بقلم: براهمي محمد الصالح
أجرى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون لقاءه الدوري مع الصحافة الوطنية، تم بثه مساء يوم الأحد الماضي على القنوات الإذاعية والتلفزيونية الوطنية تطرق فيه إلى مسائل هامة تخص الشأن الوطني والدولي.
ولأول مرة منذ إطلاق رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لسنّة اللقاء الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، تكفلت قناة “الجزائر الدولية AL24” بالإخراج التلفزي للقاء، وهي المهمة التي نجحت فيها بشكل كبير، إذ كان اللقاء بإخراج متقن، بشهادة المتابعين.
رفع الأجور ومنحة البطالة
وفي رده حول سؤال يتعلق بمطالب رفع الأجور، بسبب تأثر القدرة الشرائية للمواطنين مؤخرا، كشف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون انه ستكون هناك عملية رفع للأجور، وكذلك منحة البطالة، وهذا بعد “تسجيل مداخيل إضافية” للإقتصاد الوطني.
كما شدد السيد رئيس الجمهورية، في سياق حديثه عن الموضوع، على أن المعركة التي تخوضها الدولة في الوقت الحالي تتمثل في استرجاع وصون كرامة المواطن الجزائري.
وبخصوص دخول هذه القرارات حيز التطبيق، أكد رئيس الجمهورية أنه سيتم إدراجها في قانون المالية لسنة 2023، سواء من خلال رفع النقطة الاستدلالية أو رفع الأجور مباشرة الى حد معقول.
وأوضح بهذا الخصوص أن هناك “إمكانية لرفع الاجور عبر قرار واحد أو بطريقة تدريجية على مدار السنة”، مؤكدا على ضرورة اتخاذ “اجراءات دقيقة حتى لا يكون هناك “توزيع للريع” يساهم في خلق التضخم”.
واضاف رئيس الجمهورية أن الإمكانيات التي تحوزها الجزائر تجعلها قادرة، على المدى المتوسط، على استرجاع قيمة الدينار.
ويعتبر الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية من اهم النقاط التي لطالما أصرّ عليها السيد رئيس الجمهورية، منذ توليه الرئاسة، وما إقرار منحة خاصة بالبطالة لصون كرامة الشاب الجزائري إلا خير إثبات على ذلك.
كما أن القرارات التي تم اتخاذها خلال فترة تفشي وباء كورونا، من إقرار لتعويضات للمهن الصغيرة التي تضررت من إجراءات الغلق،ومنحة خاصة لأفراد السلك الطبي العاملين في الخطوط الأولى للمعركة ضد كورونا، يضاف لها تعويضات المتضررين من الكوارث الطبيعية والحرائق، وإصرار الرئيس تبون في عديد المرات على أن الدولة هي من تتحمل الأعباء المالية المنجرة عن فوضى السوق العالمية أو إجراءات ما، خير دليل على أن الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، والذي كان من النقاط التي وردت في بيان أول نوفمبر 1954، وهي الوثيقة التي تعد حجر أساس الدولة الجزائرية ما بعد الإستقلال.
ورغم محاولة بعض الجهات، استغلال عملية إعادة هيكلة نظام الدعم الاجتماعي، والترويج على أنه تخل من الدولة عن المواطن، إلا أن تأكيدات رئيس الجمهورية في كل مرة على أن الأمر هو في الأساس توجيه للدعم نحو مستحقيه الحقيقيين ومنع لإستغلاله من طرف أناس لجني الأموال الطائلة على حساب قوت الجزائريين، مكنت المواطنين من فهم حقيقة الأمر وإفشال مساعي إستغلاله لزرع الفتنة.
الرئيس تبون: هناك من أراد أن يصنع دولة داخل دولة وكنا لهم بالمرصاد
كما عرّج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقاءه التلفزيوني، على مساعي مكافحة البيروقراطية، مشددا على أن الدولة ستكون بالمرصاد لكل من يقف وراء تفشي البيروقراطية في الإدارة ويعطل سيرها.
