بقلم يعقوب حاج جيلاني
إن الثورة التكنولوجية في مجال المعلومات والاتصالات عرفت في العشرية الأخيرة تطورا غير مسبوق، حيث وصلت إلى حوالي 50 بالمئة من سكان العالم النامي وأحدثت تحولا في المجتمعات ومن خلال تعزيز الإتصال الإلكتروني والشمول المالي وإمكانيات الوصول إلى الخدمات التجارية والعامة يمكن أن تمثل التكنلوجيا عامل كبير في تحقيق المساوات.
ولتحول الرقمي فوائد كبيرة للطرفين مقدم الخدمة سواء الحكومة أو القطاع الخاص على الخدمة حيث توفر كثيرا من الجهد والمال بشكل كبير كما له مميزات كبيرة في تحسين الكفاءة للعمل والتشغيل ويساعد على تحسين الجودة وتبسيط الإجراءات للحصول على الخدمات المقدمة للمستفيدين.
ولم يعد التحول الرقمي رفاهية يمكن الإستغناء عنها في الوقت الحالي خاصة بالنسبة للمؤسسات والهيئات التي تتعامل مباشرة مع الجمهور والتي تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمواطنين ويتجاوز مفهوم التحول الرقمي إستخدام التطبيقات التكنلوجية ، ليصبح منهاج واسلوب عمل يجمع المؤسسات الحكومية لتصبح تقديم الخدمات أسهل واسرع.
وأجمع العديد من المتعاملين الاقتصاديين و خبراء في قطاع تكنولوجيات الاعلام و الاتصالات السلكية و اللاسلكية على ضرورة مطابقة الممارسات والذهنيات مع متطلبات الانتقال الرقمي بما يخدم تنمية الاقتصاد الوطني.
وفي مداخلة له في حصة الفوروم الإقتصادي لقناة البلاد مؤخرا أكد المدير العام للرقمنة بوزارة الرقمنة و الإحصاء درار حسان أن وجود وزارة للرقمنة والإحصائيات هو دليل على وجود رغبة وتوجه جديد لسياسية الدولة الجزائرية نحو رقمنة كل القطاعات وأن التحول الرقمي ليس خيار وهو مشروع مجتمع وهو ليس مشروع دائرة وزارية واحدة أو مؤسسة بل هو مشروع الجميع.
وركز المدير العام للرقمنة بوزارة الرقمنة و الإحصاء على أن إستحداث وزارة مكلفة بالرقمنة والإحصائيات ترجم الإرادة السياسية القوية للدولة لإنجاح والإسراع بالتحول الرقمي وأن المهام الأساسية لوزارة الرقمنة والإحصائيات هي إعداد إستراتيجية وطنية في مجال الرقمنة مع إعداد السياسية الوطنية في التحول الرقمي وتحسين الخدمات العمومية .
من هذا المنطلق أكد السيد درار حسان ان وزارتهم حديثة النشأة وتقريبا لها سنة منذ تأسيسها إلا أنهم قاموا بالعديد من الإجراءات من بينها وضع ورقة خريطة الطريق والتي تندرج بالأساس في النظرة الإستراتيجية للدولة وضمن تعهدات رئيس الجمهورية خاصة تعهد رقم 25 والذي ينص على الإنجاح والإسراع في التحول الرقمي وتحسين الخدمات العمومية.
وأضاف درار أن ورقة طريق الوزارة تندرج في إطار برنامج عمل الحكومة ، خاصة في شقه أو محوره المتعلق بعصرنة الإدارة وكذا الإسراع في وضع قيد الإستغلال الحوكمة الإلكترونية ، مباشرة بعد إستحداث الوزارة حيث قمنا بإعداد تشخيص للاوضاع وذلك لتقييم مدى نضج الرقمنة على مستوى الدوائر الوزارية وتأسس هذا التشخيص حول اربع محاور اساسية : أولا المحور القانوني: ماهي الأطر القانونية التي تقنن وتنظم المجال الرقمنة ، محور المخصص لتكنلوجيا ومحور دراسة برنامج تمويل مشاريع الرقمنة وكذلك محور حول التكنلوجيات المستعملة .
