يشهد قطاع الصناعة الصيدلانية بالجزائر تقدما كبيرا خلال السنتين الأخيرتين ، التي شهدت زيادة بنسبة تزيد على 30٪، لتنتقل من 52٪ من تغطية للاحتياجات في 2019 إلى 70٪. في 2022، و هو ما يوضح نتائج خطة الانعاش في القطاع الذي يسعى لتحقيق صناعة صيدلانية ذات قيمة مضافة عالية، قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية، خاصّة المتعلّقة بالأدوية المستخدمة في الأمراض المزمنة وكذا العلاجات المبتكرة، و البحث الدائم عن سبل دعم تطوير هذه الصناعة وتشجيع الاستثمار فيها لا سيما في مجال البحث والتطوير وإنتاج الأدوية المبتكرة بهدف التصدير إلى الأسواق الإقليمية والقارية، يأتي هذا خاصة بعدما اتضح الاهتمام البالغ للصناعة الصيدلانية الجزائرية من قبل عديد الدول الإفريقية الراغبة في تعزيز الشراكة والتعاون مع المتعاملين الجزائريين، لما حققته من تطور واعتراف دولي.
الأدوية المصنعة محليا تغطي أكثر من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية
أكد رئيس المرصد الوطني لليقظة لتوفير المواد الصيدلانية بوزارة الصناعة الصيدلانية، رضا بلقاسمي، إن الأدوية المصنعة محليا تغطي أكثر من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية وذلك بفضل الأسس التنظيمية والتشريعية التي ساهمت في وضع أرضية لبعث الصناعة الصيدلانية في الجزائر.
وذكر بلقاسمي للقناة الأولى إن “وزارة الصناعة الصيدلانية تمكنت خلال عام ونصف من وضع أسس تنظيمية وتشريعية جديدة لعبت دورا كبيرا في إنعاش الصناعة الصيدلانية التي حققت قفزة نوعية”.
كاشفا ان الجزائر تحصي اليوم بفضل الاستثمارات التي أُنجزت حوالي 196 مؤسسة لإنتاج المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية ما سهم في تقليص فاتورة الاستيراد.
داعيا وسائل الإعلام المحلية للمساهمة في الترويج لجودة المنتوجات المحلية التي تتوافق مع معايير الجودة العالمية ومن خلال أيضا دعم الحمالات التوعوية، مضيفا أن “الوقت قد حان لكي تعتمد الجزائر على إمكانيتها في البحث العلمي من أجل تطوير الصناعة الصيدلانية، ووضع الثقة في المنتوج المحلي الذي ساهم بدور كبير في مواجهة جائحة فيروس كورونا”.
وفيما يخص مادة الأنسولين والأدوية الموجهة لعلاج السرطان والأمراض النادرة، أوضح بلقاسمي أن “مصالحه اتخذت إجراءات إستباقية لمواجهة ندرة هذه المواد وللحد من التذبذب، مع منح برامج الاستيراد ورفع الكميات مقارنة بمعدلات الاستهلاك العادي”
ماذا عن العجز المسجل في دواء الفنتولين هذه الفترة؟
كشف أمس الأول رضا بلقاسمي رئيس المرصد الوطني لليقظة وتوفير المواد الصيدلانية عن استيراد 740 ألف وحدة من بخاخات مرضى الربو من أصل 5 ملايين وحدة مبرمجة للإستيراد على ان يتم توزيعها على الصيدليات خلال مع بداية الاسبوع .
وقال ذات المسؤول ان الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية قد حررت حوالي 180 ألف وحدة من دواء الفنتولين، وسيتم الإنطلاق في توزيعها مع بداية هذا الأسبوع الجاري، لبائعي الجملة منه إلى الصيدليات. وذلك لتغطية العجز المسجل في الدواء.
وأضاف رئيس مرصد اليقظة لتوفر المواد الصيدلانية انه سيتم تحرير الكمية المتبقية، والمقدرة حوالي 580 ألف وحدة من الفونتولين. توزع تدريجيا بعد إستكمال الإجراءات المراقبة الإدارية والتقنية.
المتعاملون الصيدلانيون معفيون من وثيقة “ألجاكس” خلال عمليات الاستيراد
بغية ضمان وفرة المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية، وكذلك حماية وتعزيز الانتاج المحلي، أعلنت وزارة الصناعة الصيدلانية، هذا الخميس، عن إعفاء المتعاملين الصيدلانيين من تقديم الوثيقة الصادرة عن الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية “ألجاكس” ضمن ملفات التوطين البنكي لعمليات الاستيراد.
وأوضحت الوزارة أنّ هذا الاجراء هو جزء من “التماسك الحكومي والتشاور بين القطاعات”, لضمان وفرة المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية، وكذلك “حماية وتعزيز الانتاج المحلي”.
وأكدت الوزارة أنّ “ضبط السوق الصيدلانية الوطنية يتم من قبل وزارة الصناعة الصيدلانية, وفقا لصلاحياتها, والتي تصدر حصريا البرامج المؤقتة للاستيراد وشهادات الضبط للمواد الأساسية ذات القيمة العلاجية العالية, غير المصنعة محليا, أو التي لا تغطي كمياتها المنتجة الاحتياجات الوطنية”, وذلك بعد دراسة وفحص “دقيقين” لقدرات الإنتاج ومستويات المخزون والاحتياجات الوطنية.
يُذكر أنّ وزارة التجارة وترقية الصادرات دعت في أفريل الفارط, جميع المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في مجال استيراد المواد الأولية والمنتجات والبضائع الموجهة لإعادة البيع على الحالة, لتقديم طلبات تسمح بالتحقق من عدم توفر المواد و المنتجات التي يبرمج استيرادها في السوق الوطنية.