واكد رئيس الجمهورية، أن البيروقراطية هي “ممارسات سلطوية مشبوهة تراكمت على مدار 30 الى 40 سنة، وهناك أشخاص متوغلون داخل الجهاز الاداري وكانوا يريدون خلق دولة داخل دولة، ونحن لهم بالمرصاد”.
وأوضح في هذا المجال ان هناك قرارات “تدرس من طرف الحكومة ويصادق عليها مجلس الوزراء ثم يأتي من يعطل تطبيقها في الميدان”.
وتابع الرئيس تبون قائلا أن هذه التصرفات “تخلق جوا مكهربا وهناك من ينسبها عن قصد الى الجزائر الجديدة”، لافتا الى أن “من يريد الكرامة والاحترام عليه أولا باحترام الشعب وقوانين الجمهورية”.
وذكر في هذا المجال بأن نهاية البيروقراطية تمر عبر إنهاء هذه الممارسات من الإدارة، مشددا على ان “دور الدولة يتمثل في الرقابة”.
وتوعّد الرئيس تبون، في سياق حديثه، كل من يتنبى البيروقراطية في تعمله مع المواطنين، ومن ثم يخاطبهم بعبارة “لتشتكي لتبون”، مؤكدا أنه لن يتوانى في الضرب بيد من حديد كل من يقوم بهذه الممارسات.
كما ذكّر، في سياق حديثه عن الموضوع، بواقعة قدوم باخرة فارغة من الراكبين، رغم وجود مواطنين كانوا يرغبون في القدوم على متنها، واصفا ذلك بالغير معقول.
ويدرك رئيس الجمهورية شكل واضح وجلي أنّ البيروقراطية تشكل تهديدا خطيرا على البلاد، ولهذا يعتبر القضاء عليها من الاهتمامات الرئيسية له.
وتتجسد البيروقراطية في عدة أوجه، كغياب التنظيم وعدم الاستجابة لمتطلبات المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين.
كما أنّها من رموز العداء لأي إصلاح، ولهذا فعدم القضاء على هذه الممارسات يقود البلاد رويدا رويدا نحو الهاوية، وهو ما حدث في فترة سابقة، أين نخرت البيروقراطية جسد الدولة الجزائرية وتركته هزيلا لا يقوى على حركة، لولا الحراك الشعبي الأصيل.
وترسخت الممارسات عبر سنوات طويلة داخل الإدارة الجزائرية، لتعيق أي مبادرة للتطور أو الإصلاح، فكانت الفوضى هي السمة الأبرز داخل الإدارة الجزائرية، حتى أصبح يقال أنّ الجزائر نفسها سئمت من إدارتها.
وتعرض الرئيس تبون، نفسه لهذه البيروقراطية طوال حياته المهنية الغنية، ومنذ وصوله إلى الرئاسة صعّد من محاربته للتعسف الذي تعرفه الإدارة الجزائرية، ويراه إرثا مسموما يجب القضاء عليه.
ومن مكتبه في قصر المرادية، يقود الرئيس تبون حربا يومية ضد هذه التصرفات، فكم من مرة أمر الحكومة بمراجعة معاملاتها ، مؤكدا أنّ تلك التصرفات القديمة لا تتماشى مع هذه المرحلة، مرحلة “الجزائر الجديدة”.
البيروقراطية، هي مصدر الفساد، وهي حالة ذهنية يُفضّل فيها الجمود على المبادرة، والتجارة على الصناعة، وتدمير الثروة على تكوين الثروة.
هذه البيروقراطية التي أشار إليها الرئيس تبون بقسوة، هي “دولة داخل دولة” تابعة لبقايا الأوليغارشية المفترسة.
إنّ رئيس الجمهورية الذي نجح في علاج البلاد من أمراضها العديدة، لا ينوي التوقف عن السير عبر هذا الطريق الجيد، فبالنسبة له، البيروقراطية هي شر “يجب استئصاله” مهما كان الثمن.