ومن هذا التشخيص يقول المسؤول “مكنت وزارة الرقمنة والإحصائيات تصحيح العديد من المغالطات وتضويح بعض المفاهيم ، الرقمنة أخذت أشواط معتبرة في الإدارات ولكن كانت بنظرة وزارية وعلى سبيل المثال وزارة الداخلية ، وزارة العدل ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولكن مشكل الإتصال كان سببا في عدم الترويج لهذه الخدمات المستحدثة مثل وزارة النقل والتي تحمل العديد من المشاريع العمومية دون ان ننفي وجود بعض التأخر لدى بعض القطاعات ونحن كوزارة الرقمنة والإحصائيات سنعمل على حوكمة وتأطير التحول الرقمي بالتعاون مع مختلف الإدارات و الوزارات”.
الوضع الحالي للرقمنة في الجزائر
أكد رئيس النقابة الوطنية للرقمنة سهيل قسوم في تصريحه لحصة الفوروم الإقتصادي لقناة البلاد مؤخرا أن هنالك العديد من القطاعات التي إتخدت خطوات مهمة في إتجاه الرقمنة ولكن هذه الخطوات كان بالإمكان لها أن تكون أكثر نجاعة وأكثر قوة لو الضروف سمحت بتلك النجاعة و لكن ضروف الرقمنة حسبه غير موجودة في الجزائر
واضاف السيد سهيل قسوم “اليوم الرقمنة اصبحت حتمية ليست الرقمنة بإختيار أن نسير في إتجاه الرقمنة أو لا بل أصبحت حتمية ضرورية لابد منها فلا يمكن لأي دول ان تتطور اليوم دون رقمنة جميع قطاعاتها لأن الرقمنة هي التي تحقق النجاعة على كل المستويات: المستوى الإقتصادي، المستوى الإجتماعي ، الفلاحي، الصناعي لذلك يجب ان نحقق رقمنة شاملة على المستوى الوطني .
واشار المتحدث أن السنة الماضية شهدت اشواط مهمة منها التحسين في البنى التحتية حيث ان تدفق الأنترنت تحسن رغم أنه يبقى غير كافي لطموحات الرقمنة ويقول السيد قسوم “رغم أن الجهات التي تعمل على تحسين مستوى تدفق الأنترنت تسعى لتحسينها أكثر في الاشهر المقبلة .
ونوه رئيس النقابة الوطنية للرقمنة إلى نسبة الرقمنة في الجزائر بالمقارنة مع دول أخرى مضيفا أن الأرقام تعطينا الفارق بين الجزائر والعالم فنسبة الرقمنة في تونس مثلا بالنسبة للناتج الداخلي الخام قدر بـ 7.5 بالمئة إذ نتحدث عن المتوسط العالمي هو 15.5 بالمئة مضيفا أن الولايات المتحدة قدرت نسبة الرقمنة فيها بحوالي 21 بالمئة الصين حوالي 30 بالمئة لكن الجزائر حوالي 3.5 بالمئة فقط وهذه النسبة في الجزائر تضم فيها كل من مؤسسة : جازي ، أوريدو ، إتصالات الجزائر وموبيليس إلخ هؤلاء مستحوذين على نسبة الأكثر من الرقمنة في الجزائر ليبقى لنا جزء صغير وهو أقل من واحد بالمئة في الرقمنة خارج مجال الإتصالات وهو رقم ضعيف جدا يقدم لنا نظرة على الأشواط التي تتنظرنا قصد الخروج من التاخر الرقمي في الجزائر يقول المتحدث.