بعد تجاوز 70 بالمائة من الانتاج المحلي، السعي لولوج الاسواق الخارجية
يعتبر تشجيع تصدير الأدوية المصنعة محليا من بين الأهداف التي سطرتها السلطات العمومية ، و قد عرفت الصناعة الصيدلانية المحلية انطلاقها بعد صدور قانون يجبر الشركات المتعددة الجنسيات المنتجة للأدوية بالجزائر على الاستثمار والإنتاج داخل الوطن في إطار الشراكة مع القطاع العمومي والخاص حيث تم ابرام أول شراكة بين مخابر “فايزر الامريكية” و”صانوفي” الفرنسية و التجمع الأوروبي للصيدلة “جي. بي.أو” مع مجمع صيدال من اجل انتاج عدة أصناف من الأدوية .
و ظهرت وحدات جديدة للقطاع الخاص تنتج في إطارالشراكة مع المخابر الأجنبية لتتوسع في السنوات الأخيرة إلى غاية بلوغها 100 وحدة انتاج اثبتت وجودها من خلال تغطية الاحتياجات الوطنية.
وبالرغم من تشجيع الدولة للاستثمار في هذا المجال إلا أن هذه الوحدات عانت من عدة عراقيل من بينها غياب أوعية عقارية وصعوبة الاستفادة من القروض البنكية لتطويرها مع العلم ان كل مصانع الأدوية متواجدة عبر الوطن تسييرها مهارات جزائرية خريجة الجامعات الوطنية.
وان إنشاء وزارة للصناعة الصيدلانية مؤخرا دليلا آخرا على إعطاء دفعا جديدا لهذا القطاع من أجل مواجهة هذه الكثير من العراقيل .
كما يعد قرار إنشاء كلية للصيدلة بجامعة الجزائر العاصمة وتوسيعها الى بقية الجامعات الوطنية مستقبلا جاء لدعم القطاع الاستراتيجي لصناعة الأدوية بالوطن الذي يصبو إلى ولوج أسواق خارجية خاصة الافريقية منها، حسبما أكده عميد كلية الصيدلة البروفسور رضا جيجيك في تصريحات سابقة.
وأضاف البروفسور جيجيك ان هذه الكلية جاءت “لدعم الصناعة الصيدلانية ومرافقتها بتكوين في مجال الموارد البشرية من مختلف التخصصات التي تحتاجها هذه الصناعة الفتية”.
ومن بين مهام الكلية الجديدة –حسبه -” البحث عن المهن والاختصاصات الأساسية الموجهة إلى هذه الصناعة التي ما فتئت تتوسع مع الزمن بعدما كانت الجامعة تكون في مجال تخصصي صيدلي المستشفيات وصيدلي المدينة فقط تتوج بشهادة ليسانس في هذين الاختصاصيين.
واعتبر أن جامعة الجزائر ومن خلال كلية الصيدلة ستشرع في تكوين تخصصات جديدة في مجال الصناعة الصيدلانية في شهادتي الماستير والدكتوراه من اجل تحسين القطاع الصيدلاني بالوطن.
وقد سطرت الكلية في هذا المجال –حسب عميدها- برنامجا يوجه الى بعض التخصصات المرجعية التي تعتبر أساسية بالنسبة للقطاع الصيدلاني بالجزائر.
ولمد الجسور بين الجامعة والمؤسسات وتفتحها على المحيط الاقتصادي والاجتماعي ذكر ذات المسؤول بالمناسبة بشروع كلية الصيدلة في التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات مع المخابر انتاج الأدوية المتواجدة بالجزائر .
وستسمح هذه الاتفاقيات بعد توسيعها مع الزمن بفتح المجال أمام الطلبة لتحسين التكوين التطبيقي وتعزيز البحث العلمي بالمؤسسة والجامعة و توسيع الخبرة المتبادلة بين الطرفين مستقبلا كما ستكون فرصة سانحة “لتطوير هذه الشراكة -كما أضاف-إلى شركات مختلطة بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية”.
كل هذا يأتي بغية تشجيع الإنتاج الصيدلاني المحلي لتغطية السوق الوطنية و العمل على تسريع إجراءات دعم الاستثمار في مجال الصناعات الصيدلانية، و التحفيز على التصدير خاصة نحو افريقيا .
و هو أكده وزير الصناعة الصيدلانية خلال اشرافه على افتتاح الطبعة الأولى للمعرض الصيدلاني الجزائري الذي احتضنته العاصمة السنغالية (دكار) من 17 إلى 20 من شهر ماي الجاري، على جعل من السنغال “بوابة لترقية المنتوج الجزائري بالمنطقة العربية والإفريقية”.
وكانت التظاهرة فرصة للتعريف بالمنتوجات الصيدلانية و ربط علاقات شراكة مع بلدان افريقية و البحث عن أسواق خارجية ترقية للصناعة الصيدلانية الوطنية وتشجيع التصدير.
و اعتبره المختصون نقطة الانطلاقة للعلاقات الجزائرية السنغالية في مجال هذه الصناعة مما سيفسح المجال لتجسيد سياسة مربحة للطرفين وكذا فرصة للتوسيع الصناعي والتجاري للجزائر باتجاه بلدان المنطقة بغية تطوير صناعة صيدلانية إفريقية تساهم في التنمية الاقتصادية وتعزيز السيادة الصحية بها.
رابط دائم: https://mosta.cc/p1wm8