شدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على مساعي الدولة الرامية لأن تكون سنة 2022 سنة الإقلاع الإقتصادي في “الجزائر الجديدة” معتمدة على قدراتها الذاتية، منفتحة على التعاون مع كل الشركاء قصد تحقيق نقلة نوعية وإنعاش قاطرة الإقتصاد الوطني في مسعى الإستفادة من مزايا الدخول إلى المنطقة الأفريقية الحرة.
بقلم أم كلتوم جبلون
إستبشر خبراء في مجال الإقتصاد خيرا بالقفزة النوعية التي حققتها الجزائر بعد إرتفاع حجم صادراتها خلال السداسي الأول من السنة لأزيد من 25،9 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، ما يعكس نجاعة المخطط التنموي الذي تهدف به الجزائر إلى تنويع صادراتها خارج قطاع المحروقات.
ارتفاع صادرات الجزائر يقابله فائض في الميزان التجاري
ارتفعت قيمة صادرات الجزائر الى 25,922 مليار دولار خلال السداسي الأول من سنة 2022، أي بزيادة قدرها 48,3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة لسنة 2021، حسب الجمارك الجزائرية التي أشارت الى قيمة 3,507 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات، أي بنحو 50 بالمائة من الهدف المسطر لسنة 2022.
وتظهر الإحصائيات الجمركية التي تم الإعلان عنها يوم الاثنين الماضي، بالنسبة للسداسي الأول لـ 2022، واردات قيمتها 20,223 مليار دولار أي بزيادة قدرها 7,41 بالمائة، مقارنة بالسداسي الأول لـ 2021 (18,829 مليار دولار).
وبلغت قيمة الصادرات خلال نفس الفترة 25,922 مليار دولار أي بزيادة بـ48,3 بالمائة مقارنة بالسداسي الأول لـ 2021 (17,480 مليار دولار).
وبالتالي سجل الميزان التجاري فائضا بالنسبة للسداسي الأول ل 2022 بـ5,689 مليار دولار بعد عجز في السداسي الأول لـ 2021، قدر بـ -1,348 مليار دولار.
وبلغت نسبة تغطية الواردات بالصادرات خلال هذا السداسي 128,2 بالمائة مقابل 92,8 بالمائة خلال السداسي الأول لسنة 2021.
أما الصادرات خارج المحروقات (خارج الطاقة والزيوت) فقد بلغت 3,507 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2022، مقابل 2,047 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، “أي نصف الهدف المسطر لسنة 2022 وهو 7 مليار دولار” يضيف ذات المصدر.
وبخصوص أهم الشركاء التجاريين للجزائر، أبرزت الجمارك الجزائرية أن الممونين الرئيسيين هم الصين (16,5 بالمائة) وفرنسا (7,17 بالمائة) والبرازيل (6,51 بالمائة) والأرجنتين (6,44 بالمائة) وإيطاليا (5,83 بالمائة)، مع الإشارة إلى أن أهم الزبائن هم: إيطاليا (21,83 بالمائة) وإسبانيا (12,13 بالمائة) وفرنسا (9,94 بالمائة) وهولندا (7,38 بالمائة) والولايات المتحدة (5,75 بالمائة) ، وحسب البيان فإن احتياطيات الصرف تمثل “أكثر من 12 شهرا من واردات السلع والخدمات”.
حيث تعد هذه الأرقام مكسبا للجزائر بالنظر إلى السياق العام للإقتصاد الوطني والعالمي وبفعل تأثيرات جائحة كورونا، حيث تعول الدولة على التخلص من التبعية للمحروقات، وما تحقق اليوم هو بمثابة بلوغ نصف الهدف المسطر لهذه السنة لتحقيق نحو 7 مليارات دولار من الصادرات خارج المحروقات، ماهو إلا دليل على أن السلع والبضائع الجزائرية قابلة للتصدير و بإمكانها المنافسة في الأسواق الخارجية، كما تعد النسبة التي بلغتها صادرات الجزائر اليوم تجسيدا لما وعد به السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في كل مناسبة، مؤكدا في كل مرة أن طموح الجزائر يكمن في الوصول إلى 15 مليار دولار في السنوات المقبلة للتخلص من التبعية للمحروقات، وهو ما تظهره الإحصائيات الجمركية التي تم الإعلان عنها بالنسبة للسداسي الأول لسنة 2022 حيث سجل الميزان التجاري فائضا مقارنة من نفس الفترة من السنة الماضية، أين تشير هذه المعطيات لمساعي الدولة لتطوير البنى التحتية للصادرات خارج النفط والغاز ومنح إمتيازات جديدة للمصدرين في ظل توجه الجزائر خلال السنوات الأخيرة لتنمية قطاعات غير نفطية بعد فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق ذلك.
