بقلم مليكة ب
في آخر تصنيف لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إحتلت الجزائر المرتبة الأولى إفريقيا في مجال الأمن الغذائي وقد وضعها هذا الإنجاز في نفس المستوى مع أقوى دول العالم.
ووصف خبراء هذا التصنيف بأنه “إنجاز”، مرجعين ذلك إلى دور الزراعة في دعم اقتصاد البلاد، في إطار البحث عن فرص جديدة لتنويع مداخيل الدولة.
وصنف التقرير الجزائر ضمن البلدان المستقرة غذائيا، ووضعها ضمن فئة البلدان التي تقل فيها نسبة الأشخاص الذي يعانون من سوء التغذية عن 2.5 في المئة بالمائة من العدد الإجمالي للسكان، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 2018-2020.
وبالتالي فإن الجزائر مصنفة في نفس فئة غالبية البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وكندا والصين وروسيا والبرازيل وأستراليا وغيرها.
عن ضمان الإمدادات و تحقيق الاكتفاء الذاتي ….مختصون يشرحون
رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي
تحدث رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي في لقاء تلفزيوني عن الاجراءات الواجب اعتمادها لتحقيق السيادة الغذائية في خضم الظروف التي يشهدها العالم الناتجة عن تبعيات جائحة الكورونا و تداعيات حرب روسيا على اوكرانيا، مشيرا إلى ضرورة استحداث هيئات لتطوير الفلاحة لا سيما بالجنوب الجزائري الذي يشهد قفزة نوعية في مختلف الشعب ووادي سوف دليل واضح على ذلك، ، وتشجيع الفلاحين على التهيكل في تعاونيات، و نقل التكنولوجيا المتطورة للقطاع الفلاحي، مع تشجيع المستثمرين على خوض معركة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي، و اعتماد تمويلات متنوعة بدل الاعتماد علي بنك واحد .
مؤكدا اهمية مرافقة الفلاحين في تجسيد ورقة الطريق القطاعية خاصة بعد الاهتمام الكبير الذي تبديه الدولة للقطاع الفلاحي، كمحرك أساس للاقتصاد الوطني من حيث الإنتاج، وتوفير مواد أولية للدفع بالصناعة الغذائية، مبديا إرتياحه من النتائج التي حققها القطاع في عز ازمة الغذاء التي تشهدها دول العالم لتبقى الجزائر في منآى عن مشكل الامن الغذائي الذي يؤرق معظم الشعوب و لم تتأثر لا بتداعيات الحرب الاكرانية و لا مخلفات كورونا الاقتصادية، حيث ظل مخزون المنتوجات الاستراتيجية مستقرا و كافيا، و هذا نتيجة الحوكمة الحالية و عملها على تجسيد خطة الاقلاع الاقتصادي، الرسالة التي يعمل على تطبيقها عن طريق الاقلاع الفلاحي .
المستمثر الفلاحي مرابط
يرى المستثمر الفلاحي فؤاد مرابط أن الفلاح هو صمام أمان الأمن الغذائي و جزء فعال في تحقيق هذا الاقلاع، ووفرة المنتوج المحلي خلال أزمة الجائحة أكبر دليل على وقوف الفلاح و مجهوداته في التصدي للأزمات رغم كل الحواجز و الصعوبات، معتبرا أن الفلاحون أثبتوا وطنيتهم ووجودهم وجدارتهم في وقت الجائحة، وقطاع الفلاحة أعطى دفعة قوية للاقتصاد الوطني، فلم يشعر المواطن بأي نقص في المنتوجات الفلاحية خلال الأزمة الوبائية رغم أن عدة شُعب تواجه مشاكل كبيرة و عليه يعتقد أن توحيد الجهود حقق ما تم تحقيقه و مكّن من الوصول الى أمن غذائي قوي ، و تصنيف الجزائر ضمن البلدان المستقرة غذائيا.
عضو لجنة الفلاحة بمجلس تجديد الاقتصاد الجزائري، وليد أولاد داود
يرى عضو لجنة الفلاحة بمجلس تجديد الاقتصاد الجزائري، وليد أولاد داود أن للشباب دور فعال و حلقة مهمة في القطاع الفلاحي يحتاج تحفيزات كافية لاستقطابه أكثر نحو القطاع ، على غرار التكوين التطبيقي على مستوى أقطاب مهمة كالمنيعة ووادي سوف، التي تحتاج لمعاهد تكوين و مجالس جهوية تخصص للتكوين و مراقبة مستويات تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع اعتماد بنوك عصرية في مثل هذه المناطق، و تنويع هذه المؤسسات البنكية بالشكل الذي يسمح بتبسيط اجراءات الاستثمارات الفلاحية. ..
تصنيف الجزائر في المرتبة الأولى إفريقيا في الأمن الغذائي ..خبراء يعلقون
يرى خبراء في الاقتصاد والزراعة أن هناك عدة اعتبارات وراء هذا التصنيف الإيجابي للجزائر في خطوة سد الفجوة الغذائية، بالنظر إلى الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة للبلاد، إضافة إلى التحول نحو الاهتمام بالزراعة والصناعات الغذائية في إطار الخروج من هيمنة المحروقات على الصادرات.
