بقلم : ندى عبروس
تسعى الجزائر، منذ وصول الرئيس تبون إلى سدة الحكم، لتحقيق تحول طاقوي نحو الطاقات المتجددة والنظيفة، والتحرر من الإرتباط بالطاقات التقليدية من نفط وغاز وغيره
وفي آخر إجتماع لمجلس الوزراء، والذي كان بتاريخ 19 جوان الجاري، أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن الجزائر، بامتلاكها للمؤهلات والقدرات الطبيعية والمالية، تعمل على تنويع مصادر الطاقة، لا سيّما النظيفة منها، ما يفتح المجال أمام المؤسسات الناشئة لاقتحام هذا المجال، من خلال المناولة، في مختلف التخصصات
كما شدد رئيس الجمهورية على وجوب التوجه وفق برنامج مدروس، لإنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية.
وركّز رئيس الجمهورية، منذ وصوله إلى الرئاسة عبر انتخابات 12 ديسمبر 2019، على ضرورة تحقيق إنتقال طاقوي يضمن مستقبل الأجيال القادمة للجزائريين، كما ضمن تأميم المحروقات من طرف الزعيم هواري بومدين فيما مضى قوت الجيل الحالي والذي سبقه.
لكن النفط يبقى ثروة محدودة، لا بد أن تنضب ذات يوم، ما يحتّم التفكير من الآن في بدائل، ابرزها واكثرها تناسبا مع الوضع العالمي الطاقة الخضراء.
ولأجل ذلك، تم إطلاق عديد المشاريع الكبرى، مثل مشروع سولار 1000 الخاص بالطاقة الشمسية، ومشروع استغلال الفوسفاط والثروات الباطنية النظيفة، بالإضافة إلى اتفاقيات لإستغلال طاقة الرياح .
الهيدروجين الأخضر صناعة رائجة تدخل في إنتاج الطاقة
قال المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، في لقاء صحفي ، أنه يجب المجازفة والخوض في المجالات لي كانت تصور على انها طابوهات ، خاصة أننا تقريبا ربعين سنة تركنا المجال المناجم الذي أصبح مجال مغيب لابد التوجه نحوه من أجل التوجه الهيدروجين الأخضر ، خاصة أن الهيدروجين الأخضر أصبحت صناعة رائجة جدا لانه يدخل في انتاج طاقة، و يدخل في الصناعات الكيماوية كونه مجال حيوي جدا ، وتستطيع هذه الصناعة تعويض بنسبة كبيرة التركيز على الغاز خاصة الغاز الطبيعي والغاز المميع .
و في هذا السياق أضاف المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، أن هناك بعض المشاريع التي ستدخل حيز الاستغلال ، و أن هناك اتفاقات شراكة بمستوى عالي جدا في هذا المجال وايضا هناك سياسة عامة للتوجه نحو الطاقات البديلة او الطاقات النظيفة ، و التي تعتبر صديقة البيئة وصديقة البشر وصديقة حتى الاقتصاد الوطني .
و الجزائر من بين دول العالم التي تتجه إلى الإبتعاد عن التحويلات الطاقوية الكبرى على غرار الكهرباء من الغاز ، خاصة و أن الجزائر بحجم قارة ومناخها متنوع وطبيعته متنوعة والغلاف النباتي متنوع وحتى الطبيعة البشرية تختلف من منطقة لاخرى .
تنويع مصادر الإقتصاد الوطني تفاديا لأي أزمة عالمية
كما صرح المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، في لقاء صحفي ، أن سعر برميل النفط وصل قبل عامين إلى سبعة عشر دولار يعني الأدنى مستويات منذ تقريبا خمسة وعشرين سنة ، و في حال الدولة كانت تعتمد على النفط فقط فإن إقتصادها هو سبعة عشر دولار للبرميل يوميا .
وعند الموازنة على اساس الاعباء التي تتحملها الدولة سواء كانت متعلقة بالتحويلات الإجتماعية أوبعض الإلتزامات دولية ، و الجزائر كدولة على عاتقها العديد من الإلتزامات دولية ، لابد من أن تحافظ عليها ، واذا كانت دولة ما لا تسطيع توفير الخبز فمن المستحيل أن تلتزم بالإلتزاماتها الدولية .