الدكتور رواني بوحفص عميد كلية العلوم الإقتصادية بغرداية
على الجزائر الإستفادة من تذبذب سعر اليورو أمام الدولار
كشف الدكتور رواني بوحفص عميد كلية العلوم الإقتصادية بجامعة غرداية في تصريحات إعلامية أن هذا الرقم الذي حققته الجزائر فيما يخص إرتفاع قيمة صادراتها يجب أن يتضاعف خلال السنوات القادمة، أين بات لزاما عليها الآن العمل على عدم الإكتفاء بتسويق فقط السلع الخام، إنما الإستفادة من التغييرات التي حدثت مؤخرا خصوصا ماتعلق بقانون الإستثمار الجديد الذي يجب أن يكون له أثر إيجابي على قانون الممارسة التجارية خصوصا في مجال الصادرات، كذلك السعي نحو توسيع الخطوط البرية والبحرية خاصة و أن الجزائر لها إنتداب إفريقي يجب ان تستفيد منه بالإضافة إلى الإستفادة من التذبذب الذي يحدث حاليا سعر اليورو أمام الدولار.
من جهته كشف عبد الصمد سعودي أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة المسيلة في تصريحات إعلامية أن التوجه نحو الصادرات خارج قطاع المحروقات على غرار ما تعلق ببعض مواد البناء والأسمدة والمواد الفلاحية والاستهلاكية خاصة نحو الوجهة الأفريقية سيمنح الجزائر أريحية، ولما لا التخلص مرحليا عبر الوقت من التبعية لقطاع المحروقات الذي يعرف تذبذبا في الأسعار إرتفاعا وانخفاضا.
الدكتور عبد القادر بريش لـ “المستثمر”
صا درات الجزائر خارج المحروقات ستصل 7 مليار دولار نهاية السنة
كشف الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش في حديثه لجريدة “المستثمر” أن هذه النتيجة المحققة المتمثلة في إرتفاع حجم صادرات الجزائر والتي وصلت 25،9 مليار دولار خلال السداسي الأول لسنة 2022 ترجع لعدة عوامل منها العامل الأول المتمثل في ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولية و إرتفاع حصة الجزائر في الصادرات سواء في البترول أو في الغاز، وزيادة على ذلك الرقم المهم في حجم الصادرات 3،5 مليار دولار صادرات خارج المحروقات في السداسي الأول، وهذا سيسمح من تحقيق الهدف المتمثل في وصول صادرات الجزائر خارج المحروقات هذه السنة لأكثر من 7 مليار دولار وهي نتيجة مهمة جدا ، فمع نهاية سنة 2022 ستكون صادرات الجزائر خارج المحروقات 7 مليار دولار وهو الهدف التي تعول عليه الحكومة وسيحقق 100 بالمئة.
كما نلاحظ، يستطرد ذات المتحدث، أن هناك العديد من العوامل التي تظافرت لأجل تحقيق الهدف “الصادرات خارج المحروقات” لوجود إحترافية من طرف المصدرين، كما أن هناك مرافقة من طرف الدولة و الإطار المؤسساتي، اللوجيستيك وكذا الاهتمام بمجال النقل من خلال فتح خطوط جديدة للنقل البحري مع موريطانيا و السنغال وهي كلها عوامل ستساهم في زيادة قيمة وحجم الصادرات خارج المحروقات و تحقق الهدف المعول.
