حاورته: مليكة.ب
على بعد أيام قليلة من دخول مشروع قانون الاستثمار الجديد حيز التطبيق بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان، تتواصل النقاشات حول مختلف الفرص والضمانات التي ستعمل بنوده على تحقيقها للمتعاملين المحليين والأجانب، خاصة ما تعلق منها بإبعاد البيروقراطية الإدارية عن تسيير الاستثمار، و تبنيه لمبدأ الشفافية وضمان المساواة بين مختلف المتعاملين، إجراءات تحفيزية و محاور أخرى أكدت أن مشروع قانون الاستثمار يعد قفزة تشريعية يعمل على تحسين مناخ الاستثمار، و يساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات الأجنبية وإعطاء قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
القانون الذي ينتظره المتعاملون الاقتصاديون مميز وجذاب يضمن شفافية التعاملات وسهولة الإجراءات، من شأنه تحريك عجلة الاستثمارات المحلية والأجنبية وتحرير روح المبادرة وصولا لتحقيق الإقلاع الاقتصاد، يقول محدثنا الخبير الإقليمي لدى برامج الاتحاد الأوروبي، خبير سابق لدى المعهد الدولي للدراسات المقارنة بباريس الأستاذ بلقاسم مسعودي، في حوار خص به جريدة المستثمر حول مشروع قانون الاستثمار المزمع دخوله حيز التطبيق خلال الأيام القليلة المقبلة..
لمشروع قانون الاستثمار الجديد رهانات عديدة، في مجال تنظيم وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، إلى أي مدى يمكن تحقيق هذه الرهانات؟
فعلا أن مشروع الاستثمار الجديد الذي انتظره المستثمرون منذ اكثر من ثلاث سنوات مع قدوم عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية، أين كان قانون الاستثمار الذي يحمل رهانات عديدة للاقتصاد الجزائري، من بين أولويات الرئيس في برنامجه، بعد ما لوحظ عدم استقرار مواد قانون الاستثمار القديم و افتقاره لعدة ضمانات، ما جعل المستثمرين المحليين و الأجانب يعزفون عن الاستثمار، هذا ما دفع الرئيس الى إعادة النظر فيه و جعله أكثر جاذبية من أجل تحرير روح المبادرة وتحسين مناخ الأعمال في الجزائر، بتكريسه لمبادئ حرية الاستثمار والشفافية والمساواة في مجال معالجة مشاريع الاستثمار، و بعد المصادقة عليه بالاجماع من قبل البرلمان ينتظر في الأيام المقبلة صدور المرسوم الرئاسي ليدخل حيز التطبيق، و مباشرة الاستفادة من المزايا الجديدة التي حملها المشروع، الهادفة الى تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتقديم حوافز جديدة للمواطنين والأجانب، ورفع الحواجز البيروقراطية التي تعيق تنفيذ المشاريع الاستثمارية، و حماية المستثمرين من العراقيل و التعطيلات غير المبررة التي كانت في السابق.
كسر حاجز البيروقراطية، محور مهم تضمنه المشروع، كيف برأيكم سيتحقق فعلا مبدأ الشفافية، و القضاء على الضبابية التي كانت تعيق نظرة المتعاملين من قبل ؟
كسر حاجز البيروقراطية تحد كبير للمسؤولين على كافة المستويات و هو الشغل الشاغل لرئيس الجمهورية بالنسبة لكيفية التخلص نهائيا من الصعوبات و العراقيل التي تمنع تقدم المشاريع و تقف حاجزا امام المستثمرين و المتعاملين مع الإدارة عامة، و عليه لزم بالبداية تغيير الذهنيات البالية التي ظلت راكدة لدى بعض المسؤولين الإداريين، ثم وجب تعميم الرقمنة على كل المستويات و في اقرب الآجال من اجل كسر حاجز البيروقراطية، فالرقمنة وسيلة لتسهيل و تسريع العمل و من شأنها إضفاء الشفافية التامة حتى مسار معالجة العمل يكون معروفا، كما ستكون دعما للمستثمرين الأجانب لمتابعة ملفه عن بعد، هذا ما يحدث المساواة بين كافة المتعاملين و بكل شفافية، كلها إجراءات جديدة تؤكد أن قانون الاستثمار الجديد يعبر عن إرادة سياسية لبعث الاستثمار بتضمنه لعدة خطوات إيجابية تعمل على ازالة العوائق أمام الاستثمار الوطني والأجنبي، وإصلاح مناخ الاستثمار وتحرير المبادرات وتسهيل إنشاء المؤسسات ودعم المشاريع الاستثمارية، من خلال استحداث صيغ تضفي الشفافية و المساواة.
