بقلم: براهمي محمد الصالح
تسعى الجزائر، منذ وصول الرئيس تبون إلى سدة الحكم، لتحقيق تحول طاقوي نحو الطاقات المتجددة والنظيفة، والتحرر من الإرتباط بالطاقات التقليدية من نفط وغاز وغيره
وركّز رئيس الجمهورية، منذ وصوله إلى الرئاسة عبر انتخابات 12 ديسمبر 2019، على ضرورة تحقيق إنتقال طاقوي يضمن مستقبل الأجيال القادمة للجزائريين، كما ضمن تأميم المحروقات من طرف الزعيم هواري بومدين فيما مضى قوت الجيل الحالي والذي سبقه.
لكن النفط يبقى ثروة محدودة، لا بد أن تنضب ذات يوم، ما يحتّم التفكير من الآن في بدائل، ابرزها واكثرها تناسبا مع الوضع العالمي الطاقة الخضراء.
ولأجل ذلك، تم إطلاق عديد المشاريع الكبرى، مثل مشروع سولار 1000 الخاص بالطاقة الشمسية، ومشروع استغلال الفوسفاط والثروات الباطنية النظيفة، بالإضافة إلى اتفاقيات لإستغلال طاقة الرياح .
الهيدروجين الأخضر صناعة رائجة تدخل في إنتاج الطاقة
قال المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، في لقاء صحفي ، أنه يجب المجازفة والخوض في المجالات لي كانت تصور على انها طابوهات ، خاصة أننا تقريبا ربعين سنة تركنا المجال المناجم الذي أصبح مجال مغيب لابد التوجه نحوه من أجل التوجه الهيدروجين الأخضر ، خاصة أن الهيدروجين الأخضر أصبحت صناعة رائجة جدا لانه يدخل في انتاج طاقة، و يدخل في الصناعات الكيماوية كونه مجال حيوي جدا ، وتستطيع هذه الصناعة تعويض بنسبة كبيرة التركيز على الغاز خاصة الغاز الطبيعي والغاز المميع .
و في هذا السياق أضاف المحلل الإقتصادي ، السيد سعد سلامي ، أن هناك بعض المشاريع التي ستدخل حيز الاستغلال ، و أن هناك اتفاقات شراكة بمستوى عالي جدا في هذا المجال وايضا هناك سياسة عامة للتوجه نحو الطاقات البديلة او الطاقات النظيفة ، و التي تعتبر صديقة البيئة وصديقة البشر وصديقة حتى الاقتصاد الوطني .
و الجزائر من بين دول العالم التي تتجه إلى الإبتعاد عن التحويلات الطاقوية الكبرى على غرار الكهرباء من الغاز ، خاصة و أن الجزائر بحجم قارة ومناخها متنوع وطبيعته متنوعة والغلاف النباتي متنوع وحتى الطبيعة البشرية تختلف من منطقة لاخرى .
اقحام المؤسسات الناشئة في مجال الطاقات المتجددة لخلق ديناميكية و ثروة
أكد المحلل الإقتصادي ، سعد سلامي ، أن إقحام المؤسسات الناشئة في مجال الطاقات المتجددة تقوم على فكرة التكنولوجيا ، مشيرا أن برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، أعطى لهذه المؤسسات حيزا كبيرا من أجل الحفاظ عليهم ، و الذي يعتبرهم النسيج الفعلي للإقتصاد الوطني .
و أضاف المتحدث ذاته أن القاعدة الإقتصادية هي من تستقدم المؤسسات الصغرى والمؤسسات الناشئة وهي التي تحدث الديناميكية التي تخلق مناصب شغل وتخلق الثروة من ناحية، و من ناحية أخرى فإن مشروع قانون الاستثمار اعطى حيز كشركات مناولة لإعطاء لهم المجال لخلق الفكرة التي تخدم اجزاء الاقتصادات الكبرى. و في حال مراعاة ما سبق سنقدم حيزا كبير للشباب في مجال الطاقات البديلة والتكنولوجيا ، لأنهم معروفين بالسرعة و بامكانية التأقلم مع المستجد في الاقتصاد الوطني .
الجزائر تسعى للصدارة العربية
في الوقت الذي بدأت فيه مشروعات الطاقة المتجددة في العالم العربي الظهور قبل ما يزيد على 22 عامًا، إلا أن السنوات المقبلة تحمل زحمًا من نوع خاص، في ظل تنافس كبير بين غالبية الدول.
