بقلم ندى عبروس
يعيش العالم أزمات إقتصادية خلفتها الازمة الصحية لكورونا وأثرت على دول العالم اقتصاديا ، لكن رغم هذا عرفت الدول الأوروبية إرتفاعا في حجم الانفاق العسكري عبر العالم تجاوز تريليوني دولار أمريكي خلال سنة 2021 ، وتصدرت الولايات المتحدة الامريكية وروسيا واوروبا القائمة وفق تقرير اعده معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام .
و قد كانت تغييرات الأوضاع في العالم سياسيا وامنيا خاصة بعد الحرب الروسية في اوكرانيا سببا في لجوء الدول الاوروبية إلى زيادة الانفاق العسكري والاسراع نحو رصد ميزانيات ضخمة.
فقد قررت كل من المانيا وايطاليا والنرويج خلال الاشهر الاخيرة زيادة قيمة الانفاق العسكري ، بينما اعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن رغبته في اعادة تقييم القانون المتعلق بالنفقات العسكرية للفترة الممتدة ما بين 2019 و2025 بهدف تعديل الوسائل في مواجهة التهديدات على خلفية الحرب في اوكرانيا وفي ضوء السياق الجيوسياسي الحاصل العالم .
الإنفاق العسكري العالمي يتجاوز تريليوني دولار أمريكي في سنة 2021
كشف المختص في الدراسات الامنية و الاستراتيجية ، الاستاذ محمد امين سويعد ، في تصريحات اعلامية، انه في ظل الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العالم خاصة منذ التداعيات الازمة الصحية ازمة كورونا، بالرغم من هذه الاثار التي ضرت إقتصاديات كل الدول حول العالم بما فيها الدول الاوروبية خاصة فيما يتعلق بارتفاع اسعار الطاقة واسعار الغذاء وغيرها ، هذه الدول سلكت مسار زيادة الانفاق العسكري ، و قد سجل معهد ستوكهولم خلال سنة 2021 ، نسبة النفقات العسكرية اتنين تريليون و113 مليار دولار وهذه الارقام هي ارقام خيالية ارقام كبيرة جدا ، و كفيلة بإنهاء كل المشاكل التي يعيشها العالم سواء من الفقر والبطالة ودائما عن الحديث عن النفقات العسكرية نشير إلى انه هناك في تنافس بين القطاع العسكري والقطاع المدني على هذه الموارد المالية المتاحة.
غياب سلطة عالمية دفع بالدول الاوروبية إلى السباق نحو التسلح
و عن النظام الدولي ، قال المختص في الدراسات الامنية والاستراتيجية ، محمد أمين سويعد ، ان نظام دولي هو نظام فوضوي و يقصد بهذا انه لا توجد سلطة عليا تحكم العالم وتضبط العلاقات بين الدول في الشكل الذي تضمن فيه امن وسلامة كل الدول ، وعند غياب سلطة عالمية مثل وجود سلطة داخل الدولة يكون هناك شك و خوف بين دول ، وعدم الثقة من النوايا الاخر ، و هذا يدفع هذه الدول الى ما نسميها بالمساعدة الذاتية أي يساعدون انفسهم من خلال تطوير القدرات العسكرية سواء الدفاعية والهجومية.
و أضاف سويعد أن هذا التوجه الاوروبي خاصة انه الامم المتحدة عجزت على تحقيق سلام كامل بين هذه الدول الكبرى الى تخفيض حدة التنافسات لفشل ميكانيزم مثلا ميكانيزم الجماعي الذي كرسه الاتحاد الاوروبي ، دفع بهذه الدول إلى اللجوء الى زيادة النفقات العسكرية للتعامل مع جملة من التحديات وجملة من تهديدات، وربما الحرب الروسية والعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا دفعت الاوروبيين الى زيادة نفقاتهم العسكرية هذا من جهة وربما ايضا زيادة النفقات تعود الى عامل اخر هو زيادة تكلفة الانتاج لمختلف الانظمة العسكرية الدفاعية و الهجومية .