و في هذا الصدد أشار المتحدث ذاته أنه أصبح من الضرورة على الجزائر تنويع إقتصادها من خلال تنوع مصادر الدخل و ايرادات الخزينة و كذا مصادر الطاقة ، تفاديا لأي أزمة عالمية أو نزاع ما أو إنخفاض أسعار البترول ، لأنها تمتلك مصادر دخل أخر ، مثلا الهيدروجين الاخضر او التصدير او التصنيع الغذائي، و لابد من أن تكون احتياجاتها الداخلية مضمونة مئة بالمئة من الطاقة و أوضح المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، في ذات التصريح ، أن أي مصدر للطاقة هنا في الجزائر ، يشترط في الأول أن يكون هناك تحقيق الاكتفاء الذاتي ، مشيرا أن الأمر مثله مثل قطاع الفلاحة اذا كان حققنا اكتفاء ذاتي بالقمح وفي الشعير وفي القمح والصلب يجب أن نحقق الذاتي في الاستهلاك الداخلي و توقيف الاستيراد من الخارج ، مشيرا أنه نفس الشيء بالنسبة لمصادر الطاقة حيث يجب تحقيق الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الصناعة و الاقتصاد ثم التفكير في مجال التصدير في اطار شراكة رابح رابح او أن يكون لدينا وسيط في أوروبا ، و يكون هذا الوسيط مضمون و يورد للدول الأوروبية الأخرى ، مثلما الجزائر مورد مضمون يكون مثلا وسيط مضمون لي يورد لدول اوروبية اخرى.
مثلا، يقول سلامي، تكون ايطاليا الموزع و هذا باتفاق دول مع الاتحاد الاوروبي او دول اوروبية او دول مجتمعة مع ايطاليا ومع الجزائر كطرف موالي ، وهذا ما يساعد على تنويع المصادر و تخفيف ضغط الازمات وخفض الطلبات الاجنبية في مجال معين سواء في البترول أو الغاز ، و بالتالي تصبح الجزائر في منأى عن الأزمات العالمية ، ما دام تعتمد على إقتصاد متنوع سواء في الفلاحة أو الهيدروجين أو الغاز أو مواد أخرى ، و هنا الإستثمار سيكون كبير و بعيد عن التصور خاصة في تحويل المواد الغذائية .
البترول لا ينضب و الغاز يجدد نفسه
و بخصوص نقص المياه أو ندرة في المناطق الصحراوية ، يقول السيد سعد سلامي ، ان الجزائر لديها مخزون هائل من المياه لا ينضب ، عكس ما يتم تداوله ، لأنها ارادة رب العالمين ، و بما أن هذا المخزون يستخرج من الأرض فنفس الشيء بالنسبة للبترول ونفس الشيء بالنسبة للغاز لا ينضب ، لأنه يجدد نفسه ، موضحا أن مخازن الطاقة في الغاز تجدد نفسها لانها تأتي من طبيعة الارض ، عكس ما يتداول في بعض التقارير للتخويف .
الجزائر دولة نفطية وتمتلك الغاز وكذا تتوفر على الهيدروجين و الفلاحة في نفس الوقت، و لابد من وفرة الطاقة خاصة أنها عنصر أساسي في الانتاج أو الإستثمار الفلاحي .
وتمثل تصريحات الخبير سلامي ردا مفحما على التقارير التي تتحدث عن قرب نضوب النفط أو الغاز، لكنها لا تلغي في الوقت ذاته ضرورة إيجاد بدائل
اقحام المؤسسات الناشئة في مجال الطاقات المتجددة لخلق ديناميكية و ثروة
أكد المحلل الإقتصادي ، سعد سلامي ، أن إقحام المؤسسات الناشئة في مجال الطاقات المتجددة تقوم على فكرة التكنولوجيا ، مشيرا أن برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، أعطى لهذه المؤسسات حيزا كبيرا من أجل الحفاظ عليهم ، و الذي يعتبرهم النسيج الفعلي للإقتصاد الوطني .
و أضاف المتحدث ذاته أن القاعدة الإقتصادية هي من تستقدم المؤسسات الصغرى والمؤسسات الناشئة وهي التي تحدث الديناميكية التي تخلق مناصب شغل وتخلق الثروة من ناحية، و من ناحية أخرى فإن مشروع قانون الاستثمار اعطى حيز كشركات مناولة لإعطاء لهم المجال لخلق الفكرة التي تخدم اجزاء الاقتصادات الكبرى. و في حال مراعاة ما سبق سنقدم حيزا كبير للشباب في مجال الطاقات البديلة والتكنولوجيا ، لأنهم معروفين بالسرعة و بامكانية التأقلم مع المستجد في الاقتصاد الوطني .
رابط دائم: https://mosta.cc/j70lx