كذلك- يضيف بريش- إجمالي الصادرات متوقع أن تكون فوق 50 مليار دولار وهذا من شأنه أن يعزز من التوازن المالي للجزائر، أين سيكون الميزان التجاري للجزائر قد حقق فائضا على الأقل فوق 6 مليار دولار نهاية السنة، ناهيك عن حرص الجزائر من خلال الضغط لأجل أن تكون الواردات أقل من 40 مليار دولار قصد الحفاظ على إحتياطي الصرف وهذه كلها عوامل جيوسياسية وتحولات كثيرة تقع حاليا في مجال الطاقة تصب كلها في صالح الجزائر بغية تحقيق التنويع و الإقلاع الاقتصادي ، يضيف المعني أن هذه تعتبر فرصة بالنسبة للجزائر لأجل وصولها لأهدافها التنموية على المدى القصير والمتوسط.
الدكتور والخبير الاقتصادي عمر هارون لـ “المستثمر”
صادرات الجزائر خارج المحروقات ستصل 10 مليار دولار خلال الخمسة سنوات المقبلة
من جهته، كشف الخبير الاقتصادي عمرهارون في تصريح لـ”المستثمر” أن ارتفاع صادرات الجزائر في السداسي الأول من السنة إلى 25،9 مليار دولار من بينها 3،5 مليار دولار خارج المحروقات هي نتيجة مهمة نظرا لإرتفاع الطلب على المحروقات بحيث أن حصة الجزائر من النفط إرتفعت، أين بلغت حصة الجزائر اكثر من مليون برميل بالإضافة إلى إرتفاع صادراتها من الغاز و كذا مراجعة أسعار الوقود، حيث أن هاتين الطفرتين في الغاز والنفط مع ارتفاع الطلب العالمي أدتا إلى تحقيق مداخيل مهمة جدا.
ووصف السيد هارون، في معرض حديثه، هذا الإرتفاع الذي حققته الجزائر بالتاريخي لو بقي لنهاية السنة ، معتبرا هذا لأنه تجسد لكون الجزائر قد حققت قبل هذا عائدات بحدود 70 مليار دولار ولكن الواردات كانت في حدود 50 مليار دولار.
إذن – يقول الخبير في حديثه لـ”المستثمر” – “الجزائر الآن تراجعت فيها الواردات إلى حدود 20 مليار دولار ومع نهاية السنة قد تكون في حدود 35 مليار دولار ومنه فقد قللنا بشكل كبير جدا من قيمة وحجم الواردات، ومع ذلك ليس هناك إختلالات كبرى على المستوى الداخلي ربما قطاع واحد بقي فيه مشكل وهو قطاع السيارات لكن باقي القطاعات عرفت إستقرار مهم جدا.
وهذا ما يؤكد، وفق الخبير الاقتصادي، وجود مراجعة هيكلية للواردات وهو ما سيمكننا مستقبلا من الإستفادة من الفوائض التي سنحققها هذه السنة و السنوات القادمة إذا بقي الأمر على ماهو عليه، وهذا ما سيمكننا أيضا من تطوير الاقتصاد الوطني نظرا لان هذه المؤشرات هي التي تدل على إمكانية تطور القطاع الاقتصادي”،
أما بالنسبة إلى المداخيل خارج المحروقات، أكد علي هارون أن هدف الجزائر يكمن في الوصول إلى تحقيق 7 مليار دولار، وبحسبه أن 3،5 مليار دولار هو رقم كنا في السابق نحلم به، لكنه تحقق، فلما لا مضاعفته مستقبلا.
ووفق المعطيات الحالية أوضح هارون أنه يمكننا أن نؤكد ان الجزائر ستصل إلى 7 مليار دولار لأن هذه الأخيرة الآن أصبحت مورد موثوق في مجال الطاقة إلى الدول و شركائها، فهؤلاء الشركاء سيبحثون عن مواد أخرى يمكن للجزائر أن تصدرها ومنه الجزائر الآن أصبحت تصدر في العديد من المواد على غرار الحديد و الإسمنت المسلح و بعض المنتجات الأخرى، كما وجب التنويه – حسب هارون- انه خلال السنوات القادمة يمكن أن تصل الجزائر لتصدير مواد أخرى على غرار الفوسفات والحديد الخام ومنه فان صادرات الجزائر خارج المحروقات مستقبلا سترتفع إلى ارقام مهمة تصل افاق الخمسة سنوات القادمة مع دخول منجم غار جبيلات حيز الخدمة على 10 مليار دولار.
