتفاء كبير بالرئيس تبون في إيطاليا، كجزائري، ما رأيك في ذلك؟
زيارة السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى إيطاليا هي زيارة تاريخية رفيعة المستوى ،زيارة دولة مهمة صاحبها احتفاء إيطالي منقطع النظير.
السيد رئيس الجمهورية منذ وصوله إلى إيطاليا حيث تقدم مستقبليه من كبار المسؤولين الإيطاليين وزير الخارجية لويجي دي مايو رفقة بعثتنا الديبلوماسية الجزائرية ، حظي باستقبال أخوي حار من نظيره الإيطالي فخامة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا بقصر الكيرينال في العاصمة الإيطالية.
بلاشك فإن مستوى الترحيب الذي تجلّى في مشاهد ستبقى خالدة خاصة استقبال السيد رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون بخليج نابولي، بـ21 طلقة مدفعية من السفينة المدرسة أميريغو فيسبوتشي ، يعكس المكانة الكبيرة التي تحظى بها الجزائر ، ومستوى الترحيب الإيطالي يـُــشْعِــــر كل مواطن جزائري بالفخر والاعتزاز بالانتماء لأمة جزائرية مهابة محترمة ، ضاربة في العمق التاريخي ومتجذرة في الوجدان الانساني وصاحبة الحضور المهيمن في البحر الأبيض المتوسط والمنطقة برمتها ، ومستوى الترحاب والاستقبال الذي حظي به السيد الرئيس يعكس مكانتنا بين الدول والاحترام الذي نستحقه وهو جانب افتقدناه طيلة عقود .
أي نعم أكتست الزيارة أهمية خاصة، خاصة ما يتعلق بتمتين أواصر الصداقة التاريخية، وتعزيز العلاقات الثنائية، وبخاصة الجانب الاقتصادي، ضمن رؤية جديدة لرئيس الجمهوية تتضمن إعادة الهيبة للدولة الجزائرية قيادة وشعبا فيما بعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الاستراتيجي، بين الجزائر والدول الشقيقة والصديقة يبدو أنه سيكون حجر الزاوية في تنمية التعاون الدولي وتحقيق الوثبات الاقتصادية التي ينشدها كل الجزائريون .
زيارة السيد الرئيس حملت العديد من الرمزيات التي تتوافق وتقاليد ديبلوماسية جزائرية راقية ، السيد الرئيس حظي باستقبال حار من رئيس غرفة مجلس النواب الإيطالي ، شهد ونظيره الإيطالي توقيع عديد الاتفاقيات المهمة خاصة مذكرة تفاهم بين “إيني” الإيطالية و”سوناطراك”
هل يمكن اعتبار حفاوة الإستقبال دليلا على حسن النية الإيطالية في إرساء شراكة اقتصادية قوية مع الجزائر؟
ابتداءا يجب أن نتوقف عند جزء من تصريحات السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي وصف إيطاليا بأنها “الصديق العظيم للجزائر” ، مضيفا بالقول ” أن الأمة الجزائرية يجب أن تتطلع إلى الدول الصديقة مثل إيطاليا “.
