بقلم: مليكة ب.
يشكل الاستثمار في قطاع الفلاحة والزراعات الغذائية أداة هامة للتنمية الاقتصادية الوطنية، قطاع يتبنّى اليوم رؤية اقتصادية هادفة في مجال الاستثمار، حيث يسعى لتمكين المشاريع الاستثمارية القطاعية، من إحداث أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، وعليه تتعدد الدعوات لمختلف المتعاملين والمهنيين الى الاستثمار بقوة في الفلاحة من أجل اعطاء الفرصة لهذا القطاع ليصبح ركيزة أساسية في الانعاش الاقتصادي، ومن اجل بلوغ هذا الهدف فقد تم تركيز الجهود خاصة على تطوير الفلاحة الصحراوية.
تسهيلات للمستثمرين الراغبين في إقامة نشاطات فلاحية بالجنوب
تطرح وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، عدة تسهيلات للمستثمرين الراغبين في ممارسة أنشطة انتاجية أو تحويلية للمواد الفلاحية أو أنشطة أخرى ملحقة لها، في ولايات الجنوب.
حيث وجهت الدعوة للمتعاملين الاقتصاديين لاستغلال المزايا التي توفرها الدولة لاقامة استثمارات فلاحية وتطوير الزراعات،
خاصة بعد إنشاء ديوان وطني لتطوير الزّراعة الصّناعية في الأراضي الصّحراوية التعليمة التي أسداها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي شدّد في تعليمته على حتمية عمل الديوان بشباك موحّد تفادياً لأي عراقيل بيروقراطية محتملة، من شأنها تعطيل الأهداف التي أنشئ من أجلها، وقد شرعت الوزارة عقب ذلك في إعداد مرسوم تنفيذي يحدّد طبيعة سير الدّيوان، ويفصل في هيكله ومهامه وأهدافه، وكذا طرق منح الأراضي الفلاحية للمستثمرين عن طريقه، وقد صودق على المرسوم في اجتماع الحكومة شهر أوت 2020، وتمّ نشره في الجريدة الرّسمية في 22 سبتمبر 2020.
تتكفّل هذه الهيئة بتطوير مختلف الزّراعات الإستراتيجية القابلة للتحويل صناعياً، مثل الزّراعات الزيتية والزّراعات السكرية، الحبوب والذرة والأعلاف، وجاء التركيز على هذا النوع من الزراعات بعد تسجيل نقص محسوس في منتجاتها أو استيرادها بكميات كبيرة مثل الزيت الخام والحبوب الزيتية والسكر الخام.
ومقابل منح مختلف التسهيلات في هذه الشّعب الإستراتيجية (الزيتية والسكرية)، يلتزم المستفيدون من امتيازات ديوان تطوير الزّراعة الصناعية، بإنشاء مصانع تحويلية ترافق ومشاريعهم الفلاحية.
هذا وتعمل وزارة الفلاحة حالياً على توفير أوعية عقارية جديدة تلبية للطلب المتزايد وضماناً للتنوّع في المشاريع، مع منح الفرصة لكل المستثمرين الجديين الراغبين في إنجاز مستثمرات فلاحية صحراوية، و الى جانب المرونة التي تتمتّع بها هذه الهيئة الجديدة في التّعامل مع المستثمرين، من خلال اعتمادها على وسائل التواصل الحديثة والشباك الموحّد، تفرض بالمقابل شروطاً ومعايير انتقاء لجعل الاستثمار في الشّعب الإستراتيجية أكثر جدية، بحيث يتوجّب على المستفيدين من الأوعية العقارية الفلاحية التي يمنحها الديوان، التوقيع على دفتر شروط يلتزمون من خلاله بأهداف ونتائج موسمية مدروسة سلفاً، ما يتيح إمكانية تحديد ومعرفة مختلف المساحات التي ستزرع في كل شعبة والنّتائج المنتظرة عند استغلالها، كما يلتزمون بالآجال المتفق عليها مع الإدارة لإطلاق مشاريعهم، ويتحمّلون بعد منح كل تراخيص النشاط، مسؤولية أي تعطّل أو تأخّر أو تماطل في الانجاز، وقد تؤدّي التأخيرات غير المبرّرة إلى سحب الوعاء العقاري، ومنحه لمستثمر آخر أكثر جدية.