السعي المستمر لجذب الاستثمارات الأجنبية
وفيما يتعلق بالشراكات الاقتصادية، كشف رئيس الجمهورية عن سعي الجزائر المستمر لجذب الاستثمارات الأجنبية، بالنظر إلى الفرص المتوفرة عبر كافة التراب الوطني.
وأوضح رئيس الجمهورية في لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، الذي بث مساء يوم الأحد على القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية، أن الجزائر تسعى إلى جذب الاستثمارات من الدول الشقيقة والصديقة كقطر وتركيا والمملكة العربية السعودية، وكذلك تلك التي تعد حليفا استراتيجيا كإيطاليا وغيرها.
وبخصوص التعاون الاقتصادي مع تركيا، أشار الرئيس تبون الى أن تركيا تعد أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر من خلال عدة مشاريع على غرار مركب الحديد والصلب في وهران الذي تضاعف انتاجه وأصبح يصدر للخارج، بالإضافة الى الاستثمار في الملابس والنسيج وفي الصناعات الخفيفة والمتوسطة.
وأوضح أن الجزائر تربطها “علاقة تاريخية بتركيا، دون وجود أي إشكاليات”، مما يشجع على السعي لجذب المزيد من الاستثمارات.
أما إيطاليا، فتبقى، يقول رئيس الجمهورية، “الحليف ذو البعد الاستراتيجي” باعتبارها الدولة الاولى في أوروبا بالنسبة للعلاقات الاقتصادية مع الجزائر.
وتابع رئيس الجمهورية يقول: “منذ بداية حرب التحرير لم نسجل أي مشكل او نزاع أو سوء تفاهم مع ايطاليا، وكلما مرت الجزائر بظروف صعبة لم تجد سندا قويا إلا ايطاليا، في كل الظروف، حتى في المأساة الوطنية”.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن “المستثمرين الايطاليين تتوفر فيهم النية الحسنة وهم يعملون في صمت”، مؤكدا وجود مئات الشركات الايطالية التي تشتغل في الجزائر.
ويجري العمل على تقوية هذه العلاقة من خلال الدخول في مرحلة الانتاج المشترك، حسب رئيس الجمهورية، الذي أشار إلى السعي لإنشاء شراكات جزائرية إيطالية في عدة مجالات منها الميكانيك والسيارات والبواخر والمطاحن وقطاع الدفاع الوطني من خلال مشاريع في مجال تركيب التجهيزات.
حظوظ الجزائر كبيرة للإلتحاق بمجموعة “بريكس”
كما عرّج السيد رئيس الجمهورية، على الاجتماع الذي شارك فيه بتاريخ 24 جوان الفارط، والخاص بمجموعة “بريكس” الاقتصادية. مؤكدا أن الجزائر تتوفر بنسبة كبيرة على الشروط التي تمكنها من الالتحاق بمجموعة بريكس.
وأوضح رئيس الجمهورية أن “هناك شروط اقتصادية للالتحاق بمجموعة بريكس، أظن أنها تتوفر بنسبة كبيرة في الجزائر”.
ورد رئيس الجمهورية عن سؤال حول ما إذا كان للجزائر رغبة في الالتحاق بهذه المجموعة، بالقول : “ممكن، لن نستبق الاحداث، لكن إن شاء تكون هنالك أخبار سارة”.
وأضاف بأن مجموعة البريكس تهم الجزائر بالنظر لكونها “قوة اقتصادية وسياسية”.
كما أن الالتحاق بهذه المجموعة سيبعد الجزائر التي تعتبر “رائدة في عدم الانحياز” عن “تجاذب القطبين”، يضيف الرئيس.
وبريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتتينية BRICS والتي تمثل أسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم ، وهي: البرازيل وروسيا و الهند والصين وجنوب أفريقيا.
وعقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة في يكاترينبورغ بروسيا في جوان 2009، و تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية.[3] وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول «بريكس» في جويلية عام 2008 ، وذلك في جزيرة هوكايدو اليابانية ، أين اجتمعت آنذاك قمة «الثماني الكبرى». وشارك في قمة «بركس» رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا .
واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية.