في الديبلوماسية والعلاقات الدولية ، تفاصيل الاستقبال ومحتوى المحادثات ومستوى التغطية الإعلامية كلها انعكاس للتوجهات السياسية وبارومتر يعكس دفء العلاقات وعمقها من عدمه
الرئيس الايطالي في الندوة الصحفية التي جمعته والسيد الرئيس بصم على عمق هذه العلاقات بالقول
“أكدت مع نظيري الجزائري في محادثاتنا علاقة الصداقة والتعاون بين بلدينا”
أما فيما يتعلق بالنوايا فاعتقد أننا امام صداقة استراتجية تجاوزت النوايا الى واقعية وندية بين الطرفين ،وهنا اريد أن اتطرق الى نقطتين مهتمين جدا في اعتقادي :
أولا الجزائر تجاوزت الحضور المحتشم في عقود سابقة ، والمحكوم بحسابات ضيقة ومصالح جماعات وعصب ، الجزائر اليوم تقدم نفسها للعالم شريكا اقتصاديا وجولة محورية تتمتع بكامل المرئيات المستقلة التي تتوافق وديبلوماسية المبادىء من جهة ، وكذا مصالح الجزائر العليا من جهة أخرى ضمن مقاربة براغماتية لافتة للانتباه ولا يبدو أن طبيعة وكاريزما السيد عبد المجيد تبون نفسه ستتجاوز معطى الثقة والاحترام في العلاقات الدولية وهو ما يفسر مواقف الجزائر من عديد الدول والقضايا وفي العلاقة مع ايطاليا يحضر هذا الفاعل في تصور الجزائر الرسمية لمحددات علاقتها مع الدول حيث قال السيد الرئيس :
” العلاقات بين الجزائر العاصمة وروما “مبنية أولاً وقبل كل شيء على الثقة المتبادلة بيننا ”
ثانيا نحن أمام علاقة ثنائية بقدر متساوٍ من الاحتياج فايطاليا التي تحاول أن تخرج من آثار الجائحة التي أفرزت تباطأ في الاقتصاد الايطالي ، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي هي الأعلى بعد اليونان ، فيما العجز العام هو الأعلى بين جميع الاقتصادات الرئيسية في منطقة اليورو، بحاجة الى شركاء اقتصاديين وأسواق كبيرة واقتصادات ناشئة صاعدة بنفس حاجة الجزائر الى شريك اقتصادي محترم ، له من الخبرات في مجالات يحتاجها الاقتصاد الوطني الجزائري ، بشكل يحيل العلاقة بين البلدين الى علاقة مبنية على المصالح والمنافع المشتركة والتكامل الاقتصادي
الرئيس تبون أعلن بأن إيطاليا ستكون موزع لكميات الغاز الفائض للجزائر إلى أوروبا، ما هو أثر ذلك على الإقتصادين الإيطالي والجزائري؟
أولا أنبوب الغاز العابر للبحر المتوسط (ترانسماد) بين الجزائر وإيطاليا، يربط البلدين منذ سنة 1983 مرورا بتونس، ويمتلك قدرة إمداد تبلغ 33.15 مليار متر مكعب في السنة.
وسمح هذا الأنبوب للجزائر بتصدير 14.8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا سنة 2020، بزيادة 12% مقارنة بسنة 2019، ما سمح للجزائر بأن تصنف كثاني مورد للسوق الإيطالية بحصة تناهز 22%
الحاجة الى الغاز الجزائري تنامت بشكل كبير جدا إثر إصرار أوربي جماعي على تجاوز الحاجة إلى الغاز الروسي ،المميز أن وتيرة الانتاج بالجزائر تعرف تصاعدا بعد عودة الاستقرار إلى هذا القطاع الذي عانى من ويلات سوء التسييرفي عقود مضت ، اليوم في ظل وجود شخصيتين متمكنتين في هذا القطاع و أقصد بهما وزير القطاع المحترم السيد محمد عرقاب والرئيس المدير العام لشركة سوناطراك السيد توفيق حكار ، أضحى لقطاع الطاقة في الجزائر طرح جديد غير الطرح النمطي التقليدي الذي لم يكن يتجاوز التوريد وفقط ، و ما مذكرة التفاهم لتطوير حقول الغاز والهيدروجين الأخضر في الجزائر بين شركتي إيني وسوناطراك على هامش زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى إيطاليا إلا دليل على هذا التحول اللاّفت في السياسة الطاقوية في الجزائر التي يبدو واضحا أنها اختارت مواكبة الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة وهو تحد وطلب عالمي.
