بقلم: مليكة ب.
ضمن مساعيها لتنويع مصادر الدخل، تعوّل الجزائر على قطاع المناجم لتنمية الإيرادات، والإسهام في تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني، إذ تعمل الحكومة على برنامج متكامل لتعزيز موارد القطاع، كما سبق و أن أصدر الرئيس عبد المجيد تبون أوامره بتسريع استغلال الثروات المنجمية.
تكريس شراكات لتنيشط قطاع المناجم
تم، بتاريخ 26 جويلية المنصرم، توقيع مذكرة تفاهم بين مجمع مناجم الجزائر (منال) وشركة أوزمرت الجزائر التركية، تحت إشراف وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، وبحضور سفيرة تركيا لدى الجزائر.
ووقع على الاتفاقية كل من الرئيس المدير العام لمجمع مناجم الجزائر والمدير العام لشركة أوزمرت، حيث يعد الاتفاق جزء من خطة تطوير وتثمين رواسب خام الحديد في منجمي الونزة وبوخضرة بولاية تبسة، التي تقع مسؤولية استغلالهما على عاتق شركة مناجم الحديد شرق MFE Spa، التابعة لمجمع مناجم الجزائر، الذي يطمح الى تطوير الاستغلال المنجمي والتثمين الأمثل للموارد المنجمية بناءً على البنى التحتية والمرافق المتاحة.
وحسب بيان وزارة الطاقة فإن هذه الشراكة “تبدأ بإجراءات تجارية (عقود بيع خامات الحديد)، والتي يجب أن تمتد إلى إنشاء منشآت صناعية على أساس استخراج كميات كبيرة من الخام (حوالي 6 إلى 7 ملاين طن / سنة)”.
وحسب ما كشف ذات المصر فإن هذا الاتفاق يشمل تطوير هذه على الشراكة على مراحل تبدأ ببيع خامات الحديد من قبل مجمع مناجم الجزائر أو الشركات التابعة لها لصالح شركة أوزمرت الجزائر أو الشركات التابعة لها، بموجب عقد تجاري، ثم على المدى المتوسط والطويل سيتم تخصيب خامات الحديد بإنتاج مركزاته، إنتاج كريات خامات الحديد من خام مخصب أو مركز، إنتاج المنتجات شبه المصنعة وتسويق المنتجات بما في ذلك التصدير.
و في ماي المنصرم دعا عرقاب الشركات التشيكية إلى الاستثمار في قطاع المناجم بالجزائر وإقامة شراكات متبادلة المنفعة مع الشركات الجزائرية، حيث استقبل وقتها وفدا من جمهورية التشيك، قام بزيارة عمل للجزائر، برئاسة سفيرة جمهورية التشيك لدى الجزائر، لانكا بوكورنا، وركز هذا الاجتماع، الذي حضره اطارات من الوزارة والرئيس المدير العام لمجمع مناجم الجزائر (منال)، بالإضافة إلى رؤساء الشركات التابعة للمجمع وممثلين عن الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية ووكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر، على دراسة فرص وإمكانيات الاستثمار والشراكة في مجال المناجم في الجزائر، و بالمناسبة قدم عرقاب خطة تطوير قطاع المناجم بالجزائر، معربا عن رغبة الجزائر في تطوير مشاريع هيكلية مبرمجة في إطار تنفيذ مشاريع منجمية كبرى، والتي تشكل اهتماما وطنيا وخيارا استراتيجيا، بالنظر إلى الثروة الطبيعية والموارد المعدنية الهامة التي تزخر بها بلادنا، كما دعا الوزير “الشركات التشيكية إلى الاستثمار في قطاع المناجم بالجزائر وإقامة شراكات متبادلة المنفعة مع الشركات الجزائرية مع نقل المعرفة والتكوين، خاصة وأن التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون الجديد للمناجم ستحفز الاستثمار وتبسط الإجراءات..
مشاريع منجمية قيد الإطلاق
كشف وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب, أنه من المقرر إطلاق العديد من المشاريع في مجال المناجم, في إطار مساعي تنويع الاقتصاد الوطني.
