تربط الجزائر و جمهورية الصين الشعبية علاقات ود و تعاون وطيدة ، تمتد لأكثر من ستين عام ، وقد كانت بداية هذه العلاقات عند اعتراف الصين بالحكومة الجزائرية المؤقتة ، كأول دولة غير عربية تعترف بحكومة الجزائر المؤقتة .
و بالمقابل فقد ساعدت الجزائرالصين في الإنضمام إلى الأمم المتحدة و إستعادة مقعدها الدائم بمجلس الأمن الدولي في تايوان .
وقد شهدت العلاقات الثنائية بين الجزائر و الصين منذ أكثر من نصف قرن ، تطورات كبيرة ، ساهمت في تعزيز التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، من خلال مشاريع سكنية وإنشاء بنى التحتية ، وتوسيع السكك الحديدية والطرق السريعة، ناهيك عن التعاون في المجال العسكري، والطاقة والمحروقات والفضاء، إذ تمكنت الجزائر بالشراكة الصينية على إطلاق أول قمر صناعي جزائري ” ألكوم سات 1 ” من قاعدة فضائية في الصين ، ليكون أول مشروع تعاون بين الصين والجزائر في مجال الفضاء ، من أجل توفير خدمات الإتصالات و الأنترنت و كذا البث الإذاعي و التلفزيوني بدقة عالية .
الجزائر عنصر هام في مبادرة ” طريق الحرير ” الصينية
تعمل الصين على تطوير التعاون الإقتصادي مع الجزائر ، و تعزيز الشراكات الاستراتيجية معها في مختلف الميادين ، وتشكل الجزائر الصديق الأساسي للصين في المنطقة لجهة التجارة ومشاريع البنى التحتية بالمقابل، حيث أصبحت بكين الشريك التجاري الأول لها.
و تكتسي الجزائر موقعا إستراتيجيا و موردا مهما للنفط و الغاز في أوروبا ، كما أنها جهة إقتصادية فاعلة ، مكنها من أن تكون المحور الأساسي في مبادرة ” طريق الحرير ” ، التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 .
و إنضمام الجزائر إلى مبادرة ” طريق الحرير” ، كان أمرا مهما جدا بالنسبة للصين ، كون الجزائرهي بوابة إفريقيا الواسعة وانضمامها لهذه المبادرة سيفتح الطريق أمام الصين دخولها للأسواق الإفريقية .
و قد عملت الصين على تحقيق مبادرة ” طريق الحرير ” ، لأنها من أهم المشاريع الشاملة التي ستساهم في دمج الاقتصاد الصيني بالاقتصاد الدولي ، كما تسعى هذه المبادرة إلى ربط قارات العالم بشبكة من خطوط وطرق النقل بهدف تعزيز التعاون التجاري والاقتصاد الدولي.
بعث إستغلال منجم غار جبيلات .. إستثمار ينعش الإقتصاد الجزائري
يعد منجم ” غار جبيلات ” بتندوف ، من أهم و أضخم المناجم النائمة على معدن الحديد في العالم، حيث أن إستغلال هذا المنجم سيكون مصدر دخل مهم للجزائر بعد ركود دام 60 سنة، و محرك أساسي لوتيرة التنمية في البلاد .
و تأتي إعادة بعث إستغلال هذا المورد الإستراتيجي ، ضمن التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية ، السيد عبد المجيد تبون ، خلال ترأسه مجلس الوزراء ، أين أعطى إشارة إنطلاق إنجاز مرحلة الأولى من هذا المشروع المنجمي .
كما شدّد رئيس الجمهورية في هذا الإطار على الأهمية الإستراتيجية للمشروع فيما يتعلق بعمليات الإنتاج والتصدير، وتقليل الاعتماد على استيراد المواد الأولية، مؤكدا على مساهمة هذا المشروع في استحداث مناصب عمل جديدة وخلق حركية اقتصادية ومواكبة له.
فقد كانت جائحة كورونا ، و تباين أسعار النفط من الأسباب القوية التي جعلت الجزائر تبحث عن مصادرطاقوية إقتصادية بديلة عن قطاع المحروقات ، وهذا ما دفع بالجزائر إلى إبرام إتفاقيات مع الصين كونها الشريك الإقتصادي التاريخي لها ، من أجل إستغلال هذا المورد الإستراتيجي .
