عرفت الجزائر خلال الفترة الأخيرة ، جدلا على نطاق واسع حول ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، عالميا وهو ما انعكس على الوضع محليا ، حيث لم تعرف الأسعار استقرار خلال الفترة الأخيرة، ما جعل الدولة الجزائرية تتحرك من أجل إيجاد حلول ناجعة للتحكم في الأسعار من جهة ، وتحقيق الاكتفاء الغذائي من جهة أخرى، وهذا من خلال العمل على تطبيق استراتيجية الزراعة الذكية وتجسيدها على أرض الواقع لاسيما في المناطق الصحراوية ، خاصة وأن الجزائر تمتلك صحراء شاسعة يمكن الاستفادة منها والعمل على التخطيط من أجل البدء في تجسيد العديد من البرامج التوعوية لتشجيع الزراعة الذكية وتحقيق الأمن الغذائي، من خلال إعطاء أهمية كبيرة للبحث العلمي المتخصص في مجال الزراعة، وتحفيز الشباب على الانخراط في البرامج ذات الطابع الزراعي، دلك ما جعل العديد من المجلات العالمية تهتم ببرنامج الجزائر ، الدي يهدف إلى تطوير الزراعة علميا وبطرق حديثة حيث نشرت أجري توداي ، عددا من التفاصيل حول خطة الجزائر للتوسع في منظومة ، الزراعة الذكية لتحقيق الأمن الغذائي من خلال أخر تقرير لبرنامج الأمن الغذائي العالمي الصادر عن الأمم المتحدة ،حيث كشف ان الجزائر في المرتبة الأولى إفريقيا من ناحية الأمن الغذائي وحصلت على تقدير 63.9 %، مما يجعلها ضمن الدول القادرة على دعم جهود برنامج الأمم المتحدة الطامح لتحقيق “صفر جوع” بحلول عام 2030. فإلى أي مدى وصل مشروع الزراعة الذكية في الجزائر؟ وهل ستنجح في تحقيق مشروع الولايات المتحدة؟
تشجيع البحث العلمي في مجال الزراعة، أول خطوة لنجاح المشروع
ولو تطرقنا إلى مفهوم الزراعة الذكية، فهي نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في زراعة الأغذية، بطرق مستدامة ونظيفة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية لا سيما المياه، ومن أبرز سماتها اعتمادها على نظم إدارة وتحليل المعلومات لاتخاذ أفضل قرارات الإنتاج الممكنة، بأقل التكاليف، وكذلك العمليات الزراعيّة كالري، ومكافحة الآفات، ومراقبة التربة، ومراقبة المحاصيل.
وتتميز المزارع الذكيّة بإمكانية حقيقية لتقديم إنتاج ، زراعي أكثر مردودية واستدامة استنادًا إلى نهج أكثر كفاءة في استخدام الموارد.ولابد لأي دولة تخطط لتشجيع الزراعة الذكية ، بعد إعداد مجموعة من برامج التوعية ،أن تعمل على الدفع بهذا النوع من الزراعة ،من خلال إعطاء أهمية كبيرة للبحث العلمي المتخصص ، عن طريق التكوينات والبحوث الهامة في الجامعات ،وتحفيز الشباب على الانخراط في البرامج ذات الطابع الزراعي ، وكذلك على إنشاء مشاريع مصغرة وتقديم عروض تحفيزية من أجل نجاح دلك ، ولتوفير المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطن ، تسعى الحكومة الجزائرية لمضاعفة الأرقام المتعلقة بالإنتاج القلاحي، عبر دعم الزراعة الذكية ، لتوسع المساحات المرورية وتحسينا لاستغلال الرشيد للأراضي الزراعية عبر رقمنة برامج القطاع.
سياسة التجديد الريفي، باستخدام التكنولوجيا
وبهدف نجاح هدا النوع من الزراعة ، والذي يعتبر خطوة مهمة نجحت فيها العديد من دول العالم ،جاء دور الجزائر في تطوير زراعتها والدفع بالنظام الاقتصادي ،خاصة وأن هذه الأخيرة لها دور هام في الاقتصاد وتعتبر من بين القطاعات الهامة والحيوية ،التي تعتمد عليها العديد من الدول في صدارتها ، ما جعلها تلجئ للعديد من السياسات من أجل إنجاح المشروع من بينها ،سياسة تجديد الأرياف وإدخال التكنولوجيا ، خاصة وأن الجزائر تزخر بالأرياف التي تعرف بمناخها وتربتها الفريدين من نوعهما ، والأراضي التي تصلح لزراعة العديد من المنتوجات خاصة المنتوجات الهامة ،كالقمح والشعير حيث تعتبرها العديد من الدول من المواد الرئيسية التي تعتمد عليها.