من جانب آخر، تولي لجنة التقييم في دراستها للملفات أهمية كبيرة لنوعية وطبيعة الاستثمار، وما إذا كان يندرج ضمن المخطّط الذي سطرته الوزارة بسياستها التنموية الرامية إلى تطوير الشعب الإستراتيجية، زيادة على التدقيق في طرق تمويل المشاريع، مع تشجيع وتحفيز خاص للمشاريع الممولة ذاتيا، والتي لا يلجأ أصحابها إلى القروض البنكية التي قد تعطّل نوعاً ما بإجراءاتها سيرورة إطلاق الاستثمار، و إلى جانب المؤهّلات المالية، يستوجب على القادمين من قطاعات أخرى غير فلاحية، والراغبين في الاستفادة من مساحات زراعية، توفير فريق تقني مؤهّل لإنجاز المشروع المودع ملفه لدى ديوان تطوير الزراعة الصناعية في الأراضي الصحراوية، خاصة المهندسين الزراعيين الذين يمثّلون حلقة هامة في نجاح أي مشروع فلاحي على الأراضي الصحراوية.
500 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية أمام الراغبين في الاستثمار
حدّدت الحكومة 500 ألف هكتار من الأراضي التابعة للدولة يمكن استغلالها في المجال الفلاحي بالمناطق الصحراوية، سيتم توزيعها على المستثمرين، مع إعطاء الأولوية للشعب الاستراتيجية الكفيلة بتخفيض فاتورة الواردات.
و قد تمكنت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، بموجب نظام تحديد المواقع الجغرافية، من رفع مساحة الأراضي الفلاحية المندرجة في إطار الاستصلاح، إلى 500 ألف هكتار، موزعة على مستوى 20 ولاية صحراوية، بعدما كانت تقدر بمئة وستة وثلاثين ألف هكتار، سيتم توزيعها من طرف ديوان تطوير الزراعات الصناعية بالأراضي الصحراوية على الراغبين في الاستثمار في قطاع الفلاحة، مع إعطاء أولوية للشعب التي تعود بفائدة على الخزينة العمومية، من خلال تقليص فاتورة الواردات والتخصص في زراعة السلجم الزيتي والشمندر السكري والحبوب، و حسب وزارة الفلاحة فقد استقبل ديوان تطوير الزّراعة الصناعية في الأراضي الصحراوية إلى غاية بداية شهر جانفي 450 ملف، فيما تمّت الموافقة على 140 ملف استثماري بعد دراستها من طرف لجنة الخبرة والتقييم، و أنّ أغلب المستثمرين الذين مُنِحوا رخص الاستثمار من طرف مصالح الديوان، قد باشروا إجراء دراسات تقنية معمّقة على مساحاتهم الفلاحية.
نموذج فلاحي جديد 2020-2024 موجه نحو التنمية المستدامة
من أجل بعث ديناميكية جديدة في قطاع الفلاحة، وضمان أمن الجزائر الغذائي، والتحرر من التبعية للخارج في توفير بعض المنتجات الزّراعية والغذائية الأساسية للجزائريّين، ادخل القطاع ضمن خارطة طريقه ل2020-2024, المدرجة ضمن برنامج عمل الحكومة الذي يكرس برنامج رئيس الجمهورية، في قائمة الفروع الاستراتيجية, البذور الزيتية (الكولزا والصويا) وذلك بهدف تغطية 25 % من الاحتياجات الوطنية من زيت الكولزا و 33 % من الذرة بحلول 2024 ويتطلّب تحقيق هذا المسعى، الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة والطرق التقنية المتطوّرة في الزّراعة والفلاحة، و في اطار التنمية المستدامة دائما فان القطاع يشجع منذ سنة 2020 استعمال الطاقات المتجددة على مستوى المستثمرات الفلاحية الواقعة في الهضاب العليا و الجنوب، كما أن
الدولة تأخذ على عاتقها مرافقة المشاريع المهيكلة، من خلال توفير مختلف المرافق والخدمات الأساسية مثل الكهرباء وفتح المسالك الصحراوية أمام المستثمرين، زيادة على الدعم المباشر الموجّه لبعض الشعب، غير أنّ ضخ الدولة لأموال على مستوى المحيطات الفلاحية الصحراوية التي تحتاج لاستصلاح يستوجب إظهار المستثمرين لجدية وتفانٍ حقيقيين في العمل.
