تعيش المملكة المغربية في السنوات الأخيرة حالة من التدهور الإقتصادي والسياسي لم يسبق لها مثيل، حتى في تاريخها الذي شهد إنحدارات كثيرة سابقا، لكنها لم تضاهي الإنهيار الذي يقودها نحوه حكم محمد السادس، والمبني على إغتناء الطغمة المقربة منه، مقابل تجويع باقي الشعب، وتركهم عرضة لنار الأزمة الإقتصادية وغلاء المعيشة الذي وصل إلى معدلات صاروخية، يضاف إلى ذلك ذل وهوان التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، والذي برره نظام المخزن حينها بجلب الصفقات وإنشاء المشاريع، وهو ما لم يتحقق منه شيء.
كل هذه العوامل تقود الشعب المغربي إلى الإنتفاض ضد حكم المخزن وملكه محمد السادس، والذي قد يلقى مصير حكام أوروبا في العصور المظلمة، فمنهم من طرد من قصوره ومنهم من أنهى حياته في غياهب السجون، ومنهم من قتل وعائلته، وتم التمثيل بجثثهم من طرف مواطنيهم الذين احتقروهم وجوّعوهم.
إنتفاضة عارمة والشوارع المغربية تنادي بسقوط الملكية
شهد يوم الإحد 29 ماي الجاري، خلاوج مئات الآلاف من المغاربة إلى الشوارع منددين ومعلنين رفضهم لإستمرار سياسة التجويع التي ينتهجها نظام المخزن ومؤكدين على ضرورة أن يتم وضع حد لنظام سياسي قضى على كل المقومات الإقتصادية والإجتماعية للدولة المغربية، عبر تجويع المغاربة والإغتناء على حسابهم، إذ أن الملك المغربي محمد السادس ومقربيه معروفون ببذخهم الكبير وحب الملك محمد السادس لإقتناء القصور التاريخية الفرنسية بملايين الأوروهات بينما هناك مناطق من المغرب أنهك الجوع أهلها.
ولكن النظام المخزني من جهته، وبدل أن يقابل إحتجاجات الجبهة الإجتماعية بالحوار والإستماع، راح يحرّض الأجهزة الأمنية عليهم، إذ قوبلت شعارات المدنية والدولة الديمقراطية التر رفعها المغاربة بالقمع والضرب، الذي لم يستثني لا إمرأة ولا شيخا.
وتنوعت شعارات المواطنين الذين شاركوا في تلك الإحتجاجات الضخمة بين منددين بإرتفاع أسعار المواد الإستهلاكية الأساسية، والتي تحتكرهها شركات تسيطر عليها الطغمة الحاكمة، ومن ندّد بإلحاق نظام المخزن، المعروف عنه العمالة لليهود، بالمغاربة عار التطبيع مع الكيان الصهيوني، وما يعنيه ذلك من مسؤولية للشعب المغربي ككل، نظرا لأن التطبيع كان بإسمهم، في جرائم الكيان المغتصب للأراضي الفلسطينية، والتي تمادى فيها بشكل كبير منذ موجة “الهرولة نحو التطبيع”، والتي بررها المشاركون فيها بأنها من أجل تسربع إيجاد حل للقضية الفلسطينة، لكن يبدو أن حلهم يتضمن إمالة الكفة للمحتل.
وهو ما دفع العديد من المحللين والمتابعين للشأن الدولي، لوصف تطبيع نظام المخزن الحاكم في المغرب مع الكيان الصهيوني، بأنه “تحالف كيانات محتلة” و”توافق لأنظمة قامعة على استضعاف الشعوب وإحتلال أراضي الغير”، فالكيانان يتسابقان في أيهما يقمع أكثر، المخزن للشعبه والشعب الصحراوي، أو الكيان المحتل للفلسطينيين.
وبالعودة لإحتجاجات الأحد، فإن نظام المخزن كان قد استشرف خطرها على وجوده، فسارع إلى منعها في محاولة جديدة لتكميم الأصوات الرافضة لسياساته، إذ السلطات العمومية بمدينة الدار البيضاء منع تنظيم مسيرة وطنية احتجاجية، كانت دعت إليها الجبهة الإجتماعية المغربية يوم الأحد القادم بمدينة الدار البيضاء، احتجاجا على غلاء الأسعار والتضييق على الحريات وكذا التطبيع مع الكيان الصهيوني.