ووضعت الدولة الجزائرية خطة مستقبلية مبنية عللا هذا النوع من الزراعة كداعم أساسي للزراعة العضوية وغيرها من الزارعات من خلال إسناد التكنولوجيا ، عن طريق تعميم الطاقات المتجددة في الري ،واستخدام الطاقات الشمسية في الضخ بدلا من المحركات الزيتية ، لتوفير مايترواح من 15 إلى 40 % من استخدام الطاقة
دعم المشاريع المصغرة في ظل القوانين الجديدة
من بين الخطط التي اعتمدتها الجزائر من أجل نجاح القطاع الزراعي وبالأخص مشروع الزراعة الذكية، تسليط الضوء على أصحاب المشاريع المصغرة، من خلال تقديم تسهيلات حكومية كبيرة للشباب الراغب في الاستثمار الزرعي.ورفع العراقيل التي ظلت تقف أمام مسألة تطوير الزراعة في المناطق النائية ، وتقديم تحفيزات من أجل إقناع الشباب بالتوجه إلى العمل بالفلاحة، وهذا عبر تقديم مشاريع هادفة ومحفزة تجعلهم يتجهون للعمل بالقطاع وهو الأمر الدي ينعكس على قطاع الزراعة عامة ، وهو ما يتعلق بإحصاء الأراضي الزراعية ، من خلال إعداد قانون جديد خاص بإعادة توزيع الأراضي الزراعية ، على المستثمرين الفلاحين الصغار.
بهدف ربط الزراعة بالمشاريع العلمية.. فتح مدرستين وطنيتين للزراعة
تشجيعا لتطوير الزراعة الذكية ، ومحاولة في تجسيدها على أرض الواقع وضعت الجزائر خطة عمل جديدة ، من بين أبرز عناصرها إنشاء مدرستين وطنيتين للزراعة ،للمساهمة في ربط المشاريع الزراعية بالأبحاث العلمية الحديثة ، بحيث تعمل الجزائر على تسليط الضوء أكثر على الابتكار الزراعي ، بهدف إدخال تقنيات جديدة ، من خلال حث الباحثين على ربط معظم الأراضي الزراعية بالتقنيات الرقمية الجديدة بحلول سنة 2024.
كما أن مساهمة الدول في تحويل مختلف المشاريع التي لها علاقة ،بالقطاع يهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي في العديد من المنتجات ،على غرار الدواجن والمواد الغذائية الأساسية ،واستمرار سياسة تشجيع التصدير.
هذا الدعم يحفز الطلبة وحتى المتخرجين من المدرستين على محاولة ابتكار طرق علمية مختلفة تساهم في زيادة المنتوجات الزراعية تنوعها وتحقيق الاكتفاء الغذائي، ويتحقق ذلك من خلال منح الدولة كل التسهيلات للفريق المبتكر في مجال استحداث المؤسسات الناشئة والاستفادة ، من التمويل لتجسيد هدا المشروع الرامي للرفع من الإنتاج ،كما ونوعا في الجزائر مع ترشيد الطاقة.
مشاريع مدعمة ساهمت في دعم القطاع الزراعي
وعلى سبيل المثال هناك مشاريع تلقت الدعم فساهمت بشكل كبير في دعم القطاع الزراعي وتجسيد الزرعة الذكية على أرض الواقع ، كمشروع ، طورفيه فريق (سماغ) الزراعة ، والذي أسسه سبعة شباب ابتكروا، الزراعة الذكية داخل البيوت البلاستكية، بحيث تكون هذه الأخيرة مجهزة بنظام آلي لتسيير مناخي دقيق وري ذكي للمنتجات الفلاحية مع إمكانية إدارتها عن بعد وتدعيمها بلوحة قيادة لتوفير المعلومات للمزارع حول حالة البيت البلاستكية في كل وقت مع تطوير أنظمة لكشف الأمراض النباتية.
كما عمل هذا الفريق على تطوير أنظمة سقي آلي للمساحات الكبرى على غرار الحدائق والفضاءات الخضراء وصيانة الأنظمة الأوتوماتيكية للبيوت البلاستيكية وأنظمة أخرى خاصة بالبحث في الميدان الفلاحي التي تسمح للمهندسين الزراعيين بالحصول على المزيد من المعلومات والمعطيات ،بأكثر سهولة ودقة وكذا تركيب أنظمة تهوية وأجهزة التكييف والتدفئة وإصلاحها داخل البيوت البلاستيكية، كما أشير إليه. فكانت نتيجة هده الابتكارات جد نافعة حيث انعكست بشكل إيجابي على الزراعة، وحققت نظرية ما مدى تأثير العلم والتكنولوجيا على الزرعة، والتي تجسدت في الزرعة الذكية
الزراعة الذكية أنعشت الزراعة الصحراوية
ولعل من أبرزالإيجابيات المنتطرة من تبني الجزائر للزراعة الذكية، انعكاساتها على القطاع الفلاحي ككل، وبالتحديد في الصحراء ، خاصة وأن الجزائر تمتلك صحراء شاسعة ونجاح الزراعة فيها يعد قفزة نوعية في هدا المجال الهام والحيوي ، والذي بتطوره يحقق الاقتصاد بدوره نجاح وتقدما هاما.
