أجرى وزير الإنتقال الطاقوي، بن عتو زيان، حوارا مع موقع “الطاقة.نت” نُشر اليوم الثلاثاء، تطرق خلاله لموضوع تصدير الهيدروجين، وخطط استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى التحرر من الإعتماد على النفط والغاز.
وبخصوص التوجيهات التي تلقاها الوزير بن عتو عند توليه المنصب، أكد المتحدث لموقع “الطاقة.نت” أنه تولى ” هذا المنصب منذ السابع من جويلية، وزيرًا لقطاع حسّاس يتمثل في المستقبل الطاقوي للجزائر في خضمّ صراعات ورهانات وطنية وإقليمية تفرض منطقها، كالتغيرات المناخية، وتناقص الموارد الأحفورية، وزيادة الطلب الوطني على الطاقة.
في بداية الأمر، عند تلقّي الخبر، يقول الوزير بن عتو، فرحتُ من جهة لثقة الرئيس عبدالمجيد تبون في شخصي، لكن شعرت بحجم المسؤولية، يقينًا مني أن التسيير هو نفسه مع الخبرة التي اكتسبتُها في ميدان الطب مع اختلاف في الميدان والاستشراف، وبمساعدة طاقمي التقني الذي يعمل معي، والذي أشكره بالمناسبة، وبالتحلي بروح المسؤولية رفعنا التحدي، ووضعنا خططًا ميدانية لتحقيق أهداف التحول الطاقوي مع مؤشرات نجاعة وتصحيح دائم.
وبخصوص اهداف القطاع، التي حددها كل من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، أكد الوزير أنها كانت كالتالي:
أولًا، الإنعاش الاقتصادي ودعم الاستثمار والخروج من التبعية لقطاع المحروقات.
ثانيًا، استعادة ثقة المواطن وإيجاد الحلول كلّ في ميدانه، والسهر على تحقيق كرامة المواطن وصون حقّه في العيش الكريم.
وأخيرًا، تنفيذ التزامات السيد رئيس الجمهورية الـ54 على أرض الواقع، خاصة البند 21 المتعلق بالتحول الطاقوي والحفاظ على الغاز الطبيعي.
وواصل الوزير، متحدثا عن التحرر من الغاز والنفط والتوجه للطاقات المتجددة في الجزائر، قائلا “لايخفى على أحد أن كل ما شُيِّد في الجزائر من استثمارات وتنمية كان بفضل عائدات النفط والغاز الطبيعي، ولا يمكن في أيّ حال من الأحوال محو هذين الموردين من المزيج الطاقوي للجزائر آفاق 2030 و2040، على غرار كل دول العالم، إذ يمثّلان إيراداتنا من العملة الصعبة”.
إن الإشكال يتعلق بالنسبة للاستهلاك الوطني من الغاز الطبيعي الذي يعادل 43% من الإنتاج الوطني، لو يوجّه جزء منه للتصدير ويستبدل بالطاقات المتجددة التي تعرف تكلفتها انخفاضًا كبيرًا، حسب الوزير بن عتو.
دعني أطرح مثالًا عليك: تكلفة الطاقة الشمسية انخفضت بـ 80% في الـ10 سنوات الأخيرة، وهذا سيسمح برفع كمية التصدير بالعملة الصعبة، ومن ثم تشييد الاستثمارات المستقبلية، كمحطات الطاقات المتجددة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتحول نحو التنقل الكهربائي.. هذا ما سيؤمّن الطاقة في الجزائر.
مؤكدا في السياق أن الطاقات المتجددة هي حقيقة ذات مردودية كبيرة وجب على الجزائر الإسراع في التحول إليها، ويمكن للدولة بإمكاناتها الكبيرة في الطاقات المتجددة أن تصبح رائدة في العالم.
وشدد الوزير على أن “الجزائر من الدول التي تتبنّى سياسة الدعم بشكل كبير، وذلك استجابة لمتطلبات التنمية والعيش الكريم لشعبها، وهذا الملف من اختصاص الحكومة والسيد رئيس الجمهورية، لكن فيما يخصّ قطاع الطاقة،نسعى إلى إرساء التحول الطاقوي لأجل الحفاظ على الغاز الطبيعي، والذي هو مدعم بشكل كبير وطنيًا، إذ إن سعره في السوق الدولية يمثّل أكثر من 20 مرة من سعره المحلي، سواء الموجّه لإنتاج الكهرباء أو للاستهلاك المباشر”.
كذلك التوجّه إلى السيارات الكهربائية يُمكِّن من الحفاظ على الوقود والبنزين، ومن ثم الحفاظ على النفط، وأيضًا إنتاج الهيدروجين الذي يمثّل الغاز الطبيعي المستقبلي للجزائر.