خلق الإنسجام من أجل الرقمنة
أكد المدير العام للرقمنة بوزارة الرقمنة و الإحصاء درار حسان أنه لا يمكن الحديث حول الرقمنة بدون أرضية تكنلوجية ولكن في مقاربة الدولة الجزائرية في هذا المجال قامت بالفصل بين البنى التحتية من تدفق وخدمات شبكة الانرتنت، والحلول الرقمية ومن أولويات وزارة الرقمنة والإحصائيات على المدى المتوسط هو الإسراع في وتيرة التحول الرقمي من اجل تحسين الخدمات العمومية ورقمنة الإدارة العمومية .
ويقول السيد درار “في بعض الأحيان نشاهد ترتيبات عالمية في مجال الرقمنة اين نجد أن الجزائر لديها ترتيب مؤخر للبلدان في بعض الأحيان لكن إذا اردنا أن نحلل هذه الترتيبات مثلا في مؤشر إدماج الحوكمة الإلكترونية نجد أن الجزائر أخذت اشواط كبيرة من سنة 2016 إلى 2020 الجزائر قفزت بين 40 مرتبة في الترتيب العالمي نحو الأحسن ، فنحن متواجدين في المرتبة 120 بين 196 دولة وهو ترتيب محترم ولكن لو نقوم بتحليل هذا الترتيب هنالك بعض المؤشرات والعوامل التي تؤخذ بعين الإعتبار من أجل ترتيب الدول
وأشار المدير العام للرقمنة بوزارة الرقمنة و الإحصاء أن تأخر الجزائر في مثل هذه الترتيبات راجع لثلاث عوامل أساسية من بينها مدى ولوج المواطن للخدمات العمومية ،مدى تقارب المعطيات بين المؤسسات وهنا صحيح لدينا تأخر في هذا المجال وهنالك عامل ثالث وهو إستعمال المنصات الرقمية لأخذ القرارات هذه العوامل الثلاث التي جعلتنا في بعض الأحيان متأخرين .
وأضاف السيد درار أن وزارة القمنة والإحصائيات قامت بإحصاء الخدمات العمومية والتي وجدت تقريبا 243 خدمة عمومية مرقمنة ولكن هنالك نقص في الإتصال لتحسيس المواطنين لإستعمال الأدوات الرقمية
وأشار المسؤول أن من بين الحلول التي وجب إتخاذها وهي إرغام الرقمنة وأن مواطن وجب ان يكون له قدوم على خدمات الرقمية وهنالك العديد من التجارب في هذا السياق كانت ناجحة .
عوائق الرقمنة
رافع رئيس النقابة الوطنية للرقمنة سهيل قسوم من اجل توفير الضروف الملائمة قصد النهوض بالرقمنة متسائلا “كيف للمواطن أن يكون له قدوم على الخدمات الرقمية في الجزائر وهو لا يستطيع إقتناء جهاز كمبيوترمرجعا ذلك بسبب الضرائب الجديدة” مؤكدا “أنه منذ سنوات كان دفع الضربية الجمركية فقط على أدوات الإعلام الألي ولكن اليوم يتم دفع من 15 إلى 30 بالمئة كضريبة جمركية ، 19 بالمئة على القمية المضافة ، 30 بالمئة على تيسي أما البلدان المجاورة لنا” يقول السيد قسوم” يتم دفع على إقتناء جهاز كمبيوتر تدفع حوالي 2.5 بالمئة أو صفر بالمئة على الجمركة فقط ومثل هذه الامور في الجزائر تعتبر معيقات للرقمنة
واضاف المتحدث “اليوم في الجزائر إذا اردنا شراء لوحة رقمية محترمة تقدر حوال 50000 دج وإذا اراد المواطن شراء كمبيوتر عادي 100000 دج ليطرح السؤال “من هو المواطن البسيط المتمكن من شراء كمبيوتر بهذا السعر؟؟، صحيح أن الجزائر أخذت اشواط مهمة في ترتيبات بين الدول ولكن تمنينا أننا مصنفين ضمن عشرين دولة الأولى لأن التصنيف يقارن مع الدول المجاورة التي لسنا مصنفين معهم جيدا .