وكشف تقرير حديث عن أن الجزائر تأتي في طليعة الدول العربية الناشطة في مشروعات الطاقات النظيفة والمتجددة قيد التطوير.
وأعلنت الدول العربية المتصدرة للقطاع خطة طموحة لإنتاج نحو 39.7 غيغاواط من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو ما يضاهي 4 أضعاف الطاقة التي تسعى لإنتاجها من الغاز الطبيعي.
وتستهدف هذه الدول الصاعدة -بحسب تقرير غلوبال إنرجي مونيتور، وهي منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة في أنحاء العالم- الانضمام لكل من مصر والإمارات بصفتهما دولتين رائدتين في إقامة ودعم مشروعات الطاقة المتجددة في العالم العربي.
مستقبل مشروعات الطاقة النظيفة
يأتي تأكيد المستقبل الواعد لمشروعات الطاقة المتجددة في العالم العربي، نظرًا إلى ما تتمتع به منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من قدرات هائلة لإقامة مشروعات عملاقة لإنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية لما تتمتع به من مناخ مواتي وأجواء مشمسة معظم العام.
وشهد العالم العربي أول محطة للطاقة الشمسية في 2000، إلا أن المنطقة تقف الآن على أبواب مرحلة جديدة وخطط رائدة لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره عبر القارات، في حين يُعد دفعة قوية لدعم مستقبل الطاقة المتجددة.
وفي ظل القدرات الهائلة التي تتمتع بها المنطقة لإنتاج مختلف أنواع الطاقة المتجددة بات من الطبيعي أن تسعى دول المنطقة لإقامة مشروعات عملاقة، بحسب منصة الطاقة المتخصصة.
فعلى سبيل المثال متوسط الحجم المتوقع لمراحل محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في المنطقة يوازي 4 أضعاف أمثالها في مختلف أنحاء العالم، في حين متوسط حجم مرحلة من المراحل بمحطة إنتاج طاقة الرياح يوازي مرة ونصف المرة حجم أمثالها في مختلف أنحاء العالم.
الطاقة المتجددة في الجزائر
من جانبها باتت الجزائر على بُعد خطوات من بدء تشغيل محطات 3 عملاقة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيصل إجمالي إنتاجها من الكهرباء 14.4 غيغاواط.
ومن المتوقع أن يتضاعف إنتاج الجزائر 20 مرة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 إلى أكثر من 10 غيغاواط، من بينها إنتاج متوقع من الطاقة الشمسية يصل إلى 5 غيغاواط، و5 غيغاواط أخرى من طاقة الرياح.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي الطاقة المنتجة المتوقع من كلا المصدرين إلى ثلثي الإنتاج المستهدف بحلول 2035، والبالغ 15غيغاواط.
بحسب خطة الحكومة الجزائرية المعلنة لعام 2020، يتم كل عام إضافة 1 غيغاواط من الطاقة المتجددة، ليس هذا فحسب، فالجزائر من أكثر الدول الأفريقية التي تتمتع بإمكانات هائلة من طاقة الرياح، بحسب تقرير مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي الصادر في سبتمبر 2020.
كما أن الجزائر قادرة على إنتاج نحو 7.7 غيغاواط، وينتظر أن تُسهم هذه السعة الإنتاجية المتوقعة -من الطاقة المتجددة في الجزائر- إلى حد كبير في الحد من الاستهلاك المحلي للغاز، إذ تعمل الجزائر على الاستفادة إلى حد كبير من فرص تصدير الطاقة المتجددة للأسواق الأوروبية ودول جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا.
وتشجع الجزائر الاستثمار الأجنبي في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، من خلال خصخصة سوق الطاقة المتجددة في البلاد، والسماح لشركات الطاقة المستقلة بتنفيذ مثل هذه المشروعات، وكذلك باستثناء مشروعات الطاقة المتجددة من القوانين التي تثني المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في الجزائر من بينها قانون الاستثمار الذي يحدد ملكية رأس المال الأجنبي للمشروعات بنحو 49% أو أقل.
ومن ناحية أخرى تسعى الجزائر لدعم الاقتصاد المحلي من خلال إلزام المستثمر الأجنبي بشراء مستلزمات المشروع من المصنعين المحليين، وهو ما طبقه المستثمرون في محطات الطاقة الشمسية في كل من باتنة، ورقلة وبوقرانة، التي يبلغ إجمالي إنتاجها مجتمعة 310 ميغاواط.