وأوضح عرقاب في حوار صحفي سابق أن مجمع “مناجم الجزائر” يعتزم إطلاق عدة مشاريع جديدة في مختلف ولايات البلاد، يتعلق الأمر على وجه الخصوص بمشروع البانتونيت في حمام بوغرارة بمغنية (تلمسان), مشروع الدولوميت في تايوالت (أم البواقي), مشروع كربونات الكالسيوم في سيق (معسكر), مشروع الدياتوميت في نفس المنطقة, مشروع الفلسبار في عين بربر (عنابة), ومشروع الباريت في كودية الصافية (المدية), إلى جانب مشروع الكلور ومشتقاته بالشراكة بين مجمع “جيباك” و “إيناسيل” وهو في مرحلة النضج حاليا.
ومن خلال هذه المشاريع, يسعى القطاع إلى تثمين الموارد المعدنية لخلق الثروة, البحث المستمر على القيمة المضافة, خلق فرص عمل خاصة في المناطق النائية ومناطق الظل, وتوفير الحاجيات من المواد الأولية التي تدخل في مختلف النشاطات الصناعية خاصة الصناعات التحويلية, وتقليص فاتورة جلب هذه المواد من الخارج التي تكلف خزينة الدولة سنويا “مبالغ هامة جدا” وكذا تصدير الفائض من بعض هذه المواد والمواد المحولة مستقبلا لجلب العملة الصعبة.
وتضاف هذه المشاريع المرتقبة إلى مشروع الفسفات المتكامل, وهو شراكة بين شركة أسميدال (فرع سوناطراك) ومجمع مناجم الجزائر مع شركتين صينيتين باستثمار يصل إلى 7 مليار دولار (دون احتساب مشاريع البنية التحتية ذات الصلة والتي تقدر قيمتها ب5 الى 6 مليار دولار), وكذا مشروع منجم الحديد بغار جبيلات (تندوف), ومشروع استغلال رواسب الزنك والرصاص في واد اميزور (بجاية).
و بخصوص مشروع الفوسفات المتكامل, أكد الوزير أنه “ناضج بما فيه الكفاية” وسيتم إنجازه وفق مخطط على ثلاث مراحل مدة كل منها خمسة سنوات.
وسيترافق إنجازه مع مشروع اخر بمنطقة العوينات (تبسة) يتعلق بتصنيع المنتجات الفوسفاتية, والذي “سيجعل الجزائر أحد أهم المنتجين والمصدرين للأسمدة الفوسفاتية على المستوى الدولي”ومن المقرر بدء إنتاج مشروع العوينات في 2023 حسب الوزير الذي يتوقع ان يبلغ حجم مبيعاته السنوية 260 مليون دولار.
أما مشروع منجم الزنك والرصاص بواد أميزور والذي يحتوي على احتياطات قابلة للاستغلال تقدر ب 34 مليون طن, بإنتاج سنوي يقدر بـ 170 ألف طن من مركزات الزنك, و30 ألف طن من مركزات الرصاص, أكد عرقاب “اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكفل بظروف انطلاق المشروع, لا سيما فيما يتعلق بالجوانب المتعلقة بشروط السلامة وحماية البيئة”، وفضلا عن هذه المشاريع, فإنه من المتوقع مضاعفة إنتاج الذهب والفضة خلال السنة الجارية، وبالنظر للمشاريع المذكورة, يمكن القول أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو الريادة على الصعيد القاري في مجال قطاع المناجم، خاصة بعد الانطلاقة الفعلية لتجسيد مشروع غار جبيلات أكبر مناجم الحديد في العالم ..
غار جبيلات.. عملاق الحديد النائم ينطلق
بعد 70 عاما عن اكتشافه تشرع الجزائر فعليا في استغلال اكبر مناجم الحديد في العالم، غار جبيلات الضخم الواقع بولاية تندوف، مشروع يمكن للجزائر أن تتبوأ من خلاله ريادة صناعة الحديد بقارة افريقيا و اكتساب مكانة هامة في قائمة موردي المادة عالميا، المشروع الذي انطلقت السبت اولى مراحل انجازه، يتوقع أن يُدر منه ايرادات سنوية بأزيد من 10 ملايير دولار، في انتظار أن تصل الى 16 مليار دولار بعد استكمال مراحل تطويره، فقد كان مجلس الوزراء المنعقد في 8 ماي الماضي برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن وافق على الانطلاق في المرحلة الأولى من مشروع استغلال هذا المنجم لما يمثله من مصدر هام لمداخيل البلاد، وكذا أهميته الحيوية، في تحريك وتيرة التنمية محليا ووطنيا، وفي هذا الصدد، أمر الرئيس تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء المذكور بتنفيذ هذا المشروع “الاستراتيجي” ضمن مقاربة مدمجة وبشكل تكاملي مع مختلف المشاريع الصناعية والبنى التحتية المرتبطة به، وذلك في إطار أجندة زمنية محددة.