فرنسا و ألمانيا تلجأن إلى زيادة نفقاتهما العسكرية
أشار الاستاذ سويعد إلى أن كل الدول الاوروبية زادت من نفقاتها العسكرية، و من بينها فرنسا فقد لجأت إلى زيادة في نفقاتها العسكرية ، ربما هي رسالة للمجتمع المحلي لانه فرنسا رغم ما تعانيه من بعض الصعوبات الاقتصادية إلأ أنها توجهت إلى رفع من نفقتها العسكرية،و كان نفس الأمر بالنسبة لالمانيا التي هي لاول مرة تخلت على تحفظها العسكري منذ الحرب العالمية الثانية واعلنت على انها تزيد نفقاتها العسكرية، بأكثر من 100 مليار يورو ، و هذا ما سيؤثر على الموازين العسكرية ، وقد كان الرئيس الامريكي السابق ترامب ، قد ضغط على الاوروبيين في 2017 و 2018 ، من الدول في الحلف الاطلسي الى زيادة نفقاتهم العسكرية إلى بما يقرب اتنين بالمائة من الناتج الاجمالي المحلي و أي زيادة في هذه النفقات ستؤثر على التوازنات العسكرية في العالم خاصة ان اوروبا اليوم تريد ان يكون لها وزن في الخارطة الجيوستراتيجية في العالم.
الدول الأوروبية تبحث عن آليات جديدة للتعاون فيما بينها لمواجهة التهديدات الأمنية
قال المختص في الدراسات الأمنية و الاستراتيجية، الأستاذ سويعد ، أن اليوم الولايات المتحدة الامريكية والصين تنافس كبير ، و أن الدول الاوروبية هي دائما كانت تحت حماية الحلف الاطلسي ، حيث كانت هذه الدول دائما تعتمد على الامن والحماية الذي التي توفرها المادة خمسة من ميثاق الحلف الاطلسي ، اذا تعرضت اي دولة من هذه الدول الى اعتداءات عسكرية وتهديدات امنية فكل الدول مخولة ومسؤولة عن الدفاع على بعضها البعض .
الان الحزب الاطلسي في فترة من الفترات كانت مهمته هو أن يواجه المد الشيوعي ويمنع اي غزو من الاتحاد السوفيتي لاوروبا، لكن بعد الحرب الباردة ، حدث فيه نوع من التوسع ما يسمى بالتوسع العضوي من خلال زيارة اعضاء الحلف الاطلسي والتوسع في المهام أي التوسع الوظيفي للحزب الاطلسي و لم يعد حلفا دفاعيا وانما صار حلفا امنيا او منظمة امنية لها الكثير من الادوار والمهام الامنية تعمل على تسوية النزاعات و قامت بعمليات عسكرية خارج اوروبا في افغانستان في ليبيا ونحو ذلك ، واليوم الاوروبيين يسعون إلى ان يلعبوا دورا اكبر بنوع من الإستقلالية عن الحلف الأطلسي من خلال الاعتماد على قدراتهم من خلال التعاون الاوروبي.
و في ذات السياق أكد استاذ محمد أمين سويعد أن الدول الأوروبية كانت تعتمد على الحماية وعلى المظلة التي توفرها واشنطن من خلال الحلف الاطلسي ، لكن اليوم مع صعود الصين والسياسة الروسية وتدخلها العسكري في افغانستان ، ترك هذه الدول تبحث على اليات جديدة تبحث على اطر جديدة لتتعاون فيما بينها حتى تواجه التهديدات الامنية التي تفرضها روسيا و الصين .
هذا الأمر ما دفع بالاوروبيين أن انتعضوا من الانسحاب الامريكي من افغانستان و اعتبروه انه فيه نوع من التسرع ، و انتعضوا ايضا من الضغوطات الامريكية والانتقادات التي كانت تقوم بها امريكا على الدول الاوروبية، مشيرا أنه فيه تحول سواء في موازين القوى في الدول هذه تصعد على الاوروبيين انهم يأخذون زمام مسؤوليتهم ويأخذون وظائفهم الامنية بأيديهم دون الاعتماد على قوى اخرى ، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الامريكية.
رابط دائم: https://mosta.cc/ns5pj