كما انضمت دولة جنوب افريقيا إلى المجموعة عام 2010، فأصبحت تسمى بريكس بدلاً من بريك سابقا.
وبخصوص مشاركة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في اجتماع شهر جوان الفارط، فقد تطرق خلاله إلى الجهود الرامية إلى بعث الأمن والاستقرار في مختلف أرجاء العالم, إذ قال: “الأكيد اليوم أن تخلف النمو الاقتصادي في العديد من الدول النامية ليس مسألة داخلية فحسب وإنما يستمد جذوره من اختلال فاضح في بنية العلاقات الاقتصادية الدولية والهيمنة القائمة لفائدة مجموعة من الدول”.
وأضاف في هذا الإطار أن “كسر هذه الحلقة المفرغة لن يتم إلا عبر الاعتماد على روح ومبادئ وأهداف القرارات الهامة التي تبنتها المجموعة الدولية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى رأسها القرار رقم 3201 والمتضمن الإعلان المتعلق بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد يقوم على الإنصاف والمساواة في السيادة وكذا على المصالح المشتركة المتكاملة والتعاون بين جميع الدول”.
الرئيس تبون يشيد بعمال شركة سوناطراك
وعاد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في لقاءه التلفزيوني الذي بث مساء يوم الأحد، إلى تطور شركة سوناطراك في العامين الماضيين، موجها تحيته إلى كل عمالها من أبسط عامل إلى الرئيس المدير العام.
وأكد رئيس الجمهورية أن الشركة تشتغل بروح وطنية عالية رغم الإهمال الذي تعرضت له من قبل المدراء العامين الكبار سابقا
مشيرا إلى أن “رغبة في تقهقر الجزائر تجسدت سابقا في عدم التنقيب عن الثروات”.
ورغم ذلك، يقول الرئيس تبون، فإن ” الجزائر استرجعت قدراتها الطاقوية ونتوقع أن تكون هناك اكتشافات كبرى جديدة”
كما عرج في سياق حديثه، على مشروع الأنبوب العابر للصحراء، مؤكدا أنه “إنجاز إفريقي عملاق”.
يشار إلى أن مجلة “ذي_إيكونوميست” كانت قد صنفت سوناطراك ضمن قائمة أكبر 15 شركة نفطية في العالم من حيث إنتاج النفط والغاز
وحلت سوناطراك في المرتبة الـ 12 الثانية عشر من حيث إنتاج النفط والغاز
ووفق ذات المصدر، فإن حجم إنتاج سوناطراك لسنة 2021 زاد عن 185مليون طن بترول مما عزز مكانتها في العالم.
كما صنفت منصة “طاقة نت” المختصة سوناطراك على رأس قائمة الشركات النفطية العالمية من ناحية الإكتشافات، بتحقيقها لسبعة اكتشافات خلال سنة 2022.
الفلاحة.. نحو تحقيق الإكتفاء الذاتي للحبوب بإستغلال البحث العلمي
ومن بين أهم النقاط الاقتصادية التي تطرق لها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خلال لقاءه التلفزيوني “الدوري” مع ممثلي وسائل إعلام وطنية، ملف الفلاحة.
وأكد الرئيس تبون ان القطاع الفلاحي كان معرقلا، لأن منة الفلاح كان ينظر لها كمهنة إجتماعية وليست إقتصادية، والقطاع كان يعتمد فقط على المساعدات.
ولكن، يواصل رئيس الجمهورية، فإن الإعتماد على البحث العلمي من شأنه أن يطور القطاع، ويحسن مردود الجزائر الفلاحي.
وعن إمكانية تحقيق الإكتفاء الذاتي، أكد رئيس الجمهورية أن تحقيقه فيما يخص الحبوب هو هدف من الأهداف المسطرة.
الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف لـ”المستثمر”:
رئيس الجمهورية يعمل على خلق الظروف المواتية لجعل المواطن في احسن الظروف
قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، في تصريحات لـ”المستثمر” أنه “في الشق الإقتصادي رئيس الجمهورية اعطى توضيحات ومرر رسائل للمواطن بصفة اولى ولكل الفاعلين في الشأن الاقتصادي بان الجزائر اليوم ماضية في تدشين مشروع التحول الاقتصادي، و الذي من خلاله سوف نضع اسس لنموذج تنموي مستدام”.
وفي هذا السياق، يواصل محدث “المستثمر”، رئيس الجمهورية كان يتكلم واعطى نظرة على بعض المحاور التي تعمل عليها السلطات العمومية في هذا التوجه.
نتكلم اليوم حول ضرورة تحسين منظومة الحوكمة ومكافحة البيروقراطية دون هوادة، وذلك من بين شروط نجاح مشروع التحول الاقتصادي، خاصة على مستوى خلق ادارات عمومية فعالة، عصرية وخالية كليا من الممارسات البيروقراطية، يقول الخبير الاقتصادي.
وأظن، يواصل عبد الرحمان هادف، ان هذا الامر اصبح على رأس اولويات الطاقم الحكومي.
في نفس الوقت رئيس الجمهورية تكلم حول أن المشروع التحول الاقتصادي يسير شكل جيد، على عكس ما يروج له بأن الجزائر ذاهبة في الانغلاق والعمل بصفة احادية.
اليوم الجزائر، على العكس تماما، ذاهبة في سياق الاندماج في سلسلة القيم العالمية من خلال وضع اسس جديدة لشراكات جديدة، بنظرة جديدة، إذ أن اختيار الشركاء يكون على حسب الاولويات التي تضعها الجزائر وايضا على حسب المصالح التي تتناسب مع مشروع التحول الاقتصادي الجزائري. وبالتالي رئيس الجمهورية تكلم على شراكات مع دول شقيقة كالسعودية، تركيا وقطر. وايضا الدول الصديقة كايطاليا وغيرها من الدول التي تتوافق في الرؤى مع النظرة الجديدة للجزائر في مشروعها التنموي.
وبالتالي اليوم نحن متجهون نحو وضع اسس جديدة، وخاصة مع دخول قانون الاستثمار، الذي تم نشره في الجريدة الرسمية يوم الأحد، والجزائر تعمل على تجسيد رؤيتها في تنويع الاقتصاد، خاصة في مجالات ذات أولوية، وهنا نتحدث عن قطاع الصناعة والصناعة التحويلية الصناعات الميكانيكية ايضا القطاع الفلاحي، هناك كذلك اقتصاد المعرفة وقطاع السياحة.
كلها اليوم قطاعات لها اولوية كبرى في هذا المشروع.
وفي نفس الوقت، اذا تكلمنا على النموذج الاقتصادي وانجاح هذا المشروع يجب ان نعطي ايضا اهمية كل ما هو متعلق الجانب الاجتماعي ووضع المواطن، وهو ما تطرق له رئيس الجمهورية كذلك، وأولاه إهتماما كبيرا.
وفي هذا السياق، يستطرد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، رئيس الجمهورية أكد التزامه برفع الاجور ورفع منح البطالة، وفي نفس الوقت القدرة الشرائية للمواطن.
هذا القرار، وفق محدث “المستثمر”، له دلالة تتثمل في أن الدولة الجزائرية اختارت التوجه نحو محاربة الإختلالات الظرفية، خاصة من جانب تدهور القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع التضخم، وهي أمور، في الأصل، خارجة عن نطاق التحكم الوطني.
لأنه عندما نتحدث عن التضخم، فهو تضخم مستورد، يقول الخبير الاقتصادي، وناتج عن نقص في السلع والخدمات، وكذلك زيادة التكاليف، وبالتالي فهو تضخم مزدوج يصعب التحكم فيه بصفة مستعجلة.
وبالتالي، فإن رئيس الجمهورية يعمل على تهدئة الجبهة الاجتماعية وخلق الظروف المواتية لجعل المواطن والموظف والعامل في احسن الظروف.
