غيّرت العملية العسكرية الروسية المتواصلة في أوكرانيا العالم بشكل نهائي، سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي، خاصة فيما تعلق بالغاز الروسي، وتوجه أوروبا للبحث عن مصادر أخرى للغاز، لتبرز الجزائر كأحد أبرز اللاعبين في ميدان الغاز الطبيعي، نظير ثروتها الضخمة ونوعية غازها الممتازة، بالإضافة إلى أن الجزائر لطالما كانت مصدر ثقة، إلا أن بعض الجهات التي لا يعجبها أن تستفيد الجزائر، أو أن تكرّس تفوقها ودورها المحوري إقليميا وعالميا، تتحررك بإستمرار مستهدفة الجزائر بشتى الطرق، من بينها دراسات موجهة تستهدف الغاز الجزائري، متهمة إياها بالتسبب في تلوث العالم بغاز الميثان.
ومواصلة للملف، وبعد أن نشرت جريدة “المستثمر” في عددها رقم 26، والصادر بتاريخ 9 جوان 2022، تحقيقا تحت عنوان “تقارير مغلوطة تتهم الجزائر لتلويث الهواء.. والرد” وهو التحقيق الذي تم خلاله إثبات المغالطات الكبيرة التي تضمنتها “دراسة” لـ”بلومبرغ”، تحصلت الجريدة على معطيات جديدة توضح مجددا، وبما لا يدع مجالا للشك، أن الجزائر بريئة تماما من كونها “المسبب الرئيسي للتلوث”، وتكشف تلاعبات أعداء الجزائر، والمعروفين للجميع، ومحاولاتهم المساس لمصالح الجزائر في كل مناسبة ومن غير مناسبة.
وتكشف المعطيات الجديدة، والتي تحوزها جريدة “المستثمر”، بما لا يدع مجالا للشك، تعمد وكالة “بلومبرغ” ومنظمة “غرينبيس” استهداف الجزائر بما سمي “دراسة”، وهذا عبر التركيز فقط على المعطيات المتعلقة بالجزائر، والتغاضي عن المعطيات القادمة من دول وجهات آخرى، لإظهار أن انبعاثات الميثان من الجزائر هي الأكبر والأفدح من ناحية التسبب في تلوث الهواء.
ووفق ذات المعلومات، والمبنية على أساس معطيات الأقمار الصناعية، فإن انبعاثات غاز الميثان العالمية تسير في الاتجاه المعاكس، وارتفعت بمعدلات سريعة، رغم توقيع أكثر من 100 دولة على التعهد العالمي بشأن الميثان خلال قمة المناخ كوب 26 في غلاسكو الخريف الماضي، الذي يهدف إلى خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030، حسبما نشرت صحيفة واشنطن بوست.
وأظهرت أن انبعاثات الميثان من صناعة الوقود الأحفوري تفاقمت، وارتفعت بوتيرة أسرع من الطفرة في إنتاج النفط والغاز والفحم، منذ تخفيف حدّة القيود جراء جائحة كورونا، وهو اتجاه وصفته بأنه “مثير للقلق”.
وأفادت المعلومات بأن انبعاثات الميثان ارتفعت في حوض برميان ومناجم فحم الآبالاش بالولايات المتحدة، وحقل حاسي الرمل الجزائري، ومناجم الفحم الأسترالية، بالإضافة إلى حقول الوقود الأحفوري في تركمانستان، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
زيادة انبعاثات الغاز وارتفاع صاروخي في الولايات المتحدة الأمريكية
وفقًا لذات المصدر، فقد ارتفعت انبعاثات الميثان في الربع الأول من عام 2022 في حوض برميان -أكبر الأحواض إنتاجًا للنفط والغاز في الولايات المتحدة- بنسبة 3% عن الربع السابق، وقفزت بنسبة 47% مقارنة بالربع الأول من عام 2021.
وأوضح المصدر أن الزيادة في الانبعاثات فاقت إنتاج النفط والغاز، وأسفر ذلك عن زيادة كثافة غاز الميثان.
كما تجاوزت انبعاثات الميثان في الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري (2022) الانبعاثات في الربع الأخير من عام 2019، قبل انتشار الوباء.
وهي الزيادة التي قد يرجع إلى الزيادة المطّردة في التنقيب عن النفط والغاز خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة من قبل بعض الشركات التي لا تعير الاهتمام الكافي لانبعاثات الميثان.
بالمقابل، أشار المصدر إلى أن عدد “مصادر الانبعاثات الفائقة” للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة قفز مرة أخرى إلى 70 بعد حادث تسرب، وهي المستويات التي كانت قبل الوباء.