و كانت الجبهة الإجتماعية المغربية قد دعت يوم 18 ماي إلى تنظيم هذه المسيرة الاحد المقبل ضد الارتفاع المهول في أسعار المحروقات والمواد الأساسية, و للمطالبة بإرجاع الأموال المنهوبة, ومنها 17 مليار درهم التي التهمها لوبي المحروقات, و ضد تغول الحكومة وقراراتها, والتي وصفتها ب”اللاشعبية”.
و وصفت الجبهة في بيان هذا المنع ب “التعسفي الذي يؤكد بالملموس إصرار الدولة على مقاربتها الأمنية”, مضيفة أنه يكشف أن القمع و التضييق على الحقوق و الحريات “اختيار ممنهج يستهدف كل الأصوات والتنظيمات التي اختارت النضال لمواجهة التوجهات والقرارات اللاشعبية واللاديمقراطية, واختارت الانحياز و الدفاع عن الحقوق و المكتسبات”.
و أعربت الجبهة – التي تتكون من منظمات حقوقية وسياسية ونقابية -, عن إدانتها واستنكارها “بقوة” لقرار المنع التعسفي للمسيرة الاحتجاجية, و اعتبرته “مؤشرا خطيرا يقتضي تكتل كافة الديمقراطيين لمواجهة تغول السلطوية و الاستبداد”.
و أعلنت تشبثها ب “الحق في التظاهر”, داعية الى المشاركة “القوية في وقفة احتجاجية حاشدة و مكثفة ستنظمها ضد الغلاء والقمع والتطبيع بالدار البيضاء يوم الاحد المقبل على الساعة الحادية عشرة صباحا”, بينما أجلت المسيرة الوطنية إلى تاريخ سيعلن عنه لاحقا.
و دعت “جميع التنظيمات و القوى الديمقراطية إلى الاستمرار في التعبئة, والوحدة النضالية للدفاع عن الحق في التعبير والاحتجاج, ومواجهة المنحى الخطير لضرب الحقوق والحريات والمكتسبات الاجتماعية, و التصدي لموجة التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
رفض تام وكلي لـ”صهينة” المغرب
وكان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع, أحمد ويحمان, قد حذّر من تصاعد وتيرة الاختراق الصهيوني للمملكة المغربية, مؤكدا ان الشعب المغربي لن يقبل ب”صهينة البلاد” و انه يجب على النظام التراجع عن “مصيبة” التطبيع قبل فوات الاوان.
و أبرز أحمد ويحمان في حوار مع قناة الكترونية محلية, مخاطر التطبيع على مستقبل المملكة المغربية منذ توقيع “الاتفاقيات الخيانية” مع الكيان الصهيوني المحتل في ديسمبر 2020, وما تبعه من “هستيريا تطبيعية” وصلت الى حد احتفاء بلد يرأس ملكه لجنة القدس بذكرى النكبة الفلسطينية على أنها نصر صهيوني.
و أوضح في هذا الاطار “ما يجري حاليا في المغرب من نشاطات تطبيعية يؤكد أن المغرب دخل مرحلة الخطر و مرحلة اللاعودة و ضرب السيادة الوطنية و مرحلة الانهيار الكلي للدولة”.
و أضاف في سياق متصل “السؤال المطروح منذ دخول نفق التطبيع هو : هل هناك بصيص أمل في بقاء المغرب كوطن و مجتمع؟”, مشيرا الى أن “التطبيع مؤامرة حقيقية تستهدف المغرب, الذي يعيش اليوم محطة مفصلية في كل تاريخه”.
و صرح أحمد ويحمان أن القوى المناهضة للتطبيع في المغرب, حذرت مرار من تداعيات التطبيع على مستقبل الدولة المغربية, مستدلا بالوقفة الاحتجاجية التي تم تنظميها الأسبوع الماضي امام مقر البرلمان بالرباط, بمشاركة العديد من الهيئات و التنظيمات, و المطالبة بإلغاء كل الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني المحتل.
و ابرز في هذا الاطار أن القوى الحية في المغرب تستشعر الخطر الصهيوني على البلاد التي دخلت فعلا مرحلة “صهينة الدولة و المجتمع”, وهذا ما لا يمكن القبول به اطلاقا, يضيف ويحمان, “لأنه ايذان بانفجار حقيقي في المغرب”, وشدد على ضرورة أن يتراجع النظام المغربي عن “مصيبة التطبيع” التي تهدد بشكل جدي وجود البلاد.
