عرفت منطقة اليورو صدمة كبيرة بعد تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” مقابل الدولار، ويرى خبراء إقتصاديون أن تراجع اليورو يعود بشكل أكبر إلى تحسّن الدولار الذي ارتفعت قيمته بقوة، وعن تأثير هذا التراجع على إقتصادات العالم بصفة عامة وعلى الاقتصاد الوطني على وجه الخصوص يؤكد خبراء في المجال أن تراجع اليورو من شأنه تحقيق فوائض في الميزان التجاري الجزائري وسيسمح بإنخفاض أسعار السلع المستوردة من دول منطقة اليورو.
بقلم: خديجة قدوار
الخبير الاقتصادي البروفيسور ،مراد كواشي لـ”المستثمر “:
إنخفاض “اليورو” سيسمح بتحقيق فوائض في الميزان التجاري الجزائري
يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور، مراد كواشي، أن تراجع اليورو يعود إلى الضعف الذي أصبح يشوب الاقتصاد الأوروبي الذي أصبح مستقبله مجهول، موضحا أن إنخفاض اليورو مقابل الدولار سيسمح بتحقيق فوائض في الميزان التجاري الجزائري وسيسمح بإنخفاض أسعار السلع المستوردة من دول منطقة اليورو، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار البترول والغاز له تأثير إيجابي على الاقتصاد الجزائري بإعتبار أن المحروقات تمثل نسبة كبيرة من الصادرات الجزائرية وهي مصدر هام للعملة الصعبة.
إنخفاض أسعار السلع المستوردة
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريح لـ” المستثمر ” بخصوص التقلبات الأخيرة التي يعرفها اليورو ومدى تأثير ذلك على الأسواق العالمية بصفة عامة وعلى الأسواق الجزائرية بصفة خاصة أن” اليورو تراجع نعم والسبب في ذلك يعود إلى الضعف الذي أصبح يشوب الاقتصاد الأوروبي الذي أصبح مستقبله مجهول ومظلم.. مستويات كبيرة من التضخم، وتباطؤ للنمو الاقتصادي الأوروبي وتوقع بإزدياد هذا التباطؤ والعسر الاقتصادي ، في مقابل أن البنك المركزي الأوروبي اكتفى بإتخاذ إجراءات فضفاضة لم تكن صارمة لمعالجة التضخم، مثل القرارات التي اتخذها البنك الفدرالي الأمريكي والذي رفع معدلات الفائدة إلى مستويات قياسية لم يرفعها ربما منذ 20 سنة، البنك الفدرالي الأمريكي ناور بشكل جد ذكي ، في حين أن البنك المركزي الأوروبي ربما عجز مسايرة الأزمة والنتيجة هو تدهور قيمة الأورو إلى مستويات قياسية… أما تأثير ذلك على الاقتصاد الجزائري فإنه على المدى القصير نحن نصدر بالدولار ونستورد ثلثي وارداتنا بالأورو، وبالتالي فإن إنخفاض اليورو مقابل الدولار سيسمح بتحقيق فوائض في الميزان التجاري الجزائري من جهة، كما سيسمح أيضا بإنخفاض أسعار السلع المستوردة من دول منطقة اليورو “.
تعزيز المكانة التجارية للجزائر
وعن تأثير إضطرابات الأسواق العالمية على الإقتصاد الجزائري فيؤكد الخبير الاقتصادي أن “أما عن تأثير هذه الاضطرابات التي حدثت بالأسواق على الاقتصاد الجزائري فهو متباين .. ارتفاع أسعار البترول والغاز هو تأثير إيجابي على الاقتصاد الجزائري بإعتبار أن المحروقات تمثل نسبة كبيرة من الصادرات الجزائرية وهي مصدر هام للعملة الصعبة “، وتابع” ارتفاع الدولار مقابل الأورو فإن صادرتنها جلها بالدولار في حين أن ثلثي من وارداتنا تتم بالأورو وبالتالي فإن ارتفاع الدولار في مقابل الأورو سيعزز من المكانة التجارية للجزائر ويسمح للجزائر بالحصول على فوائض في ميزانها التجاري، وهذا خاصة على الأمد القصير.. في حين أن إرتفاع أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي سيؤثر على فاتورة الاستيراد للجزائر ويؤدي إلى زيادة فاتورة الاستيراد في الجزائر لكون الجزائر من أكبر الدول المستوردة للقمح ، ولكن الحمد الله تراجعت أسعار القمح إلى المستويات التي كانت عليها فيما قبل الحرب الروسية الأوكرانية وهذا مفيد جدا للإقتصاد الجزائري “.