التوصيات العشر لإصلاح منظومة الطاقة في الجزائر
طرح وزير الطاقة السابق، عبدالمجيد عطار، 10 توصيات من أجل إصلاح منظومة الطاقة في الجزائر، وإزالة ما وصفه بـ “التشوهات” الموجودة بها.
وشدد على أنه في الوقت الذي تمتلك الجزائر العديد من المقومات في قطاع الطاقة، إلّا أن هناك عدّة تحديات تواجهها، لعل من أبرزها نظام الدعم والاستهلاك القائم حاليًا.
الطاقة المتجددة
شددت الدراسة التي أعدّها عبدالمجيد عطارعلى ضرورة التوجه نحو الطاقة النظيفة وتبسيط إجراءات الاستثمار فيها من أجل إعادة تقويم اعوجاج منظومة الطاقة في الجزائر.
وأكد عطار ضرورة وضع قانون خاص بالتحوّل الطاقي، على غرار الإطار قانون المحروقات، من أجل تسهيل وتطوير الاستثمار في والشراكة في مشروعات الطاقات المتجددة، وتحسين مناخ الاستثمار لترقية وتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب، مع تشجيع استعمال الألواح الشمسية في مختلف المناطق.
ألمحت دراسة واقع قطاع الطاقة وتحدياته في الجزائر بحلول عام 2035 إلى أن الاستهلاك يعد التحدي الرئيس الذي يهدد صادرات النفط والغاز في البلاد، داعيًا إلى إعادة النظر في سياسة الدعم في أسعار الطاقة لدفع المواطنين إلى مراجعة طريقة الاستهلاك.
طالب عطار بضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة، لحتمية ضمان أمن الطاقة، والوصول بالاستقلالية الطاقوية الوطنية في البلاد.
احتياجات الطاقة
طالب المسؤول السابق بتحديد احتياجات الطاقة في الجزائر على المدى الطويل، حسب القطاعات، وحسب طبيعة المواد الطاقوية، وأيضًا حسب الاستخدامات، والاستفادة منه في شكل بنك للمعلومات، والاستناد عليه لتحديد النموذج الاستهلاكي القائم على المزيج الطاقي الذي يأخذ بالحسبان ضمان ديمومة مصادر الطاقة والمخزون الوطني من هذه الثروات.
وشدد على ضرورة تقوية برنامج ترشيد استهلاك الطاقة، عن طريق وضع الآليات ذات العلاقة بمؤشر السعر، مع مراجعة مستمرة لأسعار الكهرباء، والغاز والوقود لتتناسب مع تكاليف الإنتاج والتسويق والتوزيع.
التحول إلى الهيدروجين
لم يُغفل عبدالمجيد عطار، الهيدروجين، الذي تتطلع إليه العديد من الدول بصفته وقودًا للمستقبل، داعيًا إلى الإعداد لتعويض الغاز الطبيعي على المدى المتوسط بالهيدروجين والطاقة النووية.
وذكرت الدراسة -استنادًا إلى أرقام شركة النفط البريطانية “بي بي”- أنّ دور الهيدروجين سيكون حاسمًا خلال الـ30 عامًا المقبلة، خاصة في قطاع النقل، والأشغال العمومية والبناء.
سولار 1000: إنتاج أول كمية من الطاقة الكهروضوئية مع نهاية 2023
سيتم إنتاج أول كمية من الطاقة الكهروضوئية على مستوى مشروع “سولار 1000 ميغاواط” للطاقة الشمسية، مع نهاية 2023، حسب المدير العام للشركة الجزائرية للطاقة المتجددة “شمس” إسماعيل موقاري.
وكشف موقاري في حديث للإذاعة الوطنية، أن “محطة كهرباء بني ونيف ببشار، يمكن أن تنتج أول كمية في غضون نهاية 2023”.
وسيتم بيع الكهرباء الناتجة من المشروع، “حصريا وكليا”، لشركة سونلغاز. وهذا على مدار 25 سنة، في إطار الضمانات التي طلبها المستثمرون.
كما أوضح مدير شركة “شمس” أن تمديد آجال تقديم العروض، بالنسبة للمتعاملين المهتمين بالمشاركة في إنجاز هذا المشروع، جاء بطلب من “جميع المستثمرين المحليين والدوليين”.
