تعد ثلاثية الأمن المائي، الطاقوي، والغذائي من القضايا الاستراتيجية الجوهرية التي تواجه الجزائر في سياق تعزيز استقرارها الوطني وتحقيق تنميتها المستدامة. وتمثل هذه القضايا تحديات كبيرة للدولة الجزائرية بالنظر إلى حجمها الجغرافي والبيئي، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
إن استدامة هذه الركائز الثلاث تتطلب التنسيق الفعّال بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، فضلًا عن تعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الدولية. من خلال سياسات استباقية ومتكاملة في إدارة الموارد، تهدف الجزائر إلى ضمان مستقبل واعد في مجالات الأمن المائي، الطاقوي والغذائي، بما يتماشى مع احتياجات الأجيال القادمة وتحقيق التنمية المستدامة التي تضمن الاستقرار والازدهار للبلاد.
الأمن الغذائي: استراتيجية لتعزيز السيادة الوطنية
فيما يتعلق بالأمن الغذائي، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في العديد من تصريحاته أن الجزائر جعلت من هذا الموضوع رهانًا استراتيجيًا يتطلب تحقيقه على المستويين المحلي والإقليمي. فقد أكد تبون على أهمية تحفيز الإنتاج المحلي للمواد الغذائية الأساسية مثل القمح، الزيوت، الحليب، السكر، واللحوم الحمراء، مع تعزيز الدعم الموجه للفلاحين، مثل رفع مستوى دعم الحبوب والأسمدة، وربط المشاريع الفلاحية بالطاقة الكهربائية.
الأمن المائي: تأمين المستقبل عبر مشاريع تحلية المياه
من جانب آخر، يعتبر الأمن المائي من القضايا التي توليها الدولة الجزائرية أهمية قصوى، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على معدلات تساقط الأمطار. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس تبون على الشروع في تبني خيار تحلية مياه البحر كحل استراتيجي لتأمين المياه في المناطق التي تعاني من نقص حاد في الموارد المائية. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي مشاريع مهيكلة مثل التحويلات الكبرى للمياه من المناطق الأكثر وفرة إلى المناطق الأقل وفرة، مما يعزز تغطية المياه بشكل فعال في المناطق البعيدة.
الأمن الطاقوي: تعزيز قدرة الجزائر في قطاع الطاقة
وفي مجال الأمن الطاقوي، تواصل الجزائر جهودها لتعزيز قدراتها في توفير الطاقة، مع التأكيد على أهمية البحث والاستكشاف في هذا القطاع. ومن أبرز استراتيجيات الجزائر في هذا المجال توسيع استخدام الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلًا عن تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر. كما تواصل الجزائر تعزيز دورها كداعم رئيسي للأسواق الأوروبية والعالمية في مجال الغاز، حيث تعتبر ثالث أكبر مورد للاتحاد الأوروبي وأكبر مصدر أفريقي للغاز المسال.
التكامل بين القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة
ولتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، أكدت السلطات الجزائرية على أهمية التنسيق بين مختلف الوزارات المعنية. حيث أشار وزير الفلاحة والتنمية الريفية، يوسف شرفة، إلى أهمية المشاريع التي تهدف إلى تغطية 75% من احتياجات الجزائر الغذائية من الإنتاج المحلي. وفيما يخص الأمن المائي، أكد وزير الري، طه دربال، أن مشاريع تحلية المياه والتحويلات الكبرى ستكون من أهم العوامل في تحسين تأمين المياه الصالحة للشرب على مستوى البلاد.
من جانب آخر، أوضح وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أن الجزائر ماضية في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة والطاقة الهيدروجينية، مشيرًا إلى أهمية تعزيز القدرة الإنتاجية في هذا المجال.
الرؤية المستقبلية والجهود المستمرة
من خلال هذه المبادرات الاستراتيجية، تسعى الجزائر إلى تحقيق توازن بين احتياجاتها الأساسية من الماء والطاقة والغذاء. كما تركز على تعزيز الشراكات الدولية وتطوير سياسات تنظيمية متكاملة من أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية التي تسهم في تحقيق أهداف الأمن المائي، الطاقوي والغذائي.
رابط دائم: https://mosta.cc/lnkvy