وعلي سبيل المثال لا الحصر، فقد تمثلت المنتوجات التي تم زرعها بالأراضي الصحراوية فاكهة الكيوي ، والفستق والأناناسو، التي كانت الجزائر تستوردهم من دول أخرى .
وقد توصلت دراسة، إلى أن قطاع الفلاحة بولاية ادرار خلال الفترة الممتدة بين (2015-2020 ، ساهم بشكل كبير في توفير كميات معتبرة من المنتجات النباتية والحيوانية مما أدى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للولاية، وتوفير مناصب شغل للعديد من البطالين، ضف إلى ذلك المحافظة على البيئة عبر استخدام تقنيات حديثة في السقي وضخ المياه
الخبير الاقتصادي فارس مسدور لـ “المستثمر”: على الدولة إقامة شراكات مع الصين لإنجاح الزراعة الذكية
كشف الخبير الإقتصادي فارس مسدور، في تصريح لجريدة المستثمر ، حول الزراعة الذكية، وما مدي نجاحها في الجزائر ، أن تبني هدا النوع من الزراعة كمشروع الهدف منه النهوض بالقطاع الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الغذائي، مبرزا أن الجزائر مجبرة على توسيع الزراعة الذكية في مختلف المنتوجات ،وأن لا يقتصر الأمر على المنتوجات النباتية بل حتى تربية الحيوانات ، من خلال تجسيد نظرية الذكاء الاصطناعي ، والتسيير الذكي ، في الري ،الطاقة الزراعة الذكية، على غرار النموذج الذي تبنته العديد من الدول ونجحت فيه.
وفي الجزائر أكد المتحدث أنه وبالرغم من توسيع الدائرة الزراعية ، الا انه حتى اليوم لم تحقق الهدف المنشود بشكل كامل ، ولتحقيق ذلك ،يجب القيام بعدة خطوات هامة ، كأن يكون هناك شراكات واسعة مع الصين ،ويشترط عليهم النقل التكنولوجي ،والتكوين والتدريب ، كما على الدولة أن لا تكتفي بتجسيد المدراس والمعاهد والجامعات المتعلقة بالتخصصات الفلاحية فقط للطلبة الجامعيين ، بل يجب تجسيد تكوينات تدريبة لمختلف الأصناف في مجال الفلاحة
التكوين الفلاحي يجب أن يمس المهندس والمواطن البسيط
كما أكد مسدور، أنه من الأمور الأساسية التي يجب أن تمس أي قطاع ، من أجل تطويره هي التكوين على أوسع نطاق، وهذا ما عمدت إليه الجزائر مع دول أجنبية خلال الفترة الماضية ، فيما يخص التكوين الزراعي ، غير أن الوضع تراجع خلال فترة التسعينات ، والجزائر تعود الأن من خلال إجراءات واستراتيجيات جديدة ، وهدا التكوين في حدي ذاته لا يجب أن يقتصر على المهندس والطلبة الجامعيين ، بل يجب خلق مراكز للتدريب الفلاحي واستخدام التكنولوجيات المتطورة والطاقة المتجددة ، في القطاع الزراعي ، وتكون هده التدريبات طويلة المدى، لتكون هده التقنية الجديدة محل اهتمام العديد من الشباب الدين لديهم ،اهتمامات وميولات للمجال ،ولم يتمكنوا من الدراسة بالمعاهد العليا.
وفي ذات السياق كشف الخبير الاقتصادي أنه من المهم تنظيم القطاع ومن ثم تنظيم السوق ، لكي تكون هناك استراتيجية لضبط الأسعار، وعدم استغلال الوضع من طرف الوسطاء الدين يتلاعبون بأسعار المواد الغذائية والحيوانات على حد سواء كيفما شاءوا ،وليس الفلاحين ،لأن الفلاح يبيع مباشرة
قاعدة البيانات الإلكترونية للتحكم في الأسعار
كما دعى الخبير الاقتصادي فارس مسدور، خلال حديثه مع جريدة “المستثمر” إلى استخدام قاعدة بيانات إلكترونية بهدف التحكم في الأسعار، بحيث تكون هناك استراتيجية النشر الإلكتروني، عند ذلك يتم تكوين أسواق منظمة.
ومن هدا المنطلق، يستطرد المتحدث، فإن تعميم التكنولوجيا لا يقتصر على الزراعة فحسب، بل حتى الأسواق وضبط الأسعار التي تعرف ارتفاعا جنونيا احيانا، والمتمثلة أساسا في أسعار الخضر والفواكه والذي يعود بالدرجة الأولى للوسطاء، لأن الفلاح يبيع مباشرة ولا يمكنه الزيادة في الأسعار.
رابط دائم: https://mosta.cc/23xsv