تعتبر السياحة أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، حيث تسهم بشكل فعال في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال توفير فرص العمل، زيادة الإيرادات المالية، وجذب الاستثمار في البنية التحتية والخدمات. كما تلعب دوراً محورياً في إبراز الهوية الثقافية والحضارية للدولة، مما يعزز من مكانتها على الساحة الدولية ويجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
مداحي: تحسين الخدمات أساس نجاح موسم الاصطياف 2025
أكدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية، حورية مداحي، خلال إشرافها على اللقاء التحضيري لموسم الاصطياف 2025، على أهمية استغلال الموسم المقبل للترويج للوجهة السياحية الوطنية. وأوضحت أن إنجاح هذا الموسم يرتكز على تحسين الخدمات لتلبية تطلعات الزوار وزيادة عدد السياح من الداخل والخارج.
وأضافت الوزيرة أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعزيز رقمنة الخدمات، مثل الحجز والإطعام، وتحسين وسائل النقل لضمان راحة المصطافين. كما دعت إلى إعداد دليل شامل يُبرز الوجهات السياحية الوطنية وأهمية تعزيز التعاون الجماعي لتحقيق نقلة نوعية في قطاع السياحة، الذي يُعد ركيزة أساسية في تنويع الاقتصاد الوطني.
بوشيخي: السياحة صناعة بلا مداخن تُعزز الاقتصاد الوطني
صرح الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص لجريدة “المستثمر” بأن القطاع السياحي يشمل مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل النقل، الإيواء، الترفيه، الحمامات العلاجية، السياحة الدينية، والسياحة البيئية. وأشار إلى أن الجزائر، بمقوماتها الطبيعية المتنوعة، تسعى لتحقيق مكانة عالمية في هذا المجال.
وأوضح أن دول العالم تستثمر بكثافة في القطاع السياحي لتحقيق عائدات كبيرة وخلق فرص عمل، حيث يُعتبر هذا القطاع صناعة بلا مداخن، ويشكل مصدراً هاماً للعملة الصعبة. كما نوّه بزيادة عدد الفنادق في الجزائر من 500 إلى 1590 فندقاً خلال 15 عاماً، مع توفير أكثر من 364 ألف سرير.
وأشار إلى المخطط التوجيهي للتنمية السياحية الذي حدد 249 منطقة للتوسع السياحي، مما سمح بزيادة المشاريع السياحية إلى 2560 مشروعاً معتمداً، منها 800 مشروع قيد الإنجاز ستوفر حوالي 200 ألف سرير إضافي. ومن بين هذه المشاريع إنشاء 25 قرية سياحية في المدن الساحلية، مثل قرية في ولاية سكيكدة بقدرة استيعاب 1600 سرير، إضافة إلى مشاريع مشابهة في وهران ومستغانم.
وأكد بوشيخي أن دعم القطاع السياحي يتطلب تنويع الاقتصاد بعيداً عن المحروقات، مع التركيز على الاستثمار الأجنبي والمحلي، خاصة في ظل قانون الاستثمار الجديد 15/22 الذي يمنح تحفيزات غير مسبوقة.
قانون الاستثمار 15/22: بوابة لدعم السياحة
أشار الخبير الاقتصادي بوشيخي إلى أن القانون 15/22 يتيح تحفيزات جبائية وضريبية للمستثمرين، ويمكّن وزارة السياحة من مرافقة المستثمرين مع البنوك لتسهيل التمويل. ورغم ذلك، لا تزال هناك تحديات تتعلق بالتمويل طويل الأجل، حيث تحتاج المشاريع السياحية إلى فترات إنجاز واسترداد طويلة.
ودعا إلى تفعيل التسويق السياحي الدولي من خلال مشاركة الجزائر في المعارض العالمية، وتعزيز دور السفارات والقنصليات في الترويج للمقاصد السياحية، خاصة وأن الجزائر تتمتع بمواقع نادرة، مثل صحراء الهقار، مغارات عين فزة، ومعالم أثرية في تلمسان وبسكرة.
تيغرسي: السياحة كنز غير مستغل بالكامل
أكد الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي أن الجزائر تمتلك تنوعاً سياحياً يضم أكثر من 40 نوعاً من السياحة، منها الشاطئية، الجبلية، الصحراوية، والدينية. لكنه شدد على ضعف مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى ضرورة تحسين الهياكل والخدمات لتوفير مئات الآلاف من الوظائف.
وأشار إلى أهمية إعطاء الأولوية للسياحة الدينية والتاريخية، خاصة وأن الجزائر تستقبل زواراً من إفريقيا لزيارة أماكن مثل عين ماضي. ودعا إلى وضع مخطط وطني للاستثمار السياحي يعزز استغلال الإمكانيات المتاحة.
فارس مسدور: السائح الغربي يبحث عن تجربة أصيلة
أوضح الخبير فارس مسدور أن تطوير السياحة في الجزائر يتطلب نشر الثقافة السياحية في الأوساط الشعبية، وإنشاء مدارس متخصصة في المناطق المستهدفة. وأضاف أن السائح الغربي لا يبحث عن فنادق فاخرة بقدر ما يهتم بتجربة القعدة الجزائرية، الطعام التقليدي، والطبيعة الفريدة التي تتيح تجربة فصول السنة الأربعة في يوم واحد.
كما شدد على أهمية الرقمنة في تسهيل حياة السياح، بدءاً من إجراءات الدخول وحتى المعاملات المالية. وأكد على ضرورة تحسين البنية التحتية للمطارات والنقل البحري والبري، مع توفير مكاتب صرف العملات لتعزيز حرية حركة الأموال.
آفاق طموحة للقطاع السياحي
تسعى الجزائر لتحقيق عائدات تصل إلى 3 مليارات دولار من السياحة ضمن هدف تحقيق 15 مليار دولار من الصادرات غير النفطية بحلول نهاية 2025. ويتطلب ذلك تنفيذ خطة تعتمد على تقسيم البلاد إلى 6 أقاليم سياحية رئيسية، مع التركيز على التسويق الدولي واستغلال الإمكانيات الطبيعية والبشرية.
إن استثمار الدولة في تحسين الهياكل، تعزيز الرقمنة، وتطوير الخدمات يعكس رغبة حقيقية في جعل السياحة محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي، خاصة مع توفر الموارد الطبيعية، التراث الثقافي، والتنوع الجغرافي الذي يجعل الجزائر وجهة فريدة على المستوى العالمي.
بقلم: سهيلة فرحون
رابط دائم: https://mosta.cc/buxd6