وقد علق خبراء على هذا التقرير الأممي الذي وضع الجزائر على رأس القائمة إفريقيا بخصوص الاستقرار الغذائي بأنه “تصنيف مهم”، وفي هذا السياق يرى الدكتور أحمد سواهلية في تصريحات صحفية سابقة أن مقومات الأمن الغذائي “متوفرة في الجزائر” و أن “الجزائر تملك مساحات زراعية شاسعة، خاصة أن استغلالها في السنوات الأخيرة بدأ يؤتي بثماره”، مؤكدا أن هذا التصنيف أثبت أن الجزائر قامت باستغلال أمثل لمقوماتها الزراعية مع أنه لا يزال أمامها خطوات أخرى.
كما أشار المتحدث إلى أن الأمن الغذائي يتطلب استراتيجيات متعددة، من الإنتاج إلى التخزين وهذا كله يندرج ضمن خطة بعيدة المدى، مبرزا أن “الجزائر تعيش استقرارا غذائيا في حين أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية متعلق بالنقد”.
من جانبه، أفاد الخبير في الشؤون الاقتصادية مالك سراي في حديث صحفي سابق بأن الإنتاج الزراعي بالجزائر “يعرف تقدما ملحوظا برقم يصل من 12 في المائة إلى 14 في المائة سنويا”.
معتبرا أن جزءا كبيرا من الاستهلاك والتغذية المحلية يأتي من الداخل في حين تبقى نسبة 20 في المائة من الصادرات التي تستقدم من الخارج.
من جهة أخرى، أرجع المتحدث هذا الإنجاز إلى دور النشاط الزراعي الكبير الذي أصبحت تقوم به عدة مناطق جنوبية في إطار “الزراعة الصحراوية” كالوادي وأدرار وبسكرة في تغذية جزء كبير من الشعب الجزائري من خلال إنتاج وفير من الخضراوات وحتى الفواكه التي تحولت إلى التصدير نحو أسواق خارجية.
وحسب الخبير فإن التسريع في وتيرة استصلاح الأراضي الزراعية من طرف المستثمرين سيجعل الجزائر بعد 4 سنوات في مرتبة متقدمة عالميا بخصوص الاكتفاء الغذائي الذاتي والتوجه نحو التصدير إلى الخارج ..
ضرورة بلورة استراتيجية وطنية طويلة المدى!
اعتبر سواهلية في أحد تصريحاته الاعلامية إجراءات الدعم المقدمة لفائدة المتعاملين في قطاع الفلاحة جيدة ومحفزة ومنتجة وتجلى ذلك بتمكن قطاع الفلاحة من تحقيق رقم أعمال قدر 25 مليار دولار إبان فترة الكوفيد .
و ضمن هذا السياق ، نبه إلى ضرورة العمل على بلورة استراتيجية وطنية طويلة المدى لتحقيق الأمن الغذائي في الجزائر واقترح في هذا الاطار ضرورة الإسراع في إيجاد الحلول للجفاف و تأطير القطاع و عصرنته وتقديم مزيد من الدعم والتحفيزات للفلاحين والمنتجين لمادة القمح باعتبارها تدخل في إطار حماية السيادة الوطنية .
تحديات المستقبل
أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور أحمد سواهلية، أن الجزائر تراهن على إعطاء انطلاقة قوية للاقتصاد الوطني، من خلال تنويع منتجاتها وإيرادتها من العملة الصعبة، خاصة في ظل الإرادة القوية والنهج الواضح الذي يحتاج إلى وسائل وأدوات ناجعة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود.
وأوضح سواهلية، أن المؤشرات الاقتصادية ترتبط مع مختلف التحديات التي تعيشها الجزائر، خاصة في ظل بقاء أثار جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، إضافة إلى الأزمة الأوكرانية كما أضاف المتحدث أن “هذه المعطيات دفعت بالسلطات العليا للبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بالاعتناء بالأمن الغذائي وتنويع استثماراتنا، لكي تكون الجزائر في أريحية”.
في المقابل أشار الخبير في الشؤون الاقتصادية، إلى أن العراقيل التي تمنع الإقتصاد الوطني على الإقلاع يمكن إزاحتها، خاصة مع وجود إرادة من السلطات في إزاحة العراقيل البيروقراطية أمام أصحاب رجال المال والأعمال، وفتح قنوات الحوار والتشاور معهم لمعرفة العراقيل والمشاكل التي تواجههم”.
وفيما يخص أولويات الحكومة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل التعقيدات العالمية والأزمة التي تعرفها الأسواق الدولية، أوضح سواهلية ان أكبر التحديات حاليا تتمثل في تحقيق الأمن الغذائي والمائي والطاقوي، خاصة وان الجزائر تملك كل المقومات الطبيعية والبشرية للوصول إلى هذا المبتغى.