و استهجن في سياق متصل, النشاطات التطبيعية التي نظمت مؤخرا تحت رعاية مؤسسات رسمية, قائلا : “الوضع وصل الى مستويات غير مقبولة, لقد أوصلوا المغرب الى اسفل السافلين (…)”.
وتابع يقول “الدولة المغربية اختطفت منذ شهور. يجب على الكيان الصهيوني أن يحزم حقائبه و يغادر لأن بقاءه اهانة للمغرب”.
و في رده على سؤال حول توجه السلطات المغربية للترخيص لمنابر اعلامية صهيونية, صرح ويحمان ان هناك “مخطط لتسييد السردية الصهيونية”, مردفا بالقول انهم يحضرون لتجنيد هذه المنابر لطمس هوية الشعب المغربي وتخريب الدولة بالترويج للأساطير التاريخية و الجغرافية, وفق مخطط لنقل الكيان الصهيوني الى المغرب”.
كما أبرز احمد ويحمان ان مناهضي التطبيع في المغرب تحملوا مسؤولياتهم في رفض التطبيع و مقاومته, “رغم القمع المسلط عليهم والتخوين, حتى لا يحدث صدام بين الدولة و الشعب و يقع انفلات لن ينفع معه الندم”.
و طالب رئيس المرصد المغربي, النظام بإلغاء كل الاتفاقيات التطبيعية التي “تسير بالبلاد نحو الطريق السيار للخراب”.
و أكد في الاخير على استحالة التعايش و بناء سلام مع الصهاينة, “الذين يخططون لتهديم المسجد الاقصى المبارك و اقامة الهيكل المزعوم”, كما ان السلام , يضيف ويحمان, “مستحيل مع مجرمي حرب يرتكبون مجازر بحق شعب أعزل, اغتصبوا ارضه و وطنه”, مناشدا جميع المغاربة لرص الصفوف وتوحيد الجهود لحماية البلاد من خطر “الصهينة الشاملة”.
غلاء غير مسبوق يوحي بإنهيار منظومة إقتصادية أنهكها سرطان الإحتكار والمديونية
تجاوزت ديون المغرب 880 مليار درهم خلال سنة 2021، لتلجأ المملكة إلى خيار اقتراض 3،3 مليار دولار، خلال سنة 2022، لسد العجز الكبير في الميزانية، والأدهى أن هذه القروض لا توجه لـ”الاستثمار المنتج”، لخلق مناصب الشغل، و رفع الغبن عن الشعب المغربي، الذي يدفع وحده ثمن السياسات العرجاء لنظام المخزن.
وكان حزب “النهج الديمقراطي” المغربي، قد خصص افتتاحية نشريته الاقتصادية رقم 47 لشهر ديسمبر، تحت عنوان ” النظام المخزني اغرق المغرب في الديون و الشعب يؤدي الثمن”، لتنامي ديون المغرب، تناول فيها بالأرقام الافلاس الذي يعيشه الاقتصاد المغربي، و معاناة المغاربة، الذين خرجوا في احتجاجات عارمة، للمطالبة بالحق في العيش الكريم.
وذكرت الافتتاحية، أن قيمة الديون الخارجية و الداخلية للمغرب تقدر بحوالي 973 مليار درهم أي حوالي 97 مليار دولار، و تمثل هذه الديون أكثر من 92 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للمملكة، مبرزة أن الدين العمومي الخارجي بلغ، حسب تقرير احصائي لوزارة الاقتصاد و المالية المغربية، حوالي 374 مليار درهم أي أزيد من 41 مليار دولار الى حدود شهر مارس 2021 .
وأشارت الافتتاحية، الى انه من المرتقب ان تقترض الحكومة المغربية 3،3 مليار دولار، خلال سنة 2022، لسد العجز الكبير في الميزانية العامة عوض اللجوء إلى حلول أخرى، كاستخلاص أموال التهرب الضريبي، و فرض الضريبية التصاعدية على الثروة.
من جهته، توقع مركز أبحاث وفابنك (AGR) بالمغرب، أن تصل ديون الخزينة إلى نحو 885 مليار درهم، خلال سنة 2021، مقابل 832 مليار درهم خلال سنة 2020.