وخلال نفس الزيارة التي قام بها إلى تندوف، أشرف عرقاب على تدشين وإطلاق العديد من مشاريع تخص قطاع الكهرباء والغاز التي تهدف إلى تعزيز وتأمين التموين بالطاقة في الولاية.
الانتاج سيتراوح بين 40 و50 مليون طن سنويا في آفاق 2026
أكد وزير الطاقة والمناجم، أن منجم الحديد بغار جبيلات سيسمح بإنتاج 2 الى 3 مليون طن من خام الحديد في المرحلة الاولى (2022-2025)، ثم 40 الى 50 مليون طن سنويا ابتداء من 2026.
وأوضح الوزير، أن “هذا المشروع الهيكلي سيمر بعدة مراحل ممتدة من 2022 إلى 2040″، مشيرا الى أن المرحلة الأولى الممتدة من 2022 الى 2025 سيتم خلالها استخراج 2 الى 3 مليون طن من خام الحديد و نقله بريا (في انتظار انجاز خط السكة الحديدية الرابط بين بشار و غار جبيلات) إلى بشار و شمالها من أجل تحويله و تثمينه من قبل متعاملين وطنيين أبدوا رغبتهم في الاستثمار.
أما المرحلة الموالية، ابتداء من 2026، فستنطلق مباشرة بعد انجاز خط السكة الحديدية، حيث سيتم استغلال المنجم بطاقة كبرى تسمح باستخراج 40 الى 50 مليون طن سنويا، كما أوضح عرقاب أن هذا المشروع ليس خاصا بقطاع المناجم فقط بل يتعداه إلى كل القطاعات و بالخصوص قطاعات النقل، الأشغال العمومية، الطاقة، المياه، المالية، البيئة، التهيئة العمرانية، مبرزا انه من أجل هذا توجب تضافر جهود كل القطاعات من أجل إنجاح هذا المشروع الضخم الذي تعود فوائده الاجتماعية والاقتصادية على كل الوطن عموما و على منطقة تندوف و الجنوب الغربي الجزائري بصفة خاصة.
ومن ضمن هذه الفوائد، توفير مناصب العمل، خلق و تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة وكذا تطوير السكن و الهياكل الاجتماعية، من جهة أخرى، أكد الوزير إطلاق مجمع “مناجم الجزائر” لمخطط تطوير وتثمين مناجم خام الحديد الونزة وبوخضرة بولاية تبسة والذي سيسمح بإنتاج نحو 6 مليون طن سنة 2030، مشيرا الى أن الطلب الوطني على خام الحديد غير مستوفى كليا، وعليه، توجب تطوير مكامن غار جبيلات التي، بالنظر إلى مستوى احتياطاتها الجيولوجية الكبيرة، تبقى الوحيدة التي بإمكانها تلبية هذا الطلب و حتى تصدير الفائض، نظرا لاحتياطاته التي تقدر بأكثر من 3 مليار طن سهلة الاستغلال لأنها تقع على سطح الأرض، ومنه، شدد الوزير على أن إعطاء إشارة افتتاح هذا المنجم يعتبر الخطوة الأولى من أجل تجسيد هذا المشروع الضخم، كما ذكر عرقاب انه تم التوصل الى هذه المرحلة بعد عدة سنوات من الأشغال والدراسات التي تم القيام بها في أكبر المخابر العالمية، موضحا أنها مكنت من تحديد المنتجات القابلة للتسويق على المستويين الوطني و الدولي منها، مركز الحديد، كريات الحديد وكذا منتجات شبه مصنعة كالبيلات، كما أشار الوزير، في الأخير، إلى برنامج تطوير قطاع المناجم وتطوير المشاريع الصناعية المنجمية الكبيرة الهادفة إلى تثمين الموارد المعدنية المحلية، على غرار مشاريع تحويل الفوسفات (تبسة)، استغلال الزنك والرصاص بواد أميزور (بجاية) وتطوير مكمن الحديد في غار جبيلات لتزويد صناعة الحديد والصلب الوطنية.
رابط دائم: https://mosta.cc/nk004