كما أن قانون الاستثمار الجديد تضمن العديد من النقاط الجديدة، منها ضمان تحويل الأموال بالنسبة للأجانب، وهو ما لم يكن في السابق، وإمكانية معالجة المستثمر الأجنبي ملفه عن بعد، مع استحداث نظام الشبابيك الموحدة على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، للتكفل بالمستثمرين الأجانب والمشاريع الكبرى في ظرف قياسي، هذا ما سيزيد من وتيرة الاستثمارات و يشجع من تدفق الاستثمارات، و دفع جديد لتنويع الاستثمارات و الشراكات عبر كافة القطاعات، و عليه فان القانون الجديد لا يفرق بين المستثمر الجزائري و المستثمر الأجنبي، و لا بين القطاع العام و القطاع الخاص، جميعهم متساوون امام القانون، مستفيدون من نفس المازايا و الفرص، ما يفتح المجال لتوسعة المشاريع و الاستفادة من تحويل التكنولوجيا التي تحوزها بعض الدول المتقدمة.
القانون الذي اصبح مرنا و مسهلا للاستثمارات، قد يكون ساري المفعول في غضون أيام قليلة، بمجرد صدوره في الجريدة الرسمية، لتظهر مباشرة نتائجه من ناحية مرونة التعامل و التكفل التام بالمستثمر الأجنبي الذي كان في السابق يعزف عن الاستثمار بالجزائر نتيجة الوقت الطويل المستغرق في دراسة الملفات، ثم أن المساواة التي كفلها القانون الجديد بين المستثمر المحلي و الأجنبي تعتبر بالنسبة له محفزا جد هاما.
كذلك يتضمن مشروع القانون حوافز ومزايا لمن يستثمرون في قطاعات ذات أولوية أو بمناطق تحتاج إلى الاستثمار في داخل وجنوب البلاد، هل يمكنك تحديد هذه القطاعات، و المجالات الأكثر جاذبية في المنطقة؟
الجزائر تعول على قطاعات استراتيجية هامة، منها ما تعلق مثلا بقطاع المناجم، مناجم الفحم و الفوسفات المفتوحة للاستثمارات الأجنبية ، و منه استفادة المستثمرين الأجانب، من مزايا جبائية و جمركية و عقارات، و العديد من المشاريع الأخرى الممكن الاستثمار فيها بالجنوب الكبير الذي يمتاز باعفاءات جبائية كما قلت و شبه جبائية و جمركية لمدة عشر سنوات، بالإضافة الى توفر العقار، و توفر كل الموارد الطبيعية، فوق الأرض و تحتها، هذا مع وجود ديوان خاص يتكفل بدراسة الملفات الاستثمارية الخاصة بالفلاحة، خاصة ما يتعلق بالمنتوجات النادرة في الجزائر على غرار سكر الشمندري، عباد الشمس…و هي منتوجات مهمة من شانها المساهمة في تخفيف فاتورة الاستيراد و تدر بالثروة، و بالتالي جلب العملة الصعبة من خلال التصدير، و عليه فان كل المستثمرين المحليين، المغتربين و الأجانب مرحب بهم وفقا للقانون الجزائري الذي يعطيهم الفرصة للإنتاج في الجزائر و التصدير للخارج نحو أسواق افريقية باستغلال الطريق العابر للصحراء لنقل السلع و البضائع، و استعمال السكة الحديدية قيد الإنجاز و مختلف المعابر للوصول نحو دول الجوار، و هي كلها تشجيعات للاستثمار بمنطقة الجنوب التي تتوفر على العقار الفلاحي و الموارد الطبيعية بالإضافة الى عذرية المنطقة، إضافة الى مناطق التجارة الحرة التي ستستحدث، كلها تحفيزات أقول للمستثمرين من اجل إقامة مشاريع واعدة هدفها تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل القطاعات ثم التوجه للتصدير بما هو فائض نحو الدول، و هو ما يعود بالفائدة أولا بربح العملة الصعبة، وثانيا بكسب التكنولوجيا، و منه الذهاب و التوسع في الصناعات التكاملية و الالكترونية المتطورة و غيرها يكون القانون دعما لها، و بهذا سوف لن يكون للمستثمرين الأجانب أي حجة للولوج نحو افريقيا عبر بوابة الجزائر .
رابط دائم: https://mosta.cc/03pws