لطفي غرناؤوط، أستاذ العلوم الزراعية و الاقتصاد الزراعي بجامعة تولوز 3 لـ”المستثمر”:
نثمن قرارات الرئيس فيما يتعلق بتكريس البحث العلمي في القطاع الفلاحي
من جهته، أكد أستاذ العلوم الزراعية و الاقتصاد الزراعي بجامعة تولوز 3، لطفي غرناؤؤط، في حديث مع المستثمر، أن الإنتاج الفلاحي بشكل عام يعتمد على مجموعة من عوامل الانتاج الأساسية أهمها الأراضي الصالحة للزراعة و المياه، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالعوامل التقنية بخلق و متابعة المسارات التقنية ذات الخصوصية الجغرافية و المناخية في ما يتعلق بالانتاج النباتي و أيضا المسارات التقنية الخاصة بالانتاج الحيواني كذلك.
كل هذه العوامل التقنية خاصة، يقول محدث “المستثمر” مرتبطة بشكل وثيق بجانب هام جدا تم إهماله في الجزائر و هو تطوير البحث العلمي في مجال الزراعة و تقنياتها الحديثة و أيضا التخطيط الاستراتيجي المحكم في المجال و ربطها بشكل مباشر بالقطاع لتقديم حلول تقنية حديثة.
وهذا لتحسين الإنتاج و ضمان استدامته وفق الخصوصيات الجغرافية و المناخية و الاجتماعية لكل منطقة، تحديدا في الجزائر لتميزها بتنوع جغرافي و مناخي ايجابياته أكثر من سلبياته إذا تم تخصيص حيز من الاهتمام بشكل فعلي بإخراج البحوث الأكاديمية من الجامعات الى الميدان.
ويستطرد الأستاذ الجامعي بالقول “المعلوم ان القطاع الزراعي يواجه اليوم جملة من التحديات الجديدة في العالم، انطلاقا من التغيرات المناخية و الآفات التي تمس المحاصيل و الانتاج الحيواني إضافة الى الطلب الكبير على الغذاء و خاصة المواد الاستراتيجية كالحبوب و الزيوت و الأعلاف و التي تتأثر اسعارها و وفرتها في الاسواق العالمية بشكل مستم”ر.
و مع كل ذلك ، يمكن تجاوز العديد من هذه المشاكل التقنية و التقليل من آثارها السلبية من خلال العديد من الحلول و التقنيات المبتكرة و الحديثة التي تم تطويرها من خلال البحث العلمي المستمر في هذا المجال الذي يعتمد على كل العلوم.
إذ ان الدول التي تخصص حيزا من الاهتمام للبحث العلمي الزراعي قد تمكنت من معالجة اهم النقاط بخصوص تحسين الانتاج الغذائي و كانت لها نتائج ملموسة في تحسين السلالات الحيوانية ذات الإنتاج العالي و الرفع من مقاومة المحاصيل للجفاف و الأمراض و رفع انتاجيتها، بحيث يقدم البحث العلمي الحلول الميدانية للمنتجين بشكل عام و يشارك بشكل مباشر في التنمية الزراعية والغذائية من خلال التجارب و الابتكار حيث أصبحت الجامعات و المراكز البحثية أداة رئيسية في تطوير الزراعة و سياساتها و هذا ينعكس بالإيجاب على مستويات الامن الغذائي و التغذوي في البلاد.
وبالحديث عن تصريحات رئيس الجمهورية، حول الجانب الفلاحي، والتي وردت في لقاء الرئيس الدوري، قال السيد غرناؤوط “السيد رئيس الجمهورية كان أكد من خلال العديد من المجالس الوزارية بخصوص مجال الفلاحة على ضرورة الموافقة بين الجامعة و الإنتاج الزراعي و ضرورة تأهيل العامل البشري في المجال لمسايرة االديناميكية الاقتصادية الجديدة و استغلال الإمكانات المحلية و التقليل من التبعية الغذائية و رغم توفر الجزائر على معاهد و جامعات متخصصة آخرها المعهد المتخصص في الزراعات الصحراوية و الصناعية”.