أما الاستفادة فهي بلاشك قصوى لاقتصاد ايطالي مبني على نسيج صناعي مهم جدا بحاجة الى استقرار تموني في الطاقة ، و بمثلها تستفيد الجزائر من تجربة ايطالية عالمية المستوى والأبعاد في مجال الطاقات المتجددة
تم، خلال زيارة الرئيس تبون، إمضاء بروتوكول تفاهم في مجال المؤسسات المصغرة والناشئة، كيف يمكن للجزائر أن تستفيد بأكبر قدر ممكن من التجربة الإيطالية في هذا المجال؟
هنالك محاولة جادة في الجزائر لتأسيس نموذج اقتصادي غابت ملامحه منذ سنوات ، القيادة الجزائرية يبدو أنها حسمت أمرها في التوجه نحو خيار بناء أرضية قوية من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و مزاوجة هذا البناء بالاقتصاد الرقمي من أجل تحقيق التحول نحو اقتصاد معرفة حديث يحقق فعالية أكبر وإنجازات مهمة على صعيد التنمية الاقتصادية ، في الجزائر واقع جميل متنامي محفز ويبعث على التفاؤل تعبر عنه قطاعات الشركات الناشئة والشركات المصغرة التي يقودهما وزيران شابان حداثيان عصريان في الطرح والتعاطي ، بلا شك الوصول إلى اقتصاد المقاولاتية الذي لا ينبني إلا بحرية اقتصادية وتجارب دولية رائدة مرافقة ، يمكن أن تحققها الشراكة مع ايطاليا باعتبارها دولة رائدة في هذا المجال .
وربما هذا مايفسر تصريح السيد الرئيس بقوله أننا ” نود بشدة تحقيق النموذج الاقتصادي الايطالي” ، ويعتقد السيد الرئيس كما عديد المراقبين والمختصين أن ” الاقتصاد الإيطالي هو أكثر الاقتصادات التي تشكلت على هذا النموذج “.
يضيف السيد الرئيس في هذا الصددد بالقول أن :” إيطاليا قوة اقتصادية عالمية في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة”
خرجات الرئيس تبون الدولية، كللت كلها بإتفاقيات وبروتوكولات ثنائية ركزت على الجانب الإقتصادي، كيف ترى انهكاساتها على الحركية الإقتصادية في الجزائر؟
أعتقد من خلال متابعتي المتواضعة للشأن العام الوطني ، أن هذا التوجه الاقتصادي الواضح في زيارات السيد الرئيس ينبع من أمرين اثنين :أولهما انه استكمال لخطة العمل التي أفصح عنها والتي تضمنت في اول سنتين استكمال بناء المؤسسات وتحرير وتفعيل هياكل الدولة ، وهو ماتم عبر تجديد المجاليس والهيئات المنتخبة ، وبالتالي يجري التركيز حاليا على تحريك ملفات الاقتصاد على غرار قانون الاستثمار الذي تم إيلاؤه الأهمية القصوى.
لن اكون مستعجلا في الحديث عن انعاكاسات هذه الاتفاقات على الاقتصاد الوطني لأنني متوجس من هوة يشعر بها عديد المراقبين والمحللين وتتعلق بالوتيرة التي يعالج بها السيد الرئيس وفريقه المباشر الملفات الاقتصادية وبين المعالجة التي تتم لاحقا حيث يلاحظ بعض البطؤ غير المبرر والمريب والذي من شأنه تعطيل الحصول على نتائج مرضية.
سيكون لهذه الاتفاقات التي أفرزتها زيارات السيد الرئيس عظيم الأثر في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وخلق مشاريع جديدة ووظائف قارّة لآلاف الشباب الجزائريين ، لكن ذلك لن يتأتى إلا بتفعيل دورة حياة المشاريع كاملة و هو في اعتقادي المتواضع التحدي الأعظم الذي تواجهه الجزائر في واقعها ومستقبلها واقصد به الحوكمة بما تتضمنه من تفعيل للنصوص والقوانين ،كما يجب أن يتوقف بعض الاداريين البيروقراطيين عن شيطنة قطاع الأعمال كاملا ، نعم كانت تجربتنا مرة وأليمة مع رجال أعمال في وقت سابق رهنوا المال العام وأساؤوا لاقتصاد البلد ، لكن هذا ليس مبررا لمعاداة كل رجال الأعمال وتعطيل التراخيص والاستثمارت المحلية والدولية.