و في هذا قام وفد صيني في سنة 2021 ، بزيارة موقع مشروع استغلال هذه الثروة المعدنية الإستراتيجية بمنطقة تيندوف ، و الذي سيتمّ إنجازه في إطار اتفاقيات شراكة مع ثلاثة شركات صينية في المجال .
ويتعلّق الأمر الشركات الصينية الرائدة عالميا في بناء و تطوير المناجم و استخراج المعادن و المتمثلة في كل من شركة “ام سي سي” ، و شركة “سي دابليو اي” المختصة في تطوير وبناء وتشغيل مشاريع الطاقة المتجددة، و كذا شركة “هايداي سولار” .
و بهذا المشروع الإستراتيجي الضخم ، تعول الجزائر على أن يكون مشروع فعال يساهم في الاستثمار في المنجم الضخم و تحرير اقتصادها من تبعية النفط ، باعتباره هذا المشروع ” مشروع القرن” ، الذي سيدفع بتنمية الاقتصاد الجزائري .
صفقة تنقيب عن النفط .. أهم الصفقات بين الجزائر مع الشريك الصيني
وقعت الشركة النفط والغاز الجزائرية ” سوناطراك ” اتفاقية مهمة مع شركة سينوبك الصينية للبترول والكيماويات تهدف لإنتاج مشترك للنفط ، والتي تقدر قيمتها بـ 490 مليون دولار من أجل التنقيب عن النفط في منطقة زرزايتين في حوض إليزي .
و قال الخبير الإقتصادي الدكتور ، عبد القادر سليماني ، في تصريحات إعلامية ، أن الجزائر أصبحت بلد مهم و إستراتيجي ، كونها تضمن الأمن الطاقوي لشركاءها التاريخيين من اوروبا .

و أضاف الخبير الإقتصادي ، عبد القادر سليماني ، أن صفقة التنقيب عن النفط تدخل في أهم الصفقات التي توقعها الجزائر مع الشريك الصيني ، كون الصين شريك استراتيجي ضمن مبادرة ” الحزام و الطريق ” التي تهدف إلى الولوج إلى 71 دولة من بينها الجزائر.
فالجزائر مع حليفها التاريخي ” الصين ” ، تشكل معه علاقات تاريخية دبلوماسية منذ 1958 ، فالجزائر ترى في الصين كشريك و حليف إستراتيجي مهم في إطار تنويع إقتصادها ، خاصة أن الجزائر لديها قدرة كبيرة و حجم إنتاج هائل يصل إلى 12 مليار برميل من النفط ، إضافة إلى مخزون الكبير جدا من الغاز .
و ذات السياق ، قال الخبير الإقتصادي ، أن الجزائر اليوم تعتبر الممون الرئيسي لأوروبا ، خصوصا أوروبا الجنوبية ، الشريك الصيني دخل إلى الجزائر بعدة صفقات في البنى التحتية ، و الحجم الإستثمارات في الجزائر يصل إلى 10 مليار دولار ، وحجم العلاقات التجارية الصينية مع الجزائر يصل إلى 9 مليار دولار .
و ان الشريك الصيني هو شريك مضمن دخل برؤوس أموال ، فشركة سينوباك الصينية دخلت بقيمة 75 بالمائة من حجم المشروع ، فالجزائر ترى في الصين كحليف استراتيجي ينقل التكنولوجيا و القيمة المضافة في الجزائر لتصبح الجزائر من أقوى الدول إنتاجا للبترول و الغاز ، الجزائر اليوم تنتج 90 مليار متر مكعب من الغاز ، إضافة مليون برميل نفط يوميا ما تشكل شريك تاريخي و مضمون للجارة الأوروبية .
الرؤية الجديدة للجزائر هي تنويع شركاءها الإقتصاديين ، مايضمن إقلاع إقتصادي و تنمية شاملة للجزائر ، فالجزائر تقف بقرب من الكل ، كونها صديقة لإيطاليا و روسيا و تركيا و صديقة جدا للصين ، فالصين وقفت مع الجزائر في أزمة جائحة كورونا ، و قامت بتموينها بلقاحات و دخلت مع الجزائر في مشاريع إنتاج لقاحات في الجزائر .
رابط دائم: https://mosta.cc/iw07o