وهنا، أكد لطفي غرناؤوط تثمينه لقرارات الرئيس و إصراره الحقيقي على تجسيد ذلك منذ قدومه ، رغم العراقيل كبيرة وغياب النتائج الناجعة منذ سنوات، بسبب بعض الأفراد.
الا أن التواصل الفعلي بين البحث العلمي والتنمية الفلاحية يبقى، وفق تقدري الأستاذ الجامعي، ضعيفا جدا في الجزائر و لا يرقى الى التطلعات الاقتصادية و التحديات الكبرى أين تبقى الاستثمارات في هذا المجال غائبة الى جانب غياب للمؤسسات الناشئة الناشطة في المجال الفلاحي ما يجعلنا نستورد التقنيات و التكنلوجيا و حتى الخبرات رغم ان القطاع الفلاحي العالمي هو من يتمتع بأكبر عدد من المؤسسات الناشئة الناشطة و التي قدمت الاف من الحلول التقنية في مجالات الري، الآلات ، التحسين الجيني ، المتابعة و التشخيص الجوي و العديد من التخصصات الاخرى .
ويجب الإشارة الى أن البحث العلمي في مجال الفلاحة يتطلب ميزانية كبيرة و تحفيزات و أيضا وقتا (مثال التحسين الجيني للبذور و السلالات) و هذا يتطلب تنظيما محكما و تنسيقا بين الإدارة المركزية و الجامعات و الفلاح من خلال المنظمات و الجمعيات التي تمثله ليكون العمل منسقا و بشكل جماعي يضمن انخراطها الأطراف ، حيث ان البحث العلمي في مجال الفلاحة في الجزائر موجه بشكل كبير نحو انتاج الأبحاث العلمية الأكاديمية فقط، و ليس لانتاج حلول ميدانية موجهة للتنمية الفلاحية و للتطبيق الفوري من طرف المنتجين من جهة و من جهة اخرى نظرا لاهمال الفلاحين بشكل عام للحلول التقنية الحديثة و بالتالي لا يوجد فيه طلب على البحث العلمي ما يجعله معزولا عن الميدان بشكل عام.
تضاف الى كل هذا، وفق المتحدث، مجموعة من التراكمات و العوامل الاخرى منها النقص الحاد في تكوين الفلاحين حيث يصبح اليوم حتميا استحداث ثانويات فلاحية على غرار دول العالم المتقدم لتكوين المهتمين بخلق مستثمرات فلاحية و تكوينهم في الجانب التقني و الإداري و التسيير للعلم ان الثانويات الفلاحية في العالم المتقدم تقدم حلولا مبتكرة بشكل مستمر و تعرف إقبالا كبيرا .
و بالتالي فان الخطوة الأولى تكون بتاهيل المؤسسات العلمية في المجال و جعلها ذات تنافسية من خلال الدعم المالي و التقني بتحفيز تبادل الخبرات مع الجامعات العالمية و أيضا الاستعانة بخبرات المئات من الخبراء الجزائريين في المجال الفلاحي في المهجر من جهة و من جهة اخرى التفكير في إستراتيجية عاجلة لتحفيز الفلاح على استعمال التقنيات الزراعية الحديثة للرفع من الطلب على الحلول العلمي.
و بالتالي تحفيز البحث العلمي و تسهيل تبادل الخبرات و التكوين المستمر للإطارات و الفلاحين إضافة الى تشجيع الشراكات الفعلية بين المؤسسات المنتجة في المجال الغذائي و الفلاحي و مؤسسات البحث العلمي و إبراز النتائج الملموسة و فعالية التقنيات الحديثة و المبتكرة في تحسين الانتاج و خلق الثروة و مواجهة التحديات المناخية و ضرورة تحقيق الأمن الغذائي و ضمان استدامة الأنظمة الإنتاجية، حيث انه يستحيل تجسيد إستراتيجية تنمية فلاحية بدون مرافقتها بإستراتيجية اخرى لبعث البحث العلمي المنتج للحلول الميدانية المتخصصة جغرافيا و ربطها بالإنتاج .
رابط دائم: https://mosta.cc/40gfs