أسعار البترول ستعاود الإرتفاع
وفي رده على سؤال حول ما تشهده الأسواق العالمية من هزات متتالية قال محدثنا” الأسواق العالمية عرفت تقلبات شديدة في السنوات الأخيرة .. تقلبات ربما لم تشهدها منذ سنوات عديدة”، وتابع” الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة تارة في الارتفاع وتارة في الانخفاض”، مشيرا إلى أن هذه التقلبات بدأت تقريبا منذ ظهور جائحة كورونا لتستمر بعد ذلك بإندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ، لافتا” إذا أردنا أن نلقي نظرة على حالة هذه الأسواق نستطيع إلى تقسيما إلى عدة أسواق .. أسواق الطاقة التي أرتفعت بشكل كبير – الغاز والبترول- في الأيام الأخيرة وتضاعفت الأسعار خاصة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات التي فرضت على الطاقة الروسية، ونعلم الوزن الذي تحتله كل من روسيا وأوكرانيا في إنتاج الطاقة ، وبالتالي ارتفاع الأسعار المواد الطاقوية رغم أن البترول شهد تراجعا في الأيام القليلة الماضية”، مسترسلا “أعتقد أن أسعار البترول ستعاود الإرتفاع في الشتاء المقبل إن لم تضع الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها”.
ارتفاع أسعار الغذاء
وأفاد ،مراد كواشي، أن ” أما ما تعلق بأسواق المواد الغذائية وأسواق الحبوب فتأثرت تأثرا كبيرا بالأزمة الأوكرانية وهذا لكون روسيا وأوكرانيا ينتجان نسبة كبيرة الإنتاج العالمي للحبوب خاصة .. وارتفعت أسعار الغذاء في العالم بشكل كبير إلى درجة أن بعض الدول أصبحت عاجزة عن توفير الغذاء لشعوبها، وعاشت هذه الدول اضطرابات كبيرة في أمنها الغذائي لكن في الأيام القليلة الماضية وبعد اتفاق روسيا وأوكرانيا على تصدير شحنات الحبوب التي كانت عالقة في البحر الأسود انخفضت وتراجعت أسعار القمح إلى المستويات التي كانت عليها ما قبل إندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهذا بعد تقديم الولايات المتحدة الأمريكية لتطمينات بعدم فرض عقوبات على تصدير شحنات الحبوب”، وقال الخبير الاقتصادي ” نتوقع أن تتراجع أسعار الحبوب الأخرى إذا ما حدث هناك إتفاق بين روسيا وأوكرانيا على تصدير هذه الحبوب، وإذا ما قدمت الولايات المتحدة تطمينات في هذا الأمر “.
مستقبل مجهول
وأضاف كواشي ” أما أسواق العملات الأجنبية فعرفت أيضا إضطرابات كثيرة في الفترة الأخيرة ميزها خاصة التراجع الرهيب والتهاوي للأورو مقابل الدولار .. الأورو بلغ مستويات قياسية لم يبلغها منذ عشرين سنة، وهذا خاصة بسبب التضخم الذي تشهده منطقة اليورو، وكذا لاضطرابات الاقتصادية التي تشهدها الاقتصادات الأوروبية خاصة بعد ارتفاع أسعار الطاقة “، لافتا” نعلم جيدا أن الإعتماد التاريخي للدول الأوروبية على روسيا من أجل التمون باحتياجاتها الطاقوية .. فبعد الاضطرابات التي شهدتها المنطقة وبعد العقوبات التي رفضت على روسيا من جهة ، وتهديد روسيا بتوقيف إمداداتها الغازية خاصة إلى ألمانيا ، أصبحت أوروبا معرضة لحوادث كبيرة في أمنها الطاقوي، وعلى هذا الأساس فقد أصبح مستقبل الاقتصاد الأوروبي مجهول في الآونة الأخيرة” .
