تشهد الجامعات الجزائرية تحوّلًا في أدوارها التقليدية، حيث أصبحت تُسهم في إعداد جيل من الطلبة القادرين على خلق مؤسسات ناشئة. لم تعد المؤسسة الجامعية تكتفي بالتعليم النظري، بل وسّعت مهامها لتشمل التكوين العملي والتأطير المقاولاتي، مما يمنح الطالب أدوات فعلية لبناء مشروع اقتصادي.
مقياس المقاولاتية خطوة لتعزيز الفكر الريادي
أوضحت الدكتورة إيمان بن نعجة، الخبيرة في اللجنة العلمية لانتقاء المشاريع، أن جامعة الجزائر 3 بدأت في تدريس مقياس المقاولاتية لطلبة السنة الثانية ماستر. وأكدت أن هذا المقياس سيتوسع ليشمل طلبة السنة الثالثة ليسانس، مما يسمح بتكوين مبكر يعزز المهارات الريادية لدى الطلبة.
دور الحاضنات الجامعية في مرافقة الطلبة
أكدت بن نعجة أن الحاضنات الجامعية ومراكز المقاولاتية توفّر تكوينًا عمليًا للطلبة، وتشرف على مراحل إعداد المشروع من الفكرة إلى الإنجاز. ويستفيد الطلبة من ورشات، ومسابقات، وأيام مفتوحة، ما يمنحهم تجربة واقعية تُمكّنهم من فهم السوق وتطوير مشاريعهم.
آليات لحماية الابتكار داخل الجامعة
أشارت بن نعجة إلى أن الجامعات أنشأت هياكل تسمى “واجهات”، تساعد الطلبة على حماية أفكارهم من خلال التعاون مع المعهد الوطني لحماية الملكية الصناعية والديوان الوطني لحقوق المؤلف. كما وفّرت مكاتب للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية داخل بعض الجامعات، لتقديم التوجيه والإجابة على استفسارات الطلبة حول تأسيس مؤسساتهم.
التمويل والخبرة أبرز التحديات
ذكرت بن نعجة أن الطلبة يواجهون صعوبات أبرزها نقص الخبرة العملية والخوف من الفشل. وأشارت إلى أن الحاضنات لا توفّر تمويلًا مباشرًا، بل تعمل على توجيه الطلبة إلى جهات تمويلية، مثل صناديق دعم الابتكار، والتي يصعب أحيانًا الوصول إليها بسبب معاييرها الصارمة.
الجامعة كمصدر لإبداع الأفكار الاقتصادية
صرّح الأستاذ الجامعي جمال الدين نوفل أن الجامعة تُعد بيئة خصبة لتوليد الأفكار الاقتصادية. وذكر أن الحاضنات الجامعية ودار المقاولاتية توفر للطلبة أدوات حقيقية لتجسيد أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع. كما أشار إلى أن تفاعل الطلبة مع محيطهم الاقتصادي يساهم في بناء تصوّر عملي لتأسيس مؤسسات صغيرة ومتوسطة.
الفجوة بين التكوين الأكاديمي وسوق العمل
أوضح الخبير الاقتصادي ياسين عبيدات أن التكوين النظري وحده لا يكفي. وأكّد أن الطلبة بحاجة إلى مزيد من التدريب الميداني والتفاعل مع الواقع الاقتصادي. وأضاف أن البيروقراطية والتأخر في تحديث المناهج يمنعان الجامعة من الاستجابة لمتطلبات سوق العمل بشكل فعّال، خاصة في مجالات الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر.
دور المؤسسات الناشئة في تحفيز الاقتصاد
قال عبيدات إن المؤسسات الناشئة تُساهم في تنشيط الاقتصاد وخلق مناصب شغل جديدة. لكنه نبّه إلى أن ضعف التمويل والمرافقة بعد التأسيس ما زال يشكّل عقبة أمام تطورها. ودعا إلى خلق بيئة مرنة ومحفّزة لهذه المؤسسات حتى تتمكن من الاندماج في الاقتصاد الوطني.
مراجعة برامج الدعم والمرافقة
أشار عبيدات إلى أن برامج الدولة لدعم الطلبة المقاولين تمثل خطوة إيجابية، لكنها تفتقر إلى الفعالية في الميدان. وأوضح أن الإجراءات المعقدة وقلة المتابعة بعد التمويل تعيق نجاح العديد من المشاريع. كما بيّن أن غياب المرونة يجعل الطلبة يترددون في خوض تجربة ريادة الأعمال.
الشراكات الاقتصادية عامل نجاح للمشاريع
اقترح جمال الدين نوفل ضرورة ربط الجامعات بالمؤسسات الاقتصادية الكبرى. وأوضح أن هذه الشراكات يمكن أن توفّر للطلبة دعمًا ماليًا وتقنيًا، وتحفّزهم على تجسيد مشاريعهم. كما أشار إلى أن إعفاءات ضريبية ودعم السوق يمكن أن يساعد المؤسسات الطلابية في البروز والاستمرار.
رابط دائم: https://mosta.cc/dnnxc