الخبير الطاقوي أحمد طرطار لـ “المستثمر”
كل المؤشرات واعدة
أكد أحمد طرطار الخبير الطاقوي، في حديث لـ”المستثمر” أن ماحققته الجزائر بإرتفاع حجم صادراتها يعتبر قفزة نوعية حيث تم التركيز مؤخرا لإعطاء الأولوية للصادرات بإعتبارها مدرة للعملة الصعبة في مقابل الريع النفطي الذي يتأتى في حدود 96 إلى 97 بالمئة من الموازنة العامة، وبالتالي برنامج الرئيس خاصة خلال السنة قد ركز على هذا الأمر تركيزا كليا وهو ما جعل كل الجهود توجه للإستثمار ، أضف إلى هذا هناك نوع من التسهيلات التي واكبت القوانين المنظمة للتجارة الخارجية ، كما نلحظ فيه استقطابية من طرف وزارة التجارة للمستثمرين المعنيين بالتصدير – يقول طرطار- أن كل هذا اعطى حافز لانظير له لتفعيل هذا الرقم والوصول إليه في غضون هذه الفترة، كما توقع طرطار إمكانية ارتفاع حجم صادرات الجزائر مستقبلا كون كل المؤشرات واعدة بحكم الظروف الدولية التي نعيشها وفي ظل إنعكاساتها و أزمة الحرب الأوكرانية والروسية وكذا في ظل الغلق الاقتصادي الموجود وبالتالي الركود الاقتصادي، حيث تستطيع الجزائر – حسبه- أن توصل منتوجاتها إلى الدول المجاورة في سياق التفاعل الإيجابي الذي ظهر مؤخرا وفتح المعابر بين الجزائر و موريطانيا، كذلك بين الجزائر وتونس بفتح معابرهما وكذلك في سياق سعي الجزائر للتوغل أكثر و أكثر في السوق الإفريقية وهي سوق واعدة، وهو ما يؤكد أن كل المؤشرات توحي بإمكانية الرفع من هذه القدرة التسويقية للمنتوج الجزائر وربما الوصول إلى ارقام أعلى و أعلى بكثير مما هي عليه الآن.
ساعد سلامي الخبير الاقتصادي لـ “المستثمر”
سنحقق أرقاما كبيرة في حال ما دخلنا عملية الإستثمار خلال هذه الفترة
اكد ساعد سلامي الخبير الاقتصادي، في حديث لـ”المستثمر” أن الجزائر تجاوزت التوقعات بعد ما سجلته في حجم صادراتها والبالغة ازيد من 25،9 مليار دولار والشيء الذي لاحظناه والمشجع هو تسجيل 3،5 مليار دولار خارج المحروقات وهذا مؤشر جيد جدا، لأن الهدف الأسمى هو الخروج من التبعية للريع النفطي – يضيف سلامي – ولو توقعنا الآن ما يمكنه تحقيقه فيمكن أن تسجل الجزائر ارتفاع يصل إلى 7 مليار دولار وأكثر مع نهاية السنة وهذا رقم كبير مع إمكانية تجاوز هذا الرقم خاصة لو دخلنا عملية الإستثمار أو بداية عملية الإستثمار لأن هنا نجد المؤسسات جاهزة كسلسلة إنتاج كان ينقصها فقط في السابق الأغلفة المالية التي كانت معطلة او مستثمر اجنبي بأفكار جديدة، فلو دخلنا خلال هذه المرحلة مما تبقى من السنة في عملية الإستثمار سنتجاوز هذه الأرقام بكثير.
عبد الرحمن عية لـ “المستثمر”
ماحققته الجزائر كان متوقعا
إعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن عية أن ما سجلته الجزائر مؤخرا في ارتفاع حجم الصادرات كان منتظرا بالنظر إلى إرتفاع أسعار النفط، وفي حالة إستمرار الحرب يمكن للأسعار أن تستقر فوق 100 دولار وبالتالي نتوقع مداخيل في حدود 60 مليار دولار، ناهيك عن تجاوز فائض الميزان التجاري 12 مليار دولار لأول مرة منذ 10 سنوات.
رابط دائم: https://mosta.cc/kps0u