الهدف الأول والإستراتيجي لاستعمال الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، وفق الوزير بن عتو، هو تخفيض كمية الغاز المستهلك محليًا، ومن ثم زيادة الإيرادات وليس تخفيضها، وبمرحلة ثانية دعم هذه الإيرادات بالكهرباء من مصادر متجددة، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر الذي يعدّ الوقود المستقبلي، خاصة في السوق الأوروبية.
حاليًا، برنامج الحكومة المصادق عليه فيما يخصّ الطاقات المتجددة هو 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، أي 1000 ميغاواط سنويًا، ما سيمثّل 27 إلى 30% من المزيج الطاقوي للجزائر 2035.
فربما الرقم الذي تتكلم عنه هو عبارة عن سيناريو أكثر تفاؤلًا، ما يستوجب إمكانات ومهارات معينة لتحقيقه.
كما تطرق للطاقة الشمسية، مؤكدا أنه “على غرار الدول الرائدة في مجال الطاقة الشمسية، قمنا باستحداث شركة شمس، وهي مطوّر مشروعات الطاقة المتجددة، ونتابع هذه المشروعات ابتداءً من إطلاق المناقصة إلى عقد شراء الكهرباء مرورًا بصياغة دفتر الشروط، وتحديد التكنولوجيا والتعامل مع المناقصين.
كل هذا لا يمكن للوزارة متابعته عن قرب، ومن ثم هذه الشركة مفوّضة ومكلّفة من قبل الوزارة للإشراف على هذه المشروعات.
كاشفا في السياق أن “السعة الحالية للطاقة المتجددة ضئيلة، فهي في حدود 450 ميغاواط، باحتساب كل مشروعات الطاقات المتجددة، بما في ذلك طاقة المياه أو الطاقة الهيدروليكية، أي ما يمثّل 2% من المزيج الإجمالي”.
كما عرّج على موضوع استغلال طاقة الرياح، مشيرا إلى أنها -مثلما أشارت إليه الدراسات- تمثّل مصدرًا طاقويًا كبيرًا في الجزائر، ولقد أطلقنا دراستين لتحيين الأطلس الوطني لطاقة الرياح مع التدقيق في المناطق التي أشارت إليها الدراسات السابقة، على غرار منطقة الجلفة أو منطقة خنشلة اللتين يتوفر بهما إمكانات كبيرة من هذه الطاقة، وأيضًا مناطق أخرى، وستُتبع هذه الدراسات بمشروعات لتثبيت هذا النوع من الطاقة.
وعن خطة الجزائر للاستفادة من خطوط الأنابيب في تصدير الهيدروجين، قال بن عتو أنه “بالرجوع إلى دراسة قامت بها دائرتنا الوزارية مع الشريك الألماني بالنسبة لتقييم إنتاج الهيدروجين -خاصة الأخضر- في الجزائر، أشارت هذه الدراسة إلى أن الجزائر ستؤدي دورًا مهمًا في الإنتاج وتصدير هذه النوعية، استنادًا لمقوماتها الكبيرة من الطاقة النظيفة على غرار الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، زيادة على قنوات الغاز الرابطة بأوروبا، والخبرة التي تتمتع بها بلادنا في إنتاج الغاز الطبيعي وتسويقه”.
كل هذه العوامل ستسمح، وفق تأكيد الوزير بن عتو لموقع “الطاقة.نت” بسعر كيلوغرام من الهيدروجين جدّ تنافسي، خاصة باستعمال القنوات الناقلة للغاز الطبيعي، إذ يمكن إدماج نسبة 25% من الهيدروجين، هذا حسب الدراسات، لكن ما هو آمن في حدود 10% مع مراعاة الخصائص الكيميائية والفيزيائية للهيدروجين كاللزوجة، الميوعة، الكثافة،.. إلخ.
ليتطرق كذلك لمستقبل السيارات الكهربائية في الجزائر، مؤكدا أن “التوجه نحو التكنولوجيا الجديدة يمليه السياق الدولي الذي ينتهج سبل تحقيق الحياد الكربوني، وذلك بالتخلي عن منابع الوقود الأحفوري الضارّ بالبيئة، والتوجه نحو نماذج طاقوية نظيفة ومستدامة”.
فالسيارات الكهربائية تمثّل تحديًا للجزائر، لأن أغلب الدول الكبرى المصنّعة للسيارات تتجه نحو تعميم هذا النوع من السيارات، مما يجب علينا إعداد الإستراتيجية الملائمة لهذا التحول، وهذا يمثّل أيضًا إحدى ركائز مخطط عمل الوزارة، حسب وزير الإنتقال الطاقوي.
رابط دائم: https://mosta.cc/8i83v