دائما مع خرجات الرئيس تبون الدولية، والتي عرفت اركيزا على الجالية الجزائرية، كيف ترى أثر لقاءات الرئيس تبون مع الجالية على مختلف الأصعدة، خاصة وأن الجالية تم سابقا تهميشها وحتى تشويهها والطعن في وطنيتها؟
أرسى السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تقليدا راقيا بجعل لقاءاته مع الجالية الوطنية في الخارج جزءا من برنامجه ، عبر السيد الرئيس في عديد اللقاءات التي جمعته بالجالية عن دعمه لها وعن اعتزازه بمابلغته من وعي وطني بالمخاطر والتهديدات التي تحاول عبثا النيل من وحدة الجزائريين ، كان لي شرف الحديث الى السيد الرئيس في مقابلتنا له بالدوحة لدى زيارته دولة قطر ، ووجدت في سيادته قمة التواضع والإنصات والنقاش الهادىء والصادق والبناء.
يدرك السيد الرئيس تماما انه لا مجال لتعيير الجزائريين بالخارج ، ولا مجال ابدا للمزايدة عليهم والإنتقاص من وطنيتهم ، وفي معرض نقاشي معه، التمست من سيادته التأكد تماما من البعد الوطني الذي يحركنا واننا فيما يسكن ملايين الجزائريين الوطن داخل حدوده الجغرافية الجميلة والمتنوعة فنحن جزائريو المهجر يعيش الوطن فينا، في حلنا وترحالنا.
قال السيد الرئيس معلقا على هذا الالتماس انه يدرك تماما عمق تعلق الجزائريين بوطنهم وانه يعتبر الاربعين الف دولار وايا كانت تلك المساهمات القيمة لابناء الجالية خاصة في الجائحة اكثر وقعا ورمزية من اربعة ملايير دولار انفقتها الدولة الجزائرية في سبيل التصدي للجائحة ودعم القطاع الصحي ومختلف الفئات المجتمعية.
اعتقد اننا امام حالة فريدة من الاحترام والثقة بين السيد الرئيس ومواطنيه من الجالية الوطنية التي لم تنخرط في مساع متواصلة لاختراق وطن شامخ وفي لقضاياه ومبادئه.
هنا انا مصر على أن أنقل للراي العام الوطني أن النقاش مع السيد الرئيس في قضايا الوطن كان راقيا حضاريا مسؤولا وعميقا ، وجدنا في النقاش مع سيادته اطلاعاً تاما على مواطن الخلل من قلة التواصل ، و وجدنا اصرارا منه ايضا على اقحام افراد الجالية في المساعي الوطنية التي تهدف الى نقل الخبرات وتجويد الاداء الاقتصادي والعلمي والمعرفي
السيد الرئيس في الدوحة بدا فخورا بأبنائه وبناته من الجزائريين والجزائريات و أكد لنا تماما أنه لن يقبل أن يُـــــمَــسَّ أو يضايق أي جزائري أو جزائرية ، و أن حماية الجزائريين بالمهجر مسؤولية يضطلع بها أبا وأخا كبيرا قبل أن يكون رئيسا للجزائريين والجزائريات.
شخصيا شعرنا لأول مرة أننا أمام واقع تجاوزنا فيه شيطنة الجالية والتشكيك في وطنيتها ، وهنا لا يفوتني أبدا أن أثني ثناءا عطرا على النفس الجديد في مختلف مصالح وزارة الخارجية والسفارات الجزائرية بالمهجر ، ظروف الاستقبال تحسنت والمعاملات القنصلية اضحت أكثر سرعة من ذي قبل ، ما ينقصنا ربما هو رؤية وطنية جامعة لهذه الجهود تنسقها، ترتبها وتجعلها تآزر بعضها بعضا وتتجاوز العديد من الخلافات ذات الطابع الايديولجي والمناطقي الذي لا يخدم بناء جزائر جديدة نريدها ان تكون اما حانية يتساوى فيها الجزائريون ولا يتفاوتون الا بالانجاز والهمة وخدمة الوطن وابنائه والوفاء لمبادىء ثورته المجيدة.