طلبات للاستثمار بالمنطقة ضمن الشراكة الجزائرية-التركية
تعول الجزائر على تعزيز التعاون مع تركيا وخلق مشاريع مشتركة في مجال الفلاحة، حسبما أكده مدير الأنظمة والإحصائيات والاستشراف بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية أحمد بداني، الذي أشار الى العديد من فرص الاستثمار البعدية، منها شعبة التمور خاصة في الانتاج المختبري لشجيرات النخيل وتغليف وتعليب التمور وتثمين منتجات ومشتقات التمور.
منوها لشعبة تنمية الزراعة الصحراوية التي تشمل الكثير من الفرص الاستثمارية خاصة زراعة المحاصيل لإنتاج الزيوت مثل الذرى والسلجم النباتي والصوجا والفول السوداني إضافة الى زراعة البنجر السكري لإنتاج السكر، وفي هذا الصدد أشار بداني إلى أنه تم إعطاء الموافقة لمشروع استثماري مشترك جزائري تركي حيث تم تخصيص 4.000 هكتار بولاية أدرار لتنمية الزراعات المذكورة كما تم تسجيل طلبات أخرى للاستثمار ضمن الشراكة الجزائرية-التركية توجد محل دراسة على مستوى مصالح الوزارة، وقاربت الصادرات الفلاحية الجزائرية نحو تركيا سنة 2020 ال 34 مليون دولار حيث يتم تصدير لتركيا بصفة أساسية السكر الأبيض والتمور وكذا الأسمدة، كما فاقت الواردات الفلاحية الجزائرية القادمة من تركيا 198 مليون دولار حيث يتم استيراد زيت الصوجا ومختلف أنواع الخمائر وأدوات السقي وآلات ومعدات فلاحية.
ربط الـفلاحة الصحراوية بالطـاقات المتجددة سيغني الجزائر عن عائدات الريع البتـرولي
يؤكد خبراء في الطاقة والفلاحة الصحراوية أن توظيف الطاقات المتجددة في الزراعة الصحراوية، سيوفر مداخيل تفوق عائدات الريع البترولي، لما يمتازبه الجو الصحراوي الجزائري من ميزات تسمح بإنتاج جميع الخضر وبعض الفواكه على مدار السنة وخارج مواسمها المعتادة.
ويشدد الخبراء على ضرورة التوجه نحو التنمية الزراعية المستدامة بالاستعمالات الحديثة للطاقات المتجددة خاصة في الجنوب الجزائري الذي يزخر بمؤهلات فلاحية واخرى طاقوية نظيفة تجعله بيئة خصبة للاستثمار الجالب للثروة بعيدا عن المصادر الاحفورية، في هذا الصدد ، قال مدير مركز تنمية الطاقات المتجددة سعيد ضياف ، بأن توظيف الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية كفيل بخلق مناخ ملائم لكل نبات على حدى، طيلة الفصول الاربعة من خلال ما يعرف بالبيوت البلاستيكية الذكية التي تقوم على تقنيات حديثة تضمن وفرة المنتج و جودته، وأشار ضياف في هذا السياق الى شساعة مساحة الاراضي الزراعية في الصحراء الجزائرية وهو مايجعل ربطها بشبكة الكهرباء أمرا صعبا وبالتالي فان استغلال الطاقات النظيفة سيسد هذه النقائص ويساعد على استخراج المياه الجوفية وضخها لري المحاصيل .وبدوره تطرق المدير العام للمعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية فؤاد بن جدو إلى الامكانيات الفلاحية الهائلة للصحراء الجزائرية، مستشهدا بآراء خبراء وباحثين اجانب أكدوا على أن الجو في الجنوب الجزائري يعد الافضل عربيا ودوليا من حيث تحصيل منتجات في غير مواسمها بتبكير يصل الى خمسة اشهر قبل ميعادها ، وقال بن جدو إن المعهد قام بتجارب على مختلف المحاصيل من خضر و فواكه وأعلاف وكانت النتائج مبهرة وهائلة ، مؤكدا انها كفيلة بتلبية احتياجات الاسواق في الولايات الشمالية.
رابط دائم: https://mosta.cc/ic2au