ويرى المتحدث أن السياسات التي إنتهجها البنك الفدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة مكنته من جلب رؤوس أموال إضافية من أوروبا خاصة رؤوس الأموال التي أصبحت تبحث عن ملاذ آمن وجدته في أمريكا بعد أن قرر البنك الفدرالي الأمريكي رفع معدلات الفائدة، واستفادت الولايات المتحدة الأمريكية- حسبه- من رؤوس أموال آسياوية بعد ظهور حالات كورونا في بعض الدول الآسياوية على غرار الهند والصين والخوف من إنتشار هذه الحالات ما سمح بهروب رؤوس الأموال الآسياوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
هل يتجاوز اليورو أزمته؟
ارتفع اليورو ،أول أمس، بعد تقرير لرويترز مفاده أن صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي سيبحثون ما إذا كانوا سيرفعون أسعار الفائدة بمقدار 25 أم 50 نقطة أساس في اجتماعهم يوم الخميس لتهدئة التضخم القياسي المرتفع، وتأتي المكاسب التي حققها اليورو، والتي دفعته للارتفاع بعيدا عن مستويات شبه التكافؤ مع الدولار المسجلة الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تسبب فيه تراجع توقعات رفع قوي لأسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي في وقت لاحق من الشهر في إضعاف الدولار.
كما أحدث هبوط اليورو أمام الدولار إنهيارا في الأسواق الأوروبية، إذا جاء ذلك على خلفية حرب أوكرانيا والمخاطر المتزايدة التي تواجه اقتصاد الاتحاد الأوربي، وتراجعت العملة الأوربية الموحدة إلى 0.9952 دولار خلال الأيام الماضية، وهو مستوى غير مسبوق منذ أواخر العام 2002 عندما طُرح اليورو للتداول رسميًّا.
ويتوقع المستثمرون أنه بإمكان اليورو التعافي إذا زالت عقبات عدة تقف في طريقه خلال الأشهر المقبلة، وتتمثل العقبة الأولى في خطر توقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوربا، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء ويُجبر دول منطقة اليورو على الحد من بعض الأنشطة الصناعية.
وقالت المحللة لدى (كوميرزبنك) إستر ريخليت لوكالة الصحافة الفرنسية “إذا عاد تدفق الغاز من روسيا إلى وضعه الطبيعي أو توقف عن التراجع على الأقل بعد انتهاء الإغلاق الذي أدت إليه أعمال الصيانة في (نورد ستريم 1) الأسبوع المقبل، فسيخفف ذلك مخاوف الأسواق بعض الشيء من أزمة غاز وشيكة في أوربا “.
بدوره، حذّر المحلل لدى (إس بي آي لإدارة الأصول) ستيفن إنيس من أنه في حال “عدم إعادة تشغيل (نورد ستريم 1)، سيتراجع اليورو وسيشعر العالم بأسره بارتدادات الهزة الاقتصادية، بينما يمكن أن تتسبب أزمة الطاقة الأوربية في ركود”.
وقال محللو (ستاندرد آند بورز) في مذكرة “إذا كان البنك المركزي الأوربي يهدف إلى إعطاء دفعة لليورو، فسيتعيّن عليه رفع معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في جويلية و/أو الإشارة إلى أن تحركات لرفعه 75 نقطة أساس مطروحة لشهر سبتمبر”، وأضافوا أن “تعديلات أسرع في السياسة النقدية ستساعد الآن في تثبيت توقعات التضخم وخفض الحاجة إلى موقف يقوم على سياسة تقييدية في وقت لاحق”.
تحسّن الدولار
من جانبهم يرى خبراء اقتصاد في مصرف “بيرنبرغ” أن تراجع اليورو يعود بشكل أكبر إلى تحسّن الدولار الذي “ارتفعت قيمته بقوة مقابل سلة واسعة من العملات منذ منتصف العام 2021″، واستفاد الدولار من تشديد الاحتياطي الفدرالي سياسته النقدية في وقت يحاول كبح جماح التضخم الذي بلغ مستويات قياسية في جوان، وذكر الخبراء أن “الأسواق تتوقع أن يرفع الاحتياطي الفدرالي المعدلات 100 نقطة أساس بدلًا من 75 في اجتماعه المقبل في 27 جويلية”.
لأول مرة.. اليورو يتراجع
انخفض سعر اليورو، مؤخرا متأثرا بالتوقعات القاتمة للاقتصاد الأوروبي وباحتمال قطع إمدادات الغاز الروسي بالكامل، إلى ما دون عتبة الدولار الأميركي الرمزية، التي لم يتم تجاوزها منذ ديسمبر 2002، وتم تداول اليورو مقابل 0,9998 دولار، في سابقة منذ بداية التداول بالعملة الأوروبية، قبل أن يسجل ارتفاعا جديدا، بعدما أظهرت أرقام رسمية ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة في جوان، مما عزز التوقعات باتباع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة نقدية أكثر صرامة.
رابط دائم: https://mosta.cc/1p4yj