ونقلت تقارير اعلامية مغربية، عن المذكرة الشهرية للمركز، برسم شهر نوفمبر، أنه ” في سياق يتسم باستمرار اتساع عجز الميزانية ليصل سنة 2021 إلى 6،2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، يتوقع أن يبلغ دين الخزينة نحو 885 مليار درهم في 2021، مقابل 832 مليار درهم 2020 “.
ولفتت افتتاحية نشرية “النهج الديمقراطي ” الى أن تكريس سياسة الاستدانة، “سيزيد من رهن البلاد لدى المؤسسات المالية الدولية، وعلى راسها البنك الدولي، و صندوق النقد الدولي، ما يكرس التبعية، و فقدان السيادة الوطنية والخضوع للشروط القاسية و المجحفة، التي تفرضها هذه المؤسسات من تقشف في الخدمات الاجتماعية وخوصصتها وتفكيك الوظيفة العمومية والتحرير الكلي للاقتصاد والاسعار”.
وتذهب تلك القروض، وفق المصدر ذاته، ” لسد عجز الميزانية وتسديد الديون وفوائدها الكبيرة وليس للاستثمار المنتج، الذي يخلق فرص العمل، لامتصاص البطالة المتفشية، بشكل مهول او الى القطاعات والخدمات العمومية الاجتماعية، ما يعمق معاناة الشعب المغربي و يحرمه من حقوقه الأساسية في الصحة و العلاج والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية “.
وخلصت افتتاحية نشرية حزب النهج الديمقراطي المغربي، الى أن الشعب المغربي ” هو من يدفع ثمن اغراق البلاد في الديون، و ليس الطبقة البرجوازية الاحتكارية المسيطرة، و المستفيدة من الأوضاع القائمة عبر الاستغلال و النهب، و استثمار الموارد و الاموال العمومية خدمة مصالحها”.
توقيف أنبوب الغاز الجزائري الإسباني المار عبر المغرب
قررت الجزائر بتاريخ 31 أكتوبر 2021، وبسبب تجاوزات نظاما لمخزن الحاكم في المغرب، توقيف عملية تزويد إسبانيا بالغاز عبر الأنبوب المار على الأراضي المغربية.
ويمتد أنبوب ” جي أم إي” يمتد على مسافة 1300 كيلومتر، منها 540 كيلومترا داخل التراب المغربي، وهو ما يمكن المغرب من الحصول على حقوق المرور بنسبة تصل إلى 7% من الكمية المتدفقة في الأنبوب، ما يعادل 700 مليون متر مكعب كمتوسط سنوي، أي حوالي 65% من حاجيات المغرب من الغاز البالغة 3.1 مليار متر مكعب سنويا.
وأثار هذا القرار جنون نظام المخزن الحاكم في المغرب، نظرا لأنه تركه مكشوفا أمام العالم ككل، فإعتماده على ما يدره أنبوب الغاز المار عبر المغرب كان شبه كلي، وتوقيفه أدخل الإقتصاد المغربي في دوامة جديدة، إذ أن تعويض كل تلك الكمية يعد أمرا شبه مستحيل
وإثر ذلك، راح نظام المخزن يظهر تخبطه عبر ترويج الأكاذيب، وهي لعبته المفضلة، فتارة يتحدث عن ضغوط إسبانية وتارة أمريكية لعودة ضخ الغاز عبر الأنبوب، وتارة يتحدث عن وساطات وهمية لأجل إعادة العلاقات بينه وبين الجزائر إلى ما قبل الأزمة، والتي تسبب فيها بألاعيبه، وتارة يلجأ إلى التحايل، عبر محاولة استيراد الكمية اللازمة من الغاز الجزائري عبر عكس تدفق الأنبوب ليصبح من اسبانيا إلى المغرب، وهو ما سارعت السلطات الجزائرية إلى التصدي له.
إذ أكدت وزارة الطاقة والمناجم، في بيان لها بتاريخ 27 أفريل 2022 أن أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى اسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر اخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الاسبان.
لتسارع إسبانيا إلى التراجع عن ذلك، والتأكيد بأن الغاز الذي سيتم تصديره إلى المغرب ليس جزائريا، وتطالب الجانب المغربي بالإعتماد على نفسه في إقتناء الغاز من وجهات اخرى، وإثبات ذلك عبر فواتير رسمية، قبل أن يسمح له بضخ قطرة غاز واحدة.
رابط دائم: https://mosta.cc/4x26v