كيف تقيمون العمل المنجز لحد الساعة في إطار خطة الإقلاع الإقتصادي للجزائر؟, وما هي النقاط الواجب الإهتمام بها؟
ما أنجز لحد الآن من خلال تحيين وتحديث القوانين ، و إصدار قانون الاستثمار ورفع العراقيل عن مئات المشاريع الاستثمارية التي سمحت بخلق آلاف الوظائف بلاشك أمر يستحق كل الإشادة والتنويه ، أعتقد أننا مازلنا أمام تحدي توحيد الجهود وتنسيق العمل بين القطاعات المتدخلة في الاقتصاد الوطني.
يعاب علينا في الجزائر وفق الخبراء والمتخصصين أن ملف الاقتصاد موزع بين جهات كثيرة وأحيانا كثيرة يغيب التنسيق بينها وتتداخل الصلاحيات وتتضارب القرارات بما أفرز بعض العراقيل البيروقراطية التي لا تتوافق والديناميكية الاقتصادية التي يسعى السيد الرئيس لارسائها بشكل مستدام.
مازلنا في الجزائر نفتقد للأرقام الدقيقة والاحصاءات المفصّلة التي تضع المؤشرات والأرقام في خدمة صانع القرار ومختلف الفاعلين في القطاع الاقتصادي ، الإصرار على الأوراق وتغييب الرقمنة والإحجام عن الحلول المبتكرة في التسيير الإداري واختباء بعض المسؤولين خلف النصوص القانونية الجافة يجب أن يتوقف ،و ديبلوماسية اقتصادية فاعلة تنتقل من التمثيل إلى التأثير أمر بالغ الأهمية يتطلب مراجعة عاجلة لمختلف الاتفاقيات الثنائية وتفعيلا للمجالس الاقتصادية العليا الثنائية التي تربط الجزائر بالدول ، حيث من غير المعقول ان تؤول كل الاتفاقات الى الارشيف دون تفعيل ، من غير المقبول تمام ألا نحدد اليوم على وجه السرعة أهم أولوياتنا القطاعية في جلب الاستثمارات ، وان نسيء لتلك المستهدفة في زيارات الرئيس بتجاهل غير مبرر لطلبات الاستثمار ، وعلينا ان نسعى لتوفير بيئة ملائمة ترافق طلبات الاستثمار ، مازلنا للاسف أمام بعض العراقيل القديمة الجديدة تتعلق بصعوبات بالغة في إصدار التاشيرات للمستثمرين الأجانب وضعف منسوب التواصل بين الوزارات ذات العلاقة ومختلف السفارات بالخارج ، وكذا طلبات الاستثمار التي وردت تباعا كمخرجات مباشرة لزيارات السيد رئيس الجمهورية وانا هنا ارفع نداء للرجل الاول في البلاد على ضرورة الايعاز لمن يلزم بمعالجة طلبات الاستثمار بكل احترام ومسؤولية لمختلف الأطراف ، وهنا استغل الفرصة لأنقل لسيادة الرئيس انشغالا أساسيا يتعلق بعدم رد بعض الدوائر الوزارية على مراسلات رسمية من ممثلياتنا الدبلوماسية بالخارج وعن طلبات استثمار لشركات دولية مرموقة كانت حاضرة في جلسات العمل التي عقدها السيد الرئيس مع شركات مهمة خاصة في تركيا وقطر ، هنالك شعور تكوّن لدى بعض المستثمرين الاجانب ألا رغبة لدى بعض الوزارات في استثماراتهم رغم توجيه الدعوات لهم في لقاءات كان الطرف الضامن والداعي فيها هو الرجل الأول في البلاد
تطوير اقتصادنا يمر عبر تشجيع المستثمر المحلي ويمر ايضا عبر جلب المستثمر الاجنبي صاحب رأس المال والخبرة الدولية ، لدينا مشكل فعالية حقيقي يبدأ باصدار التاشيرات للمستثمرين الاجانب وتحسين ظروف استقبالهم ولا ينتهي بإحجام وزارات عن الرد على طلبات استثمار ، و هذا إشكال حقيقي يرهن جهودا مقدرة ومخلصة تحاول دون أدنى شك من خلالها قيادة البلاد ترقية الاقتصاد الوطني إلى مستوى يليق بالجزائر قيادة و شعبا
رابط دائم: https://mosta.cc/lknnf