هذا و قد تم في وقت سابق مناقشة ذات الموضوع بمركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، “الأمن الغذائي في الجزائر: القضايا الراهنة وتحديات المستقبل”، أين نوقشت التجارب العملية ونتائج المشاريع البحثية المختلفة حول مسألة الأمن الغذائي و تم التطرق لجميع القضايا المتعلقة بالتحديات المتعلقة بالأمن الغذائي وفي هذا الإطار، نظمت جلسات علنية وورشات أشار الخبراء فيها لأهمية البحث العلمي في خدمة الأمن الغذاء، إدارة واستخدام الموارد الطبيعية لتلبية الاحتياجات الغذائية، بالإضافة الى دور وتأثير الارشاد الزراعي والتقنيات الجديدة في القطاعات الاستراتيجية…
يأتي كل هذا في الوقت الذي أصبح فيه الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية في الوطن العربي، فعلى الرغم من توفر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه
والموارد البشرية، فإن الزراعة العربية حسب الدراسات لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية، واتسعت
الفجوة الغذائية وأصبحت الدول العربية تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية.
وقد ازداد اهتمام الدول العربية بتوفير احتياجاتها من الأغذية خشية من انعاكاسات الازمات العالمية ، حيث بدأ يكثر الحديث عن تحديات تأمين الغذاء، ومصير الأمن الغذائي في الوطن العربي خاصة أعقاب الإغلاقات التي فرضتها جائحة كورونا ثم حرب روسيا على اوكرانيا، و في هذا الشأن حذر رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، من أن الحرب تخلق أزمة غذائية ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وربما نقص حاد لسلع أساسية في العديد من البلدان التي تعتمد على الصادرات من روسيا أو أوكرانيا.
واستناداً إلى بيانات من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، والتي جمعتها شركة “Statista فإن أوكرانيا وروسيا منتجان رئيسيان للقمح والشعير والذرة، حيث يمثلان متوسط حصة (مجمعة) من 27 و23 و15% من الصادرات العالمية بين عامي 2016 و2020 على التوالي.
كما تمثل الدولتان نحو 12% من صادرات بذور اللفت عالمياً، و10% من بذور دوّار الشمس.
وحتى برنامج الغذاء العالمي نفسه يحصل على 50% من إمدادات الحبوب من منطقة أوكرانيا وروسيا ويواجه الآن زيادات كبيرة في التكلفة في جهوده لمكافحة حالات الطوارئ الغذائية في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، قفز عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد من 135 مليوناً إلى 276 مليوناً منذ عام 2019 –
وفي المجموع، يواجه أكثر من 800 مليون شخص شبح الجوع في جميع أنحاء العالم.
و تشير التوقعات حسب الدراسات أنه قد تتمكن بعض الدول العربية على المدى المتوسط من تحقيق بعض النجاحات المحدودة في مجال رفع معدلات الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الغذائية، إلا أن هناك بعض السلع التي يتدنى معدلات الاكتفاء الذاتي منها في الوطن العربي، وتساهم مساهمة كبيرة في قيمة فجوة السلع الغذائية الرئيسية. كما أن عولمة التجارة، وانفتاح الأسواق، وسهولة انسياب السلع والمنتجات الغذائية بين دول العالم، والمتغيرات الطبيعية والاقتصادية المعاصرة في العالم تضيف بعدا آخرا لقضية الأمن الغذائي العربي؛ فقد أصبحت الدول العربية تواجه تحديا مزدوجا يتمثل في توفير الغذاء الكافي والآمن معا.
في سياق آخر، من البلدان الأكثر تضررا من ظاهرة سوء التغذية، فقد أحصى برنامج الاغذية العالمي كل من جمهورية افريقيا الوسطى والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومدغشقر، وذلك بنسبة تزيد عن 35 % من مجموع السكان.
أما عربيا فاحتلت كل من العراق واليمن صدارة مؤشرات المجاعة بالنسبة للبلدان العربية، ثم تليها مصر والسودان سلطنة عمان.
و كشفت منظمة الغذاء العالمي أن الجزائر تعد البلد الأفريقي الوحيد المستقر غذائيا ولا يعاني من المجاعة
كما أبرز برنامج الاغذية العالمي في دراسته، أن أكثر من 811 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، أي 1 من 10 من سكان العالم.
وكان المجتمع الدولي قد تبنى في سنة 2015، الأهداف العالمية الـ17 للتنمية المستدامة، والتي يتمثل هدفها الثاني في التوصل الى “نسبة صفر جوع”، من خلال القضاء على المجاعة وضمان الامن الغذائي وتحسين الغذاء وترقية فلاحة مستدامة في افاق0 203 من خلال توفير اﻟﻐﺬاء ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺘﻴﻦ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﺑﺼﻮرة ﻣﺴﺘﻤﺮة و إنهاء جميع أشكال الجوع وسوء التغذية ، والتأكد من حصول جميع الناس – وخاصة الأطفال – على الأغذية الكافية والمغذية على مدار السنة. وينطوي ذلك الجهد على تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة والتي تشمل دعم صغار المزارعين وتحقيق المساواة في الوصول إلى الأراضي والتكنولوجيا والأسواق. كما يتطلب تعاوناً دولياً لضمان الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا لتحسين الإنتاجية الزراعية.
.
رابط دائم: https://mosta.cc/4hrc2