وسيسمح هذا التأجيل بـ”مشاركة أكثر من 40 مستثمرا في السباق”، ما سيخلق منافسة بين المستثمرين.
كما تساءل المستثمرون، يقول موقاري، حول ما إذا كان المشروع قابلا “لكسب الحق في التمويل الخارجي”. مؤكدا أن ” شمس” أخذت بعين الاعتبار “رغبة هؤلاء المستثمرين في الحصول على رخصة للاستعانة بالتمويل خارجي”.
و أشار المسؤول إلى أن “التمويل الخارجي يمنح مزايا أكثر من التمويل المحلي”، لا سيما بالنسبة لمشاريع “رأسمالية تتطلب الكثير من المال” على غرار مشروع “سولار 1000 ميغاواط”.
و لا يمثل المشروع الذي تقدر كلفة إنجازه بـ 1 مليار دولار سوى مرحلة أولى من برنامج 15 ألف ميغاواط، الذي يتطلب تمويل شامل يقدر بـ 15 مليار دولار و هي “كلفة يصعب تحملها محليا”.
مشروع الطاقة الشمسية الضخم: مجمع تركي يعلن رغبته في دخول المنافسة
وفي 22 جوان 2022، أعرب مجمع “تاي” التركي عن رغبته بالمشاركة في مشروع الطاقة الشمسية الضخم بالجزائر “سولار 1000”.
وجاء هذا خلال لقاء جمع وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة بن عتو زيان، الثلاثاء، بوفد من مجمع تاي، بقيادة الرئيس المدير العام، مسعود توبراك، المساهم الرئيسي وعضو مجلس إدارة المؤسسة الجزائرية-التركية “تايال”.
وحسب بيان للوزارة فإن مجمع تاي يعتزم الاستثمار في الطاقات المتجددة في الجزائر بمساعدة “ميتر” (MTEER) من أجل أن يصبح طرفا هاما ويستهدف العديد من تطبيقات الطاقات المتجددة في الجزائر.
كما استفسر المسؤول التركي عن مدى تقدم وأنماط مشروع طرح الإعلانات عن المناقصة على المستثمرين لإنشاء محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية “سولار 1000″، معربا عن رغبة مؤسسته في المشاركة في هذا المشروع الطموح.
ومن جهته أكد بن عتو استعداد دائرته الوزارية لمرافقة مجمع تاي في تجسيد كل مشاريع الطاقة المتجددة في الجزائر.
تقرير دولي: صحراء الجزائر أهم بطارية طاقة شمسية في العالم
تعد الصحراء الجزائرية واحدة من أكبر مصادر الطاقة الشمسية والنظيفة التي بامكانها تزويد مختلف القارات بهذا المورد، وهو ما أكدته تقارير دولية.
وحسب تقرير صادر عن منظمة “عالم الهندسة” بتاريخ 12 جوان 2022 فإن الصحراء الجزائرية تعد مصدر رئيسي للتموين بالطاقة النظيفة والشمسية في المستقبل.
ونشرت الصفحة الرسمية لعالم الهندسة خريطة للصحراء الافريقية الكبرى تضمن الدول التي بامكانها تلبية حاجيات العالم بالطاقة الشمسية منها الصحراء الجزائرية بثلات مناطق أشير إليها باللون البرتقالي.
وتمثل المنطقة الأولى المشار إليها الجنوب الشرقي حيث أوضح التقرير أنه بامكان هذه المنطقة تلبية حاجيات الشمال الأمريكي بطاقة تقدر بـ 5.151 تيراواط ساعي.
أما المنطقة الثانية فجاءت في وسط الصحراء الجزائرية بامكانية طاقة تقدر بـ 11.641 تيراواط ساعي وهو ما يغطي متطلبات دول آسيا.
وأهم وأكبر منطقة جاءت على الحدود الجنوبية مع موريتانيا بمعدل انتاج يصل إلى 23.398 تيراواط ساعي، حيث أشار التقرير إلى أن هذه المنطقة وحدها كفيلة بتغطية متطلبات كل دول العالم.
ولأهمية هذه الطاقة في المستقبل القريب، أكد الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك في تعليق له على التقرير، عبر منصة تويتر، أن الطاقة الشمسية هي مصدر الطاقة الأساسي للبشرية في المستقبل.
رابط دائم: https://mosta.cc/5swt0