تعد صناعة مواد التجميل المحلية تجسيدًا للجمال الذي يعكس ثقافة وهوية المجتمعات، ويعتبر أحد المجالات التي تتناغم مع الاتجاهات العالمية نحو المنتجات الطبيعية والمستدامة. مع تزايد الاهتمام بالجودة والمكونات الآمنة، أصبحت هذه المنتجات الخيار الأول لكثير من المستهلكين. تجمع هذه الصناعة بين التراث المحلي والإبداع العصري، مما يسمح بتقديم منتجات تواكب احتياجات المستهلكين دون المساس بالتقاليد. إنها ليست مجرد صناعة، بل وسيلة لتعزيز الجمال الطبيعي ودعم الاقتصاد الوطني.
حبيب حاج بكوش: تحديات تواجه قطاع التجميل
في حديث خاص مع جريدة المستثمر، أشار عضو منظمة حماية المستهلك، حبيب حاج بكوش، إلى تطور قطاع التجميل والعطور في الجزائر على مدار السنوات الأخيرة، حيث بدأت الصناعة المحلية تتمتع بشعبية أكبر. في البداية، كانت السوق الجزائرية مشبعة بالمنتجات الأجنبية، مما صعب مهمة المنافسة أمام المنتجات المحلية. لكن بعد التوجه نحو تقليص الاستيراد، أصبح المستهلك الجزائري يكتشف من جديد جودة المنتجات الوطنية، خاصة بعد أن كان يثق فقط في المنتجات الأجنبية. هذا التغيير ساعد المتعاملين الاقتصاديين على التوسع في السوق المحلية.
كما أشار حاج بكوش إلى أن الصناعة المحلية تواجه تحديات عدة، أهمها ضرورة مواكبة تطورات السوق، خاصة مع وجود دول رائدة في هذا المجال. ولفت إلى أهمية التكيف مع تقنيات التسويق المتخصصة في هذا القطاع، مشددًا على ضرورة احترام القوانين الخاصة بالملكية الصناعية، لتجنب أي مشاكل عند تصدير المنتجات إلى الأسواق الدولية. كما أكد حاج بكوش أن قطاع التجميل يرتبط بشكل أساسي بسمعة المنتج، حيث يعتمد نجاحه على تعزيز هذه السمعة وتقديم منتجات تنافس المنتجات الأجنبية.
مصطفى روباين: غلق الاستيراد يحافظ على الاقتصاد الوطني

من جانبه، أكد رئيس المنظمة الوطنية للمؤسسات والحرف، مصطفى روباين، في تصريح لجريدة المستثمر، أن قرار غلق الاستيراد منذ بداية عام 2020 ساهم في تعزيز الصناعات المحلية، بما فيها صناعة مواد التجميل. وأوضح أن هذا القرار، رغم تحدياته، سيساهم في تقليص الاستنزاف للعملة الصعبة وتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على التوسع والنمو. كما أشار إلى أن غلق الاستيراد يساعد في ضمان جودة المنتجات المحلية ويحمي صحة المواطن من المكونات غير المعروفة التي قد تحتوي عليها المنتجات الأجنبية.
هاني زرقاط: ترشيد الاستيراد يعزز القطاع المحلي
في تصريح آخر، قال هاني زرقاط، منظم الصالون الوطني للزواج، إن تأثير الاستيراد على السوق الجزائرية أصبح واضحًا، خاصة مع انتشار العلامات العالمية التي أثرت في عادات المستهلكين. ورغم أن المنافسة كانت صعبة في البداية، إلا أن الاستراتيجيات الحكومية التي تدعم الصناعة الوطنية قد مكنت الشركات الجزائرية من اكتساب حصص مهمة في السوق الوطنية. كما أضاف زرقاط أن ترشيد الاستيراد يمثل فرصة كبيرة للمؤسسات المحلية لتعزيز وجودها في السوق، مع إمكانية التفكير في تصدير الفائض.
نصيرة زبوجي: تطوير الصناعة المحلية لمواد التجميل
أكدت دكتورة نصيرة زبوجي، رئيسة اللجنة الوطنية للمنظمة الجزائرية لتجار الاستثمار الاجتماعي، أن سياسة غلق الاستيراد كانت محورية في تطوير صناعة مواد التجميل المحلية. وأشارت إلى أن الجزائر تمتلك موارد طبيعية غنية، مثل الأعشاب والطين والنحل، التي يمكن استغلالها في إنتاج مواد تجميل ذات جودة عالية. ورغم التحديات التي تواجهها الصناعة المحلية، خاصة في ما يتعلق بالمواد الكيميائية التي يتم استيرادها بأسعار مرتفعة، إلا أن هناك تقدمًا ملحوظًا في مجال التغليف.
شارف رابح: الجزائر قادرة على منافسة الماركات العالمية
أوضح شارف رابح، رئيس غرفة التجارة والصناعة لولاية بومرداس، أن الجزائر أصبحت قادرة على منافسة الماركات العالمية في مجال صناعة مواد التجميل. وأشار إلى أن الجزائر نجحت في تقليص فاتورة استيراد مواد التجميل من أكثر من 500 مليون دولار إلى أقل من 60 مليون دولار بفضل التحول من الاستيراد إلى التصنيع المحلي. كما أضاف أن السوق الجزائرية أصبحت قادرة على تلبية احتياجاتها من مواد التجميل، ويمكنها التوجه نحو تصدير المنتجات إلى الأسواق العالمية، خصوصًا الأسواق الأفريقية التي تشهد طلبًا كبيرًا على هذه المنتجات.
يمكن القول أن الصناعة المحلية لمواد التجميل في الجزائر قد شهدت تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بفضل السياسات الاقتصادية المدروسة التي عززت الإنتاج المحلي. ورغم التحديات، فإن هناك فرصًا كبيرة للنمو والتوسع، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
بقلم سهيلة فرحون
رابط دائم: https://mosta.cc/2qfih