وبالوتيرة الحالية، سيصل عدد مصادر الانبعاثات الفائقة إلى 168 هذا العام في الولايات المتحدة، 59% منها في حوض برميان.
حقول فحم الآبالاش
كما أن انبعاثات الميثان في حقول فحم الآبالاش الضخمة بشرق الولايات المتحدة ارتفعت.
ورغم انخفاض الإنتاج من مناجم الفحم في المنطقة عام 2020، مع انخفاض الطلب بسبب الوباء، فإن انبعاثات غاز الميثان شهدت انخفاضًا بطيئًا، ومع بدء انتعاش الإنتاج مرة أخرى في عام 2021، زادت الانبعاثات بوتيرة أسرع.
إلا أن الإنتاج زاد بنسبة 13% في عام 2021، لكن انبعاثات الميثان ارتفعت بنسبة 20% خلال المدة نفسها، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
زيادة كثافة الميثان من إنتاج الفحم في المنطقة تعني أن إسهامها في تغيّر المناخ قد زاد باطّراد، رغم انخفاض إسهامها في توليد الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت نفس المصدر السابق، أن كثافة غاز الميثان في حوض مارسيلوس للغاز في ولايتي بنسلفانيا وأوهايو قد انخفضت بعد انتشار الوباء، لكنها عادت للاقتراب من مستوياتها السابقة.
انبعاثات الميثان
ويستمر، يقول ذات المصدر، تسرّب غاز الميثان في مناطق أخرى من العالم لديها احتياطيات غنية من الوقود الأحفوري.
إذ بلغت مصادر الانبعاثات الفائقة في تركمانستان 47 هذا العام وحتى يوم الجمعة الماضي 24 يونيو/حزيران، وهو معدل سريع.
ووفقًا لدراسة أجرتها هيئة حكومية دولية المعنية بتغير المناخ خلال العام الماضي، كشفت عن أن تركمانستان تعدّ أكبر مصدر للانبعاثات الفائقة، وأطلقت ما يزيد على مليون طن من الميثان خلال عامي 2019 و2020، واحتلّت روسيا المرتبة الثانية بأقلّ من مليون طن، تليها الولايات المتحدة وإيران والجزائر وقازاخستان.
ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي لزيادة صادراته من تركمانستان عبر خط أنابيب “تاب” الواصل من تركمانستان إلى إيطاليا.
الجزائر
وفيما يتعلق بالجزائر، وأفادت بأن انبعاثات غاز الميثان من حوض حاسي الرمل للغاز ارتفعت بصفة ملحوظة في الأشهر الـ6 المنتهية في مارس.
و رُصدت 3 أعمدة من غاز الميثان في شمال غرب الجزائر بالقرب من خط أنابيب ميدغاز، الذي يمثّل ربع إجمالي واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي.
ورصد قمر صناعي تابع لوكالة الفضاء الأوروبية الـ3 أعمدة في 26 و27 ماي، وبلغ أعلى معدل لانبعاثات الميثان 118 طنًا في الساعة، وكان على بعد قرابة 13 كيلومترًا من خط توزيع متصل بخط أنابيب ميدغاز.
وتعدّ الجزائر ثالث أكبر مورّد للغاز إلى القارّة الأوروبية بعد روسيا والنرويج،
دراسة تحشد أوروبا ضد الغاز الجزائري.. وصور الأقمار الصناعية لكشف الحقيقة
وسبق أن نشرت بلومبرغ في مطلع الشهر الجاري دراسة مفترضة نسبت إلى منظمة غرينبيس، تدعي بأن حقل حاسي الرمل الجزائري يعدّ مصدرًا رئيسًا لانبعاثات الميثان لأكثر من 40 عامًا.
وهي “الدراسة” تجاهلت دراسات سابقة تبيّن أن روسيا وتركمانستان والولايات المتحدة في مقدّمة الدول المسبّبة لانبعاثات الميثان.
وكشفت بيانات الأقمار الصناعية الأخيرة التي جمعها علماء في جامعة فالنسيا الإسبانية عن أن محطة الضغط، التي تساعد في ضخ الغاز الجزائري من حقل حاسي الرمل إلى أوروبا ومناطق أخرى، مسؤولة عن إطلاق غاز الميثان بانتظام منذ عام 1984 على الأقل.
ويُعد الحقل بؤرة لغاز الميثان، وتقدر الانبعاثات من محطة الضغط بنحو 4.5 طنًا متريًا/ساعة، وفقًا للباحثين.
انبعاثات الميثان
وفي تصريح نقلته منصة “الطاقة.نت”، أوضح مسؤول بإحدى المنظمات الدولية المتخصصة أن توقيت الدراسة التي أعلنتها مؤسسة غرينبيس، وتركيزها على الجزائر كونها مصدرًا للغاز “لافت للنظر”.