عاومل تفرمل الرقمنة في الجزائر
أكد رئيس النقابة الوطنية للرقمنة سهيل قسوم أن الشباب الجزائري شباب متمكن جدا ولكنه غير قادر على الإبداع في ضل مشاكل الرقمنة حيث لا يمكن اليوم إستراد برنامج معين أو مضاد فيروسات لأجهزة الكمبيوتر وأضاف المتحدث أن الحفاظ على الأمن الرقمي من الأولويات لكن بدون التأثير على حوكمة تطوير الرقمنة في الجزائر .
مضيفا أن إشكالية إستلام الرخص هي أيضا من معيقات الرقمنة فتقديم رخصة vpn أخذ سنتين أو سنة ليطالب المتحدث بتقنين هذه الموافقات إلى أسبوع او أسبوعين لأننا في عصر الرقمنة وعصر السرعة ، مستدلا كلامة ” إذا طلبنا إعتماد إستراد كمبيوتر يجب أن نتحصل على رخصة بسبب إحتوائه على جهاز الوايفي والبلوتوث لكن وجب التحصل على رخصة في اقل من 48 ساعة وليس بعد شهر أو شهرين ، زد إلى ذلك من يدفع تكاليف تأخر الرخص والتي تجعل السلع مخزنة لدى الجمارك مما يتسبب في رفع أثمان الكمبيوتر وهذا راجع بسبب تكاليف التخزين يقول السيد سهيل قسوم
و شدد المتحدث “من أولويات الأمن القومي اليوم ، عندما لا نستطيع إستراد مضاد فيروسات أو إستراد تطبيق أو برمجيات هنا نقول أننا لا نستطيع الحفاظ على الأمن القومي الخاص بالشركة أو المؤسسة العمومية ، وإذا لم نستطع إستراد الويندوز سيجعل المؤسسات العمومية تستخدم ويندوز مهكر وهذا اساس القرصنة”
من جهته أكد المدير العام للرقمنة بوزارة الرقمنة و الإحصاء درار حسان أن هذه العراقيل الدولة أخذتها بعين الإعتبار وقامت بعدة إجراءات
وحسبه ”الدولة من حقها تضبط، تنظم و تقنن لكن الوقت اللازم لمعالجة الملفات وجب تسريعه وهذا ما جعل السلطات العمومية تعمل على إعادة النظر من حيث تقليص عدد الوثائق والوقت”
وأكد ذات المتحدث “نحن كوزارة الرقمنة والإحصائيات أكدنا في العديد من المرات أن مجابهة هذا التأخير يكمن في خلق منصات رقمية لتقديم الرخص والإدارة الجزائرية تعمل على ذلك حيث اليوم من 297 نشاط مرخص فيه 98 منصة رقمية ناشطة تعمل على تقليص الوقت ونحن نرافع من أجل إجبارية تسليم وإستلام التراخيص ليكون عبر المنصات الرقمية من أجل شفافية تامة وحل ثابت.
يضيف ذات المسؤول في الشق المتعلق بالأمن الرقمي نحن نعيش في عالم سبراني إفتراضي يلتزم علينا وضع الأليات لمجابهة ومحاربة كل الأشكال التي تمس بالأمن الرقمي للوصول إلى سيادة وطنية في مجال الرقمنة عبر تطوير المحتوى الرقمي المحلي رفقة شركائنا من مختلف القطاعات والمؤسسات.
في هذا الصدد, قال السيد درار حسان اليوم الضرف تغير واليوم هنالك إرادة سياسية قوية ووزارة الرقمنة والإحصائيات تعمل على إعادة النظر وتحديد ودراسة كل النصوص القانونية من أجل التحيين والتحسين قصد إعادة قانون خاص بالرقمنة قصد التخلص من جميع المعيقات مضيفا أن التحول الرقمي ليس خيار وهو مشروع مجتمع وهو ليس مشروع دائرة وزارية واحدة أو مؤسسة بل هو مشروع الجميع.
رابط دائم: https://mosta.cc/hiqeh