بقلم الدكتور محمد فلاق
فاز المنتخب الجزائري لكرة القدم للمحليين بالكأس العربية الاسبوع الماضي والتي أقيمت بالعاصمة القطرية الدوحة خلال الفترة الممتدة من 30 نوفمبر الماضي ولغاية 18 ديسمبر الجاري، وذلك بعد أن أنهى لاعبي المدرب مجيد بوقرة البطولة بدون انهزام، حيث تغلب في النهائي على منتخب الجارة تونس، في مقابلة أوفت بجميع وعودها من المستوى العالي والتنافسية الكبيرة والاثارة العالية الى غاية الدقيقة 120 من المباراة.
هذا وقد رصدت اللجنة المنظمة للبطولة العربية مبالغ هامة لكل المنتخبات المشاركة، حيث استفاد من 500 ألف دولار كل الفرق الستة عشر، في حين قُدمت 750 ألف دولار لكل منتخب متأهل للدور ربع النهائي، بينما دخلت خزينة صاحب المركز الرابع والثالث 1,5 مليون دولار، 2 مليون دولار على التوالي، بينما حصلت تونس الحاصلة على المرتبة الثانية على 3 ملايين دولار، أما المنتخب الجزائري المتوج باللقب فقد حصل على 5 مليون دولار.
لكن السؤال المطروح ماذا استفادت دولة قطر من كل هذا؟
يرى “دانيال رايشي” الأستاذ في جامعة جورج تاون في قطر، أن أهمية الرياضة تتعدى الرياضة بحد ذاتها بالنسبة لدولة قطر، يقومون بذلك لأنهم دولة صغيرة تريد خوض نزالات كبيرة على صعيد الشؤون الاستراتيجية الدولية. فالرياضة تمنحهم هذه الفرصة، لذا ستبقى هامة بالنسبة إليهم. قدًر مركز قطر للمال أن يصل متوسط حجم القيمة السوقية للقطاعات الفرعية المتصلة بصناعة الرياضة الى نحو 24.7 مليار ريال.
حيث تنفق قطر من خلال -شركة قطر للاستثمارات الرياضية – هي شركة مساهمة مقفلة تأسست عام 2005 ومقرها في الدوحة – نصف مليار أسبوعياً على بناء البنية التحتية لاستضافة مونديال 2022؛ بما يُعادل 200 مليار دولار وصولاً إلى النهائيات العالمية. حيث أن هذه الاستثمارات تمتد الى تشييد الطرق السريعة والمطارات والموانئ والفنادق ذات النجوم الخمس والمستشفيات، وهذا تحضيرا للمونديال العالمي والمنافسات الرياضية بعده لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، حيث من المتوقع قدوم ما يقرب من 1.5 مليون مشجع، على هامش مونديال 2022؛ وهو ما يعني حضوراً سياحياً كبيراً سينعكس إيجاباً على خزينة قطر من جهة، ويسوق لصورة الدوحة في النطاق الجيو استراتيجي من جهة أخرى.
قامت قطر مؤخرا ببناء وتشييد ثمان ملاعب لكرة القدم بمعايير عالمية، لكن لم تتوقف هنا فقط فقد اشترت قطر للاستثمارات الرياضية بـ50 مليون يورو غالبية أسهم نادي كرة القدم الفرنسي باريس سان جيرمان،. ووقعت هيئة السياحة القطرية عقداً دعائياً لمدة أربع سنوات (2012-2016) مقابل 200 مليون يورو سنوياً. كما أن وضع شعار «Qatar Fondation» على قمصان لاعبي برشلونة بدءاً من العام 2011 يعتبر إعلاناً مهماً للدوحة، كما تم وضع شعار الخطوط الجوية القطرية بين عامي 2013 و2016 على قصمان اللاعبين في صفقة إجمالية بلغت 300 مليون يورو.
كما استثمرت كذلك ومنذ 2004 في تنظيم جولات بطولة العالم للدراجات النارية على حلبة لوسيل الدولية في الدوحة. كما استضافت الدوحة بطولة العالم لألعاب القوى 2019. بعد حزمة تمويل كبيرة بـ 30 مليون دولار من بنك قطر بالإضافة إلى وعود بالتبرع بـ 7 مليون دولار من أجل بناء عشرة مضامير سباق لصالح برنامج التطوير العائد للاتحاد الدولي لألعاب القوى. والمتتبع للعبة التنس يشهد أن بطولة قطر المفتوحة لكرة المضرب تنظم سنوياً منذ عام 1994 وهي جزء من جولات بطولات رابطة محترفي كرة المضرب، و بين عامي 2008 و2010 استضافت الدوحة بطولات الاتحاد الدولي لتنس السيدات.
بدأت قطر أخيرا في حصد ثمارها على نطاق واسع؛ إذ باتت الوجهة الاولى للرياضيين؛ بفضل منطقة “أسباير “، التي تُعد مجمعاً رياضياً “متكاملاً”. ومن أبرز المنشآت في منطقة “أسباير “، أكاديمية التفوق الرياضي “أسباير”، التي يتخرج فيها كل عامٍ عدد من أبرز الرياضيين الذين يدعمون صفوف الأندية والمنتخبات القطرية.كما تضم “أسباير ” مستشفى “سبيتار” الرائد والفريد من نوعه عالمياً، والمتخصص في معالجة الرياضيين المشاهير.
لا تزال صناعة اقتصاد رياضي مستدام في قطر مرتكزا على البنية التحتية الرياضية، النهضة الحضارية، التجربة القوية، تسويق الصورة، والتطلع إلى رؤية رائدة، ولا أدلً على ذلك اعلان اللجنة الاولمبية القطرية بطلب رسمي لاستضافة الالعاب الاولمبية والبارلمبية في 2032 كأول دولة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا .
رابط دائم: https://mosta.cc/fepv6