وقال إن الدراسة لم تتناول العديد من الجوانب، التي من بينها شدة انبعاثات الميثان، بهدف المقارنة بين الدول المصدرة للغاز إلى القارة الأوروبية، مثل تركمانستان، إذ سجلت معامل 43.4 طن ميثان لكل ألف طن نفط مكافئ، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وأضاف أن شدة انبعاثات الميثان في الجزائر تبلغ نحو 19.5 طن ميثان لكل ألف طن نفط مكافئ، أي أقل من نصف التقديرات المسجلة في تركمانستان، مؤكدًا أنها نقطة شديدة الأهمية ولم تتطرق إليها الدراسة، لا سيما أن أوروبا تسعى لزيادة الصادرات من تركمانستان من خلال خط “تاب”.
كما أشار إلى أن صور الأقمار الصناعية التي نشرتها بلومبرغ ركزت على انبعاثات الميثان في الجزائر، ولم تنشر الصورة كاملة لحجم الانبعاثات الضخم في حقول النفط والغاز بتركمانستان أو الولايات المتحدة وروسيا.
ويتماشى ذلك مع ورقة بحثية لمنظمة أوابك أعدها خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أوضحت أن الدول العربية حققت نجاحًا كبيرًا في خفض انبعاثات الميثان من قطاع إنتاج الغاز الطبيعي.
ووفق آخر تقارير، بلغت كثافة الانبعاثات نحو 0.8% من إجمالي الإنتاج، وهي نسبة ضئيلة من المتوسط العالمي البالغ 1.8%.
مناجم الفحم الأسترالية
تُعدّ انبعاثات الميثان من مناجم الفحم في أستراليا اختبارًا صعبًا للحكومة الأسترالية الجديدة.
وتتسبّب هذه المناجم في ارتفاع درجات حرارة الكوكب طوال العام أكثر من الانبعاثات الصادرة عن جميع السيارات في البلاد، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ورصدت بيانات الأقمار الصناعية الأخيرة عمودًا من غاز الميثان على بعد قرابة 25 كيلومترًا من مناجم الفحم التي تديرها شركات أنغلو أميركان، وستانمور ريسورسز، وبي إتش بي ميتسوبيشي أليانس، وفقًا لتقديرات كايروس.
وأصبح حوض بوين، الذي يحتوي على أكبر احتياطيات الفحم في أستراليا، مثالًا عالميًا للتباين بين تقديرات انبعاثات غاز الميثان من مناجم الفحم الوطنية والتقديرات المستقلة.
وبخصوص التسرب الأخير في 3 جوان ربما يكون ناتجًا عن عدّة مناجم، وقدّرت معدل الانبعاثات بنحو 12 طنًا متريًا من الميثان في الساعة.
وفي حالة استمرار هذه المعدلات لمدة عام، سيماثل تأثيرها التأثير المناخي على المدى القصير لنحو 1.9 مليون سيارة أميركية.
جهات معادية للجزائر تستهدف مصالحها في كل حين
برزت الجزائر، منذ تولي رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون سدة الحكم، على الساحة الدولية بتبنيها لقضايا الشعوب، خاصة العربية منها، وعلى رأسها قضايا فلسطين والصحراء الغربية، وكذلك الأزمة الليبية.
هذه المواقف، والرافضة لأي مساس بمصالح هذه الشعوب العربية الشقيقة، وضرورة نيل الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي حريتهما من المحتلين الصهيوني والمغربي، أدت إلى تحرك الأخيرين لإستهداف الجزائر والإنتقام منها، وتكثفت تلك التحركات منذ إخراج تحالف المستعمرين الإثنين إلى العلن، وموقف الجزائر التي وقفت كالسد أمام موجة الهرولة نحو التطبيع، والتي جرفت عديد الدول إلى مستنقع التطبيع والعمالة.
التحالف الصهيو-مخزني، تحرك على كل الأصعدة، خاصة الصعيد الإعلامي، للترويج لمغالطات واستهداف مصالح الجزائر في كل فرصة، لكن المواقف الصارمة للدولة الجزائرية، ورفضها أي مساومة أو مفاوضة على مبادئها، بتوجيه من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والتي ذكرت أعداء الجزائر بعصر الدبلوماسية الجزائرية الذهبية بقيادة الزعيم الراحل هواري بومدين، أثارت الرعب والهلع في المعسكر الصهيو-مخزني، لتصبح تصرفاته ومساعيه كلها هباء منثورا أمام الحقيقة.
رابط دائم: https://mosta.cc/n8une